إيران بين مطرقة التفاوض مع ترامب وسندان الضربة المحتملة
تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT
تشهد التطورات الإقليمية عودة النقاش حول الملف النووي الإيراني الى واجهة الاحداث مجدداً مع إعطاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طهران مهلة شهرين للتفاوض على اتفاق نووي جديد، وتهديده بشن ضربات عسكرية على البرنامج النووي الإيراني في حال عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.
ووفقاً للتقارير الإعلامية، من المتوقع أن يزور وفد إسرائيلي رفيع المستوى البيت الأبيض الأسبوع المقبل لإجراء مشاورات استراتيجية بشأن طريقة التعامل إيران، وذلك كجزء من عمل المجموعة الاستشارية الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية ( (SCG، وهي مجموعة تمّ انشاؤها ابان عهد الرئيس أوباما لتنسيق التعاون بين الجانبين بشأن السياسة الأمثل للتعامل مع برنامج إيران النووي.
يعتقد نتنياهو وفريقه أنّ هناك فرصة ذهبية الآن لتدمير برنامج إيران النووي وسحب هذه الورقة من يد طهران وذلك بعد تقويض قدرات أذرع إيران العسكرية في المنطقة، وإضعاف قدراتها الدفاعية الصاروخية، وتراجع نفوذ وتأثير طهران مع الإطاحة بنظام الأسد، ومحاولات الحكومة العراقية تحييد نفسها عن الصراع.ومنذ توليه منصبه في بداية هذا العام، تأرجح موقف ترامب بين الدبلوماسية والإكراه. وقد أعرب في غير مرّة عن تفضيله للتوصل إلى اتفاق بين الجانبين، حيث صرح في الأسبوع الأوّل من مارس قائلا، "آمل أن تتفاوضوا لأنه إذا اضطررنا إلى التدخل عسكريًا، فسيكون ذلك أمرًا فظيعًا". ومع هذا، فقد كانت كل دعوات ترامب للحوار مع إيران مغلّفة بالتهديد العسكري، وهو ما يتطابق مع التهديد الذي أصدره مستشار الأمن القومي مايكل والتز حينما قال انّ "جميع الخيارات مطروحة". ويمكن قراءة التصعيد الإسرائيلي المدعوم أمريكيا مؤخراً في فلسطين، ولبنان، واليمن كجزء من حملة الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب على إيران للذهاب الى طاولة المفاوضات.
ويعتقد نتنياهو وفريقه أنّ هناك فرصة ذهبية الآن لتدمير برنامج إيران النووي وسحب هذه الورقة من يد طهران وذلك بعد تقويض قدرات أذرع إيران العسكرية في المنطقة، وإضعاف قدراتها الدفاعية الصاروخية، وتراجع نفوذ وتأثير طهران مع الإطاحة بنظام الأسد، ومحاولات الحكومة العراقية تحييد نفسها عن الصراع. ويضغط نتنياهو وفريقه على إدارة ترامب لإستغلال النافذة المفتوحة للقيام بعمل مشترك. ويدعم مثل هذا الاتجاه فريق من المسؤولين رفيعي المستوى الموالين لإسرائيل الذين عيّنهم ترامب في مناصب رفيعة وحسّاسة داخل إدارته.
من جانبها، تعارض إيران من الناحية العلنيّة التوجّه إلى طاولة المفاوضات من موقع ضعيف و/أو تحت التهديد خاصّة أنّ ذلك لن يحرمها فقط من إمكانية التوصل إلى اتفاق متوازن وإنما سيظهرها بمظهر الخاضع للإملاءات الأمريكية ـ الإسرائيلية الذي يخشى من التهديدات الموجّهة إليه. ويتصدّر هذا الإتجاه داخل إيران المرشد الأعلى علي خامنئي. ولذلك، فقد عارض خامنئي علناً رسالة ترامب ودعوة الأخير للحوار والتفاوض. وأكّد خامنئي يوم الجمعة الماضي أنّ التهديدات الأمريكية لبلاده لن تجدي نفعاً، مشيراً إلى أنّه يتعيّن عليهم وعلى آخرين أن يعرفوا أنّهم سيتلقون صفعة قويّة إذا قاموا بأي تحرّك يضرّ بايران.
ويخفي هذا الموقف المتشدّد علناً موقفاً مبطّناً مفاده أنّ إيران لا تمانع التفاوض مع إدارة ترامب لكنّها تريد أن تتجنّب أن يبدو ذلك وكأنّه استسلام. بمعنى آخر، من وجهة النظر الإيرانية، فإنّ صورة النظام الإيراني مهمّة بالنسبة للنظام داخلياً وإقليمياً، وإذا كان ترامب يريد التفاوض فعلاً فلا مانع، لكن ضمن معطيات مقبولة للطرفين. وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية الإيراني عبّاس عراقجي، في مقابلة له في الأسبوع الأوّل من شهر مارس الحالي إلى أنّ إيران لن تتعامل مع الولايات المتحدة طالما استمر هذا الضغط، مؤكدًا أن طهران ترد على "الاحترام والكرامة"، وليس التهديدات. وقد أتبع عراقجي تصريحه هذا بتصريح آخر الخميس الماضي أشار فيه إلى أنّ بلاده ستدرس الفرص وأيضا التهديدات الواردة في رسالة ترامب.
