تتردد كثيرا جملة «صناعة فارق» فتوصف؛ على سبيل المثال؛ اللحظة الزمنية على أنها تصنع الفارق، وذلك عندما يكون هناك موقف يحتاج إلى صنع قرار سريع، فـيوصف القرار الذي اتخذ على أنه لحظة زمنية فارقة، ويذهب مفهوم الـ «فارقة» على أن ما هو آت يمثل أهمية كبيرة للفرد أو المجموع، وأن ما سبقه لم يكن بتلك الأهمية التي عليها القادم، أو أنه أقل شأنا أو أهمية، فالفارقة هنا؛ فـي أغلبها لحظة زمنية واسعة بين زمنين، يمثل أحدهما أهمية أكبر من الآخر، انعكاسا لما تحقق فـيها من إنجاز بشري، يمكن أن يشار إليه بالبنان، ومع أن الناس ارتبطوا أكثر بالزمن، إلا أنه يمكن أن تكون المادة حالة فارقة فـي ذاتها، وفـي تأثيرها، فصناعة أداة أو وسيلة فـي أي شأن من شؤون الحياة أكثر تطورا من سابقتها تعد علامة فارقة فـي مفهوم الصناعة لذات المادة، نظرا لما تحمله من خصوصية ذاتية تجعلها قادرة على أداء مهام ومسؤوليات أكبر من سابقتها، وكما ترتبط المسألة ذاتها بالإنسان وهو الفاعل الحقيقي فـي اللحظات الفارقة فـي الحياة، ولذلك يقال أيضا: فلان من له القدرة على صناعة الفارق، وذلك نظرا لمجموعة المواهب والقدرات الذاتية التي تجعله أن يصنع فوارق مختلفة فـي المجال الذي يشار إليه فـي اللحظة الآنية هنا أو هناك، فهناك أشخاص؛ فعلا؛ صنعوا فوارق مادية، ومعنوية فـي المجال الذي عملوا فـيه، وقد يكون صناعة الفارق على مستوى الأسرة الواحدة، عندما يتميز فرد من أفرادها فـيعلي من شأن أسرته نظرا لما حققه من منجزات ارتفع بها شأن أسرته، ولذلك فهؤلاء الناس تتجاذبهم الأيدي، وتتسع لهم القلوب والنفوس بالترحاب، وتبسط لهم أردية المودة، ويتم إغراؤهم بالمال، والجاه جنبا إلى جنب، كل ذلك ما أرّخوه فـي مسيرتهم الحياتية من صناعة الفوارق المختلفة، ولذلك يمكن القول أكثر، أن المواهب الذاتية التي يمتلكها البعض من الناس هي التي تؤهلهم لأن يتبوؤوا المنازل الرفـيعة بكل جدارة.
ومع التسليم بأن الإنسان هو الفاعل الحقيقي لصناعة الفارق إلا أن صناعة الفارق ليست أمرا مطلقا خاصا بالإنسان على وجه التحديد، فقد تتلبس الدور الأمكنة، أو الحيوانات، أو الأزمنة كما أسلفت، وهذا الإنسان ليس شرطا أن يكون مستوفـيا شروط الرشد، أو النوع، أو العرق، أو اللون، فبدون ذلك كله، يأتي هؤلاء كلهم صانعوا الفوارق اللحظية فـي مسيرة الحياة فاعلين؛ ومؤثرين، فكم من أمكنة ثائرة، تصنع فوارق عالية فـي مسيرة حياة شعوبها، ويعاد تألقهم وتميزهم لأنهم من سكان هذه الأمكنة التي يتميز موقعها بصناعة الأحداث، والحيوانات كذلك، ولعلنا نشاهد ذلك فـي السباقات، عندما تصل جوائزها إلى مئات الآلاف من النقود، فما بين الهزيمة والنصر ثمة فارق نوعي صنعه هذا الحيوان فـي تلك اللحظة الفارقة، وكما يقاس ذلك على النوع والعرق واللون، ومعنى هذا أن صناعة فارق نوعي ليس مرتبطا بمحدودية المشار إليه، وإنما يتجاوز كل التقديرات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حكرا على فئة دون أخرى على امتداد هذا الكون الفسيح.
والفارق المصنوع هنا أو هناك لا يحتاج إلى اعتماد جهة رسمية ليشار إليه ببراءة الاختراع؛ لأنه من وحي الفطرة، لا يتخلله تكلف، ولا يحتاج إلى شهود أعيان، فبقدر الحوار الذي جرى، أو الفعل الذي كان، أو الابتسامة التي توزع بياض صفائها عبر الأفق، أو الهدية التي تسللت إلى الوجدان، كل ذلك وغيره رسائل تتجاوز كل مطبات الأنفس التي قد تعيق صناعة فارق نوعي ما، وكل ذلك أمر متاح فعله للناس كافة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: صناعة الفارق
إقرأ أيضاً:
جنبلاط: السلاح يجب أن يكون حصرًا بيد الدولة اللبنانية.. وما من شيء يدوم
أعلن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، خلال مؤتمر صحفي، أن هناك صفحة جديدة فُتحت في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن السلاح يجب أن يكون حصرًا بيد الدولة اللبنانية.
وأوضح جنبلاط أنه في حال وجود أي سلاح لدى حزب لبناني أو غير لبناني، فإنه يتمنى أن يُسلَّم هذا السلاح إلى الدولة بطريقة مناسبة. واعتبر أن “السلاح الأنفع للأجيال المقبلة هو سلاح الذاكرة”، داعيًا إلى توريث ذاكرة البطولات والمقاومة ضد إسرائيل وعملائها.
وأشار إلى أنه أبلغ رئيس الجمهورية بوجود سلاح في موقع ما في المختارة، وطلب من الأجهزة الأمنية المختصة تولّي هذا الموضوع، وقد تمّ تسليمه بالكامل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وبيّن أن هذا السلاح كان قد جُمع تدريجيًا بعد أحداث 7 أيار 2008، خلال فترة التوتر بين “حزب الله” والحزب التقدمي الاشتراكي.
أخبار قد تهمك خسائر مباشرة تُقدّر بـ3 مليارات دولار لإسرائيل جراء الحرب مع إيران 26 يونيو 2025 - 3:06 مساءً رئيس وزراء إسبانيا: أوروبا مطالبة بتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل فورًا 26 يونيو 2025 - 2:46 مساءًوأضاف جنبلاط أنه عمل على تجميع هذا السلاح بشكل مركزي، وهو سلاح خفيف ومتوسط، وقد تم تسليمه بالكامل إلى الدولة اللبنانية. وختم بالتأكيد على أن الجولة الحالية شهدت انتصار إسرائيل والغرب بتحالفهم مع الولايات المتحدة، لكن “ما من شيء يدوم”، بحسب تعبيره.