بعد خمسة أشهر من اتفاق بكين بين السعودية وطهران، عاودت البلدين بخطوات متسارعة نحو إنهاء القطيعة التي دامت سنوات، لكن سياسيون يمنيون يقللون من تأثير هذا التلاقي على الوضع في بلدهم، على الرغم من أن الأزمة اليمنية كانت محورا رئيسيا لهذا الاتفاق.

 

وفي العاشر من آذار/ مارس الماضي، اتفقت السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، وإعادة فتح بعثاتهما الدبلوماسية، فضلا عن تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام2001.

 

وعينت طهران بعد شهرين من هذا الاتفاق مساعد وزير الخارجية، علي رضا عنايتي، سفيرا جديدا لها لدى المملكة، قبل توجه وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان إلى طهران في زيارة رسمية التقى خلالها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حزيران/ يونيو الماضي.

 

ويأمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة من هذا التقارب للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب اليمنية التي تسبّبت بأكبر مأساة إنسانية على مستوى العالم، وخلفت مئات القتلى والجرحى، فضلا عن تسببت بتشريد قرابة أربعة ملايين يمني.

 

تحقيق مكاسب للحوثيين

 

وتوقع أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم من أجواء التقارب الإيراني السعودي هو مضي الحوثيين قدمًا نحو استئناف المفاوضات مع السعودية، التي "لن تفضي لأكثر من تمديد للهدنة" المنتهية في أكتوبر العام الماضي، لحصد المزيد من المكاسب، مشيرا إلى أن "حالة اللاحرب الراهنة يريد الحوثيون تقاضي ثمنها من عوائد النفط والغاز في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًا".

 

ويقول "غانم" لـ"الموقع بوست" إن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الأسبوع الماضي للسعودية تهدف لإيهام الرياض باستعداد طهران للتعاون من أجل إحلال السلام في المنطقة، تفاديًا لعودة للعلاقات السعودية الأمريكية، وأمل في تحقيق المزيد من المكاسب للحوثيين، فضلا عن رغبتها في انهاء الجمود في العلاقات السعودية الإيرانية التي لم تُكلل حتى الآن بتبادل السفراء.

 

ويضيف: "طالما استراتيجية إيران في تصدير الثورة لدول الجوار لم تتغير، لن يحدث تغير جوهري في تحسين العلاقة بين البلدين، لآن النظام الإيراني أيديولوجي، شأنه شأن جماعة الحوثي، يبحث عن أخذ كل ما يريد دون دفع أي ثمن يذكر".

 

مصالح اقليمية ونتائج غير واقعية

 

وبحسب "غانم" فأن القوى الإقليمية المؤثرة في اليمن تسعى إلى خدمة مصالحها بالدرجة الأولى، عبر استثمار تداعيات الأزمة وتطوراتها السياسية والعسكرية، كما تفعل إيران، حيث لم تصل العلاقات العربية الإيرانية أو السعودية الإيرانية إلى مستوى قبول طهران بنزع فتيل الصراع في المنطقة.

 

ويؤكد أن زيارة وزير الخارجية الإيرانية للسعودية لن يكون لها نتائج واقعية في حلحلة الأزمة اليمنية، بسبب عدم رغبة طهران في الضغط على الحوثيين للقبول بأي اتفاق يرفضونه، وبالتالي من غير المتوقع أن يتم اخماد هذا الصراع بمجرد التهيئة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

 

ويعتقد الباحث المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب أن التوافق النسبي الحاصل بين السعودية وإيران، سينعكس فعلا على خفض التصعيد داخليا وليس إنها الأزمة اليمنية، بسبب حمل كل طرف اجندة وتشكيلات مسلحة، كما هو حال عملية التنافس بين الرياض وابو ظبي في المحافظات الجنوبية، مما قد يؤدي إلى افشال عملية السلام.

 

ويقول "الذهب" لـ"الموقع بوست" إن الأزمة في اليمن تعقيداتها داخلية أكثر منها خارجية، لكن القوى الخارجية استغلت هذه الأزمة لتحقيق مصالحها، فالمتوقع التأثير سيكون لمصلحة السعودية وايران بدرجة أولى، حيث فتحت الرياض  قنوات الاتصال مع طهران عن طريق وسطاء اقليميين، منها العراق  في عام 2020، بعد ضربات على المنشآت النفطية السعودية التي تبنيها الحوثيون.

 

كما اشتغلت السعودية بعد هذه الضربات لآثارة الفوضى داخل إيران وركزت في نفس الوقت على الوجود الإيراني في اليمن واستهدفت السفير الايراني في صنعاء الذي غادر عام 2021.

