"لام شمسية".. دراما نفسية جريئة تقتحم المحظور وتكشف المسكوت عنه
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
منذ عرض حلقاته الأولى في النصف الثاني من رمضان، فجّر مسلسل "لام شمسية" جدلاً واسعاً، بطرحه قضية التحرش بالأطفال في سياق درامي مشحون بالعاطفة والصراعات.
قصة مسلسل "لام شمسية"تدور الأحداث حول نيللي (أمينة خليل)، معلمة أطفال تعمل في مدرسة دولية، تعيش حياة هادئة مع زوجها طارق (أحمد السعدني)، وابنهما ياسين (5 سنوات)، إلى جانب يوسف (9 سنوات)، ابن طارق من زواجه الأول.
تتغير حياتهم رأساً على عقب عندما تكتشف نيللي أن صديقهم المقرب ومعلم "يوسف"، وسام (محمد شاهين)، زوج صديقتها (يسرا اللوزي)، قد تحرش بيوسف.
في لحظة غضب، يعتدي طارق على وسام بعنف، ما يدفع الأخير للدخول في غيبوبة، وينتهي الأمر بسجن طارق، لكن الأمور تأخذ منحى أكثر تعقيداً عندما يستفيق وسام، ويبدأ في قلب الطاولة، متهماً نيللي بأنها اختلقت القصة بأسرها!
دراما تثير الجدل وصدمة النقاشمنذ الحلقات الأولى، أشعل "لام شمسية" منصات التواصل الاجتماعي بنقاشات حادة حول جرأة الطرح، إذ وجد بعض المشاهدين صعوبة في تقبل القضية ضمن الدراما، بينما رأى آخرون أن تسليط الضوء على مثل هذه القضايا ضرورة مجتمعية.
وفي هذا السياق، صرّح الناقد الفني حاتم جمال لـ"24" قائلًا: "لا يمكن الحكم على العمل من الحلقات الأولى، لكنه بلا شك يحمل جرأة قد تصدم البعض، فالمخرج كريم الشناوي ترك القصة مفتوحة، مما يدفع المشاهدين للتساؤل خلال الحلقات المقبلة: هل ارتكب وسام الجريمة فعلًا أم أن نيللي تعاني من تهيؤات؟"
وأضاف أن المسلسل يحقق الهدف الأهم للدراما، وهو تسليط الضوء على القضايا الحساسة لتحفيز النقاش المجتمعي، معتبراً أن الطرح كان موفقاً للغاية.
أما عن الجدل الدائر عبر منصات التواصل الاجتماعي، صرّح حاتم جمال أن هذا الأمر طبيعي، لأن المسلسل يطرح قضية جدلية وجريئة، بالتالي فإن النقاش حول العمل يبقى مطروحاً وبديهياً.
وعلى صعيد الأداء، أثنى الناقد الفني على أداء أحمد السعدني، معتبراً أنه تجاوز مرحلة "النجومية" التقليدية، فيما قدمت أمينة خليل أداءً لافتاً جعل المسلسل محطة فارقة في مشوارها الفني.
الفن بين الواقع والمجتمعأثار العمل نقاشاً أوسع حول دور الدراما في مناقشة القضايا المجتمعية، وهل يجب على الأعمال الفنية تسليط الضوء على القضايا المسكوت عنها، أم تجنبها حفاظاً على راحة الجمهور؟
وفي هذا الإطار، أوضحت الدكتورة ميادة لطفي، الباحثة في علم الاجتماع، لـ"24" أن العلاقة بين الفن والمجتمع تبادلية، قائلة: "الدراما لا تعكس الواقع فحسب، بل تؤثر فيه أيضاً، القضايا الشائكة، مثل التحرش بالأطفال، يجب أن تُطرح بعناية ومسؤولية، لضمان توعية المجتمع دون إثارة الفزع أو تقديم صورة مشوهة".
وأضافت أنه عند تناول أزمات نفسية أو اجتماعية، يجب أن يكون هناك رؤية واضحة، حتى لا يترك العمل تأثيراً سلبياً على الجمهور، بل يساعد في تعزيز الوعي المجتمعي.
حماية الأطفال على الشاشةنظراً لحساسية الموضوع، جرت نقاشات موسّعة بين الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما حول مدى التأثير النفسي على الطفل الذي يجسد دور "يوسف" خلال العمل، ما دفع صُنّاع المسلسل للتأكيد على أنهم اتخذوا إجراءات صارمة لحماية الأطفال المشاركين في العمل نفسياً.
