تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا بسبب ملف العقارات والاتفاقيات الثنائية
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
في تطور لافت، استدعت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية مؤخرا سفير فرنسا بالجزائر، ستيفان روماتي لمراجعة ملف العقارات التي وضعتها الجزائر تحت تصرف فرنسا بعد الاستقلال، وهو ملف قالت المصادر الجزائرية إنه يكشف عن معاملة غير متوازنة بين البلدين.
ووفق وكالة الأنباء الجزائرية، فهناك 61 عقارا في المجموع تشغلها فرنسا على التراب الجزائري مقابل إيجارات جد منخفضة، ومن بين هذه الأملاك العقارية، يوجد مقر سفارة فرنسا بالجزائر الذي يتربع على مساحة شاسعة تقدر بـ 14 هكتارا (140.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية: "هذا مجرد غيض من فيض وما خفي أعظم، إذ تتيح العديد من الاتفاقيات الثنائية لفرنسا الاستفادة من مزايا كبيرة في الجزائر. أبرز مثال على ذلك هو اتفاقية 1968، التي تنظم وضع الجزائريين في فرنسا وتمنحهم نظام هجرة خاص مقارنة بالجنسيات الأخرى. لا تكف باريس عن التنديد بهذه الاتفاقية متناسية ذكر الفوائد التي تجنيها منها سيما اليد العاملة الجزائرية التي ساهمت بشكل كبير في إعادة البناء والنمو الاقتصادي في فرنسا، في حين لا تستفيد الجزائر من أي امتياز مماثل في فرنسا".
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية كذلك أن "المثال الصارخ الآخر على ذلك هو اتفاق 1994 الذي يضبط مختلف جوانب التعاون بين البلدين سيما في مجال التجارة والاستثمارات".
وقالت: "في الواقع، فإن هذه الاتفاقيات سمحت بشكل خاص للمؤسسات الفرنسية بالاستفادة من ظروف جد مواتية للعمل في الجزائر مع الحد بالمقابل من الفرص المتاحة بالنسبة للمؤسسات الجزائرية الناشطة في فرنسا. مرة أخرى فإن المزايا أحادية الطرف وتفيد بالدرجة الأولى الاقتصاد الفرنسي".
وأكدت وكالة الأنباء الرسمية، أن باريس إذا كانت ترغب في فتح النقاش حول المعاملة بالمثل واحترام التعهدات الموقعة، فليكن ذلك! وسنرى أيهما الجزائر أم فرنسا قد استفاد أكثر من هذه المعاهدات وأي من البلدين لا يحترم الاتفاقات المبرمة".
وأشارت الوكالة إلى أن اليمين المتطرف الفرنسي, الذي ما فتئ يبحث عن كبش فداء، وجد قضية جديدة تشغله، ألا وهي اتهام الجزائر بالاستفادة من مساعدات فرنسية مزعومة وبعدم احترام الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
وقالت: "لم يتردد برونو روتايو، أحد أبرز وجوه هذا التيار السياسي، في الترويج لهذا الخطاب الكاذب وغير المعقول، متجاهلا حقيقة جوهرية: إذا كان هناك بلد يستفيد حقا من العلاقات الثنائية, فهو فرنسا بلا شك".
وتفاقم التوتر بين الجزائر وفرنسا خلال الأيام الأخيرة، بعدما هدّدت فرنسا بالنظر مجددا في اتفاقيات عام 1968، التي تتيح للجزائريين تسهيلات في الإقامة والتنقل والعمل داخل الأراضي الفرنسية.
وتشهد علاقات البلدين تصعيدا منذ عدة أشهر، بسبب موقف فرنسا من قضية الصحراء، ومصير الكاتب الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال، الموقوف في الجزائر منذ منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، فيما زاد من حدّة هذه الأزمة اعتقال السلطات الفرنسية لمؤثرين جزائريين، بتهم: "الدعوة لأعمال عنف على الأراضي الفرنسية".
ورجح الخبير الأمني الجزائري كريم مولاي، أن يستمر التوتر بين الجزائر وباريس في التصاعد ما لم يتم التوصل إلى توافق بشأن الموقف من مصير الصحراء.
وقال مولاي في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "موقف النظام الجزائري الداعم لحق تقرير المصير في الصحراء، يمثل مسألة بقاء أو نهاية للنظام الحالي، الذي رهن مصيره ومستقبله إلى هذا الموقف، واستثمر فيه أموالا طائلة، وأي هزيمة لهذا الخيار يعني عمليا انهيارا للنظام، ولذلك فهو مستعد لدفع أغلى الأثمان بما في ذلك معادن الجزائر الثمينة، من أجل الضغط على باريس لمراجعة موقفها من الصحراء، وهذا ما يفسر التدهور غير المسبوق للعلاقات الجزائرية ـ الفرنسية".
