ويتتبع فيلم "العبور" ضمن سلسلة الأفلام الوثائقية "7 أكتوبر ثمن الحرب على إسرائيل" من إنتاج الجزيرة 360 والذي يمكن مشاهدته عبر هذا الرابط، لحظات الصدمة وتداعياتها من وجهة نظر إسرائيلية، ملقيا الضوء على النظرة المتعجرفة التي أعمت المؤسسة الأمنية والعسكرية عن رؤية ما كان يحدث أمام عيونها.

"لم يكن في حسبان أحد مطلقا أن الفلسطينيين سيقتحمون الجدار العازل".

. بهذه العبارة يلخص الصحفي والكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي، جوهر الصدمة التي عصفت بمجتمع طالما اعتقد أن التفوق التكنولوجي والعسكري يمنحه حصانة مطلقة، لكن اللحظات الأولى للهجوم كانت كفيلة بتحطيم هذا الوهم إلى الأبد.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أي تحدٍّ خلقه الطوفان لإسرائيل؟.. تقييمات جنرالات الجيشlist 2 of 4نتنياهو يسعى لطمس إخفاقات 7 أكتوبر بلجنة تحقيق حكوميةlist 3 of 4الوجه الآخر لإسرائيل الذي يتمنى نتنياهو إخفاءه بسبب غزةlist 4 of 4خبير عسكري: اختراق حماس الاستخباراتي ثاني أكبر فشل إسرائيلي بعد حرب 73end of list

وتتراكم المشاهد الصادمة للمجتمع الإسرائيلي، ويرصد الفيلم شهادات صحفيين ومحللين إسرائيليين وأهالي جنود أسرى وقتلى مذهولين وهم يصفون كيف اقتحمت مئات العناصر قواعدهم العسكرية من 3 منافذ مختلفة، ويروي مدنيون بعيون متسعة مشهد سيارات بيضاء تُقل "مخربين" حسب وصفهم تتسلل داخل أراض ظنوها محصنة.

هذا المشهد الذي لم يتخيله أكثر الإسرائيليين تشاؤما أصبح واقعا يتحرك أمام أعينهم، حيث يقول أحد المتحدثين في الفيلم "لم نكن نتصور أن الجدار العازل، الذي كنا نظنه منيعا، يمكن أن يُخترق بهذه السهولة".

إعلان

وفي كلمات تلخص التحول النفسي العميق الذي أصاب المتجمع الإسرائيلي تقول ريشيل سرفتي، والدة أوفير المحتجزة جثته لدى المقاومة منذ 7 أكتوبر "شعرنا جميعا أن الأرض انتُزعت من تحت أقدامنا، وفقدنا السكينة والشعور بالأمان"، حيث انهارت فجأة صورة "إسرائيل كالقوة التي لا تُقهر في الشرق الأوسط".

فشل استخباراتي

وينقل الفيلم إقرار رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلي المستقيل أهارون هاليفا بنبرة يخالطها الألم والندم، "ما حدث هو فشل في الاستخبارات والعمليات والقيادة السياسية"، متحملا مسؤولية إخفاق جهاز طالما تباهى بقدرته على التنبؤ بكل شيء.

تروي ليمور زرفاتي قصة ابنتها "رون" التي كانت ضابطة في وحدة المراقبة الجوية، وبدأت مناوبتها في الرابعة فجرا، قبل ساعتين فقط من الهجوم، وكانت آخر كلماتها لها "أماه، لن أُختطف ما دمت حية"، في مفارقة قاسية لمصير لم تتخيله.

فيما يستذكر إيال إيشيل حين وصله خبر مقتل ابنته روني الجندية في فرقة غزة بعد 34 يوما من انتظار مُضْن، حيث تأكدت العائلة من وفاتها عبر تحليل الحمض النووي، وأمكن أخيرا إقامة مراسم الحداد والجنازة.

المعتقد الذي كان متجذرا لدى كثيرين بأن الجميع في إسرائيل كانوا يرون أنهم يعرفون كل شيء ولديهم كل المعلومات الاستخباراتية في العالم تحطم في ساعات معدودة، كما أوضح دوف ليبمان العضو السابق في الكنيست، بنبرة مهزومة.

