ماذا تغير على أحمد مناصرة بعد اعتقال دام 10 سنوات؟
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
بعد 9 أعوام ونصف من صرخته بعبارة "مش متذكر"، في مقطع فيديو سرّبه محققون إسرائيليون لإثارة الذعر في قلوب أطفال القدس، تحرر اليوم أحمد مناصرة وقد بدت عليه آثار التعب الجسدي والنفسي والإرهاق.
رأت عينا مناصرة التي اعتاد الجميع أن يشاهدها خائفة وحزينة النور من جديد بعد مدة طويلة قضاها في أقبية العزل الانفرادي بسجون الاحتلال، ويصف كثيرون أن عودة هذا الشاب إلى منزله مجددا تعد ولادة جديدة كان مخاضها عسيرا، لكنه لن يعيش بعدها مرحلة الطفولة التي سُلبت منه، ولن يعود كما غادر منزله صباح يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2015.
حيرى كانت أمه طوال سنوات أسره، تتحدث بألم عميق عن تدهور وضعه النفسي والصحي تارة، وتناشد العالم الحرّ للتدخل من أجل الإفراج عنه تارة أخرى، ولأشهر طويلة تحدثت عن نجاحها في لمس إصبع أحمد مرة واحدة وبعد 7 أعوام من أسره.
أما والده فانهمك في متابعة ملف نجله القانوني والصحي مع المحامين والأطباء، والمؤسسات الحقوقية، وفي أروقة المحاكم.
عاجل| الاحتلال يفرض قرارًا بالحبس المنزلي على الأسير المحرر أحمد مناصرة حتى يوم الأحد المقبل، مع كفالة مالية بقيمة (3 آلاف شيقل). pic.twitter.com/WXChL6GJAp
— شبكة قدس | الأسرى (@asranews) April 10, 2025
إعلان جسد مرهقلم تكتف سلطات الاحتلال بحبس حرية أحمد وسجنه عقدا من الزمن، بل انتظرته فور وصوله إلى القدس، قادما من سجن نفحة جنوبي الأراضي المحتلة عام 1948 حيث أفرج عنه بعيدا عن مدينته، واستدعته شرطتها لتسلمه قرارا بالحبس المنزلي حتى يوم الأحد القادم، مع كفالة ماليه، وخلال خروجه من بوابة مركز شرطة الاحتلال بجسد نحيل بدت عليه آثار التعب والإرهاق.
وعلمت الجزيرة نت أن سلطات الاحتلال حذرت عائلة مناصرة من الحديث إلى وسائل الإعلام أو إقامة مراسم احتفالية لاستقباله في منزله ببلدة بيت حنينا، شمالي القدس.
ووفق مصادر مقربة من عائلة مناصرة، فإنها ستبدأ مسار علاج ابنها من المرض النفسي الذي يعاني منه.
وقد حظيت قصة مناصرة بتعاطف الملايين في أنحاء العالم، وأطلقوا حملات للإفراج المبكر عنه لكن كل المحاولات باءت بالفشل.
أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن الأسير المقدسي أحمد مناصرة (23 عاما) بعد قضائه 9 سنوات ونصف في سجونها.
وقال محاميه خالد زبارقة للجزيرة نت إن سلطات السجون تركت مناصرة بعيدا عن سجن نفحة حيث كان ينتظره أهله، وتركوه في منطقة خالية دون أي وسيلة للتواصل.
وسجن مناصرة… pic.twitter.com/CjWmUXhDVj
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) April 10, 2025
لم يخرج من السجن كما دخلهيحتضن اليوم صالح وميسون نجلهما أحمد بعد حرمانه من هذا الدفء لسنوات، ويدرك الوالدان أن حياة مفعمة بالتحديات والمتابعات الطبية تنتظرهما بعد تشخيص ابنهما بمرض نفسي خطير كانت تقول والدته خلال المقابلات الصحفية إن "شفاءه سيكون بتحرره"، لكنها أدركت أن ذلك أمر مستحيل مع مرور الوقت بسبب تعنت سلطات الاحتلال وامتناعها عن إطلاق سراحه وتدهور حالته النفسية أكثر.
مرت السنوات طويلة وزاخرة بالآلام التي بقيت محفوفة بآمال الإفراج عنه حتى اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، التي وأدت أمل العائلة في الإفراج المبكر عن نجلها مع إحكام القبضة على الأسرى في السجون والإمعان في تعذيبهم وذويهم.