 

"خطوة بخطوة"

 

ويؤكد أن تزامن وصول وزير الخارجية الايراني إلى الرياض مع وجود وفد عماني في صنعاء، هي أشارة من إيران إلى أنه يجب أن يمضي التفاوض خطوة بخطوة، وما سيحرزه من تقدم للإيرانيين في الرياض سينعكس على تقدم في الملف اليمني أو العكس، لكن الرياض تبحث عن ثغرة لتمكنهم من الوصول للحوثيين بعيدا عن وجود إيران، حد قوله.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن ايران السعودية الأزمة اليمنية خلافات وزیر الخارجیة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

إيران تطالب ترامب بتعويضات عن خسائر حرب الـ 12 يوما قبل استئناف مفاوضات النووي

في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن على الولايات المتحدة الموافقة على تعويض إيران عن الخسائر التي تكبدتها خلال حرب الشهر الماضي، ضمن تمسك طهران بموقفها وفرضها لشروط جديدة من اجل استئناف المحادثات النووية مع إدارة الرئيس الأمريكي.

وقال عباس خلال المقابلة التي أجريت في طهران إن بلاده لن توافق على العمل كالمعتاد بعد حرب الـ 12 يوم مع إسرائيل وامريكا التي انضمنت الى القتال لفترة وجيزة، وأضاف في إشارة الى ترامب: «عليهم أن يشرحوا لماذا هاجمونا في منتصف المفاوضات.. وعليهم ضمان عدم تكرار ذلك خلال المحادثات المستقبلية.. وعليهم أن يعوضوا إيران عن الضرر الذي تسببوا فيه».

وأشار عراقجي، وهو كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين في المحادثات مع واشنطن، إلى أنه تبادل الرسائل مع المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف، خلال الحرب وبعد انتهائها، وأنه أبلغه بأنه من الضروري التوصل إلى حل يرضي الطرفين لإنهاء المواجهة المستمرة منذ سنوات بشأن برنامج إيران النووي، وتابع: "الطريق المؤدي إلى التفاوض ضيق لكنه ليس مستحيلاً.. أنا بحاجة إلى إقناع رؤسائي بأننا إذا ذهبنا للتفاوض.. فإن الطرف الآخر سيأتي بعزم حقيقي للتوصل إلى اتفاق مربح للجانبين".

وقال إن ويتكوف حاول إقناعه بأن ذلك ممكن واقترح استئناف المحادثات، وأضاف: «نحن بحاجة إلى إجراءات حقيقية لبناء الثقة من جانبهم».

وقال عراقجي للصحيفة البريطانية إن التعويضات يجب ان تشمل تعويض مالي دون تقديم تفاصيل، وضمانات بعدم تعرض إيران للهجوم في أثناء المفاوضات مرة أخرى.

شنت الولايات المتحدة هجمات الشهر الماضي على المنشآت النووية الإيرانية التي تقول واشنطن إنها جزء من برنامج موجه لتطوير أسلحة نووية وتؤكد طهران أن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية بحتة ولم يرد البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأمريكية بعد على طلب التعليق.

اقرأ أيضاً«تبعد مسئوليتها عن الإبادة».. إيران ترفض مزاعم أمريكا حول التدخل في مفاوضات غزة

إيران: المحادثات النووية مع الترويكا الأوروبية منفصلة عن الحوار غير المباشر مع واشنطن

إعلام إيراني ينشر لحظة محاولة اغتيال الرئيس بزشكيان بصاروخ إسرائيلي (فيديو)

مقالات مشابهة

  • تقرير بريطاني: العراق في مواجهة إنذار اقتصادي وحرب إيران وإسرائيل كشفت المستور
  • ترامب: على إيران تغيير نبرة تصريحاتها بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران
  • ترامب يحدد مهلة للتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة الأوكرانية
  • كارثة تلوح في الأفق.. الرئيس الإيراني يحذر من جفاف سدود تزوّد طهران بالمياه
  • الرئيس الإيراني يحذر من جفاف سدود تزوّد طهران بالمياه
  • الرئيس الإيراني عن أزمة المياه: السدود قد تجف بحلول سبتمبر
  • إيران تطالب ترامب بتعويضات عن خسائر حرب الـ 12 يوما قبل استئناف مفاوضات النووي
  • مصر تسعى لتثبيت تهدئة مؤقتة في غزة تمهيدًا لاتفاق شامل .. تفاصيل
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعود إلى إيران للمرة الأولى منذ حرب الأيام الـ12