يطلق لقب "غزة الصغرى" على منطقة مزقتها المعارك، ودمرت فيها المباني وقطعت الطرق وشردت العائلات، وفاضت الأزقة بالفقد والحزن والخوف من القناصة، ولكنها ليست غزة إطلاقا، بل مخيم اللاجئين في طولكرم بالضفة الغربية.

هنا -كما كتب نيكولاس كريستوف على عموده في صحيفة نيويورك تايمز- في الضفة الغربية، تستخدم إسرائيل بشكل متزايد أدوات الحرب المألوفة في غزة كالدبابات والغارات الجوية والدمار الهائل والنزوح، دون أن تثير كثيرا من الاهتمام أو الاعتراض، في آلية تطلق عليها منظمات حقوق الإنسان "التغزية" (تحويل الضفة الغربية إلى غزة).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فايننشال تايمز: هل يستفيد أقصى اليمين من إدانة مارين لوبان؟list 2 of 2واشنطن تايمز: رسوم ترامب مفيدة للعديد من الصناعات الأميركيةend of list

ومن أبرز مظاهر هذه" التغزية " موجة من الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في يناير/كانون الثاني في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية، مما أجبر نحو 40 ألف شخص على النزوح من منازلهم، في أعلى عدد من المدنيين النازحين في المنطقة منذ أن استولت عليها إسرائيل عام 1967، كما يقول المؤرخون.

بذور العنف

وقد نجحت العمليات العسكرية الإسرائيلية على المدى القصير في قمع المسلحين الفلسطينيين في المخيمات -حسب الكاتب- ولكنها على المدى البعيد تبذر بهذا الدمار بذور العنف.

وعلى أطراف منطقة محظورة، تطل عليها مجموعات من الفلسطينيين دون أن تجرؤ على دخول منازلها خوفا من قناصة الاحتلال الإسرائيلي، وتحدث الكاتب -كما يقول- مع محمد عبد الجليل (12 عاما) وقد قال إن منزله هدم وأوقفت دروسه خلال الشهرين الماضيين بسبب الاحتلال العسكري للمخيم، وعندما سأله الكاتب ماذا يريد أن يكون عندما يكبر؟ قال بشجاعة كبيرة "مقاتلا في صفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس). أريد أن أستشهد".

إعلان

واستنتج الكاتب أن سحق القوات الإسرائيلية للتشدد عام 2025، بصورة تبدو أبعد أكثر فأكثر عن حل الدولتين، تمهد الطريق للعنف عام 2035، وقال فيصل سلامة، المسؤول المحلي في السلطة الفلسطينية، إن "إسرائيل تثير كراهية شرسة. بالطبع يتمنى المزيد من الأطفال أن يكونوا شهداء"، وتساءل "عندما يهدمون منزلك هل ستقول شكرا؟".

وتقول سعيدة مصطفى (50 عاما)، وهي امرأة من مهجري الضفة الغربية، إن غارة جوية إسرائيلية قتلت أحد أبنائها مع 5 أشخاص، ثم قطعت القوات الإسرائيلية المياه عنهم وأقامت نقاط تفتيش جديدة، مما دفعهم إلى الفرار من منزلهم، مضيفة "ما نحتاجه ليس صناديق مساعدات، بل حلا".

إما غير يهودية أو غير ديمقراطية

ولهذه الأمور ولأن السلطة الفلسطينية شنت هي الأخرى حملة قمع على المسلحين في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية، ربما لإقناع إسرائيل وأميركا بأنها يمكن تكليفها بإدارة غزة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن حماس تحظى بشعبية أكبر في الضفة الغربية، حيث ترمز لمقاومة إسرائيل، وبالتالي فالغارات الإسرائيلية التي تغذي اليأس تساعد حماس بدلا من القضاء عليها.

