في فصل جديد من فصول الانحياز والتسييس الذي يلاحق القضاء الإسرائيلي، أصدرت محكمة إسرائيلية قرارًا يرفض إعادة إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة المحاصر. 

ويأتي هذا القرار الصادم في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، وما خلفه من دمار هائل ومعاناة إنسانية تفوق الوصف. 

ويثير هذا الحكم تساؤلات عميقة حول مصداقية هذا القضاء ونزاهته، ويضعه في قفص الاتهام أمام المجتمع الدولي بتجاهله الصارخ للقانون الدولي الإنساني وقيم العدالة الأساسية.

انتهاك صارخ للمبادئ والقواعد القانونية الدولية

وتعليقا على ذلك أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، إن قرار المحكمة الإسرائيلية برفض إعادة الكهرباء إلى قطاع غزة، يشكل انتهاكًا صارخًا لمجموعة من المبادئ والقواعد القانونية الدولية. فبصفتها قوة احتلال، تقع على إسرائيل مسؤولية ضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة، بما في ذلك إمدادات الطاقة الضرورية لتشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه وغيرها من المرافق الحيوية. 

وأضاف أستاذ القانون الدولي- في تصريحات خاصة لصدى البلد- أن حرمان السكان المدنيين من هذه الاحتياجات الأساسية بمثابة عقاب جماعي محظور بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر بشكل قاطع أي إجراءات تهدف إلى إلحاق الضرر الجماعي بالسكان المدنيين تحت الاحتلال.

علاوة على ذلك، يتجاهل القرار القضائي الإسرائيلي بشكل متعمد التقارير والشهادات المتزايدة حول ارتكاب قوات الاحتلال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل وحتى احتمالية ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

علامات استفهام حول استقلالية ونزاهة القضاء الإسرائيلي

وقال: يبدو أن المحكمة لم تكلف نفسها عناء الإطلاع على مذكرة الاعتقال الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت من قبل المحكمة الجنائية الدولية، والتي تتهمهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق العدوان على غزة. إن هذا التجاهل الصارخ للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني يضع علامات استفهام كبيرة حول استقلالية ونزاهة القضاء الإسرائيلي.

وأشار إلى إن هذا التجاهل المتعمد للحقائق والوقائع، والانحياز الكامل للرواية الإسرائيلية الرسمية، يؤكد الطبيعة المسيسة لهذا القرار القضائي. فبدلاً من أن يكون القضاء ملاذًا للعدالة وحماية الحقوق، يتحول في هذه الحالة إلى أداة لتكريس الاحتلال وتعميق معاناة الشعب الفلسطيني. إن هذا السلوك القضائي الممنهج يقوض أسس القانون الدولي ويشجع على الإفلات من العقاب، مما يستدعي تحركًا دوليًا جادًا لوضع حد لهذه الممارسات.

واختتم أستاذ القانون، إن قرار المحكمة الإسرائيلية برفض إعادة الكهرباء إلى قطاع غزة ليس مجرد قرار قضائي، بل هو دليل إضافي على حالة الانحدار الأخلاقي والقانوني التي وصل إليها القضاء الإسرائيلي. إنه قرار مسيس، يتجاهل القانون الدولي الإنساني، ويتعامى عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المحتملة المرتكبة ضد الفلسطينيين. إن هذا الديدن الذي يسلكه القضاء الإسرائيلي يستدعي تحركًا دوليًا عاجلاً لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وضمان حماية حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال، مؤكدًا إن صمت المجتمع الدولي على هذه الممارسات يشكل وصمة عار ستلاحقه طويلاً.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة قطع الكهرباء إسرائيل الاحتلال القانون الدولي المزيد القضاء الإسرائیلی القانون الدولی قطاع غزة إن هذا قرار ا

إقرأ أيضاً:

دعوة تأبين.. للقانون الدولي الإنساني

أبو الخطّاب سُلطان اليحيائي

 

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾.

تكريمٌ إلهيٌّ لم يُفرِّق بين لونٍ أو لسان ولا بين شِمالٍ وجنوب ولا بين مسلمٍ وغير مسلم.

لكنّ هذا التكريمَ اليوم يُهان جهارًا في غزّة ويُغتال بصمتٍ دوليّ وتُطوى معه آخر ورقةٍ من أوراق "الضمير العالمي".

 

فهل ثمّة قانونٌ بعد حيّ يُذكَر؟!

 

إنّها دعوةُ تأبينٍ رسميّة نرفعها للعالم أجمع.

فقانونُكم الإنسانيُّ لم يُقتَل برصاصة، بل طُمر حيًّا تحت الأنقاض وجُرِّد من معناه وتحوّل إلى مسوّدةٍ جوفاء لا تحمي طفلًا ولا تردع مجرمًا، بل تُستخدم غطاءً للخراب.

هل يُعقَل أن يُشرَّع قانونٌ باسم "الإنسانيّة" ثم لا يكون الإنسانُ المسلمُ العربيُّ فيه شيئًا مذكورًا؟

هل يُعقَل أن تُبجَّل معاهداتٌ تُجرِّم العدوان وتحظر استهداف المدنيين وتكفل الحمايةَ للنساءِ والأطفالِ ثم تُنتهك هذه كلُّها في كلّ غارة ويتبادل المجرمون والمطلوبون للعدالةِ الدوليّة التهاني على الهواء مباشرة من منهم الأحقُّ بجائزة نوبل للسلام؟!