ويحكي السياسي الإسرائيلي كيف أن اعتماد إسرائيل بشكل كبير على التكنولوجيا أعمى بعض الأشخاص في الجيش عن الطرائق القديمة في الاستخبارات والعمليات العسكرية.

وفي مفارقة مثيرة، يكشف الفيلم كيف استخدمت حماس مبادئ عسكرية بسيطة لكنها فعالة؛ ومنها إطلاق صواريخ متواصل لإجبار الإسرائيليين على البقاء في الملاجئ، واستهداف كاميرات المراقبة والتكنولوجيا على الحدود.

إعلان

هشاشة صادمة

وفي ذلك، يرى يوسي ميلمان، وهو صحفي إسرائيلي متخصص في شؤون الأمن والاستخبارات، أن "أكبر فشل للجيش الإسرائيلي"، هو أن "راكبي دراجات نارية" تمكنوا من كشف هشاشة جيش تُستثمر فيه مليارات الدولارات سنويا.

تتقاطع في الفيلم شهادات لافتة حول تحول دور الجيش الإسرائيلي عن مهمته الأصلية، فهو قد بات جيش احتلال وانشغل بالسيطرة على شعب آخر عن مسؤولية الأمن وحماية المستوطنين، بل وصل الأمر به للانشغال بملاحقة الأطفال في الضفة الغربية، كما يقول ميلمان.

ويتابع بأن "الغرور والقوة المفرطة والسلطة قادت الجيش إلى الجنون"، وذلك حين اعتقد أن دوره الوحيد ملاحقة الأطفال الذين يلقون الحجارة في نابلس، على حد تعبيره.

وكلف هذا التحول في مهام الجيش إسرائيل ثمنا باهظا، ففي مساء 6 أكتوبر، نقلت القيادة العسكرية 17 كتيبة إلى الضفة الغربية وتركت 3 أو 4 كتائب فقط في محيط غزة، في ما وصفه أحد المتحدثين بـ"الخطأ القاتل".

ولم تقتصر الصدمة على المستوى العسكري والسياسي، بل امتدت عميقا في النسيج الاجتماعي الإسرائيلي، كما يكشف الفيلم، حيث يعاني العديد من الجنود من صدمات نفسية شديدة.

ويصف أحدهم حالته بألم: "أتخيل قذائف الـ آر بي جي تطير فوق رأسي.. أصبحت أعاني من نوبات هلع وأتبول على نفسي ليلا"؛ لتُظهر هذه الصور كيف أن الحرب لم تكن فقط صراعا عسكريا، بل كانت أيضا معركة نفسية طاحنة.

تحول إستراتيجي

وعبر عدد من المتحدثين في الفيلم عن غضبهم، ليس فقط تجاه "حماس"، بل أيضا تجاه قيادتهم، وحكومتهم التي أهملت الرهائن وفضلت الحرب لتحقيق مكاسب سياسية، كما يقول أحد المتضررين، في شهادة تعكس الانقسام الداخلي الذي خلفته الأزمة.

ويلخص الصحفي ميلمان، التحول الإستراتيجي الذي أحدثته عملية 7 أكتوبر، بأن قدرة الردع الإسرائيلية ضعفت بشكل واضح، "فكل من حماس وحزب الله بدعم من إيران لم يُردعا بالصورة أو التصور عن الجيش الإسرائيلي، وشنّا حربين على جبهتين".

إعلان

وتتصاعد أسئلة حول المستقبل، حيث يقول إيتاي ساجي أحد جنود النخبة، إن ما ينتابه من شعور يماثل ما ينتاب أي إسرائيلي فيما يتعلق بالحرب هو أن "شيئا ما تحطم بالنسبة إلى جميع الإسرائيليين"، بينما يتساءل آخرون عما إذا كانت إسرائيل ستتمكن من استعادة شعورها بالأمان مرة أخرى.

