دعوات لتكثيف الأصوات البديلة.. كيف تعيد مواقع التواصل الاجتماعي كتم أفواه نشطاء غزة؟
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
"واضح أنّه المنصة حظرت وجودهم وراح تعمل هيك بأي حساب إلهم؛ وبدّها تمسح أرشيف الأحداث الماضية كلها" هكذا أبرزت ربا علّوش، ما يحصل مع حسابات النشطاء الفلسطينيين، من قلب غزة المحاصرة؛ وذلك في خضمّ تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وأوضحت علّوش، التي تصف حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام" بكونه يدعم القضيّة الفلسطينية، أنّ: "حسابات عبود كلها انحذفت، والحساب الخامس على التوالي لصالح الجعفراوي تم حذفه، وكل الحسابات الحالية اللي باسمه هي حسابات وهمية"، فيما أشار آخرين عبر التعليقات، أنّ جل الحسابات الفلسطينية التي تميط اللّثام عن الأحداث الجارية، يتمّ حضرها، أو حجب ظهورها.
وصالح الجعفراوي هو صحفي ومصور من غزّة، ظلّ يوثّق لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، ويستخدم حسابه على "إنستغرام" لنشر ما تلتقطه كاميرته من قتل ودمار في القطاع. وعبّود هو عبد الرحمن بطاح، المعروف بلقب "أقوى صحفي في العالم"، يروي المأساة اليومية التي يُكابدها الأهالي بغزة؛ جرّاء استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه عليهم، إذ لم يرحم لا بشرا ولا حجرا.
"عربي21" خلال هذا التقرير، ترصد دعوات عدد من النشطاء من قلب غزة، إلى دعم الأصوات البديلة المُتحدّثة عن الواقع المرير الذي يُعايشه الغزّيين، قسرا، أمام مرأى العالم، وفي استمرار الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان.
أصوات بديلة.. كيف؟
مع تكثيف قوات الاحتلال الإسرائيلي لعدوانها ضد كامل قطاع غزة المحاصر، تعود مواقع التواصل الاجتماعي لواجهة الاتّهامات، عقب انطلاقها في منع وحجب عدد من النشطاء والصحافيين، ممّن ينقلون واقع المعاناة من قلب القطاع المحاصر. إذ أثار الأمر موجة من الغضب والاستنكار.
في المُقابل، من قلب القطاع، تسارعت الدعوات لدعم الأصوات البديلة التي تحاول كسر حاجز الصمت، المفروض على الحقيقة، وذلك من جل دول العالم؛ بالقول: "تحدّثوا عنّا، وأظهروا معاناتنا للعالم، نحن نُباد؛ ونحن لسنا مجرّد أرقام، بل إنسان لنا أسماء وأحلام وأمنيات"؛ فيما تسارعت منشورات تكشف عن أسماء النشطاء الفلسطينيين ممّن حجبت حساباتهم، رامين إلى السؤال عنهم، وتكثيف التفاعل معهم، للتحايل على خوارزميات التواصل الاجتماعي، لعلّهم يظهرون مجدّدا.
ومنذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي، لعب نشطاء غزة دورا بارزا في نقل الصورة الكاملة، عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي؛ غير أنّ هذه المواقع، على رأسها "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام"، باتت تحذف المنشورات وتُعطّل الحسابات، بمبرّر، أنّ: الصور التي توضح الدمار الذي تخلفه الغارات الجوية، أو الفيديوهات التي تسجل لحظات الرعب التي يعيشها الأطفال، "تحتوي على عنف" أو "تنتهك سياسات المجتمع".
جرّاء ذلك، أثيرث جملة من التساؤلات حول مدى حيادية هذه المنصات، وما إذا كانت تخضع لضغوط سياسية تهدف لإسكات صوت غزة.
"العالم لا يريد سماعنا"
"كلما نشرنا صورا أو مقاطع فيديو توثّق لحقيقة ما نُعايشه، بالصوت والصورة، يتم حذفها أو تعطيل حساباتنا، أو تقييد أصواتنا من الوصول لعدد أكبر من المُتابعين؛ وكأنّ هذا العالم الأصم، لا يريد سماعنا" هكذا تحدّث أحمد، من منطقة مواصي خانيونس، عمّا يتعرّض له حسابه على "انستغرام" من تعتيم.