كما أشار المخرج كريم الشناوي إلى أن فريق الإنتاج استعان بسارة عزيز، مديرة ومؤسسة منظمة Safe Egypt وعضو مجلس إدارة المجلس القومي للأمومة والطفولة، لضمان تأهيل الطفل الذي قدم دور "يوسف" نفسياً قبل تصوير المشاهد الحساسة.
وعن أهمية هذه الإجراءات، علّقت الدكتورة ميادة لطفي قائلة: "عند التعامل مع قضايا حساسة في الدراما، من الضروري الالتزام بمعايير دقيقة، لضمان ألا تتحول المشاهد إلى عامل ضغط نفسي على الأطفال المشاركين أو المشاهدين الصغار".
كيف نحمي أطفالنا من التحرش؟بصرف النظر عن الجدل الدرامي، يفتح "لام شمسية" نقاشاً مهماً حول دور الآباء في حماية أطفالهم من التحرش، وهو ما تؤكد عليه ميادة لطفي، مشيرة إلى أهمية التواصل الفعّال مع الأطفال وتعليمهم كيفية التحدث عن أي موقف غير مريح يتعرضون له.
وأوضحت أن هناك علامات قد تشير إلى تعرض الطفل للتحرش، منها فقدان الثقة بالنفس، اضطرابات النوم والكوابيس المتكررة، التبول اللاإرادي المفاجئ، السلوك العدواني أو الانطوائي المفرط، تغيرات في الشهية سواء بفقدانها أو الإفراط في تناول الطعام، وشكاوى جسدية متكررة دون سبب طبي واضح.
كما شددت على أن تجاهل هذه العلامات قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة مثل الاكتئاب واضطرابات الشخصية، لذلك يُنصح باللجوء إلى مختصين نفسيين لضمان تعافي الطفل بشكل صحي وسليم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية رمضان 2025 دراما رمضان لام شمسیة
إقرأ أيضاً:
حياة الفهد.. 6 عقود بين الصدفة والتحدي صنعت مسيرة سيدة الدراما الخليجية
رغم أن الصدفة لعبت دورا في انطلاقة الممثلة الكويتية حياة الفهد، المعروفة بلقب "سيدة الشاشة الخليجية"، فإن الموهبة والإصرار والاجتهاد كانت المفاتيح الحقيقية التي صنعت مكانتها المرموقة في الدراما العربية.
خلال أكثر من 6 عقود من العطاء، منذ بداياتها في ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، استطاعت أن تُرسّخ حضورها كإحدى أبرز نجمات الفن الخليجي، من خلال أدوار متنوّعة أسهمت في تشكيل الهوية الدرامية الكويتية والخليجية على حد سواء.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وفاة نجمة ثلاثية "العرّاب" ديان كيتون عن 79 عاماlist 2 of 2بيلا حديد وسوزان ساراندون تجددان دعمهما لفلسطينend of listالصدفة والتحدي شكّلا مسيرتهاوُلدت حياة الفهد في منطقة شرق بالكويت، وعاشت طفولة مليئة بالتحديات، بدأت بوفاة والدها وهي في الخامسة من عمرها، وانتقالها مع عائلتها إلى منطقة المرقاب حيث أقامت بالقرب من مسجد عبد الله المبارك. وقد واجهت في تلك المرحلة قسوة والدتها وصعوبات الحياة المبكرة، مما ساهم في تشكيل شخصيتها القوية لاحقا.
ورغم أنها لم تُكمل تعليمها الابتدائي، فإن شغفها بالتعلم دفعها إلى إتقان القراءة والكتابة بالعربية والإنجليزية، قبل أن تبدأ مسيرتها العملية موظفة في مستشفى الصباح.
تعلّقها بالفن بدأ منذ الصغر، حين شاهدت فيلما للفنان فريد الأطرش ترك في نفسها أثرا عميقا، فبدأت تتردد على دور السينما باستمرار لتغذي حبها للتمثيل. وجاءت الفرصة الحقيقية بالصدفة عندما زار الفنان الكويتي الشهير أبو جسوم المستشفى الذي تعمل فيه، فرشّحها للانضمام إلى فرقته المسرحية.