يرسم الفيلم صورة متكاملة لتحول تاريخي، حيث انهارت أساطير القوة الإسرائيلية المطلقة، وبدأ تشكل واقع جديد في المنطقة، تكشف فيه إسرائيل عن نقاط ضعفها التي طالما حاولت إخفاءها وراء صورة القوة التي لا تُقهر.

ولم يعد النقاش يدور فقط حول فشل عسكري أو استخباراتي، بل عن فشل وجودي لنهج كامل تجاه غزة، التي نظرت إليها إسرائيل عقودا على أنها مجرد تهديد أمني، وليست أرضا مأهولة بشعب له إرادة وقدرة على تغيير المعادلات.

22/3/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

تقرير إسرائيلي: رفح مُحيت وهي ليست المدينة الوحيدة التي أبادها الجيش

قال تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن مدينة رفح جنوبي قطاع غزة قد مُحيت بالكامل، مضيفا أن هذا المصير طال مدنا ومخيمات أخرى مثل جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وأحياء في خان يونس، كانت في السابق مأهولة بعشرات الآلاف من السكان، وأصبحت اليوم أطلالا.

وأشار التقرير إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 لمدينة رفح، ظهرت فيها المدينة حيوية ومكتظة بالمباني والمساجد والمزارع، وقارنها بصور حديثة التُقطت في يونيو/حزيران 2025، تبين فيها أن المدينة باتت مسطحا رماديا ثنائي الأبعاد تغطيه الأنقاض.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2توماس فريدمان: هجوم إسرائيل على إيران يعيد تشكيل المنطقة وهذه تداعياتهlist 2 of 2صحيفة بلجيكية: مديرة الاستخبارات الأميركية تخشى هيروشيما أخرىend of list

وانتقد كتّاب التقرير -وهم محرر الأمن القومي آفي شارف والمحللان نير حسون وياردن ميخائيلي في الصحيفة- الأصوات الإسرائيلية التي تنادي بهدم قطاع غزة بالكامل.

وأشار التقرير إلى تصريح الإعلامي شمعون ريكلين من قناة 14 الإسرائيلية، بأنه لا يستطيع النوم إذا لم يشاهد مقاطع لتفجير المنازل في غزة، وأضاف أنه "يريد رؤية المزيد والمزيد والمزيد والمزيد من المنازل المهدمة، والشقق المحطمة، حتى لا يكون للغزيين مكان يعودون إليه".

الدمار بالأرقام

وقال التقرير إن نسبة التدمير في رفح ومخيم جباليا تفوق ما شهده العالم في هيروشيما وناغازاكي بعد القصف النووي الأميركي. وفي هذا الصدد ذكر عدد سكان المناطق المتضررة قبل الحرب، فجاءت على الشكل التالي:

إعلان رفح: 275 ألف نسمة جباليا: 56 ألف نسمة بيت لاهيا: 108 آلاف نسمة بيت حانون: 62 ألف نسمة عبسان الكبيرة، وهي ضاحية في خان يونس دمرها الجيش الإسرائيلي: 30 ألف نسمة بني سهيلا: 46 ألف نسمة

وأوضح التقرير أن هذه المناطق سويت بالأرض وباتت ركاما، إذ هجّر الجيش سكانها وقتل الكثير منهم، مما أدى لدمار يفوق "ما شهدته مدن مثل حلب والموصل وسراييفو وكابل".

أرقام الدمار

ووفقا لبيانات نقلها التقرير عن الأمم المتحدة، فقد تضرر أو دُمّر ثلثا مباني القطاع، أي نحو 174 ألف مبنى من أصل 250 ألفا.

ومن بين هذه المباني، دمر 90 ألفا بشكل كامل أو شبه كامل، وتعرّض 52 ألفا لأضرار متوسطة، في حين يصعب تقييم حجم الضرر الذي لحق بباقي المباني، ويبلغ عددها 33 ألفا.

كما دمر الجيش الإسرائيلي -حسب بيانات الأمم المتحدة- أكثر من ألفي مؤسسة تعليمية، منها 501 مدرسة من أصل 564.

ووفق البيانات، دمرت إسرائيل 81% من الطرق في القطاع، بجانب شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمنشآت الزراعية والحيوانية.