وأضاف: "كل مواقف النظام الجزائري من باريس بدأت بالأساس منذ اعتراف الرئيس ماكرون بخيار الحكم الذاتي الذي تطرحه الرباط حلا لملف الصحراء"، على حد تعبيره.
وفي الجزائر قال وزير الإعلام والثقافة الأسبق، الدبلوماسي عبد العزيز رحابي، إن الجزائر قادرة على مجابهة الضغوط الفرنسية، مؤكدا رفضها الرضوخ للغة التهديد بخصوص ملف الهجرة.
وأفاد رحابي في ندوة متبوعة بنقاش، احتضنتها المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء بمقرها الوطني بالعاصمة، سهرة أول أمس، أن الجزائر التي تعيش في فضاء جيوسياسي مضطرب ومرت بعمليات انتقال سياسي عنيفة باستثناء فترة الحراك الشعبي، اكتسبت قدرة على تحمّل ومواجهة الضغط.
وفي رأيه، فإن فرنسا "لا تملك أوراق ضغط على بلد مثل الجزائر يملك اكتفاء ذاتيا"، معتبرا التلويح بورقة الممتلكات أو ملف جوازات السفر الدبلوماسية لا يغيّر المعادلة، وأن مخاوفه من أن تجرّ فرنسا أوروبا معها في خلافها مع الجزائر، تبددت بسبب حسابات المصالح بين الدول الأوروبية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الجزائرية فرنسا العلاقات التوتر فرنسا الجزائر علاقات توتر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وکالة الأنباء فی الجزائر فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
“إلى أين؟”.. عرض ليبي يُجسّد القلق الوجودي ضمن مهرجان المونودراما العربي في جرش 39 اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما المسرحي، قدّمت ا
صراحة نيوز – بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما المسرحي، قدّمت الفرقة الليبية مساء الثلاثاء 30 تموز 2025 على خشبة مسرح مركز الحسين الثقافي – رأس العين، عرضها المسرحي المونودرامي “إلى أين؟”، في تجربة مسرحية مزجت بين القلق الوجودي والتساؤلات العميقة التي يعيشها الإنسان العربي المعاصر.
المسرحية، التي كتبها الكاتب العراقي علي العبادي، مقتبسة عن نصه “حقائب سوداء”، وأخرجها الليبي عوض الفيتوري الذي تولى أيضًا تصميم السينوغرافيا، بينما قام بتجسيدها على الخشبة الفنان حسين العبيدي، يرافقه موسيقيًا الفنان أنس العريبي، الذي أضفى بعدًا شعوريًا ساهم في تعزيز التوتر الدرامي والانفعالي للنص.
وفي إطار مونودرامي متماسك، يقف “الممثل – المسافر” ليحمل حقائبه المادي والرمزية، باحثًا عن إجابة لسؤال وجودي يتردد طيلة العرض: “إلى أين؟”. فالمسرحية لا تكتفي بعرض مشهد فردي عن الرحيل، بل تحوّله إلى سؤال جماعي يمسّ كل من اضطر أن يغادر، أن يهاجر، أن يُهجّر، أو أن يرحل مجبرًا من وطن بات غير قابل للسكن، بفعل الحروب والدمار والنكبات المتتالية، وحتى الإحتلال في العالم العربي.
الحقائب في العرض ليست مجرد أدوات، بل رموزٌ لما نحمله في دواخلنا: ذكريات، أحلام، خصوصيات، جراح، وآمال. المسرحية تفتح مساحة للتأمل في دوافع السفر؛ أهو بحث عن الأمان؟ أم عن الذات؟ أم محاولة مستميتة للهرب من واقع خانق؟
العرض الليبي جاء متقنًا في استخدامه للضوء والظل، للصوت والصمت، للحركة وللسكون، حيث مزج المخرج بين عناصر النص والفرجة والموسيقى والإضاءة، ليصوغ منها كولاجًا بصريًا وصوتيًا نابضًا يعكس نبض الشارع العربي، ويطرح الأسئلة التي قد لا تجد أجوبة، لكنها تُحكى، تُصرخ، وتُهمس على خشبة المسرح.
ويُشار إلى أنّ الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما العربي، التي تُقام ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون لعام 2025، تستضيف عروضًا من مختلف الدول العربية، تشكّل فسحة للتعبير الفردي الحرّ، وتحاكي هواجس المجتمعات بعيون فنانيها.