عودة دوائر النفوذ.. صراع القوى الكبرى
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
لم تكن الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022 مجرد صراع إقليمي، فقد شكّل ضمه لشبه جزيرة القرم عام 2014 اختبارًا واسع النطاق لما يُسمى بالنظام الدولي القائم على القواعد، مستكشفًا مدى استعداد الغرب للدفاع عنه.
أجبرت الحرب التي تلت ذلك أوروبا على إعادة النظر في اعتمادها على الولايات المتحدة، وأرغمت القادة الأمريكيين على إعادة تقييم التزاماتهم الخارجية، كما دفعت الصين إلى لعب دور جديد كداعم لروسيا، وجعلت دولًا بعيدة آلاف الأميال تواجه أسئلة جوهرية حول مستقبلها: كيف يمكنها موازنة شراكاتها مع القوى الكبرى المتصارعة؟ وما المواقف المادية والمعنوية التي تُتخذ اليوم وستبدو حكيمة بعد عقود؟
خلال العقدين اللذين أعقبا الحرب الباردة، بدت هذه الأسئلة أقل إلحاحًا.
فقد قلل انهيار الاتحاد السوفييتي بشكل كبير من مخاوف الغرب بشأن اندلاع حرب عالمية أخرى، وهي مخاوف دفعت القادة الغربيين سابقًا إلى التسامح مع مناطق النفوذ السوفييتية في وسط وشرق أوروبا. كما أمل العديد من القادة والمحللين أن تقلل التعددية والجهود المبذولة لتعزيز الأمن الجماعي من أهمية التنافسات الجيوسياسية الصفرية إلى الأبد. لكن مع الأزمة المالية العالمية (2008-2009) التي أثرت على الاقتصادات الغربية، وترسيخ بوتين لسلطته في روسيا، والتوسع السريع لنفوذ الصين عالميًا، عادت الجغرافيا السياسية بسرعة إلى ديناميكية القوة الصلبة. وأصبحت الدول الكبرى مجددًا تستخدم تفوقها العسكري، ونفوذها الاقتصادي، وقوتها الدبلوماسية، لتأمين مناطق نفوذها، تلك المناطق التي تُمارس فيها دولة ما نفوذًا اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا، دون فرض سيادة رسمية عليها بالضرورة.
ورغم أن حربًا عالمية جديدة لا تلوح في الأفق، إلا أن المشهد الجيوسياسي اليوم يشبه إلى حد كبير ما كان عليه في نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما سعى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، إلى تقسيم أوروبا إلى مناطق نفوذ.
واليوم، تسعى القوى الكبرى إلى التفاوض على نظام عالمي جديد، فيما بينها بالأساس، تمامًا كما فعل قادة الحلفاء عندما أعادوا رسم خريطة العالم في مفاوضات يالطا عام 1945. ولا يشترط أن تُعقد هذه المفاوضات في مؤتمر رسمي، فلو توصل بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج إلى تفاهم غير معلن بأن القوة أهم من الخلافات الأيديولوجية، لأعادوا إنتاج سيناريو يالطا، مقررين سيادة ومستقبل جيرانهم القريبين.
على عكس يالطا، حيث تفاوضت ديمقراطيتان مع نظام استبدادي واحد، لم يعد نوع النظام يشكل عائقًا أمام المصالح المشتركة.
القوة الصلبة وحدها هي التي تحكم المشهد، في عودة إلى المبدأ القديم القائل بأن «القوي يفعل ما يشاء، والضعيف يعاني ما يجب عليه». في عالم كهذا، ستتراجع المؤسسات متعددة الأطراف مثل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وستتقلص استقلالية الدول الصغيرة. وليس من قبيل الصدفة أن الدول التي تقود عودة سياسات القوة خلال العقدين الماضيين، الصين وروسيا والولايات المتحدة، يحكمها جميعًا قادة يتبنون شعار «لنجعل بلادنا عظيمة مجددًا». هؤلاء القادة ينظرون إلى حاضر بلادهم وكأنه مقيد بخصوم أجانب ومحليين، مقارنة بماضٍ يرونه أكثر حرية ومجدًا. هذا الإحساس بالإذلال يغذي اعتقادهم بأن خلاص بلادهم لا يتحقق إلا من خلال القوة الصلبة، حيث يصبح تأمين مناطق النفوذ وتوسيعها وسيلة لاستعادة العظمة المفقودة.
