المهرجانات.. لحن الأصالة والهوية
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
علي عبد الرحمن
أخبار ذات صلةتعتبر المهرجانات التراثية والفنية في دول الخليج العربية، نافذة حضارية، تجمع بين الإرث الثقافي العميق وروح الحداثة المتسارعة. ولطالما كانت الموسيقى في الخليج العربي أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية، إنها نبض التاريخ وشريان الهوية الثقافية، تروي عبر أنغامها قصص المكان وسير الأجيال، وترسم مشاهد من الحياة البدوية والبحرية التي شكّلت ملامح المنطقة.
في دولة الإمارات، نجد «العيّالة»، أكثر من مجرد رقصة شعبية، إنها رمز يتجلى فيه معنى الكرامة واللحمة الاجتماعية التي كانت ولا تزال تعبّر عن وحدة القبيلة، بينما ينبثق «الصوت» الكويتي من عمق البساطة، حاملاً في طياته رهافة المشاعر التي تنبض في وجدان الأجيال. أما فنون البحرين الشعبية، فتمتزج فيها إيقاعات البحر بنبض الإنسان، فيما يتغنى «فن الطارق» السعودي بصدى الصحراء الواسعة، وأصواتها الحية التي تعكس عراقة المنطقة وروحها الأصيلة.
لكن الإرث الموسيقي لا يعيش في الماضي وحده، بل يجد مكانه في الحاضر عبر إعادة إحياء مبتكرة توازن بين التراث وروح العصر، وهنا تتجلى العبقرية في قدرة المهرجانات الخليجية على تقديم تجربة موسيقية تمزج بين العود والقانون كأوتار تحكي الأصالة، وبين الكمان والبيانو كأصوات تستدعي الحداثة، إنها تجربة تحاكي التناغم بين القديم والجديد، حيث تتلاقى الألحان التقليدية مع التوزيعات الموسيقية العصرية، ما يخلق جسراً حياً يربط بين جيل الأجداد وجيل الشباب دون أن يفقد التراث هويته أو جوهره العريق.
تتصدر دولة الإمارات المشهد الخليجي في الحفاظ على الهوية الموسيقية، فالموسيقى ليست مجرد نغمات وأصوات، بل لحن متواصل يعزف على أوتار الزمان والمكان، مستحضرة الماضي في قلب الحاضر. وبإيقاع متقن، تعزف الإمارات لحنها الفريد الذي يجسّد إرثها الثقافي ويعبّر عن هويتها المتميزة، ففي مهرجاناتها ومبادراتها، تتناغم الأنغام التقليدية مع الابتكار العصري، لتخلق سيمفونية متكاملة. وتتألق الإمارات من خلال مهرجاناتها الموسيقية والتراثية التي تُعدُّ بمثابة منصة مفتوحة للتجسيد الموسيقي للذاكرة الجماعية، مثل «مهرجان الحصن» في أبوظبي، حيث تبرز الألوان الصوتية للدفوف والطبول التقليدية، مختلطةً بالألحان الحديثة التي تستدعي الزمان والمكان في سيمفونية متجدّدة.
ويجسّد «مهرجان الشيخ زايد التراثي» مزيجاً فنياً يعكس تفاعل الجماهير مع إيقاعات الهوية، وتنساب أنغام الصوت والآلات التقليدية في توازن فني مدهش. وتشبه «أيام الشارقة التراثية»، آلة العود التي تردد أنغامها في فضاء زمني يتنقل بين الماضي والحاضر، في هذا المهرجان، تتشابك أغاني الصحراء وطبول البادية مع الرقصات التقليدية، لتصبح كأنها نوتات من تاريخ طويل، ترسم لوحة فنية تخلّد ذكرى الأجداد وتستقطب الأجيال الجديدة. ويمثل «رأس الخيمة التراثي»، سيمفونية كبيرة تجمع الأصوات التقليدية من عود وقانون وأصوات البحر والصحراء، لتخلق مزيجاً متناغماً من الأصالة والابتكار. وتتواصل الأنغام الإماراتية عبر هذه المهرجانات، حيث يُعيد التراث الموسيقي تشكيل نفسه في قوالب مبتكرة تواكب العصر دون أن تفقد هويتها، ولا تعبّر الموسيقى عن الماضي فحسب، بل تكتب ألحان الحاضر وتبني نغمات المستقبل، لتظل أداة محورية في الحفاظ على الهوية الثقافية والتراث الموسيقي.
