كأنها برلين.. كالينينغراد ذات الوجه الأوروبي وجهة التصوير البديلة لمخرجين روس
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
بمنازلها الألمانية الطابع وكنائسها وشوارعها النموذجية، باتت كالينينغراد -التي تشكّل جيبا روسيًا بين بولندا وليتوانيا- نسخة مقلدة من أوروبا يستخدمها المخرجون السينمائيون الروس بديلا في ظل استحالة تصوير أفلامهم في الغرب، بسبب العقوبات المفروضة على بلدهم منذ الحرب على أوكرانيا.
فالمنطقة وعاصمتها التي تحمل اسمها، اللتان احتلهما الجيش الأحمر عام 1945، احتفظتا بهندستهما المعمارية التي طبعت ما كانت تُعرف حينذاك ببروسيا الشرقية، مما أضفى مناخا أوروبيا على كونيغسبرغ السابقة.
وشكّل ذلك عنصر جذب للمخرجين والمنتجين المفتقرين إلى العملات الأجنبية والباحثين عن ديكورات بعيدة عن النمط السوفياتي. فعلى سبيل المثال، يرى المنتج نيكيتا سابرونوف -الذي اختار كالينينغراد لتصوير مسلسل "جي دي آر" (اختصار اسم ألمانيا الشرقية بالروسية)- أن "التصوير في كالينينغراد عملي جدا". وأضاف أن "سلطاتها ترحب بنا بأذرع مفتوحة، وندفع كل شيء بالروبل، والممثلون الثانويون (الكومبارس) يتحدثون الروسية".
تشبه برلينتدور أحداث المسلسل في برلين حين سقوط الجدار بين شطريها نهاية عام 1989. في البداية، كان من المقرر تصوير المسلسل في ألمانيا، لكن الهجوم الروسي على أوكرانيا جعل "أوروبا تغلق الباب عمليا في وجه" السينمائيين الروس، حسب ما قال المنتج سابرونوف لوكالة الصحافة الفرنسية.
وما كان من فريق عمل الفيلم إلا أن لجأ إلى كالينينغراد، حيث أعاد بناء جزء من جدار برلين وسط المدينة الربيع الفائت.
وأوضح سابرونوف أن "كالينينغراد حلّت بصورة مثالية محلّ الشطرين الشرقي والغربي من برلين"، وهما مدينتان تتميزان بالهندسة المعمارية الجرمانية والسوفياتية.
وتعكس كثرة عمليات التصوير في كالينينغراد الوضع الجيد نسبيا -على غير ما هو متوقع- للسينما الروسية، رغم عزلتها عن المشهد الثقافي الدولي والهجرة الجماعية لقياديي القطاع مخافة تجنيدهم في الجيش.
حصل الإنتاج الوطني من جهة على دعم حكومي كبير، وأفاد من جهة أخرى من مقاطعة هوليود وأوروبا، إذ حرر ذلك نحو 80% من السوق الروسية.
ونتيجةً لذلك، صدرت أعمال روسية مخصصة للأطفال أكثر بمرتين مما طُرح سنة 2022، في حين ارتفعت بنسبة 30% الأفلام الروسية التي تُبث عبر منصات البث التدفقي، وارتفعت نسبة الأعمال المعروضة عبر التلفزيون بـ25%، حسب مجلة "بولتين كينوبروكاتشيكا" المهنية، مع العلم أن هذه الإنتاجات تبقى محصورة بشكل أساسي في روسيا.
دعم حكوميوسنة 2022، رفعت السلطات المبلغ المخصص لدعم لإنتاجات إلى 14.9 مليار روبل (نحو 162 مليون دولار)، وتعد المساعدات جزءا من إستراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتمثلة في الاستعاضة عن كل ما هو مُستورد، كالسيارات والمنتجات الهندسية والمواد الغذائية والأعمال السينمائية، بمنتجات وأعمال روسية.
ويعود استمرار المجال السينمائي بصورة كبيرة إلى هذا الدعم. ورغم صعوبة تحديد الأرقام الخاصة بهذا القطاع، فإن صحيفة "آر بي كيه" الإلكترونية تشير إلى أنّ فيلما واحدا فقط (وهو عمل كوميدي) كان مُربحا من بين 26 فيلما صدرت العام الفائت حظيت بدعم من الأموال المخصصة للقطاع السينمائي.
وتستفيد كالينينغراد من ازدهار الأعمال الروسية، مع العلم أنّ المنطقة شهدت أعمال تصوير أفلام سينمائية منذ 5 سنوات.
ويوليو/تموز الماضي، استضافت كالينينغراد أعمال تصوير فيلم روائي تدور أحداثه في أوروبا الشرقية عام 1944 .