ويتّسق هذا الموقف مع استراتيجية إيران التي تقوم على ضرورة تفادي الانخراط في حرب مع إسرائيل أو أمريكا تنتهي بتدمير البرنامج النووي الإيراني وربما سقوط النظام، وتفادي الانخراط في محادثات جدّية من موقف ضعيف تفرض على إيران شروطاً أشبه بالاستسلام. ويقتضي تحقيق هذين الهدفين إبقاء الباب موارباً إزاء إمكانية الحوار مع ترامب، ومحاولة إشراك اطراف أخرى كروسيا وأوروبا، وإطالة المفاوضات والمماطلة بشكل يسمح بمرور السنوات الأربع لإدارة ترامب دون الاضطرار الى الدخول في حرب تدمّر إيران. وربما يتطلّب هذا الأمر من إيران أيضاً في مرحلة من المراحل أن تقوم بالتفاوض على أمور ثانويّة أو أقل أهمّية من الموضوع الرئيسي اذا خفّفت واضنطن من حدّة موقفها، وذلك كي تكسب إيران ثقة ترامب وتضيّع الوقت وتتفادى المواضيع الكبرى.
نتنياهو يرى في استهداف البرنامج النووي الإيراني الآن وسيلة لتحويل أزمة 7 أكتوبر 2023 إلى انتصار استراتيجي. وتتضمّن سيناريوهات الضربة هجوماً باستخدام صواريخ باليستية أو هجمات جوّية أكثر خطورة باستخدام قنابل خارقة للتحصيناتلكنّ مهلة ترامب تشير إلى أنّ الأخير يريد كذلك تفادي سيناريو تذهب فيه إيران للمماطلة، وفي نفس الوقع يتحاشى الإنخراط المبكّر في حرب مدمّرة معها تريدها إسرائيل له. ولذلك، يُعتقد أنّ ترامب يريد إعطاء فرصة دبلوماسية حتى منتصف عام 2025، وبعد ذلك قد يؤدي عدم إحراز تقدم إلى تحول الديناميكيات نحو الخيارات العسكرية. ومع هذا، قد ترى القيادة الإيرانية في التحدي وسيلةً للحفاظ على الشرعية المحلية وردع العدوان، لا سيما في ظل أسلوب ترامب غير المتوقع وأفعاله السابقة.
وتشير معلومات إلى أنّ نتنياهو يرى في استهداف البرنامج النووي الإيراني الآن وسيلة لتحويل أزمة 7 أكتوبر 2023 إلى انتصار استراتيجي. وتتضمّن سيناريوهات الضربة هجوماً باستخدام صواريخ باليستية أو هجمات جوّية أكثر خطورة باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، وكلاهما يتطلب دعمًا أمريكيًا من تزويد بالأسلحة والمعدات والأنظمة الدفاعية والتزود بالوقود جوًا والاستطلاع، وربما المشاركة عملياً أيضاً. وتُؤكّد موافقة إدارة ترامب على بيع المزيد من هذه القنابل لإسرائيل في أوائل فبراير ٢٠٢٥ بالإضافة إلى المناورة الجوية المشتركة بين واشنطن وتل أبيب في 4 مارس 2025، والتي شملت قاذفات بي-52 وطائرات إف ـ 15 آي/إف ـ 35 آي الإسرائيلية، على هذا التوجّه.
وبهذا المعنى، فإنّ رفض إيران التفاوض قد يزيد بشكل كبير من فرص اتخاذ إجراء أمريكي و/أو إسرائيلي. وتشير التقييمات إلى أن الضربة قد تؤخر برنامج إيران لأشهر فقط، مما قد يدفعها إلى السعي للحصول على القنبلة النووية بأي ثمن، وهو خط أحمر لكلا البلدين، من شأن التأكّد من صحّته أن يعجّل على الأرجح من ضربة محتملة في ظل موقف نتنياهو المتشدد ونفوذه داخل الإدارة الأمريكية إذا استمرت إيران في تصلبها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيراني إسرائيلي إيران إسرائيل امريكا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البرنامج النووی الإیرانی برنامج إیران إدارة ترامب إلى أن
إقرأ أيضاً:
إيران والاتفاق النووي.. احتمالات رفض المقترح الأمريكي وتصعيد المعركة الدبلوماسية
رويترز:
قال دبلوماسي إيراني كبير لرويترز يوم الاثنين إن طهران تعتزم رفض الاقتراح الأمريكي لإنهاء النزاع النووي القائم منذ عقود، ووصفه بأنه “غير قابل للتنفيذ” ولا يراعي مصالحها ولا يتضمن أي تغيير في موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم.
وأبلغ الدبلوماسي الكبير، المقرب من فريق التفاوض الإيراني، رويترز بأن “إيران تُعد ردا سلبيا على المقترح الأمريكي وهو ما يمكن تفسيره على أنه رفض للعرض الأمريكي”.