إعلانالمحامي خالد زبارقة الذي ترافع عن أحمد الذي دخل السجن طفلا وخرج منه شابا قال للجزيرة نت بمناسبة تحرره إنه "بعد 9 أعوام ونصف يُفرج عن هذا الطفل الذي جسّد معاناة الطفولة بأبشع صورها، وأُجبر على القفز من طفل يبلغ من العمر 13 عاما إلى رجل بالغ ليستطيع التعامل مع الظروف القاسية التي عاشها في السجون الإسرائيلية".
وتابع زبارقة أن أحمد مرّ بظروف في غاية الصعوبة بالسجون، خاصة عندما بدأ عزله في زنزانة انفرادية في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021 حتى بداية الحرب، مما أثر على صحته النفسية.
"يخرج مناصرة اليوم وهو يعاني من أعراض مرض نفسي لا يمكن تحديد مدى تأثيره حتى الآن، لكن كل المؤشرات تقول إنه يعاني من مرض خطير، وإنه بحاجة لعلاج فوري، وتدرك عائلته هذه الأولوية"، كما يقول زبارقة الذي طالب بتوفير الفحوص والمختصين اللازمين على المستويين الجسدي والنفسي للاطلاع بشكل دقيق على وضع أحمد، وإنقاذه من أي خطر يمكن أن يتعرض له.
خاض زبارقة مسارا قانونيا طويلا ومعقدا في محاولة لإنقاذ هذا الطفل من الأسر، إلا أن محاولاته فشلت في انتزاع حرية أحمد، وعن ذلك قال إن كل الإجراءات القانونية التي اتّبعها في ملف موكّله تقود بشكل واضح إلى الإفراج عنه، وكانت يجب أن تقود إلى الإفراج عنه، لكن تعنّت السلطات الإسرائيلية كان بخلاف القانون.
"والسبب في ذلك اعتبارات عنصرية لا قانونية، وتتلخص في مسألة النظرة إلى الفلسطيني بشكل عام والطفولة الفلسطينية بشكل خاص، وعدم تفاؤلي بالإفراج المبكر عنه كان ينبع من نظرة الجهاز القضائي العدائية لكل ما هو فلسطيني".
التقى هذا المحامي الذي كان موكّلا بتخفيض ثلث مدة حكم أحمد بموكله عدة مرات كان بعضها في أقسام العزل الانفرادي.
إعلانوعند سؤاله سابقا عن حالة أحمد النفسية، قال زبارقة للجزيرة نت آنذاك "رأيته إنسانا بلا روح.. حاولت التخفيف عنه قائلا إنه لم يتبق سوى القليل، وإننا نعمل على إطلاق سراحه"، فأجابني "أنا لا أنتظر سوى الموت.. لا أنتظر شيئا من هذه الحياة".
وعلّق زبارقة على ذلك بالقول إن أحمد اعتقل طفلا في 13 من عمره، ومنذ ذلك الحين قُتلت روحه وأمله في الحياة، مؤكدا أن الطبيبة النفسية التي زارت أحمد أكدت معاناته من مرض نفسي مزمن.
وحكمت المحكمة بالسجن الفعلي 12 عاما، خُفضت لاحقا إلى 9 أعوام ونصف العام، على الطفل مناصرة بعد إدانته بمحاولة قتل مستوطنين اثنين وحيازته سكينا يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول من 2015، في حين أُعدم ابن عمه حسن الذي كان برفقته على الفور.
وولد أحمد مناصرة يوم 22 يناير/كانون الثاني 2002 في بيت حنينا بالقدس، واشتهر بمقطعَي فيديو كان الأول حين اجتمع حوله مستوطنون كانوا يوجهون إليه الألفاظ النابية بينما كان يئنّ من إصابته بالرصاص، كما سُرّب تسجيل مصور لطريقة التحقيق القاسية معه بعيد اعتقاله وهو يرد على المحقق بعبارة "مش متذكر".
قاصرون محكومون بأحكام عالية
متابع لشؤون الأسرى المقدسيين -فضّل عدم ذكر اسمه- قال للجزيرة نت إن 65 قاصرا مقدسيا يقبعون في سجون الاحتلال، 28 منهم صدرت بحقهم أحكام بالسجن الفعلي، في حين لا يزال 37 أسيرا منهم موقوفين.
ويقبع جميع هؤلاء في سجن مجدو قرب مدينة حيفا شمالي فلسطين، ومن بينهم صاحب أطول حكم الآن الطفل محمد الزلباني الذي يبلغ من العمر 15 عاما وحُكم بالسجن الفعلي لمدة 18 عاما.
ومن بين الأطفال المقدسيين ذوي المحكوميات العالية محمد أبو قطيش المحكوم بالسجن لمدة 15 عاما، وجعفر مطور الذي يقضي حكما بالسجن لمدة 12 عاما، كما ينتظر الشِبل باسل عبيدية حكما بالسجن لسنوات طويلة.