لكن العائلة رفضت بشدة دخولها المجال الفني، لتخوض حياة أول اختبار حقيقي في طريقها نحو الحلم، فأعلنت إضرابا عن الطعام حتى نجحت في إقناع أسرتها بقرارها. ومنذ تلك اللحظة بدأت مسيرتها الفنية، ترافقها إرادة قوية ودعم شقيقها الذي كان يصحبها إلى التدريبات والعروض المسرحية، في خطوة شكّلت الانطلاقة الحقيقية لواحدة من أبرز نجمات الدراما الخليجية.
تميّزت حياة الفهد بتنوّع مواهبها وحضورها المتجدّد عبر مسيرة تمتد لأكثر من 6 عقود من العطاء الفني. لم تقتصر بداياتها على التمثيل فحسب، بل خاضت تجربة العمل الإذاعي في منتصف ستينيات القرن الماضي، حيث عملت مذيعة في الإذاعة الكويتية لمدة 3 سنوات، وقدّمت برامج تركت أثرا إيجابيا في مسيرتها. كما أظهرت جانبها الأدبي بإصدار ديوان شعري بعنوان "عتاب" في أواخر السبعينيات، عبّرت فيه عن مشاعرها وتجاربها الإنسانية بأسلوب عفوي قريب من الناس.
إعلانبدأت رحلتها في التمثيل من المسرح، الذي شكّل بوابة انطلاقتها الحقيقية نحو الشهرة. شاركت في عدد من الأعمال المسرحية التي رسخت اسمها في الذاكرة، مثل "عايلة بو جسوم"، و"أنا والأيام"، و"الجوع"، و"الضحية"، و"فلوس ونفوس"، و"ضاع الديك".
ومع بداية السبعينيات، اتجهت إلى الدراما التلفزيونية وحققت فيها حضورا مميزا من خلال أعمال مثل "شرباكة"، و"الحدباء"، و"علاء الدين"، و"ألوان من الحب"، و"قصة موال"، و"بنت البادية"، و"حبابة"، لتثبت قدرتها على تجسيد شخصيات مختلفة بعمق وإقناع.
وفي أواخر السبعينيات ومع مطلع الثمانينيات، بدأت مرحلة البطولة المطلقة في مسيرتها، حيث قدّمت شخصيات قريبة من الناس جسّدت من خلالها واقع المرأة الخليجية ومعاناتها الاجتماعية. ومن أبرز أدوارها في تلك الفترة شخصية "خالتي قماش" في المسلسل الشهير الذي حمل الاسم نفسه عام 1983، وشخصية أم بدر في زواج بدون رصيد، ونورة في ثمن عمري، وغنيمة في الحريم، ولولوة في جبروت امرأة، و"أبلة نورة" في العمل الذي لاقى نجاحا واسعا.
لم تكتفِ حياة الفهد بالأعمال الاجتماعية، بل اتجهت أيضا إلى الأعمال التراثية والتاريخية، فكانت من أوائل الفنانات اللاتي قدمن هذا النوع من الدراما. وشاركت في مسرحية "باي باي عرب" التي تناولت حلم الوحدة العربية ولمّ الشمل، كما برزت في العمل التاريخي "أسد الجزيرة" مجسدة شخصية موضي العبيدي، إحدى الشخصيات النسائية القوية في تاريخ الخليج.
وفي المقابل، أظهرت جانبها الكوميدي بخفة ظل واضحة في عدد من الأعمال التي أصبحت من علامات الكوميديا الكويتية، مثل "زوجة بالكمبيوتر" مع الفنان غانم الصالح، و"رقية وسبيكة" إلى جانب سعاد عبد الله، و"عائلة فوق تنور ساخن" مع خالد النفيسي، و"عيال الفقر" مع سعد الفرج، مما أظهر مرونتها في الانتقال بين الدراما الجادة والكوميديا بخبرة واقتدار.
وفي الألفية الجديدة، واصلت حياة الفهد تألقها بتقديم أعمال درامية ركزت على قضايا المرأة والمجتمع الخليجي، من بينها "خارج الأسوار" حيث جسدت شخصية فاطمة، و"حبر العيون" بدور سعاد، و"ريحانة"، و"حال مناير"، و"الجدة لولوة"، و"غنيمة وغنايم"، ومع "حصة قلم"، و"حدود الشر"، ثم أثارت الجدل بدورها في "أم هارون" الذي تناول موضوع التعايش بين الأديان.
