مع تفجير اتفاق وقف إطلاق النار.. فيمن المشكلة؟!
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
في بعض ليلة قتل العدوان الإسرائيلي المستجد على غزّة أكثر من 300 فلسطيني، ثم ارتفع العدد مع ساعات نهار الثلاثاء الأولى إلى أكثر من 400 شهيد، وأكثر من 500 جريح. يعود العدوان بالصورة إلى الشهور الأولى من حرب الإبادة الجماعية الجارية، والتي لم تتوقف حتى في فترة وقف إطلاق النار، وبقطع النظر إن كان هذا العدوان جولة يعزز بها الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة الضغط التفاوضي، أم هو عودة كاملة للحرب، فإنّه عدوان خالص، يتخذ بلا أيّ رتوش شكل الإبادة الجماعية، والمؤكد أن 15 شهرا من الحرب، لم تُغيّر شيئا في العالم، بحيث يصعب على الإسرائيلي العودة إلى إبادة الفلسطينيين.
ولا شيء يُقال إزاء هذه الإبادة. يستسهل بعضنا دائما العودة إلى يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر للوم حماس على خيارها المتجسد في ذلك اليوم، ويستسهل الإعلام العربي، المتعاطف مع الفلسطينيين ومقاومتهم، أو المتعاطف مع الاحتلال بدرجة ما، أن يسأل السؤال الخاطئ المزمن عن خيارات المقاومة. وهو سؤال متكيّف تماما مع العالم المنحطّ، سؤال غير واقعي من جهة، لأنّه لا خيارات لمن تقع عليه الإبادة، ولكنه واقعي تماما لأنّه يلاحظ بدقة أنّ هؤلاء الفلسطينيين في غزّة وحدهم، مقاومتهم مهما كان رأيك فيها وفي خياراتها، وعموم الناس، وحدهم، وهم وحدهم من عليهم أن يتلمسوا خياراتهم، إذ لا ظهير لهم، فحتى الوسيط ليس وسيطا، والضامن ليس ضامنا، والاتفاق ليس ملزما.
القضية لم تعد حماس ولا خياراتها، ولا يمكن الفهم في هذه الحرب الطاحنة، لماذا نجمد عند لحظة تجاوزتها الحرب، أو عند الطرف المعتدى عليه، وكأنّ هذا التوحش الإسرائيليّ كله مجرد استجابة لتلك اللحظة الماضية، أو لسلوك هذا الطرف الفلسطيني المعتدى عليه! لكن أيضا لا تفسير لهذا المسلك النفسي في التعبير عن الموقف مما هو جار؛ إلا بكونه تكيفا بائسا مع هذا العالم المنحط كذلك
اتفاقية وقف إطلاق النار التي أبرمت في كانون الثاني/ يناير 2025، قالت أوساط إسرائيلية كثيرة، منها وزير الحرب السابق غالانت؛ إنّه كان بالإمكان إبرامها قبل ذلك بشهور، وبشروط أفضل لصالح الإسرائيليين، لولا امتناع نتنياهو، وهو ما يعني أنّ الدعايات التي راجت حول تعنت حركة حماس، لا سيما تلك التي زعمت تمسكها بسقوف عالية في ملف تبادل الأسرى، لم تكن صحيحة، وبعض هذه الدعايات وجدت استعدادا نفسيّا لقبولها من بعضهم، لموقف تأسيسيّ من حماس، أو لموقف ساخط من خيارها المتجسد يوم السابع من أكتوبر، إلا أنّه لا ينبغي رؤية الوقائع بعيني المشاعر، حبّا أو بغضا، لأنّ القضية لم تعد حماس ولا خياراتها، ولا يمكن الفهم في هذه الحرب الطاحنة، لماذا نجمد عند لحظة تجاوزتها الحرب، أو عند الطرف المعتدى عليه، وكأنّ هذا التوحش الإسرائيليّ كله مجرد استجابة لتلك اللحظة الماضية، أو لسلوك هذا الطرف الفلسطيني المعتدى عليه! لكن أيضا لا تفسير لهذا المسلك النفسي في التعبير عن الموقف مما هو جار؛ إلا بكونه تكيفا بائسا مع هذا العالم المنحط كذلك.
بات من المؤكد أصلا أنّ الاستسلام لم يكن خيارا. كان الإسرائيلي يريد الدفع بحربه نحو أقصى ما يمكن بلوغه من الإبادة، وكان الأمريكي يريد ذلك بالقدر نفسه. وأمّا الحديث عن الموقف العربي فلا معنى له، فالحاصل أنّه سمح بالإبادة والتجويع، وسمح بتجددهما، ولا قيمة، والحالة هذه، لتفسير سماحه هذا بالعجز أو بالتواطؤ المقصود، ولا قيمة للتمييز بين المواقف العربية، لأنّ النتيجة واحدة.