بالنسبة لروسيا، لن تكفي أوكرانيا لتحقيق رؤية بوتين لمكانة روسيا في العالم. أما الولايات المتحدة، فقد بدأت تتطلع إلى ضم كندا. ومع ذلك، لا يزال هناك مسار آخر محتمل- مسار يتكيف فيه الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بدلًا من أن يضْمَرا. في هذا السيناريو، قد يواصلان العمل كقوة موازنة أمام المساعي الأمريكية والروسية والصينية لاستخدام القوة الصلبة لخدمة المصالح القومية الضيقة، والتي تهدد السلام العالمي وأمنه وازدهاره. لكن تحقيق هذا البديل يتطلب خوض صراع حقيقي- واستغلال العقبات التي يفرضها عالم أكثر عولمة على القوى العظمى التي تسعى إلى تمزيقه.
ظهر مصطلح «مجال النفوذ» لأول مرة في مؤتمر برلين (1884-1885)، حيث وضعت القوى الاستعمارية الأوروبية قواعد تقسيم إفريقيا، لكنه كان جزءًا من الاستراتيجية الدولية منذ زمن بعيد. خلال الحروب النابليونية (1803-1815)، سعت فرنسا إلى توسيع نفوذها عبر الغزو وتنصيب أنظمة عميلة، لكن تحالفات بقيادة بريطانيا والنمسا تصدت لها. في آسيا الوسطى، خاضت بريطانيا وروسيا صراعات طويلة للهيمنة، بينما أرسى مبدأ مونرو (1823) أمريكا اللاتينية كمجال نفوذ أمريكي، مدفوعًا جزئيًا بمخاوف القيصر ألكسندر الأول من تصاعد التنافس الأوروبي في الأمريكيتين.
استمرت القوى العظمى في تشكيل مناطق نفوذها خلال القرن التاسع عشر وأوائل العشرين، مما أسهم في اندلاع الحرب العالمية الأولى. لكن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون سعى لاحقًا إلى نزع الشرعية عن الاستعمار باعتباره قمعًا لحق تقرير المصير، مما أضعف قبضة فرنسا وبريطانيا على مستعمراتهما. وبنهاية الحرب العالمية الثانية، بدا مفهوم مناطق النفوذ رجعيًا ومثيرًا للصراعات. إلا أن مؤتمر يالطا أعاده مؤقتًا كضرورة لمنع حرب عالمية أخرى، إذ رضخت بريطانيا وأمريكا لمطالب ستالين لتجنب أي مواجهة عسكرية جديدة.
في القرن التاسع عشر، اعتمدت سياسات القوة على النفوذ العسكري والاقتصادي، لكن في النصف الثاني من القرن العشرين، برزت القوة الناعمة: استخدمت الولايات المتحدة هيمنتها الثقافية والتعليمية والمساعدات الخارجية لتعزيز نفوذها، بينما روّج الاتحاد السوفييتي للشيوعية عبر الدعاية و«التدابير الفعالة» لاستقطاب الرأي العام الديمقراطي.
لكن بعد 1991، ومع تراجع الانقسامات الأيديولوجية أمام العولمة والديمقراطية، بدت مجالات النفوذ أقل أهمية. اعتقد العديد من المحللين أن العالم سيتجه نحو ترابط اقتصادي يحل المشكلات عبر التعاون الجماعي، خاصة مع دمج دول الاتحاد السوفيتي السابق في المؤسسات الدولية. عزز «قانون تأسيس حلف الناتو وروسيا» عام 1997 هذا التوجه، حيث التزمت الأطراف بعدم إنشاء مجالات نفوذ، سعيًا لإقامة «مساحة أمنية مشتركة في أوروبا دون قيود على سيادة أي دولة».