وتابع الناشط الغزّاوي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه الكامل، في حديثه لـ"عربي21"، بالقول: "نحن نعمل على نقل معاناة شعبنا بكامل ما تحمله من حقيقة قاسية، لعلّنا نجد قلوبا رحيمة تُشعرنا بالدعم والإسناد، ولكن للأسف، يبدو كأنّ العالم اعتاد وجعنا، أو تطبّع مع مأساتنا وملّ منها، أو حتّى لا يودّ سماعنا".
وفي السياق نفسه، أكّد أحمد، موجّها رسالته لمن وصفهم بـ"أحرار العالم"، قائلا: "نقلنا لكم كلّ الوجع، وكشفنا لكم عمّا نتعرّض له من إبادة وتجويع، وعمّا نعانيه من وجع، الآن هناك حجب على حساباتنا، وتكتيم لأصواتنا؛ الكلمة لكم، تحدّثوا عنّا، ولا تجعلونا منسيين"؛ فيما واصل عدد من الغزّيين توثيق عدوان الاحتلال الإسرائيلي على "فيسبوك".
إلى ذلك، عرفت "عربي21" بتوجّه عدد من النشطاء الفلسطينيين، ممّن اعتادوا النشر على "انستغرام" إلى منصّات أقل شهرة ولكنها توصف بكونها "أكثر حرية"، من قبيل: "تيليجرام"، وذلك من أجل تجاوز القيود، وفي محاولات لإثباث أنّه: "مع كل إجراء تقوم به مواقع التواصل لحجب الحقيقة، يثبث الغزّيين أن الإرادة أقوى من الصمت" كما أوضح عدد من المتحدّثين.
وأمام كامل هذه التحدّيات المرتبطة بالمحتوى، يواجه النشطاء من قلب قطاع غزة المحاصر، وجعا آخر، مرتبط أساسا بالصعوبات التقنية، جرّء انقطاع الكهرباء وضعف الإنترنت، ناهيك عن بعض الخوف الذي يصيبهم أحيانا من الملاحقة الأمنية.
كذلك، منذ اللحظات الأولى من عملية "طوفان الأقصى"، قد استشهد المئات من الصحفيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصيب آخرون بجروح متفاوتة؛ فيما فُقدت آثار عدد آخر منهم، بينهم: هيثم عبد الواحد ونضال الوحيدي، إذ لا يزال مصيرهم مجهولا.
ووفق توثيق نقابة الصحفيين الفلسطينيين، فإنّ عدد من الشّهداء الصحفيين كانوا يرتدون زيّا يميّزهما كصحفيين، ويحملان آلات تصوير، ما يوضّح تعمّد قوات الاحتلال الإسرائيلي لاستهدافهم وقتلهم؛ كما في جرائم سابقة كان الصحفيون والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ضحيتها ما بين شهيد وجريح، ناهيك عن كونهم أسرى في سجون الاحتلال.
ومنذ فجر الثلاثاء، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي، من جرائم إبادته الجماعية بغزة عبر شنّ غارات هوجاء على نطاق واسع استهدف المدنيين، وخلّف "710 شهداء وأكثر من 900 جريح"، في خرق صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار، وفق وزارة الصحة في القطاع.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن وصول 85 شهيدا و133 مصابا فلسطينيين إلى المستشفيات منذ فجر الخميس، جرّاء الغارات المكثفة والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال.
وبدعم أمريكي ترتكب دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت إجمالا أكثر من 162 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة التواصل الاجتماعي قطاع غزة غزة قطاع غزة التواصل الاجتماعي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مواقع التواصل الاجتماعی الاحتلال الإسرائیلی قطاع غزة من قلب عدد من
إقرأ أيضاً:
خبراء فلسطينيون: العمليات اليمنية تعيد رسم خارطة الصراع مع الكيان الإسرائيلي
ويرى مراقبون، وفق تقرير لوكالة "شهاب" الفلسطينية، أن حجم الضربات، جعل من الصعب على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فرض السيطرة الكاملة على المشهد الإعلامي، كما أن تعقيدات الحرب النفسية ومخاوف انهيار الجبهة الداخلية دفعت الإعلام الإسرائيلي، في بعض الحالات، إلى الإقرار الجزئي بوقوع إصابات أو أضرار مادية.
الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي، فايد أبو شمالة، أكد أن الرواية الإعلامية الصهيونية تخضع لرقابة مشددة تهدف إلى فرض سردية أحادية على الجمهور المحلي والدولي.
وأوضح أبو شمالة أن تسلسل الرواية الإسرائيلية بات متكرراً وثابتاً، ويبدأ بالإعلان عن "رصد صاروخ أُطلق من اليمن"، يتبع ذلك انطلاق صافرات الإنذار في عدد من المناطق، ثم تعلن الجبهة الداخلية دعوة المواطنين للدخول إلى الملاجئ، وتُرفق هذه البلاغات عادةً بصور لخريطة توضح أماكن الإنذارات عبر نقاط حمراء.
وبعد دقائق، تُعلن وسائل الإعلام عن "اعتراض الصاروخ"، وتُرفق النشرات بصور بعيدة للسماء، لتنتهي الرواية بالإشارة إلى "عودة الحياة إلى طبيعتها" بعد تعطيل مؤقت لحركة الطيران.
وأشار الباحث إلى وجود مؤشرات واضحة تُضعف من مصداقية هذه الرواية، أبرزها اختفاء مشاهد الهلع في الشوارع، وهي مشاهد كانت تُبث سابقًا، وغياب تام لصور مواقع سقوط الصواريخ أو بقاياها أو حتى بقايا صواريخ الاعتراض.
وأشار إلى أن الاحتلال منع المقابلات العفوية مع المستوطنين للحديث عن مشاعرهم أو تجربتهم أثناء القصف، وحظر تصوير ما يجري داخل المطارات عند إعلان تعليق الحركة الجوية.
وأكد أبو شمالة أن السيطرة على الخطاب الإعلامي بات جزءًا أساسيًا من أدوات الحرب التي تستخدمها "إسرائيل"، لكنها فشلت في الحفاظ على هذه السردية في محطات عدة، أبرزها خلال الأيام الأخيرة من الحرب مع إيران، حين ضربت الصواريخ الإيرانية مواقع لا يمكن التعتيم عليها إعلامياً.
وشدد الباحث قائلا: "لا يمكن الادعاء بأن جميع الصواريخ تُصيب أهدافها، لكن من المؤكد أن ليس جميعها يُعترض. وكل صاروخ يحمل رسالة للعالم: هذا الاحتلال إلى زوال".
ميزان القوى
فيما قال الخبير العسكري الاستراتيجي الفريق قاصد محمود إن القوات المسلحة اليمنية أحدثت تحولاً بارزاً في ميزان القوى على المستوى الاستراتيجي في الصراع مع العدو "الإسرائيلي"، عبر تدخلهم العسكري المباشر والمتواصل من خلال ضربات صاروخية وطائرات مسيّرة قطعت مسافات تصل إلى ألفي كيلومتر، وحصار بحري وجوي جزئي من حين لآخر.
وأوضح الفريق محمود، أن "هذا الضغط النفسي والعصبي على إسرائيل بات يشكل تحدياً حقيقياً، خاصة مع اضطرارها للتعامل مع تهديدات صاروخية مكلفة من جهة لم تكن في السابق ضمن أولويات استخباراتها أو عملياتها العسكرية"، مشيراً إلى أن "اليمن أصبحت ساحة جديدة للعداء مع "إسرائيل"، وهي تتمتع بخصائص جغرافية وحصون طبيعية تجعل من استهدافها تحدياً بالغ الصعوبة".
وأضاف: "اليمن قدمت قيمة استراتيجية جديدة، وسدّت فراغاً على المستوى الاستراتيجي في الحرب، في الوقت الذي بقيت فيه المقاومة الفلسطينية تؤدي أدواراً مهمة على المستويين التكتيكي والعملياتي، لكنها تواجه صعوبات في التأثير الاستراتيجي بسبب الحصار الجغرافي والمحدودية في الإمكانيات".
وأكد أن "الدور اليمني فتح البحر الأحمر والممرات المائية وأدخل تهديدات جديدة على الأجواء، كما أنه ربط بشكل عضوي وواضح بين عملياته العسكرية وما يجري في غزة، من حصار وعدوان ومجازر يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين".
وأشار الفريق محمود إلى أن هذا الربط بين جبهتي اليمن وغزة يشكل قيمة سياسية عالية، تدخل في حسابات التفاوض والمقايضات السياسية، ما يعزز من تأثير محور المقاومة بشكل عام.