لجريدة عمان:
2025-06-11@03:03:23 GMT

الفيدرالي والصندوق والبنك في مرمى نيران ترامب

تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT

أثناء فترته الرئاسية الأولى، اتبع دونالد ترامب نهجا خفيفا نسبيا في التعامل مع بنك الاحتياطي الفيدرالي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. فقد استمال الاحتياطي الفيدرالي بهدف تشجيعه على خفض أسعار الفائدة، لكنه لم يطالب المجلس بـ«توضيح قراراته للبيت الأبيض وإلا فإنه يجازف بتهديد استقلاليته بشكل جدي».

في البنك الدولي، عمل ترامب على تعيين ديفيد مالباس لكنه عدا ذلك ترك المؤسسة دون مساس.

وأبقى على ديفيد ليبتون، وهو مستشار للديمقراطيين، في منصبه كثاني أكبر مسؤول في صندوق النقد الدولي، وهو تعيين كان تقليديا من اختصاص الرؤساء الأمريكيين. عَـكَـسَ إحجام ترامب عن التحرك ضد الاحتياطي الفيدرالي إدراكه لحقيقة مفادها أن الأسواق المالية ستتفاعل سلبا مع رئيس يعبث بالشؤون النقدية.

من الواضح أن ترامب كان مُـهتما بالأسواق المالية، حيث كان يقيس نجاحه علنا وفقا لمسار أسعار الأسهم. من جانبه، خَـدَمَ صندوق النقد الدولي غرضا مفيدا.

فبفضله بات من الممكن إحالة المشكلات الباهظة التكلفة في الأسواق الناشئة، والتي كانت الحال لتنتهي بها في حضن وزارة خزانة ترامب، إلى الصندوق. أما البنك الدولي فكان ببساطة أكبر وأشد تعقيدا من أن يفهمه أحد، ناهيك عن كبح جماحه، كما تعلم مالباس على نحو لا يخلو من همّ وكرب.

قد تكون هذه المرة مختلفة. فلم يعد ترامب يهتم بالأسواق المالية، أو هكذا يبدو الأمر. فهو يذكرها بشكل أقل.

وعلى الرغم من انخفاض مؤشرات الأسهم بشكل حاد، وخاصة في الأسبوع الأخير، فإن ذلك لم يردعه عن تدمير وظائف حكومية مهمة. ومن الواضح أن نهجا أكثر راديكالية يجري توظيفه الآن في تفكيك المؤسسات. بعد أن أغلق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سيكون من المخالف للبديهة أن يؤيد ترامب استمرار مشاركة الولايات المتحدة في البنك الدولي، وهي منظمة أكبر حجما في مجال منح المساعدات. والانسحاب من البنك مع البقاء في صندوق النقد الدولي سيكون من ذلك النوع من أنصاف الحلول الغريبة التي يتجنبها ترامب في ولايته الثانية حتى الآن. فمثله كمثل البنك، يدرج صندوق النقد الدولي المرونة المناخية في برامج الإقراض التي يقدمها.

قد يشير صندوق النقد الدولي إلى حقيقة مفادها أنه يدير قرضا ضخما مستحقا للحكومة الأرجنتينية، التي يقودها صديق ترامب، خافيير ميلي.

لكن المشروع 2025، الذي يزودنا بخريطة طريق ترامب في ولايته الثانية، لا يخفي رغبة الولايات المتحدة في الانسحاب من مؤسستي بريتون وودز. وقد وقّع ترامب بالفعل أمرا تنفيذيا يكلف وزير خارجيته وسفيره إلى الأمم المتحدة بإجراء مراجعة لجميع «المنظمات الحكومية الدولية» لتحديد المنظمات التي ينبغي للولايات المتحدة أن تنسحب منها.

قد يتعثر البنك والصندوق في غياب المشاركة من جانب الولايات المتحدة. وعلى عكس حالة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لا تستطيع إدارة ترامب تغيير الأقفال أو فصل حسابات الموظفين على البريد الإلكتروني.

ولا يستطيع أعوان إيلون ماسك الذين تنقصهم الخبرة أن يتخطوا حراس الأمن في أي من المؤسستين. علاوة على ذلك، تُـعَـد مساهمة الولايات المتحدة النقدية في البنك الدولي صغيرة ــ 2.8 مليار دولار فقط في عام 2024. يمول البنك نفسه بشكل أساسي من خلال إصدار سندات مدعومة بالإيمان والائتمان الكامل من جانب أعضائه.

وكما هي الحال مع الحرب الدائرة في أوكرانيا، بوسع الدول الأوروبية أن تزيد من مساعداتها. ومن الممكن أن تتيح ضماناتها للبنك مواصلة الاقتراض في أسواق رأس المال الدولية.

الحق أن التزامات الولايات المتحدة المالية تجاه صندوق النقد الدولي، من خلال الحصص والترتيبات الجديدة للاقتراض، أكثر ضخامة، في حدود خُمس موارد الصندوق. مرة أخرى، سيكون لزاما على بلدان أخرى أن تزيد جهودها.