في الواقع، عادت سياسات القوة للظهور قبل الحرب الروسية لأوكرانيا بوقت طويل. فقد أشار تدخل الناتو بقيادة الولايات المتحدة في كوسوفو (1999) وغزو العراق (2003) إلى استمرار نهج التصعيد العسكري عندما لا تحقق القوى الكبرى ما تريد. لاحقًا، تصاعدت المنافسة بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة التكنولوجية والاقتصادية، حيث فرضت واشنطن عقوبات على عمالقة التكنولوجيا الصينيين، بينما استثمرت بكين في مبادرة الحزام والطريق وعسكرت بحر الصين الجنوبي. في المقابل، كثفت الولايات المتحدة وحلفاؤها استخدام العقوبات المالية لتقييد الخصوم.
واصلت روسيا استراتيجياتها الهجينة رغم ضعفها النسبي، مستخدمة الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل للتأثير على استفتاء بريكست (2016) والانتخابات الأمريكية. لم يتخلَّ بوتين عن مفهوم مناطق النفوذ، معتبرًا توسع الناتو في أوروبا الشرقية تهديدًا مباشرًا. منذ هجومها على جورجيا (2008)، اعتمدت روسيا على الحرب الهجينة والقوات المسلحة بالوكالة، وهو نهج تصاعد مع ضم القرم (2014) وبلغ ذروته في حرب أوكرانيا.
تؤكد حرب أوكرانيا وملامح تسويتها المحتملة عودة الجغرافيا السياسية بأسلوب القرن التاسع عشر، حيث تفرض القوى الكبرى شروطها على الدول الأضعف. إذا أُجبرت أوكرانيا على قبول الخسائر الإقليمية والبقاء خارج التحالفات الغربية، فستتحول فعليًا إلى دولة تابعة لروسيا، مما يُطبع استخدام القوة العسكرية كأداة ناجحة لتحقيق المصالح الوطنية. وهو تحول خطير، إذ كانت المحاولات السابقة - من أفغانستان والعراق إلى التدخل الروسي في سوريا - إخفاقات مكلفة. لكن الحرب الحالية أعادت تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، ومنحتها تفوقًا استراتيجيًا غير مسبوق.
في الوقت نفسه، يترسخ نمط قديم من سياسات القوة. فمناطق النفوذ تعني تقليص سيادة الدول المجاورة، كما يسعى ترامب إلى فرضه على كندا وجرينلاند والمكسيك، أو كما تحاول الصين مع تايوان. كما يستند هذا النظام إلى اتفاق ضمني بين القوى الكبرى بعدم التدخل في مناطق نفوذ بعضها البعض.
رغم تراجع قوتها الاقتصادية والعسكرية، لا تزال روسيا تُعامل كقوة عظمى بفضل إرثها السوفييتي وقدراتها النووية. في حال اتفقت الولايات المتحدة والصين وروسيا على تجنب الحرب النووية، فقد يصبح الاعتراف بمناطق النفوذ وسيلةً لردع التصعيد. قد تشبه مفاوضات إنهاء حرب أوكرانيا مؤتمر يالطا الجديد، حيث تلعب الصين دورًا شبيهًا ببريطانيا في 1945، موازنةً بين المصالح الأمريكية والروسية.
لكن تحديد مناطق النفوذ اليوم أكثر تعقيدًا مما كان عليه في يالطا، إذ لم تعد الموارد الاستراتيجية محصورة في مناطق محددة. تُعد تايوان نقطة صراع رئيسية، حيث تسعى واشنطن لمنع بكين من السيطرة على صناعتها المتقدمة في أشباه الموصلات. كما لا تريد الولايات المتحدة أن تستفيد روسيا استفادة حصرية بالمعادن النادرة في أوكرانيا. في هذا السياق، تزداد أهمية القوة البحرية، حيث تعمل الصين على تعزيز نفوذها البحري لمواجهة التفوق الأمريكي.