وانخفض عدد الدجاج البيّاض بنسبة 99%، وعدد رؤوس الأبقار بنسبة 94%، ومستوى صيد الأسماك بنسبة 93%، حسب ما نقله التقرير.

وقدّرت الأمم المتحدة كمية الركام في قطاع غزة بنحو 50 مليون طن، مشيرة إلى أن عملية إزالته سوف تستغرق 20 عاما.

وتابع التقرير أن أكثر من مليون نازح يعيشون حاليا في خيام بمنطقة المواصي وغربي القطاع، حيث ينصب الغزيون خيامهم "فوق الأرصفة ومكبات القمامة والركام" في ظل غياب الصرف الصحي والمياه والكهرباء، ووسط تفشي البعوض وتفاقم الجوع.

5 موجات تدميرية

وأوضح التقرير أن الجيش الإسرائيلي دمر القطاع على 5 مراحل، وبدأت المرحلة الأولى فور اندلاع الحرب عبر غارات جوية استهدفت البنية التحتية المدنية والمنازل بزعم استهداف مقاتلي حركة حماس، وتم إسقاط نحو 6 آلاف قنبلة خلال الأسبوع الأول.

إعلان

وبدأت المرحلة الثانية في مطلع 2024، حين باشرت القوات الإسرائيلية بإنشاء محور نتساريم على طول الحدود مع القطاع، واستخدم الجيش في هذه المرحلة الجرافات والمدرعات لتسوية آلاف المباني بالأرض، وباتت عمليات التدمير برية بشكل أساسي.

وبدأت الموجة الثالثة في منتصف 2024 وتركزت جنوبي غزة، حيث استُهدفت مدينة رفح ومحيطها بهدف توسعة محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، وتم اعتماد إستراتيجية جديد تتمثل بإرسال ناقلات مدرعة مليئة بالمتفجرات تُوجه عن بعد نحو الأحياء السكنية لتدميرها بالكامل.

وتمثلت المرحلة الرابعة، حسب التقرير، في عمليات مكثفة لتدمير المدن الواقعة شمالي القطاع، مثل بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا.

أما المرحلة الأخيرة فبدأت بعد إعلان وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني 2025، حين شن الجيش الإسرائيلي عملية عربات جدعون.

وفي هذه المرحلة تبنى الجيش الإسرائيلي سياسية تدمير صريحة وممنهجة للقطاع، وأصبح يستعين بمقاولين مدنيين يُكافؤون بناء على عدد المباني التي يُسوّونها بالأرض، حسب التقرير.

وخلص تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن ما يحصل في غزة هو بداية نهاية النظام الدولي القائم على القواعد، وسيبكي العالم غزة يوما ما، بعد فوات الأوان.

مقالات مشابهة

  • ترامب يشعل تفاعلا بالعرض العسكري في يوم ميلاده الذي يصادف ذكرى تأسيس الجيش
  • الجيش الإسرائيلي يعلن الأهداف التي ضربها في غارة وزارة الدفاع الإيرانية
  • شاهد بالفيديو.. مقطع نادر جداً لعروس الموسم الحسناء “حنين” عندما كانت طفلة مع شقيقها التوأم “حاتم” يقدمان عرض مسرحي في حضور والدهما الأسطورة محمود عبد العزيز
  • أفيخاي أدرعي يتلعثم على الهواء.. ارتباك وذعر ناطق الجيش الإسرائيلي يكشف عمق الصدمة الإيرانية
  • إعلام غربي: طهران لم تتوقع شدة الهجوم الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر
  • تقرير إسرائيلي: رفح مُحيت وهي ليست المدينة الوحيدة التي أبادها الجيش
  • الجيش الإسرائيلي: إسرائيل بأكملها تحت نار الهجمات الإيرانية
  • الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يوثّق الضربات التي استهدفت مواقع داخل إيران.. فيديو
  • الجيش الإسرائيلي: إيران أطلقت أكثر من 100 طائرة مسيرة نحو إسرائيل
  • وحدتان عسكريتان للعدو الإسرائيلي رفضتا مواجهة مقاتلي حماس في 7 أكتوبر