قد تشمل هذه البلدان الصين، لأن انسحاب الولايات المتحدة من المفترض أن يجعل من الممكن إصلاح الحصص والتصويت في صندوق النقد الدولي، وهو الهدف الذي سعت الصين إلى تحقيقه طويلا وعرقلته الولايات المتحدة مرارا وتكرارا.

سوف يكون الخاسر الرئيسي في الحالتين الولايات المتحدة ذاتها. فسوف يُنَظر إلى أمريكا على أنها تحرم البلدان النامية من مساعدات مالية مهمة إذا انسحبت من البنك الدولي. وفي حالة صندوق النقد الدولي، ستفقد الولايات المتحدة قناة للتأثير البنّاء على السياسات الاقتصادية والمالية التي تنتهجها بلدان أخرى.

قوة ناعمة أقل في كل مجال. وسوف يكون وضع الاحتياطي الفيدرالي أشد سوءا في أقل تقدير. ونحن نشهد بالفعل أولى علامات تجدد التضخم بسبب تعريفات ترامب الجمركية والتخفيضات الضريبية المقترحة. عند مرحلة ما، لن يكون ترامب قادرا على إلقاء اللوم على إدارة الرئيس السابق جو بايدن عن التضخم، وعلى هذا فإنه سيلقي باللوم على الاحتياطي الفيدرالي.

وقد بدأت سياساته الفوضوية بالفعل تقوض ثقة المستهلكين، وهذا كفيل بخلق خطر الركود.

وعندما يتحقق الركود، سيلقي ترامب باللوم على الاحتياطي الفيدرالي لامتناعه عن خفض أسعار الفائدة بسرعة أكبر. أكد القائم بأعمال المدّعي العام في إدارة ترامب على سلطة الرئيس على «مجموعة متنوعة من الوكالات المستقلة».

وبوسع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول اللجوء إلى المحكمة إذا تحرك الرئيس لإقالته وزملائه أعضاء مجلس الإدارة بإجراءات موجزة.

لكن ترامب لا يُظهِر أي ميل للذهاب إلى المحاكم. وهو قادر على تعيين رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي يتلقى الأوامر من البيت الأبيض. وبوسعه أن يرسل أتباع «ماسك»، مدعومين بمارشالات الولايات المتحدة، للاستيلاء على أنظمة الحاسوب في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

قبل شهرين، كانت مثل هذه السيناريوهات لتبدو بالغة الغرابة. ولكن ليس بعد الآن. قد تتفاعل الأسواق المالية بشكل سلبي وعنيف. وعند هذه النقطة، سوف يتبين لنا بشكل قاطع ما إذا كان ترامب يبالي برأيهم.

باري آيكنجرين أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، ومستشارٌ سياسيٌّ كبيرٌ سابقٌ في صندوق النقد الدولي.

ألّف العديد من الكتب، منها كتاب «في الدفاع عن الدين العام».

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی صندوق النقد الدولی الاحتیاطی الفیدرالی الولایات المتحدة البنک الدولی

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد: نطمح لتوجيه خبراتنا ومواردنا نحو مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا في المنطقة

اختتم المؤتمر السنوي الأول لصندوق النقد الدولي للبحوث الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعماله بدعوة قوية إلى تبنّي سياسات متكاملة تستند إلى الأدلة لمواجهة التحديات الاقتصادية الملحّة التي تعاني منها المنطقة سواء القديمة منها أو المستجدة. 

الإسكان: 3 قرعات علنية لتسكين العملاء بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدةالقاهرة الجديدة تتغير.. تنفيذ وتطوير 110.5 كم من المحاور والطرق لتعزيز الربط الإقليمي

 شكّل المؤتمر الذي نظمه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة في مايو 2025، منصةً محورية لإعداد أبحاث متعمقة تأخذ في الاعتبار خصوصيات الواقع الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. شهد المؤتمر مشاركة صانعي السياسات من مختلف أنحاء العالم وأكاديميين ومسؤولين حكوميين ومفكرين بهدف ردم الفجوة بين النقاشات الاقتصادية العالمية بواقع المنطقة وتحدياتها الفعلية. يمثل المؤتمر شراكة غير مسبوقة من نوعها بين صندوق النقد الدولي وإحدى الجامعات الرائدة في المنطقة، في خطوة تعكس التزاماً مشتركاً بتعميق الصلة بين البحث الأكاديمي وتطوير االسياسات


 

ومن جانبه أكد رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور أحمد دلال، على أهمية المؤتمر بوصفه منصة حيوية لتعزيز التعاون بين الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص، موضحاً أن "الهدف هو بلورة أفكار عالمية مستنيرة، لكنها متجذرة بعمق في واقع منطقتنا." وأكّد دلاّل أن هذا النوع من الشراكات متعددة الأطراف يقع في صميم رسالة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويجسد التزامها بالبحث والتعليم والحوار المفتوح باعتبارها دوافع أساسية لتحقيق الاستقرار وبناء القدرة على الصمود وتعزيز النمو الشامل.