وتقول مصممة الديكور في طاقم العمل يوليا ماكوشينا إنّ "هذه المنطقة التي تتميز بأسطح أبنيتها المكسوة بالبلاط الأحمر، والشوارع المرصوفة بالحصى والمحاطة بالأشجار، وسط مناظر طبيعية ريفية، هي آخر منطقة ذات طابع أوروبي بقيت لنا".
تاريخ فني معاصروخلال الحرب الباردة، كانت كالينينغراد تشكل موقع تصوير يفضّله المخرجون السوفيات لتصوير مشاهد عن اشتباكات بين الجيش الأحمر والنازيين في أوروبا.
وراهنا، ترغب السلطات الإقليمية في توسيع نطاق ديكوراتها من خلال برنامج ترميم كبير. ويقول وزير الثقافة والسياحة في المنطقة أندريه إرماك "منذ عام 2022، أصبحنا الموقع الأوروبي المثالي للروس، ونستقبل سنويا نحو 10 أعمال تصوير لأعمال سينمائية".
وتنتشر الإعلانات التي توفر تدريبات في المجال السينمائي في كل زاوية من كالينينغراد، في حين يجري العمل على تشييد استوديو عملاق، رغبةً في أن تصبح هذه المنطقة "هوليود روسية مطلّة على بحر البلطيق"، حسب وسائل إعلام محلية.
وتواجه المنطقة تحديات لوجستية كبيرة تتفاقم بسبب العقوبات، إذ تقع على بعد أكثر من ألف كيلومتر من موسكو ومُحاطة بدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي.
ومن بين هذه الدول ليتوانيا التي تقيّد العبور البري لبعض السلع، والطريق البحري يعد الأطول والأغلى في المنطقة.
وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، يقول المنتج أرتيوم سودجان "لحسن الحظ، لا تغطي الثلوج موانئ كالينينغراد طيلة السنة، ويُدفع جزء من تكاليف النقل الخاصة بنا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
معاون مدير هيئة الطاقة: دراسة وتنفيذ مشاريع جديدة للطاقات البديلة في المدينة الصناعية بحسياء
حمص-سانا
في إطار تعزيز الاستثمار بالطاقات المتجددة، بحث معاون مدير هيئة الطاقة الدكتور سنجار طعمة، خلال زيارته إلى المدينة الصناعية بحسياء، إمكانيات دراسة وتنفيذ مشاريع جديدة للطاقات البديلة وزيادة وتطوير الاستطاعات المركبة.
وأشار الدكتور طعمة خلال لقائه مدير المدينة الصناعية في حسياء الأستاذ طلال زعيب، وعددا من المعنيين بشؤون الطاقات المتجددة إلى أن المدينة الصناعية بحسياء تحتضن واحدة من أهم المنشآت الصناعية في الشرق الأوسط المتخصصة بصناعة العنفات الريحية، في شركة “ودرفم” للطاقات البديلة والصناعات الثقيلة، ما يفتح آفاقاً واسعة أمام مشاريع توليد الطاقة الريحية.
وأوضح طعمة أن هناك توجهاً حكومياً واضحاً نحو تعزيز استخدام العنفات الريحية كمصدر رئيسي لتوليد الطاقة، منوهاً بوجود خطط لإنشاء محطات توليد طاقة ريحية كبيرة في مدينة حمص، وتتم حالياً دراسة عدة مواقع لتنفيذ هذه المشاريع، وأهمها منطقة بحيرة قطينة، مع التأكيد على الاستفادة من العنفات الريحية المصنعة محلياً في تنفيذ هذه المبادرات، ما يعزز الصناعة المحلية، ويعكس التوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج المعدات اللازمة.
وشدد الدكتور طعمة على أهمية دعم المستثمرين ومعالجة التحديات التي تواجههم، ولا سيما تلك المرتبطة بتوفير الطاقة الكهربائية، وإمكانية تطوير نموذج إدارة ذاتية للمدينة الصناعية، ما يسمح لها بإدارة كل خدماتها بفعالية، ويساهم في تعزيز الاستثمار وجعل دور المدن الصناعية كمراكز رئيسة للنمو الاقتصادي.
وأوضح الدكتور طعمة أن الدولة تتجه نحو إشراك القطاع الخاص في توزيع الكهرباء، بحيث تكون المدن الصناعية النموذج الأول لهذه المشاريع، ما يدعم استقرار الطاقة ويهيئ بيئة استثمارية أكثر جذباً، تسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والصناعية في سوريا.
بدوره أكد زعيب على ضرورة الالتزام بتطوير البنية التحتية لدعم مشاريع الطاقات المتجددة في حسياء الصناعية، ما يسهم في تعزيز الاستقرار الصناعي والاقتصادي، في ظل وجود منشآت محلية رائدة في تصنيع مستلزمات مشاريع إنتاج الكهرباء من الرياح.
تابعوا أخبار سانا على