أما بالنسبة لضم إسرائيل الضفة الغربية، كما يتوق إليه بعض اليمين المتطرف، فلا يبدو أنه يقلق الفلسطينيين العاديين الذين تحدثت إليهم -كما يقول الكاتب- لأنهم من وجهة نظرهم، كانوا بالفعل مضمومين، ولأنه قد يسبب أكبر ضرر لإسرائيل نفسها، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك "سيكون له ارتداد عكسي علينا بطريقة مؤلمة".

وأضاف باراك أن ضم الضفة بالكامل سيقضي فعليا على الحلم الصهيوني التقليدي بدولة يهودية مثالية وديمقراطية، إذ لو ضمت الأراضي الفلسطينية دون أن يحدث تطهير عرقي بطرد أعداد كبيرة من السكان، فسيكون الفلسطينيون يشكلون نصف السكان.

ولكن أوريت ستروك، إحدى الوزيرات الحكوميات التي تدفع باتجاه الضم، قالت بصراحة تامة إن الفلسطينيين لن يتمكنوا من التصويت في الكنيست ولا من التمتع بحقوق ملكية الأراضي، وقال باراك إن "هذا لا يسمى ديمقراطية"، مضيفا أن إسرائيل التي تضم الضفة الغربية بالكامل "ستصبح حتما إما غير يهودية أو غير ديمقراطية".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

فرنسا تصف مقتل بطل فيلم «لا أرض أخرى» في الضفة الغربية بـ العمل الإرهابي

أعربت فرنسا، اليوم الثلاثاء، عن إدانتها لمقُتل عودة الهذالين بالرصاص بالقرب من قرية أم الخير في الضفة الغربية، بعد ظهوره في الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار «لا أرض أخرى».

فرنسا تدين مقتل بطل فيلم «لا أرض أخرى» في الضفة الغربية بـ العمل الإرهابي

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إن فرنسا تدين هذه الجريمة بكل حزم، بالإضافة إلى جميع أعمال العنف المتعمدة التي يرتكبها المستوطنون المتطرفون ضد السكان الفلسطينيين، والتي تتكاثر في جميع أنحاء الضفة الغربية.

كما طالبت الخارجية الفرنسية، سلطات الاحتلال بـضرورة معاقبة مرتكبي هذه الأعمال العنيفة، التي تستمر مع الإفلات التام من العقاب، وحماية المدنيين الفلسطينيين على الفور.

وكشفت وسائل إعلام، هوية أحد المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في مقتل «عودة الهذالين»، ويدعى ينون ليفي، وهو مستوطن متطرف، فرضت عليه عقوبات من الاتحاد الأوروبي وكندا والمملكة المتحدة عقوبات.

اقرأ أيضاًمستوطنون يعتدون على مخرج فلسطيني مشارك في فيلم الأوسكار «لا أرض أخرى»

«دمر» ديكور فيلم «الحب كله».. تفاصيل حريق الحي الشعبي بـ مدينة الإنتاج الإعلامي

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال تعتقل 21 فلسطينيًا في الضفة الغربية
  • الاحتلال يقتحم مدنا في الضفة الغربية ومستوطنون يعتدون على الفلسطينيين
  • فرنسا تصف مقتل بطل فيلم «لا أرض أخرى» في الضفة الغربية بـ العمل الإرهابي
  • تسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية بالتزامن مع الحرب على غزة
  • فايننشال تايمز: العالم يخذل الشعب الفلسطيني.. والعار سيطارد الدول الغربية لسنوات طويلة قادمة
  • ارتفاع ضحايا الهجمات الإسرائيلية على غزة منذ فجر الثلاثاء إلى 62 شهيدا
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 30 فلسطينيا من الضفة الغربية
  • نيويورك تايمز: ناشطون إسرائيليون يعتبرون الانتقام من غزة جريمة
  • الاحتلال يشن حملة اعتقالات في الضفة الغربية
  • مشروع ضم الضفة الغربية.. بسط السيادة الإسرائيلية وطرد الفلسطينيين