عربي21:
2025-05-19@12:42:22 GMT

النخب البائسة

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

كشف الهجوم الذي يقوده اليمين الفرنسي، منذ فترة ضد الجزائر، بعض جوانب الضعف والخلل في تعامل النخبة المثقفة الجزائرية مع الأمر، والتي تنطلق غالبا من زاوية رد الفعل التي حشرت فيها نفسها منذ عقود طويلة، أو حُشرت فيها لأسباب تتعلق بمنظومة عامة أكثر قهرا، وأقل انفتاحا في جوانبها السياسية والفكرية والسوسيولوجية.



لقد استغل اليمين الفرنسي النيوكلونيالي أعمال الإبادة والسطو على كل فرصة ممكنة، للإشادة بالأعمال الإرهابية الاستعمارية في الجزائر، ولم تنل فرنسا في الواقع ردودا قوية وحاسمة، وهي تقر قانون تمجيد الاستعمار في 23 فبراير 2005، وتكرم الحركى والخونة من الجزائريين دون غيرهم.
وباستثناء بعض الأصوات السياسية التي فشلت أساسا في وضع مقاربة لمقارعة هذا التغوُّل والاستهتار الفرنسي بحقائق التاريخ، لم تكن بعض تلك الأصوات المرفوعة هنا وهناك، إلا لتسجيل الحضور وممارسة السياسة السياسيوية. وهو ما جعلها تنطفئ في وقتها ولا تترك أثرا على مستوى النقاش والسجال المؤسّس.

والحقيقة أن النخب الجزائرية، متقطعة بين ضفتين، ضفة الامتيازات والمزايا التي وفرتها فرنسا الاستعمارية سابقا لفئات تحمل في تكوينها قابلية كبيرة للتعايش مع هذا النظام الاستعماري ثقافيا ودينيا، ويمكن جعل بوعلام صنصال نموذجا للمثقف المتماهي مع هذا الإرث، من خلال تنصله من ديانته الإسلامية، وتمجيده فتراتٍ انتقائية من تاريخ الاستعمار، وهذا النوع يمكن أن يتحول في لحظة السجالات والصراع إلى معول هدم داخلي، ويمكن فهم ذلك جيدا من توقيت محاولته التشكيكَ في الوحدة الترابية للجزائر. وصنف آخر من المثقفين، يمكن أن يطلق عليه المثقف اللامبالي وهو صنف غير منخرط أصلا في مسألة الدفاع عن التاريخ الفكري والسياسي للوطن والاصطفاف وراء، فكرة الصراع أصلا. وهذا النوع من النخب غالبا ما يكون عابر سبيل وعبئا على المجموعة الوطنية في هذا الوضع.

غير أن الأخطر من هذا كله، يمكن رصده في ضعف النخب التي تتصدر مشهدية المواجهة، وتوكل لها مهمة مقارعة هذه الحملة الاستعمارية الجديدة، فهي بقدر ما تحدِث من الضجيج ضجيجا عاليًّا، لا نرى لها طحينا لأنها ضعيفة التكوين وقليلة التدريب وهي مثل العسكري الذي يجند مباشرة على جبهة القتال، دون أن يخضع إلى برنامج تدريبي وتكويني، يمكّنه من الثبات في المعركة والزحف في الهجوم والتسديد في مقتل. وأمام هذا النوع من النخب الضعيفة، تضيع القضايا، وتُخسر المعارك.

لقد واجه الكاتب والروائي رشيد بوجدرة في سنة 1981، بيار لافو الصِّحافي الفرنسي ومدير “صدى وهران” أثناء الاحتلال، المنحاز لأطروحات اليمين المتطرف وبقايا منظمة “أو آس” في عُقر داره، في بلاطو تلفزيوني، ولقَّنه درسا عبر تدخل قوي بحجج تاريخية ومنطقية، في وقت تعجز الآن نخبتنا عن مسايرة ما يحدث، وتترك الدفاع عن “الحقيقة التاريخية” للفرنسيين من أمثال جون ميشال أباتي. نموذج بوجدرة في الحقيقة، لم ينقطع وهو موجود الآن، لكن مسؤولية خفوت صوته لا يمكن أن يتحمّلها وحده، فالأمر يتجاوزه إلى منظومة سياسية لم تضع في الحسبان أن معركة التاريخ لم تُحسم بعد وإن حُسمت معركة التحرير.