إذا تطورت علاقة أكثر تعاونًا بين ترامب وبوتين وشي، فقد تجد أوروبا نفسها مضطرةً لحماية أمنها ذاتيًا. قد تضطر ألمانيا وفرنسا إلى تطوير استراتيجيات أمنية مستقلة، بينما تسعى دول أوروبا الشرقية، مثل بولندا ودول البلطيق، إلى تعزيز دفاعاتها. قد يؤدي ذلك إلى تقويض دور الناتو، وإجبار حلفاء أمريكا في آسيا على البحث عن ترتيبات أمنية بديلة، وربما حتى تطوير قدرات نووية. كما قد يدفع الاتحاد الأوروبي نحو تكامل سياسي أعمق، ليصبح كيانًا فيدراليًا أكثر استقلالية.
أما في حال تحالف الولايات المتحدة وروسيا ضد الصين، فقد تضطر اليابان وكوريا الجنوبية إلى تبني سياسات أكثر استقلالية، وتنويع تحالفاتهما الأمنية والاقتصادية. قد تعزز اليابان قدراتها العسكرية وتوثق علاقاتها مع الهند وأستراليا، بينما قد تسعى كوريا الجنوبية إلى تقوية علاقاتها مع الصين لحماية مصالحها. على العكس، إذا اقتربت روسيا من الصين وبقيت أوروبا متحالفة مع الولايات المتحدة، فقد يتعزز نظام ثنائي القطب شبيه بالحرب الباردة. أما في سيناريو أكثر توازنًا، فقد تعمل روسيا والدول الأوروبية كقوى متأرجحة بين القوتين العظميين، مما قد يؤدي إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب.
إعادة تشكيل مناطق النفوذ ليست ثابتة، بل تخضع لصراعات دائمة. قد تعود السياسة الدولية إلى نموذج قائم على القوة والمصالح المتنافسة، أو قد يستعيد العالم نظامًا يعتمد على القواعد والتعاون المتعدد الأطراف. لكن في الوقت الحالي، لم تعد الولايات المتحدة عامل استقرار موثوقًا. وبينما كانت سابقًا الرادع الرئيسي للتوسع الإقليمي، تبدو اليوم وكأنها تتبنى نهجًا مماثلًا، مما يفتح الباب إما لتوازن جديد أو لفترة طويلة من عدم الاستقرار والصراع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة مناطق النفوذ سیاسات القوة القوى الکبرى القوة الصلبة مناطق نفوذ نفوذ ا التی ت
إقرأ أيضاً:
وزارة الخزانة الأميركية.. مركز القوة المالية والرقابة الاقتصادية العالمية
وزارة الخزانة الأميركية هي ثاني أقدم وزارة في الحكومة الفدرالية، تأسست رسميا عام 1789 بعد جهود تمويل حرب الاستقلال ضد بريطانيا العظمى وبهدف تنظيم الشؤون المالية للمستعمرات المتحدة.
تتولى الوزارة مسؤولية حيوية تشمل إدارة الإيرادات والإنفاق، والإشراف على البنوك، وفرض العقوبات الاقتصادية على الأفراد والكيانات عالميا، وتضم أكثر من 19 مكتبا متخصصا، أبرزها دائرة الإيرادات الداخلية ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية وشبكة مكافحة الجرائم المالية.
النشأة والتأسيسبدأ النقاش حول إنشاء الخزانة الأميركية عندما عقد الكونغرس القاري في فيلادلفيا مداولات بشأن تمويل حرب الاستقلال، التي اندلعت عام 1775 ضد بريطانيا العظمى.
لم تكن لدى الكونغرس سلطة فرض وجمع الضرائب، ولم تكن له القدرة على جمع الأموال من المستثمرين أو الحكومات الأجنبية، فقرر المندوبون إصدار عملة ورقية على شكل سندات ائتمان، مع وعود للناس بسداد قيمتها نقدا، بناء على الثقة في نجاح الثورة ضد بريطانيا.
وفي يونيو/حزيران 1775، أصدر الكونغرس عملة ورقية في شكل سندات ائتمان بقيمة مليوني دولار أميركي، وبعد ذلك بأيام وظف 28 مواطنا من فيلادلفيا لتوقيع العملة وترقيمها.
في الشهر التالي أسند الكونغرس القاري مسؤولية إدارة الشؤون المالية لحكومة الثورة إلى أمينين مشتركين للخزانة، ونص قرار الكونغرس على أن تسهم كل مستعمرة في تمويل الحكومة.
