مآلات الأوضاع في إثيوبيا وأثرها على السودان
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
الصراع في تيغراي: جذور الأزمة وتداعياتها
إقليم تيغراي يشكل نقطة اشتعال رئيسية في إثيوبيا نتيجة الصراع المستمر بين الحكومة الفيدرالية بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد وقوات جبهة تحرير تيغراي (TPLF). هذا النزاع لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى أبعاد سياسية وعرقية عميقة، حيث يتمتع التيغراي بتاريخ من النفوذ السياسي في إثيوبيا، مما يجعل الصراع أكثر تعقيدًا.
عدم الاستقرار السياسي: الانقلابات والصراعات الداخلية
تشهد إثيوبيا اضطرابات سياسية متزايدة، حيث يؤدي الصراع الداخلي والانقلابات إلى تقويض الاستقرار السياسي. مثل هذه الأوضاع تزيد من احتمالات تفكك الدولة أو تحولها إلى حالة من الفوضى، مما يضعف قدرة الحكومة على فرض سيطرتها في مختلف المناطق.
التحركات العسكرية والعلاقات مع إريتريا
العلاقة بين إثيوبيا وإريتريا تحمل تعقيدات تاريخية، حيث انتهت حالة العداء الطويلة بين البلدين باتفاق سلام عام 2018. ومع ذلك، فإن دعم إريتريا للحكومة الإثيوبية في نزاعها مع تيغراي يزيد من فرص تصاعد التوترات، مما قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق في المنطقة.
التداعيات المحتملة على السودان
أ. تدفقات اللاجئين
زيادة الضغط على الحدود السودانية: السودان يستضيف بالفعل مئات الآلاف من اللاجئين الإثيوبيين، خاصة في ولايتي القضارف وكسلا. أي تصعيد جديد في الصراع سيؤدي إلى موجات نزوح إضافية، مما يزيد الأعباء الإنسانية والاقتصادية على السودان.
التأثيرات الاجتماعية والأمنية: تدفق اللاجئين قد يؤدي إلى توترات مع المجتمعات المحلية بسبب المنافسة على الموارد الشحيحة، مما قد يفاقم النزاعات المجتمعية.
ب. التأثير الاقتصادي
اضطراب حركة التجارة: تعتبر إثيوبيا شريكًا تجاريًا مهمًا للسودان، وأي اضطراب على الحدود أو داخل إثيوبيا قد يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد وارتفاع أسعار السلع الأساسية في السودان.
ضعف البنية التحتية: المناطق الحدودية السودانية تعاني بالفعل من ضعف الخدمات، وزيادة الأعباء قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية.
ج. تأثيرات ملف سد النهضة
تراجع الموقف التفاوضي الإثيوبي: استمرار الأزمة الداخلية في إثيوبيا قد يضعف موقفها التفاوضي في ملف سد النهضة، مما يمنح السودان ومصر فرصة لتحسين شروط الاتفاقات المستقبلية.
مخاطر أمنية على السد: في حال تدهور الوضع الأمني في إثيوبيا، قد يصبح سد النهضة عرضة للخطر نتيجة الصراعات الداخلية بين الفصائل المختلفة.
د. التدخلات الإقليمية وتأثيرها على السودان
إمكانية التدخلات العسكرية: في حال تصاعد الصراع بين إثيوبيا وإريتريا، قد تتدخل دول أخرى مثل السودان أو مصر أو بعض الدول الخليجية لدعم أطراف معينة، مما قد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات الأمنية.
تأثير الاستقرار الداخلي السوداني: أي انخراط للسودان في النزاع الإثيوبي-الإريتري قد يؤدي إلى انقسامات داخلية في السودان نفسه، خاصة إذا كانت هناك آراء متباينة حول هذا التدخل.
توصيات للحكومة السودانية
تبني سياسة استباقية- تعزيز الأمن الحدودي وإعداد خطط طوارئ لاستيعاب تدفقات اللاجئين.
تطوير برامج تنموية للمناطق الحدودية لتعزيز استقرارها.
تعزيز العلاقات الإقليمية:
العمل مع المجتمع الدولي لضمان استقرار المنطقة.
البحث عن حلول دبلوماسية متوازنة مع إثيوبيا وإريتريا.
حماية الاقتصاد السوداني:
تنويع مصادر الواردات لتقليل الاعتماد على إثيوبيا.
تحسين البنية التحتية والمرافق اللوجستية في المناطق الحدودية.
تشجيع الحوار الإقليمي:
فتح قنوات تواصل مع الفصائل الإثيوبية المختلفة لتجنب أي انعكاسات سلبية على العلاقات السودانية-الإثيوبية.