ويعاني بعض هؤلاء الأطفال من جروح تعرضوا لها قبيل اعتقالهم بعد إطلاق النار عليهم، كما يعاني أحدهم من مرض السرطان ولم تفلح الجهود القانونية بالإفراج عنه حتى الآن.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حريات أکتوبر تشرین الأول من سلطات الاحتلال أحمد مناصرة الإفراج عنه للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
72 شهيدا بغزة وحماس تحذر من إقامة معسكرات اعتقال
استشهد عشرات الفلسطينيين الخميس في غارات إسرائيلية على عدة مناطق في غزة، بينما حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أن تستغل إسرائيل المساعدات لإقامة معسكرات اعتقال في جنوب القطاع.
وقالت مصادر طبية للجزيرة إن 72 فلسطينيا استشهدوا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الخميس.
وفي أحدث التطورات، أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 6 أشخاص وإصابة عشرات آخرين في غارة إسرائيلية استهدفت منازل في جباليا البلد شمالي القطاع.
فلسطينيون يشيعون جثامين 10 شهداء من عائلة واحدة في مجمع الشفاء الطبي بعد استهداف منزلهم في جباليا البلد شمال قطاع #غزة#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/MRK0rFuLhB
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 22, 2025
كما استشهد 5 وأصيب آخرون في غارة على منزل بمخيم المغازي وسط قطاع غزة.
وفي وسط القطاع أيضا، قصفت طائرات الاحتلال منزلا جنوب دير البلح مما أسفر عن 3 شهداء ومصابين.
وفي جنوب القطاع، استهدف قصف إسرائيلي خيمة نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس وأسفر عن شهيد و30 جريحا.
وكان مراسل الجزيرة أفاد في وقت سابق باستشهاد 25 فلسطينيا جراء غارات على مدينة غزة، وبث ناشطون صورا تظهر قصفا عنيفا على الأحياء الشرقية للمدينة ومنها حي الشجاعية.
إعلانوأعلنت الأمم المتحدة أن القصف الإسرائيلي أودى بأرواح أكثر من 600 فلسطيني خلال 5 أيام.
وكانت إسرائيل استأنفت العدوان على غزة في 18 مارس/آذار الماضي بعد أن انقلبت على اتفاق وقف إطلاق النار، ومن ذلك الوقت استشهد 3600 فلسطيني وأصيب 10 آلاف آخرون، وفقا لبيانات وزارة الصحة في القطاع.
نزوح من الشمال
ووسط الغارات الكثيفة، يواصل العديد من سكان شمالي قطاع غزة النزوح باتجاه مدينة غزة جنوبا إثر تهديدات إسرائيلية بقصف تلك المناطق.
وأظهرت صور نزوح عائلات بأكملها من شمالي القطاع بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء 13 منطقة سكنية في جباليا وبيت لاهيا.
وتوعد جيش الاحتلال بشن هجمات عنيفة على تلك المناطق السكنية بذريعة إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ منها باتجاه مستوطنات غلاف غزة.
وأكدت الأمم المتحدة الخميس تهجير 160 ألف شخص مرة أخرى في غزة خلال الأسبوع الماضي فقط.
وقفة بمدينة غزة، للمطالبة بفتح المعابر ووقف الحرب الإسرائيلية، وإدخال المساعدات الكافية بشكل عاجل. pic.twitter.com/CVsHPtiozK
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 22, 2025
معسكرات اعتقالمن جهة أخرى، حذرت حماس من مخطط إسرائيلي لإقامة معسكرات اعتقال جنوبي قطاع غزة تحت غطاء المساعدات.
وقالت الحركة في بيان عبر تطبيق تليغرام إن خطة "مساعدات الغيتو" محاولة لتجميل جريمة الإبادة ولن تعفي الاحتلال من المسؤولية، وشددت على أن هذا المخطط لن يكتب له النجاح.
وقالت حماس إن الاحتلال يواصل هندسة التجويع في غزة، وأضافت أن المساعدات الحالية لا تمثل سوى قطرة في محيط الاحتياجات الإنسانية.
وتابعت أن ما يدخل غزة من مساعدات لا يتجاوز عُشر الاحتياجات الفعلية، مؤكدة أن المجاعة تتسع يوما بعد يوم.
وطالبت الحركة بممر إنساني دائم وكسر كامل للحصار ورفض الابتزاز الإنساني.
إعلانوقد تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الخميس عن إقامة "مناطق آمنة" يتم توزيع الطعام فيها على المدنيين جنوبي القطاع.
وسمح الاحتلال بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدات إلى غزة، في حين تؤكد الأمم المتحدة أن سكان القطاع المحاصر يحتاجون إلى 600 شاحنة يوميا.