عمليات التبريد أبرز التحديات لمحاصيل أفغانستان الزراعة
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
في سهول ولاية غزني شرقي أفغانستان، تُقطف سنويا آلاف الأطنان من التفاح والعنب، لكن قليلا منها فقط يصل إلى الأسواق العالمية بجودة مناسبة، ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى غياب مستودعات التبريد. وفي بلد يعتمد فيه أكثر من 80% من سكان المناطق الريفية على الزراعة كمصدر رزق، يشكّل هذا النقص أكثر من مجرد خلل لوجستي، فهو عائق اقتصادي كبير يُهدِر فرصا تصديرية ثمينة ويزيد من اعتماد البلاد على جيرانها.
ويُعتبر القطاع الزراعي أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الأفغاني، إذ يشكّل نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص العمل لنحو 40% من السكان، ويعتمد عليه أكثر من 4 أخماس سكان الأرياف لتأمين قوت يومهم، حسب تقارير دولية.
ورغم هذه الأهمية، يواجه القطاع تحديات كبيرة، من أبرزها ضعف الاستثمار، وغياب التقنيات الحديثة، لا سيما سلاسل التبريد. وتُفاقم الأوضاع السياسية والأمنية الهشة من صعوبة تطوير هذا القطاع الحيوي.
واقع الزراعة في ظل حكومة طالبانومنذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في أغسطس/آب 2021، شهد القطاع الزراعي تراجعا ملحوظا في الدعم الحكومي، إلى جانب تقلّص الاستثمارات الخارجية.
ويشير مزارعون إلى تزايد الصعوبات في الحصول على المستلزمات الزراعية والوصول إلى البنية التحتية الأساسية، لا سيما مستودعات التبريد. وعلى الرغم من استمرار مساهمة الزراعة بنسبة تفوق 30% في الناتج المحلي، فإن نقص شبكات التخزين يؤدي إلى هدر كبير في المحاصيل وتراجع فرص التصدير.
إعلانوتعد مستودعات التبريد ضرورة ملحة للحد من الفاقد في ظل هذه الظروف، إذ يُفقد جزء كبير من المحاصيل الزراعية، خاصة الفواكه والخضروات، قبل أن تصل إلى الأسواق.
التفاح والعنب مثالان بارزان على ذلك، إذ تُرسل الكميات المنتجة إلى باكستان، حيث تُخزن وتُعالج ثم يعاد تصديرها تحت اسم باكستان.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن أفغانستان تخسر بذلك فوائد تصديرية كان يمكن أن تعزز اقتصادها الهش. يقول أحد التجار في ولاية غزني للجزيرة نت إن "المنتجات التي ننتجها الآن غير معيارية ولا يقبلها أي بلد، ولكن إذا تمكنا من معالجتها وتنظيفها بشكل صحيح، سيكون من الممكن تصديرها إلى الدول الأوروبية".
تحديات إضافية تواجه المزارعين في أفغانستان، إذ لا تقتصر التحديات على التخزين فقط، فالمزارعون يواجهون أيضا صعوبات في النقل نتيجة رداءة الطرق، إلى جانب الرسوم الجمركية المرتفعة التي تُضعف من تنافسية المنتجات الأفغانية.
كما أن القطاع الزراعي يفتقر إلى خدمات الإرشاد الزراعي والدعم الفني، مما يؤثر سلبا على كفاءة المزارعين ويزيد من حجم خسائرهم. ورغم هذه العقبات، تبذل الحكومة الأفغانية جهودا لتحسين الوضع، مستفيدة من الدعم المقدم من دول مثل الصين التي تساهم في مشاريع مستودعات التبريد.
وتُعد ولاية غزني من أبرز المناطق الزراعية في البلاد، وتنتج مجموعة متنوعة من المحاصيل مثل التفاح والعنب والمشمش، بالإضافة إلى القمح والشعير، غير أن غياب مستودعات التبريد فيها يجعل تصدير هذه المحاصيل إلى الخارج أمرا بالغ الصعوبة.
ويشير المزارعون في غزني إلى أن منتجاتهم تُنقل إلى باكستان ليُعاد تخزينها وتصديرها من هناك، الأمر الذي يؤدي إلى حرمان أفغانستان من عائدات تصديرها المجدية.
إعلانمن جهته، يوضح ذلك سعيد الله أندر -وهو مزارع محلي في مديرية أندر- بقوله: "نحن نزرع التفاح والعنب والمشمش، ولكن بسبب النقص في المستودعات، يتم تدمير جزء كبير من المحاصيل قبل أن نتمكن من تصديرها. لو كانت لدينا مستودعات تبريد، لتمكنا من تصدير محاصيلنا إلى الأسواق الأوروبية، وكان ذلك سينعكس بشكل إيجابي على دخلنا".
واستجابة لهذه التحديات، أطلقت الحكومة المحلية في غزني مشاريع تهدف إلى إنشاء مستودعات تبريد حديثة.
وأوضح محمد زكريا هوتك، المتحدث باسم مديرية الزراعة والري، أن هذه المبادرات تسعى إلى تحسين جودة المنتجات الزراعية من خلال تخزينها وفق معايير مهنية، بما يسهم في تقليل الفاقد وتعزيز فرص التصدير.