* أري أن الأزمة الإثيوبية تمثل تحديًا مباشرًا لاستقرار السودان، سواء من حيث تدفقات اللاجئين، أو التأثيرات الاقتصادية، أو المخاطر الأمنية. ومع ذلك، فإن الأزمة توفر أيضًا فرصة أمام السودان لتعزيز موقفه في ملف سد النهضة ولعب دور إقليمي أكثر تأثيرًا. لذا، من الضروري أن تتبنى الحكومة السودانية سياسات متوازنة ومدروسة لمواجهة هذه التحديات والاستفادة من الفرص المحتملة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: على السودان قد یؤدی إلى فی إثیوبیا سد النهضة
إقرأ أيضاً:
لوموند: جبهة تيغراي مهندسة تحديث إثيوبيا توشك على الزوال
قالت صحيفة لوموند إن جبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الرمزي في إثيوبيا المعاصرة، لم تعد رسميا جزءا من المشهد السياسي في البلاد، بعد أن ألغت لجنة الانتخابات تسجيلها لفشلها في عقد جمعية عامة كما يقتضي قانون الانتخابات.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مارلين بانارا من أديس أبابا- أن الجبهة التي ظلت شخصية محورية في الحياة السياسية الإثيوبية منذ عام 1991 قد فقدت أصلا وضعها القانوني بعد تعليقها من قبل اللجنة الانتخابية في أواخر عام 2020، مع بداية الحرب في إقليم تيغراي، معقلها التاريخي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي غذت اندفاع الهند وباكستان نحو الحربlist 2 of 2اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركيةend of listودعا قادة الجبهة مفوضية الاتحاد الأفريقي في اليوم التالي لقرار تعليقها إلى الضغط على الحكومة الإثيوبية لتعليق هذا القرار، وأكد محلل في إثيوبيا طلب عدم الكشف عن هويته أن قرار اللجنة "يظهر أن الحكومة الفدرالية تسيطر على تيغراي، وأن الجبهة عجزت عن تنظيم نفسها تحت ضغط الإستراتيجية التي تستخدمها الحكومة منذ سنوات لإضعافها".
الفدرالية العرقية
وبدأ صعود جبهة تحرير شعب تيغراي إلى السلطة -حسب الصحيفة- في ثمانينيات القرن الماضي عندما أسهمت في إسقاط نظام رئيس الوزراء منغيستو هيلا مريم عام 1991، ليصبح زعيمها ملس زيناوي رئيس الحكومة الانتقالية ثم رئيسا للوزراء بعده ضمن حكومة ائتلافية.
إعلانويقول يوهانس ولد مريم، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كولورادو، إن الدعم المحلي والدولي القوي الذي حظي به فريق زيناوي، والنمو الاقتصادي غير المسبوق، قادا النظام الجديد إلى "حالة من الرخاء" استمرت حتى اندلاع الحرب مع إريتريا عام 1998.
وخلال هذه الفترة تم اعتماد دستور جديد -حسب الصحيفة- دشن نظام حكم فريدا من نوعه في العالم، قائما على مفهوم الفدرالية العرقية، بحيث ورثت كل مجموعة عرقية إقليما وبرلمانا، وأصبحت لغتها رسمية، حتى إن حق الانفصال كان مكرسا في القانون الأساسي.
غير أن التيغرايين الذين لا يمثلون أكثر من 6% من سكان إثيوبيا استحوذوا على عدد من المناصب الرئيسية لا تناسب حجم وجودهم، وهو ما لم يلق استحسانا لدى الأورومو ولا في إقليم أمهرة، ولكن النظام -حسب يوهانس ولد مريم-"تجاهل الأصوات التي بدأت ترتفع من أورومو وأمهرة، فازداد الاستياء حدة".
ويرى المحلل المقيم في إثيوبيا أن وفاة ملس زيناوي المفاجئة في عام 2012 كانت "بداية فقدان جبهة تحرير شعب تيغراي نفوذها"، وشكلت نقطة تحول بسبب فشل خليفته هيلامريام ديسالين في الحفاظ على تماسك الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، التي تفككت تدريجيا.
وكانت استقالة هيلامريام ديسالين عام 2018، وسط احتجاجات واسعة، إشارة إلى نهاية الجبهة الثورية للشعب الإثيوبية التي حل محلها حزب الازدهار بزعامة رئيس الوزراء الجديد آبي أحمد.
جزء من الماضي
وقد أثار إجراء انتخابات إقليمية في تيغراي في سبتمبر/أيلول 2020، رغم تأجيل الحكومة الفدرالية لها، غضب أديس أبابا، واتهمت الحكومة تيغراي ببدء أعمال عدائية ضد قواعد الجيش الفدرالي في المنطقة، فأُعلنت الحرب.
ومنذ الأشهر الأولى للحرب، بدت قوات جبهة تحرير شعب تيغراي ضعيفة في مواجهة الجيش الفدرالي المدعوم من القوات الإريترية والجماعات شبه العسكرية الأمهرية، وقد صنفتها الحكومة عام 2021 "منظمة إرهابية".
إعلانورغم ذلك، اتفقت الدولة وقادة تيغراي على وقف الأعمال العدائية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ليعيد البرلمان تأهيل جبهة تحرير شعب تيغراي بعد إجبارها على نزع سلاحها.
ولكن التوترات تفاقمت داخل الجبهة، إذ ظهر فصيلان على خلاف، أحدهما بقيادة غيتاشو رضا الذي عينته السلطات الفدرالية رئيسا للإدارة المؤقتة في مارس/آذار 2023، والآخر بقيادة دبرصيون جبر مكائيل زعيم الجبهة منذ عام 2017.
وتساءلت الصحيفة في الختام: هل ستنجو الجبهة من الضربات التي واجهتها؟ ولكن تيفيرا غبريغزيابر يرى أن "موطئ قدمها في المنطقة يجعل عودتها يوما ما إلى الساحة السياسية الإثيوبية أمرا متوقعا"، أما المحلل الذي لم يذكر اسمه فيعتقد أن آبي أحمد حول الجبهة إلى "جزء من الماضي".