بوابة الثقافة
تُشَكّل المهرجانات الكبرى في الخليج العربي بوابةً رئيسة للتعريف بالهوية الثقافية والموسيقية التي تتميز بها المنطقة، فهي ليست مجرد فعاليات ترفيهية، بل نوافذ للروح الخليجية تُفتح على العالم، وفي قلب المهرجانات، يتعانق الماضي مع الحاضر، والألحان التقليدية مع الأنغام الحديثة، لتُقدم تناغماً موسيقياً ينبض بالحياة والتاريخ.
في السعودية، يظل «مهرجان الجنادرية» واحداً من أبرز هذه الفعاليات التي تحتفل بالتراث الوطني، وأصبح أكثر من مجرد مهرجان شعبي، فهو سيمفونية متكاملة تدمج بين الألوان الموسيقية المختلفة، حيث تمتزج إيقاعات «الليوة» و«العرضة» مع الرقصات الشعبية التي تحاكي الحياة اليومية في البادية والمدن، ليشهد الحضور على لحن من الماضي والحاضر، يعكس تنوع المناطق السعودية.
ويُعد «مهرجان البحرين للموسيقى» من الفعاليات التي تتماهى مع النبض الثقافي العالمي، حيث يُحتفى بالموسيقى كوسيلة للحوار والتواصل بين الثقافات، وتلتقي الأنغام الخليجية مع الموسيقى العالمية، لتُجسد تفاعل الشرق بالغرب من خلال عروض موسيقية مبتكرة.
وتصدح آلات بحرينية تقليدية مثل «العود» و«الربابة» جنباً إلى جنب مع الآلات الحديثة مثل البيانو والكمان، لخلق تناغم فني يعكس الروح البحرينية المتجددة.
يتبوأ الشباب المكانة الأهم كمحرك رئيس لاستدامة التراث الموسيقي، وهناك العديد من المبادرات الرائدة، التي تساهم في ربط الأجيال الشابة بالتراث، مثل «الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة»، التي تُعد واحدة من أبرز المنصات التي تعكس التزام الدولة بتطوير الفنون والموسيقى من جميع الأشكال والأنماط، وتُعد جسراً ثقافياً يربط بين الماضي والحاضر، حيث تُسلط الأضواء على التراث الموسيقي الإماراتي، بدءاً من الألحان التقليدية التي نشأت في الصحراء، وصولاً إلى التوليفات المعاصرة التي تعتمد على التقنيات الحديثة.
من خلال هذه الأوركسترا، تُتاح الفرصة للشباب للمشاركة في تقديم أعمال موسيقية تدمج بين الأصالة والابتكار، والموسيقى التي تُعزف ليست مجرد ألحان معاصرة، بل مزيج من الأشكال القديمة التي تتلاقى مع الأصوات الجديدة التي تعتمد على التقنيات الصوتية الحديثة، وبذلك تصبح الأوركسترا فضاءً مميزاً، يحث الشباب على الانفتاح على تجارب جديدة، بينما يحافظون في الوقت ذاته على ارتباطهم بجذورهم الثقافية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الثقافة الموسيقى التراث التراث الموسیقی التی ت
إقرأ أيضاً:
عاجل: رئيس هيئة الأركان: قبيلة أرحب في طليعة الصفوف دفاعًا عن الجمهورية.. وصمودها نموذج وطني في حماية الأرض والهوية
أشاد رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق الركن صغير بن عزيز بتضحيات وبطولات قبيلة أرحب، مؤكدا أنها كانت ولا تزال في مقدمة الصفوف دفاعًا عن الجمهورية والثوابت الوطنية، وقدّمت خيرة أبنائها شهداء في سبيل الحرية والكرامة، لتجسّد نموذجًا وطنيا مشرفا في الصمود والإباء.
جاء ذلك خلال فعالية أقامها أبناء قبيلة أرحب بمدينة مأرب، اليوم، إحياء للذكرى الحادية عشرة لنكبة أ، التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق أبناء المديرية في13ديسمبر2014م وراح ضحيتها أكثر من70شهيدا، وذلك تحت شعار "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل"، بمشاركة واسعة من القيادات القبلية والشخصيات الاجتماعية وأسر الشهداء والجرحى.