دور الصين في بناء مستودعات التبريدوفي إطار دعم البنية التحتية الزراعية، تلعب الصين دورا محوريا من خلال المساهمة في بناء مستودعات تبريد معيارية.
وتشمل هذه المشاريع إنشاء 3 مستودعات في ولايات كابل، وتخار، وبدخشان، بسعة إجمالية تبلغ 1500 طن. كما تم الانتهاء من مستودع إضافي بسعة 500 طن في ولاية ميدان وردك.
وتُعد هذه الخطوات جزءا من حزمة مساعدات صينية تهدف إلى تقليل الهدر وتعزيز القدرات التصديرية للمنتجات الزراعية الأفغانية.
وتتواصل جهود الحكومة الأفغانية لتطوير مستودعات التبريد في هذا المجال بالتوازي مع المبادرات الدولية. وأكد مصباح الدين مستعين، المتحدث باسم وزارة الزراعة والري والرعاية الحيوانية، أن بناء هذه المستودعات سيساهم في حفظ الفواكه والخضروات لفترات أطول، مما يقلل من الخسائر ويُعزز من تنافسية المنتجات الزراعية في الأسواق الإقليمية والعالمية.
التبريد ليس رفاهية في بلد يواجه أزمات معقدة، قد تبدو مستودعات التبريد تفصيلا بسيطا، لكنها في الواقع أحد المفاتيح الأساسية لتحسين الاقتصاد الزراعي. من دونها، ستظل المحاصيل عرضة للتلف، والمزارعون عاجزين عن الوصول إلى الأسواق الخارجية.
لذا، فإن الاستثمار في البنية التحتية التخزينية، إلى جانب توفير الدعم التقني والمالي، يُعد ضرورة حيوية لتحويل الزراعة الأفغانية إلى قطاع منتج ومنافس. ويبقى السؤال المطروح: هل تملك الحكومة وشركاؤها الدوليون رؤية شاملة تُمكّن من إنقاذ هذا القطاع المحوري؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القطاع الزراعی إلى الأسواق إلى جانب
إقرأ أيضاً:
شمال غزة يحترق .. جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف موسعة لمئات المنازل
نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر السبت، عمليات نسف واسعة في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وذلك عقب تقدمه بريًا في الأجزاء الشمالية الغربية من البلدة، في خطوة تشير إلى بدء المراحل التمهيدية لعملية "عربات جدعون" التي أعلنت عنها إسرائيل مؤخرًا كمرحلة جديدة من حربها في القطاع.
ووفقًا لتقارير وسائل إعلام محلية، استخدم جيش الاحتلال روبوتات مفخخة لتنفيذ عمليات تفجير شملت منازل ومبانٍ سكنية في بلدة بيت لاهيا، انطلاقًا من تمركز قواته في منطقة السلاطين المجاورة. وقد ترافقت هذه العمليات مع قصف مدفعي مكثف أجبر معظم سكان البلدة على النزوح مجددًا بعد أن كانوا قد عادوا إليها مؤخرًا.
وفي تطور موازٍ، نفّذ الاحتلال تفجيرات مشابهة في المناطق الشرقية من مخيم جباليا للاجئين شمالي القطاع، حيث سبق وأن دمّر أجزاء واسعة من المخيم خلال اجتياحه العسكري نهاية العام الماضي. وأسفرت هذه العمليات عن أضرار مباشرة لقسم الاستقبال والطوارئ في المستشفى الإندونيسي، أحد أبرز المنشآت الصحية في شمال غزة.
أما في وسط وجنوب القطاع، فقد واصل الاحتلال قصفه المدفعي لبلدة القرارة والأجزاء الشمالية من مدينة خان يونس، تزامنًا مع تقدم بري محدود شبيه بالتحركات التي جرت في شمال القطاع.
وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان رسمي، أن قواته بدأت تنفيذ "ضربات واسعة" ونقل وحدات ميدانية "للاستيلاء على مناطق داخل غزة"، في إطار تنفيذ خطة "عربات جدعون"، وهي خطة عسكرية جديدة تهدف إلى توسيع رقعة المعركة داخل القطاع، وتحقيق أهداف تشمل السيطرة على مناطق جديدة والبقاء فيها لفترة طويلة.
وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن الخطة ترمي إلى تدمير البنية التحتية لحركة حماس، لا سيما الأنفاق ومواقع القيادة العسكرية، إلى جانب إجبار السكان على النزوح إلى مدينة رفح جنوبًا، وهي المدينة التي باتت مطوقة بالكامل بعد تدمير معظم مبانيها، وخاصة في محور موراج الذي أنشأه الاحتلال مؤخرًا لقطع أوصال المدينة وتضييق الخناق على السكان.
في سياق متصل، تواصلت عمليات القصف المدفعي والجوي على عدة مناطق في قطاع غزة، حيث طالت أحياء الزيتون والتفاح شرق مدينة غزة، بالإضافة إلى المناطق الشرقية من مدينة دير البلح وسط القطاع.
وأكدت مصادر طبية فلسطينية أن هذا التصعيد أدى إلى استشهاد 118 فلسطينيًا منذ فجر الجمعة، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.