لقد حان الوقت لإعادة صياغة مقاربة حقيقية، تدفع النخب إلى الواجهة والمواجهة الفكرية والعقائدية بعيدا عن الإسفاف والانتهاء من الزج بالمتسلقين في معركة لا يملكون أدواتها.

(الشروق الجزائرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الجزائر النخبة الاستعمارية فرنسا فرنسا الجزائر استعمار نخب اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

العليمي: اليمن يخوض معركة وجودية مذ عشر سنوات

قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إن اليمن يخوض منذ عشر سنوات معركة وجودية ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

 

وأكد العليمي في خطاب امام القمة العربية في بغداد، ان اليمن سيظل كما كان على مر التاريخ، عمقاً أصيلاً، وسنداً مخلصاً لقضايا أمته، وشريكاً فاعلاً في صون الأمن القومي العربي والدفاع عن مصالحه العليا، وفق وكالة سبأ الرسمية.

 

وجدد التزام الجمهورية اليمنية المطلق بالثوابت العربية، وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية وحق شعبها في الحرية والاستقلال، وانهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.

 

وشدد رئيس الجمهورية على إن الظروف الاستثنائية، والتحديات التي تتهدد منطقتنا العربية، تتطلب وقفة صادقة وشجاعة، بدءا بتحويل مقررات هذه القمم الى أفعال، والانتقال الى أفق اكثر جدية من التضامن، وردع التهديدات الارهابية المشتركة.

 

واوضح ان في طليعة هذه التهديدات، تأتي التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، "ومحاولات تمزيق دولنا الوطنية، ومؤسساتها الشرعية عبر جماعات إرهابية مارقة، غلبت مشاريع داعميها ومصالحها الضيقة، على مصالح امتنا، وامنها القومي".

 

وتحدث رئيس مجلس القيادة الرئاسي في هذا السياق عن مسار المعركة الوجودية التي يخوضها الشعب اليمني منذ اكثر من عشر سنوات ضد مشروع مليشيا الحوثي الارهابية المدعومة من النظام الايراني، قائلا ان "الشعب اليمني عازم اليوم اكثر من اي وقت مضى، على انهاء المعاناة واسقاط هذا المشروع، وأجندته العابرة للحدود".

 

واكد الرئيس استنفاد كافة الجهود لدفع جماعة الحوثي الارهابية الى التخلي عن نهجها العنصري، والاستجابة للإرادة الشعبية، وقرارات الشرعية الدولية.

 

وقال ان المليشيات عززت بذلك النهج، القناعة الراسخة بانها ليست مشروع سلام، او مجرد خطر مؤقت، وانما تهديد دائم للسلم، والامن الدوليين.


مقالات مشابهة

  • استقبال حافل للعرض التقديمي لفيلم "عين حارة" الذي يمثل "القاهرة السينمائي" في مبادرة "فانتاستيك 7"
  • استقبال حافل للعرض التقديمي لفيلم عين حارة في مهرجان كان
  • استقبال حافل للعرض التقديمي لفيلم عين حارة بمهرجان كان
  • معركة الوعي: كيف يحاول الكيزان إعادة التاريخ
  • قبائل تهامة ..مواقف مُشرّفة في معركة الدفاع عن اليمن وإسناد غزة
  • متخصص: يجب فهم الكتالوج الخاص بك لمعرفة الأشياء التي يمكن التحدث عنها ..فيديو
  • العليمي: اليمن يخوض معركة وجودية مذ عشر سنوات
  • وزير الخارجية الفرنسي لـ "الفجر": السلام الدائم لأوكرانيا لا يمكن تحقيقه إلا بقوة ردع فعالة
  • ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب
  • صفية العمري: أعتذر عن هذا النوع من الأدوار الفنية .. وثروتي حب الناس