وفي السنوات الأخيرة، عادت الفهد إلى الكوميديا في مسلسل "قرة عينك" عام 2023، قبل أن تطل في رمضان الماضي بعملها "أفكار أمي"، مؤكدة أن حضورها لا يزال قويا، وأنها واحدة من أكثر الفنانات تأثيرا في تاريخ الدراما الخليجية والعربية.
على مدى مسيرتها الفنية الطويلة، حصدت حياة الفهد العديد من الجوائز والتكريمات التي تعكس مكانتها كإحدى أبرز رموز الدراما الخليجية والعربية. ففي عام 1989، فازت بجائزة أفضل ممثلة من مهرجان الكويت المسرحي عن دورها في مسرحية "إذا طاح الجمل"، لتنال في العام التالي تكريما من مهرجان "يوم الفن" العراقي تقديرا لعطائها الفني.
إعلانوفي عام 1996، حصلت على شهادة تقدير من مهرجان القاهرة للإذاعة في مصر عن أدائها في مسلسل "الطير والعاصفة"، قبل أن تنال الجائزة نفسها عام 1998 عن دورها في "بيت الوالد". وبعد عام، كرّمتها جامعة الدول العربية خلال مهرجان "الرواد العرب" الأول عام 1999، تقديرا لدورها في نهضة الدراما الخليجية.
ومع مطلع الألفية الجديدة، واصلت الفهد حصد الجوائز، إذ نالت "جائزة الدولة التشجيعية" في مجال الفنون عن أدائها في مسلسل "الدردور" ضمن فعاليات "مهرجان القرين الثقافي" الـ15 في الكويت. وفي عام 2002، تم تكريمها من "مهرجان عمّون للمسرح" في الأردن، كما فازت بجائزة "أفضل ممثلة" من "مهرجان القاهرة" الـ9 للإذاعة والتلفزيون عن دورها في "ثمن عمري".
وفي عام 2007، حظيت بتكريم خاص من "مهرجان الإعلام العربي" في مصر، ونالت جائزة "أفضل ممثلة" عن مسلسل "الفرية" من "جائزة فهد الأحمد للدراما التلفزيونية" في الكويت. ثم حصلت في العام التالي على "جائزة الدولة التقديرية" من "مهرجان القرين الثقافي"، إضافة إلى "الجائزة الذهبية عن الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني" من "مهرجان الخليج" الـ10 للإذاعة والتلفزيون، كما كُرّمت من مهرجان "أيام المسرح للشباب" في دورته الـ5 بالكويت.
وفي عام 2009، توسّع نطاق تكريمها عربيا، حيث احتفى بها "مهرجان الخليج السينمائي" في الإمارات، إلى جانب تكريم من "شبكة راديو وتلفزيون العرب" (ART)، كما منحتها الأردن "جائزة جوردان أورد"، واحتفى بها "مهرجان وهران السينمائي" في الجزائر. واختُتمت هذه المسيرة الحافلة بتكريم محلي من "جمعية بيادر السلام النسائية" في الكويت عام 2011، ليظل اسم حياة الفهد حاضرا بين رواد الفن العربي الذين جمعوا بين الموهبة والرسالة والإنجاز.
أزمة صحية طارئةفي أغسطس/آب الماضي، تعرّضت الفنانة الكويتية حياة الفهد لأزمة صحية مفاجئة نُقلت على إثرها إلى المستشفى، بعد إصابتها بجلطة دماغية استدعت إدخالها قسم العناية المركزة.
وفي تصريح خاص لـ"الجزيرة"، أوضح مدير أعمالها يوسف الغيث أن الفنانة، البالغة من العمر 77 عاما، كانت قد خضعت قبل أسابيع لعملية قسطرة في القلب، لكن إصابتها اللاحقة بالجلطة الدماغية أثرت على حالتها الصحية، مشيرا إلى أن وظائفها الحيوية لم تتأثر.
من جانبه، أكد خالد الراشد، رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني والمسرحي، في بيان رسمي، أن حالة الفنانة لا تزال مستقرة ولم تشهد أي تدهور، نافيا صحة الأنباء التي تم تداولها بشأن تدهور حالتها.
وكانت أسرة حياة الفهد قد أعلنت عبر حسابها الرسمي على منصة إنستغرام عن إصابتها بالجلطة، مما أثار قلق جمهورها الكبير داخل الكويت وخارجها، وأطلق موجة من التضامن والتعاطف من قِبل زملائها في الوسط الفني ومحبيها الذين دعوا لها بالشفاء العاجل.