إعلانولضمان إدارة مناسبة وفعالة للدين القومي المتزايد، شكل الكونغرس في فبراير/شباط 1776م لجنة من 5 أفراد للإشراف على الخزانة وتسوية الحسابات وتقديم تقارير دورية.
وفي أبريل/نيسان من العام نفسه، أنشئ مكتب حسابات الخزانة، الذي يتكون من المدقق العام وعدد من الكتبة، بهدف تسهيل تسوية المطالبات وحفظ الحسابات العامة لحكومة المستعمرات المتحدة.
ومع توقيع إعلان الاستقلال في 4 يوليو/تموز 1776، تمكنت الجمهورية الوليدة من الحصول على قروض من الخارج، غير أن المستعمرات المتحدة لم تتمكن من إنشاء هيئة مالية منظمة جيدا.
بحلول عام 1781، انهار الدولار بشكل كبير، وانتشرت الاحتجاجات ضد هذه العملة عديمة القيمة، وفي العام نفسه، عُين روبرت موريس مشرفا على الشؤون المالية، وكان تاجرا إنجليزيا ثريا يلقب بـ"الممول"، نظرا لقدرته على تأمين الأموال أو البضائع بسرعة عند الحاجة، فأعاد الاستقرار المالي للبلاد.
بعد استقالة موريس عام 1784، واصل مجلس الخزانة المكون من 3 موظفين الإشراف على الشؤون المالية لاتحاد المستعمرات حتى عام 1789.
دُعي أول كونغرس للولايات المتحدة الأميركية إلى الانعقاد في نيويورك يوم 4 مارس/آذار 1789، معلنا بداية الحكم بموجب الدستور الأميركي. وفي 2 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أنشأ الكونغرس وزارة الخزانة باعتبارها مؤسسة دائمة لإدارة الشؤون المالية للحكومة.
وكان أول وزير للخزانة هو ألكسندر هاميلتون، الذي توقع نمو الصناعة والتجارة في الولايات المتحدة، واقترح أن تستند إيرادات الحكومة إلى الرسوم الجمركية.
وزارة الخزانة هي الجهة التنفيذية المسؤولة عن تعزيز الازدهار الاقتصادي وضمان الأمن المالي للولايات المتحدة، وتتولى مسؤولية مجموعة واسعة من الأنشطة، مثل تقديم المشورة للرئيس بشأن القضايا الاقتصادية والمالية، وتشجيع النمو الاقتصادي المستدام، وتعزيز الحوكمة المحسنة في المؤسسات المالية.
إعلانوتعمل الوزارة على إنتاج العملات المعدنية والورقية وصرف المدفوعات وجمع الإيرادات واقتراض الأموال اللازمة لتسيير عمل الحكومة الفدرالية، كما تعمل بالتعاون مع الوكالات الأخرى والحكومات الأجنبية على تشجيع النمو الاقتصادي العالمي ورفع مستويات المعيشة والتنبؤ بالأزمات الاقتصادية والمالية ومنعها.
وتشمل المهام الرئيسية لوزارة الخزانة الأميركية ما يلي:
إدارة الشؤون المالية الفدرالية. جمع الضرائب والرسوم والأموال المستحقة والمدفوعة للولايات المتحدة، وسداد جميع فواتيرها. إصدار العملات المعدنية والورقية. إدارة الحسابات الحكومية والدين العام. الإشراف على البنوك الوطنية والمؤسسات الادخارية. تقديم المشورة بشأن السياسات المالية والنقدية والاقتصادية والتجارية والضريبية على الصعيدين المحلي والدولي. تنفيذ القوانين الفدرالية المتعلقة بالمالية والضرائب. التحقيق في التهرب الضريبي وتزوير العملة، والملاحقة القضائية للمخالفين.تتكون مكاتب وزارة الخزانة الأميركية من أكثر من 19 مكتبا، منها مكتب الإرهاب والاستخبارات المالية ومكتب الشؤون الدولية ومكتب أمين الخزانة.