تحت عنوان "توجيه السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية في ظل مشهد اقتصادي عالمي متغير"، ركزت المناقشات على أربع قضايا محورية تُشكل مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والاقتصاد العالمي:

السياسة المالية: مع بلوغ الدين العام مستويات تاريخية غير مسبوقة، شدّد الخبراء على أهمية إعادة بناء الهوامش المالية مع التصدي لأوجه عدم المساواة الاجتماعية، وتحديات الشيخوخة السكانية، وضغوط تغير المناخ. وتضمنت المقترحات إصلاحات في الأطر المالية، واتخاذ تدابير لتعزيز تعبئة الإيرادات، بما في ذلك من خلال ضرائب الشركات متعددة الجنسيات واعتماد ضريبة أكثر تصاعدية. 

• السياسة النقدية: استعرض المشاركون الدروس المستفادة من موجات التضخم الأخيرة، مؤكدين أهمية تبني سياسات نقدية استباقية ومعلنة بوضوح بهدف التعامل مع الصدمات العالمية والاضطرابات التي تنال قطاعات بعينها، لا سيما في الأسواق الناشئة.

• السياسة الصناعية: شهدت الجلسات اهتماماً متزايداً بإحياء دور السياسة الصناعية كأداة لتعزيز النمو الشامل، والابتكار، والقدرة على التكيف مع تغير المناخ. وأكد المتحدثون ضرورة تحقيق توازن بين الاستراتيجيات الرأسية مع الإصلاحات الأفقية التي تحفز الاستثمار الخاص، وتدعم التكامل التجاري، وترفع الإنتاجية.

• التحول الأخضر والذكاء الاصطناعي: أثار تقاطع العمل المناخي والتحول الرقمي نقاشاً معمقاً حول قدرتهما على إعادة تشكيل أسواق العمل. وركزت التوصيات على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، وتوفير شبكات أمان اجتماعي موجهة، ومواءمة أدوات السياسات لدعم خلق فرص عمل في القطاعات منخفضة الانبعاثات.


 

وعلى مدار جلسات المؤتمر كان هناك إجماع واضح على أن تعزيز صمود اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتطلب إصلاحات مؤسسية، وتعاوناً عبر الحدود، واستثمارات مستدامة في المهارات والابتكار. كما أكد المشاركون على أهمية دمج السياسات في الواقع المحلي - وهو نهج تعهدت كل من مفوضية الاتحاد الأفريقي وصندوق النقد الدولي بدعمه للمضي قدمًا.


 

جمع المؤتمر، بالإضافة إلى الأكاديميين والاقتصاديين البارزين من مختلف أنحاء العالم والمنطقة، والمسؤولين الحكوميين وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، مجموعة من صانعي السياسات، منهم الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في مصر؛ والدكتور يوسف بطرس غالي، عضو المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية في مصر؛ والدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية المستدامة 2030؛ ومارتن غالستيان، محافظ البنك المركزي الأرميني.


 

وقد اختتم نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، بالقول: "يُمثل هذا المؤتمر علامة فارقة تجسد التزام صندوق النقد الدولي بتعميق التعاون مع الأوساط البحثية والأكاديمية، في إطار سعينا لضمان أن يكون دعم الصندوق للدول الأعضاء ليس فقط مُستجيبًا لاحتياجاتها، بل قائماً أيضًا على تحليلات دقيقة ومجربة، ومتسقاً بالدرجة الأولى مع الواقع المحلي. ومن خلال هذا النوع من الحوار متعدد الأطراف، نطمح إلى الوصول لفهم أعمق لكيفية توجيه خبراتنا ومواردنا نحو مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا في المنطقة."



 

طباعة شارك المؤتمر السنوي الأول لصندوق النقد الدولي الشرق الأوسط التحديات الاقتصادية الجامعة الأمريكية منصة حيوية الشراكات متعددة الأطراف السياسة النقدية التحول الأخضر

مقالات مشابهة

  • استمرت 5 أيام.. بعثة صندوق النقد تختتم أول زيارة إلى سوريا منذ 2009
  • البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو العالمي بـ 0.4 نقطة مئوية
  • صندوق النقد الدولي يُشيدُ بممارسات الشفافية للبنك المركزي العُماني
  • البنك المركزي: 770 مليون دولار زيادة في الاحتياطي النقدي لمصر
  • ترامب: الصين تسرق من الولايات المتحدة منذ سنوات ونريد فتح أسواقها
  • محادثات تجارية في لندن بين الولايات المتحدة والصين
  • صندوق النقد: نطمح لتوجيه خبراتنا ومواردنا نحو مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا في المنطقة
  • “نيران صديقة”.. قصة جيب أميركي صغير يدفع ثمن حرب ترامب التجارية مع كندا
  • الصين توافق على تصدير بعض المعادن النادرة قبل المحادثات مع الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تنشر 2000 جندي من الحرس الوطني في لوس أنجلوس