كما أكد بن عزيز، أن صمود أبناء مديرية أرحب يمثل نموذجًا وطنيًا مشرفًا في الثبات والدفاع عن الأرض والهوية ومواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية، حيث داعيا إلى قراءة الفاتحة على أرواح شهداء القوات المسلحة، مؤكدًا أن أرحب حملت شرف الدفاع عن الإنسان اليمني وقدمت نموذجًا مضيئًا في الوفاء للوطن عبر مختلف المراحل التاريخية.
وأشار الفريق بن عزيز إلى أن قبائل أرحب أثبتت عبر المنعطفات الوطنية المتعاقبة أنها ركيزة أساسية من ركائز الاستقرار الاجتماعي، وصوت للحكمة والاتزان، وسند صلب في حماية الأرض وصون الكرامة. وأوضح أن صمودها لم يكن موقفًا عابرًا، بل تجسيدًا لقيم القبيلة اليمنية الأصيلة القائمة على الشهامة والوفاء ورفض الظلم، وإسهامًا فاعلًا في الحفاظ على النسيج الاجتماعي ونبذ الفتنة وتعزيز السلم المجتمعي رغم قسوة الظروف.
وجدد رئيس هيئة الأركان التأكيد على أن النكبات التي تسببت بها مليشيا الحوثي الإرهابية زادت من إصرار أبناء أرحب على التمسك بثوابتهم الوطنية، مؤكدًا أن الشعوب الحية لا تُهزم مهما طال ليل المعاناة، لافتا إلى أن القبائل اليمنية، وفي مقدمتها قبيلة أرحب، ستظل سدا منيعا في وجه محاولات النيل من وحدة اليمن، داعيا في ختام كلمته بالرحمة للشهداء والشفاء للجرحى، وأن يحفظ الله اليمن وأهله ويكلل جهود أبنائه بالأمن والسلام والاستقرار.
من جهته أكد رئيس مجلس مقاومة صنعاء وعضو مجلس النواب الشيخ منصور الحنق في كلمة له، أن قبيلة أرحب كانت وستظل في طليعة القبائل المدافعة عن الجمهورية والثوابت الوطنية، مشيرا إلى أن ما تعرضت له المديرية من انتهاكات وجرائم لن يسقط بالتقادم.
وأوضح الحنق أن الذكرى الحادية عشرة لنكبة أرحب تأتي تذكيرا للأجيال بمرحلة مظلمة من تاريخ اليمن، وإحياء لتضحيات رجال القبيلة الذين واجهوا آلة الحرب الحوثية وقاوموا مشروعها السلالي بكل ثبات وشجاعة مجددا التأكيد على أن القبيلة ستبقى سندا للدولة ومشروعها الوطني، داعيا إلى وحدة الصف ورفض محاولات تفكيك الجبهة الوطنية المناهضة للانقلاب.
من جانبه نوه وكيل أول محافظة صنعاء عبدالخالق الجندبي أن ذكرى نكبة أرحب تمثل مناسبة لاستحضار الجرائم التي ارتكبتها مليشيات الحوثي منذ ديسمبر 2014، عقب نقضها للاتفاقات واستهدافها المدنيين والمشايخ ودور العبادة، موضحًا أن المليشيات بدأت جرائمها بقتل أول شهيد أثناء رفع الأذان، وتبعتها انتهاكات جسيمة طالت النساء والأطفال والمساجد ،مشيرا إلى أن إحياء الذكرى يأتي لتجديد العهد بمواصلة النضال، مؤكدًا أن دماء الشهداء لن تذهب هدرًا، وأن أبناء أرحب قدموا نماذج مشرفة في الصمود والتضحية.
وجدد الجندبي التأكيد على حتمية النصر وعودة أبناء أرحب إلى مناطقهم واستعادة صنعاء، بعزيمة أبطال القوات المسلحة والجيش الوطني، مشيدًا بتضحيات الشهداء. كما دعا القيادة السياسية والعسكرية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي إلى سرعة اتخاذ القرار الحاسم لإنهاء معاناة الشعب، معربًا عن شكره لمقاومة مأرب والسلطة المحلية وقيادتها على مواقفهم الداعمة.
تخلل الفعالية عدد من الأناشيد الوطنية والقصائد الشعرية نالت الاستحسان وأذكت مشاعر الحاضرين.