كما تتولى جملة من المكاتب مسؤولية تنفيذ العمليات المحددة الموكلة إليها من قبل وزارة الخزانة، ومن هذه المكاتب:
مكتب الضرائب وتجارة الكحول والتبغ: يتولى تنفيذ وإدارة القوانين المتعلقة بإنتاج وتوزيع واستخدام منتجات الكحول والتبغ، ويجمع الضرائب الانتقائية على الأسلحة النارية والذخيرة. مكتب النقش والطباعة: يصمم ويطبع العملة الأميركية والأوراق المالية والشهادات والجوائز الرسمية الأخرى. مكتب الخدمة المالية: تتمثل مهمته في تعزيز النزاهة المالية والكفاءة التشغيلية للحكومة الأميركية عبر المحاسبة والتمويل والتحصيل والمدفوعات والخدمات المشتركة الاستثنائية. شبكة مكافحة الجرائم المالية: تدعم جهود التحقيقات التي تعمل عليها جهات إنفاذ القانون، وتعزز التعاون بين الوكالات محليا ودوليا لمكافحة الجرائم المالية، كما تزود صانعي السياسات الأميركيين بتحليلات إستراتيجية للاتجاهات والأنماط المالية المحلية والعالمية. مكتب المفتش العام: يعمل على إجراء عمليات التدقيق والتحقيق والمراجعة المستقلة، لمساعدة وزارة الخزانة في أداء مهامها وتحسين برامجها وعملياتها، ومنع واكتشاف الاحتيال والانتهاكات. دائرة الإيرادات الداخلية: تُعد أكبر مكاتب وزارة الخزانة، وهي مسؤولة عن تحديد وتقييم وجمع الإيرادات الداخلية في الولايات المتحدة. مكتب المراقب المالي للعملة: يمنح المكتب التراخيص للبنوك الوطنية وينظمها ويشرف عليها، بهدف ضمان وجود نظام مصرفي آمن وسليم يدعم المواطنين والمجتمعات والاقتصاد في البلاد. دار سك العملة الأميركية: تعمل على تصميم وسك العملات المحلية والاستثمارية والأجنبية، إضافة إلى الميداليات التذكارية والمواد النادرة الأخرى. كما تتولى مسؤولية توزيع العملات الأميركية على بنوك الاحتياطي الفدرالي.يتولى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية إدارة وتنفيذ العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة على جهات وأنظمة مستهدفة، إضافة إلى أفراد وكيانات ترى الولايات المتحدة أنها "متورطة في أنشطة ضارة"، بما في ذلك الإرهاب وتهريب المخدرات والترويج لأسلحة الدمار الشامل.
إعلانويكون فرض العقوبات استجابة للتهديدات الموجهة ضد الأمن القومي أو السياسة الخارجية أو الاقتصاد الأميركي. وتُفرض العقوبات الاقتصادية بهدف الضغط أو الردع أو الإدانة العلنية للجهات التي تعرض مصالح أميركا للخطر أو تنتهك الأعراف الدولية.
ويتخذ المكتب أشكالا متعددة من العقوبات، تبدأ من تجميد أصول الأفراد والكيانات، وتصل إلى حظر شامل للمعاملات مع بلد أو منطقة جغرافية بأكملها، مثل فرض حظر تجاري أو قيود تتعلق بقطاعات معينة من اقتصاد دولة ما.
ويشرف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على أكثر من 30 برنامجا للعقوبات الأميركية، في حين تضطلع وزارات أخرى مثل الخارجية والتجارة والأمن الداخلي بدور أساسي في هذه العملية.
وحتى عام 2024، فرضت الولايات المتحدة أنظمة عقوبات شاملة على كل من كوبا وكوريا الشمالية وإيران وروسيا وسوريا، إضافة إلى أكثر من 12 برنامجا آخر استهدف أفرادا وكيانات على خلفية أزمات سياسية معينة، أو نوع محدد من السلوك الإجرامي مثل الاتجار بالمخدرات.
ويعمل المكتب بشكل دوري على إضافة أو حذف أسماء إلى قائمته السوداء التي تضم أكثر من 12 ألف فرد وشركة ومجموعة، تُجمد أصولهم ويُمنع على الأشخاص الأميركيين وعلى الشركات الأميركية وفروعها الأجنبية التعامل معهم.