وقدم وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي لإيران يوم السبت الماضي المقترح الأمريكي لاتفاق نووي جديد خلال زيارة قصيرة لطهران بينما كان يضطلع بدور وساطة في المحادثات النووية بين طهران وواشنطن.
لكن لا تزال العديد من القضايا عالقة بعد خمس جولات من المحادثات بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لحل الأزمة النووية.
ومن بين الخطوط الحمراء التي يختلف الطرفان بشأنها رفض إيران مطلب الولايات المتحدة بالتزام طهران بوقف تخصيب اليورانيوم الذي يُنظر إليه على أنه مسار محتمل لتطوير قنابل نووية.
وتؤكد طهران رغبتها في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، وتنفي منذ فترة طويلة اتهامات القوى الغربية لها بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية.
وقال الدبلوماسي الإيراني الذي طلب عدم كشف هويته لحساسية الأمر “بموجب هذا المقترح، يبقى موقف الولايات المتحدة من التخصيب على الأراضي الإيرانية من دون تغيير ولا يوجد بيان واضح بشأن رفع العقوبات”.
وقال عراقجي إن طهران سترد رسميا على المقترح قريبا. ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق.
وتطالب طهران برفع جميع القيود التي فرضتها الولايات المتحدة وتعيق اقتصادها المعتمد على النفط فورا. لكن واشنطن ترى أنه يجب رفع العقوبات المرتبطة بالملف النووي على مراحل.
وفُرضت عقوبات على عشرات المؤسسات الإيرانية الحيوية بالنسبة للاقتصاد الإيراني ومن بينها البنك المركزي وشركة النفط الوطنية منذ عام 2018 بسبب “دعمها الإرهاب أو نشر الأسلحة” حسبما تقول واشنطن.
وشمل إحياء ترامب حملة “أقصى الضغوط” على طهران منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني تشديد العقوبات والتهديد بقصف إيران إذا لم تُفض المفاوضات الحالية إلى اتفاق.
وانسحب ترامب في عام 2018، خلال ولايته الأولى، من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران في 2015 مع ست قوى عالمية وعاود فرض عقوبات أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل. في المقابل، سرعان ما انتهكت طهران القيود التي فرضها الاتفاق النووي الموقع في 2015 على برنامجها النووي.
وألزم اتفاق 2015 إيران باتخاذ خطوات لتقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وقال الدبلوماسي إن التقييم الذي أجرته “لجنة المفاوضات النووية الإيرانية”، تحت إشراف الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، وجد أن الاقتراح الأمريكي “منحاز تماما” ولا يخدم مصالح طهران.
وأضاف الدبلوماسي الإيراني أنه لذلك تعتبر طهران هذا المقترح “غير قابل للتنفيذ” وتعتقد أنه يحاول الانفراد بفرض “اتفاق سيئ” على إيران من خلال مطالب مبالغ فيها.
*الأزمة النووية تزيد توتر الشرق الأوسط
والمخاطر كبيرة لكلا الجانبين. فترامب يريد الحد من قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي قد يؤجج سباق تسلح نووي إقليمي وربما يهدد إسرائيل. أما المؤسسة الدينية في إيران فترغب في التخلص من العقوبات المدمرة.
وتقول إيران إنها مستعدة لقبول بعض القيود على التخصيب لكنها تريد ضمانات محكمة بأن واشنطن لن تتراجع عن أي اتفاق نووي مُستقبلي.
وصرح مسؤولان إيرانيان لرويترز الأسبوع الماضي بأن إيران قد توقف تخصيب اليورانيوم إذا أفرجت الولايات المتحدة عن الأموال الإيرانية المجمدة واعترفت بحق طهران في تخصيب اليورانيوم للاستخدام المدني بموجب “اتفاق سياسي” قد يُفضي إلى اتفاق نووي أوسع.
وترى إسرائيل، عدو إيران اللدود، أن البرنامج النووي الإيراني يمثل تهديدا وجوديا وتؤكد أنها لن تسمح أبدا لطهران بحيازة أسلحة نووية.
وقال عراقجي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري بالقاهرة “لا أعتقد أن إسرائيل سترتكب خطأ مثل مهاجمة إيران”.
في غضون ذلك، تضاءل نفوذ طهران الإقليمي نتيجة الانتكاسات العسكرية التي لحقت بقواتها وقوات حلفائها في “محور المقاومة” ذي الأغلبية الشيعية الذي يضم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وجماعة حزب الله اللبنانية والحوثيين في اليمن وفصائل مسلحة عراقية.
ووجه وزير الدفاع السعودي في أبريل نيسان رسالة صريحة إلى المسؤولين الإيرانيين لأخد عرض ترامب بالتوصل إلى اتفاق جديد على محمل الجد باعتباره وسيلة لتجنب خطر الحرب مع إسرائيل.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق عربي ودوليقيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...
المتحاربة عفوًا...
من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية است...
It is so. It cannot be otherwise....
It is so. It cannot be otherwise....