كما أنّ الإسرائيلي لم يلتزم بما يترتب عليه في المرحلة الأولى، والأمريكي ليس فقط لم يضمن الالتزام، ولكنه هو بنفسه فجّر الاتفاق بمحاولته تفريغه من معناه بوصفه اتفاق وقف إطلاق نار وتحويله فقط إلى اتفاق تبادل أسرى، فإنّه قد تأكد كذلك أنّه لا وسطاء، وأنّه لا فاعل في هذا الإقليم إلا "إسرائيل" التي تتمدد بالاحتلال في كلّ من سوريا ولبنان، وتقتل في غزّة والضفة الغربية وسوريا ولبنان
السلوك الإسرائيلي بعد إبرام الاتفاق الذي تضمن نصوصا واضحة، بأن تظل إجراءات وقف إطلاق النار قائمة ما دامت مفاوضات المرحلة الثانية قائمة، وبهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، أكد صوابية الآراء التي ذهبت إلى أنّ الإسرائيلي لا يريد إلا مرحلة واحدة، يستعيد فيها أسراه، دون أن ينتهي الموقف إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهو ما يعني أنّ المرونة من طرف حماس لم تكن لتحمل الإسرائيلي على وقف الإبادة، حتى لو بلغت درجة التنازل الكامل عن الأسرى الإسرائيليين.
وأمّا حكاية تمسك حماس بإدارتها للقطاع، فهي عودة إلى المنطقة السهلة للتعقيب السياسي، أي المنطقة المنحطة تماما، فالإجراءات الحربية، بما في ذلك سياسات التجويع، والامتناع عن إدخال المساعدات والمساكن المؤقتة، ستبقى قائمة إسرائيليّا، دون أن يتعلق ذلك بالطرف الذي يدير قطاع غزّة. ومن نافلة القول إنّ حماس وافقت على الخطة العربية، وعلى المقترح المصري القاضي بتشكيل لجنة إسناد لإدارة قطاع غزّة ليس فيها أحد من حماس!
وكما أنّ الإسرائيلي لم يلتزم بما يترتب عليه في المرحلة الأولى، والأمريكي ليس فقط لم يضمن الالتزام، ولكنه هو بنفسه فجّر الاتفاق بمحاولته تفريغه من معناه بوصفه اتفاق وقف إطلاق نار وتحويله فقط إلى اتفاق تبادل أسرى، فإنّه قد تأكد كذلك أنّه لا وسطاء، وأنّه لا فاعل في هذا الإقليم إلا "إسرائيل" التي تتمدد بالاحتلال في كلّ من سوريا ولبنان، وتقتل في غزّة والضفة الغربية وسوريا ولبنان، وإذا كانت المشكلة كما حاولت أن تقول دعايات عربية رسمية، وأخرى ليبرالية زائفة تدور حولها، في إيران ومحورها وفي المقاومة الفلسطينية، فما الحال بالنسبة لسوريا؟!
x.com/sariorabi
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي فلسطيني إسرائيل فلسطين غزة ابادة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار المعتدى علیه أن ه لا
إقرأ أيضاً:
بعد أيام من الاشتباكات… اتفاق لوقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا
أعلن رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، اليوم الاثنين، أن تايلاند وكمبوديا توصلتا إلى اتفاق يقضي بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وذلك بعد خمسة أيام من الاشتباكات المسلحة بين البلدين.
وأكد إبراهيم في تصريح رسمي أن الاتفاق جاء نتيجة جهود دبلوماسية مكثفة، مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار سيدخل حيّز التنفيذ خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة.
وكان أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن مسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية يتواجدون في ماليزيا لدعم جهود السلام، بالتزامن مع بدء محادثات بين كمبوديا وتايلندا تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في النزاع الحدودي بين البلدين.
وأوضح روبيو في بيان مساء الأحد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتابع الوضع عن كثب مع روبيو ونظرائهما في كلا البلدين، مشددًا على الرغبة في إنهاء الصراع “في أسرع وقت ممكن”.
كمبوديا تتهم تايلاند باستخدام أسلحة كيميائية في هجماتها الحدودية
اتهمت وزارة الدفاع الكمبودية القوات التايلاندية باستخدام أسلحة كيميائية خلال عملياتها العسكرية الجارية على طول الحدود بين البلدين، في تصعيد خطير للنزاع المستمر منذ خمسة أيام.
وقالت ليفتنانت جنرال مالي سوشياتا، المتحدثة باسم الوزارة، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم الاثنين، إن القوات التايلاندية “تستخدم أسلحة ثقيلة وخطيرة بشكل متزايد، إلى جانب أعداد كبيرة من القوات، في انتهاك واضح لسيادة كمبوديا”، واصفة العمليات التايلاندية بأنها “غزو عدواني”.
وأشارت سوشياتا إلى أن مقاتلات تايلاندية ألقت قذائف تحتوي على غاز سام فوق منطقة آن سيس مساء الأحد، كما استخدمت طائرات مسيّرة انتحارية، وقنابل عنقودية، وأسلحة كيميائية في هجمات استهدفت مناطق مختلفة، بينها بنوم خموش.
واعتبرت المسؤولة الكمبودية أن هذه الهجمات تشكل “تهديداً للسلم والنظام العالميين”، وتنتهك مواثيق الأمم المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والمبادئ الأساسية للقانون الدولي.
ويأتي ذلك بعد أربعة أيام من تصاعد النزاع الذي أودى بحياة 34 شخصًا ونزوح أكثر من 168 ألفًا، وسط ضغوط أميركية لإنهاء الأعمال العدائية. ويشارك في المحادثات، التي دعا إليها رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم بصفته رئيسًا لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، رئيس الوزراء التايلندي بالإنابة فومتام ويتشاياتشاي، إلى جانب مسؤول كمبودي لم يؤكد الحضور رسميًا بعد.
وكان الرئيس ترامب قد هدد بوقف اتفاقيات التجارة مع البلدين إذا استمر النزاع، قبل أن يؤكد لاحقًا أن الطرفين اتفقا على الاجتماع للتفاوض على وقف إطلاق النار.