أين الإنسانيّةُ التي تتغنّون بها؟

أين مبادئُكم حين تُقطَع المياهُ عن الأطفال وتُنسف المستشفياتُ على رؤوس المرضى ويُدفن الناسُ أحياءً تحت الركام ولا يُسعفهم أحدٌ إلّا الدّعاء؟!

أيُّ خزيٍ هذا الذي تجرّعته الأنظمةُ العربيّة بصمتها؟!

وأيُّ سقوطٍ أخلاقيٍّ هذا الذي جعل بعضَها شريكًا في الحصار وبعضَها الآخر يُبرِّر المجازرَ تحت شعار "مكافحة الإرهاب" وكأنّ الصهاينة يقصفون شياطين لا بشرًا من بني آدم؟!

 

العربُ اليوم ليسوا على الحياد.. فلم تُحرِّكهم دماءُ الأطفال، ولا صرخاتُ الأمهات، ولا نداءاتُ الجرحى، بل حرّكتهم "قوائمُ التطبيع" ومناصبُ الدبلوماسيّة وخوفُهم المزمن من غضب البيت الأبيض وضياعِ دُوَلِهم إن دخلوها حربًا مع واشنطن.

غزّة ليست مجرّد مدينةٍ تُقصف، بل مرآةٌ عاكسة عرّت الأنظمة والمنظمات وكشفت أن القانونَ الدوليَّ ليس أكثر من وثيقةٍ هشّة لا تقوى على حماية طفلٍ واحدٍ في بيت حانون أو رفح.

غزّة قتلت الكذبة الكبرى أن "العالم المتحضّر يحمي الإنسان" فبانت حقيقة الإنسانُ العربيُّ المسلم، دمه رخيصٌ في الميزان الغربي، وحقُّه مُعلّقٌ على توقيع الفيتو.

نحن لا نرثي القانونَ الدولي فقط، بل نرثي منظومةَ القيم التي صدّع بها الغرب رؤوسنا.

تلك القيم التي سقطت أمام مشهدِ أمٍّ تحت الأنقاض، تُمسك يد رضيعها وقد توقّف نبضه، بينما ترفع إحدى السفارات علم "حقوق الإنسان" في احتفالٍ مشبوهٍ مخزٍ.

كفى خضوعًا للسرديّات الكاذبة.

كفى تبريرًا للقهرِ باسم "الشرعيّة الدوليّة".

فلا شرعيّةَ لشيءٍ يقتلُ الإنسانَ باسم القانون ولا قانونَ يُحترم إذا فُصِّل على مقاس الدم الغربي فقط.

لا تظنّوا أنّنا نبكي ضعفًا، بل نصرخ من شدّة القهر والغيظ.

نحن لا نرثي القانون، بل نغضب لكرامةٍ تُهدَر، ولإخوانٍ مسلمين يُبادون، والذي يتحسّس من هذا الوصف الربّاني، فليضرب رأسه على جدار المبكى المزعوم فليس هو منهم ببعيد.

وفي المقابل تنعقد القممُ العربيّة تحت القبب المكيّفة وتخرج ببياناتٍ باهتةٍ مزيّفة لا تُسمن من الحقّ شيئًا ولا تُغني غزّة عن دمعة أو شهيد.

إنّهم لا يملكون شجاعة أن يُسمّوا الجريمة جريمة، ولا أن يوصّفوا المجزرة مذبحة، بل يخطّون بياناتهم بمداد الخزي تصلح لدفن القضيّة لا لنُصرتها.

غزّة لم تَكفُر، بل آمنت بحقّها وصبرت وثبّتت ووقفت على ثغرٍ من ثغور الإسلام.

وأرادت أن تُعيد تعريف الإنسان بوجهه الحقيقي، لا بتصريحات اليونسكو، ولا بمعايير مجلس الأمن، بل بقول الله تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ فهل بعد هذا تكريم؟!

 

هذا العالمُ الذي لم يَعُد يرى لا يستحقّ أن يُرى.

وهذا القانونُ الذي لا يحمي إخوانَنا المسلمين لا يستحقّ أن يُحترم.

وغزّة التي تسكن في كلّ قلبٍ حرّ ستُحرِّر القوانين من نفاقها كما حرّرتنا من أوهامنا.

 

فيا مَن تحمّلتم أمانةَ الحفاظ على أوطانكم حرّة وكرامةَ شعوبكم محفوظة.

إمّا أن تنهضوا بما عليكم من واجبٍ شرعيٍّ وتاريخيّ.

وإمّا أن تلحقوا بمأتم القانون الدولي الإنساني وتُدفنوا معه في حفرةِ النسيان.

فلا أنتم مأسوفٌ عليكم ولا هو قانونٌ يُبكَى عليه.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ؟ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾.

مقالات مشابهة

  • دعوة تأبين.. للقانون الدولي الإنساني
  • موت الصحفيين في غزة جوعاً.. انهيار قواعد القانون الدولي
  • تعرض مبنى القضاء في مدينة زاهدان الإيرانية لهجوم إرهابي
  • تفاصيل الهجوم على محكمة في إيران.. واتهامات لإسرائيل
  • "وصمة عار في جبين العالم الحر".. مظاهرة ببرلين تطالب بوقف تجويع غزة
  • مكتب محاماة دولي يتجه لمقاضاة “الدعم السريع”
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: إعلان ماكرون نيته الاعتراف بالدولة الفلسطينية وصمة عار
  • حماس: الاحتلال يرتكب جريمة تجويع جماعي في غزة.. وصمة عار على جبين العالم
  • "حماس": استمرار جريمة التجويع في غزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي
  • الرئيس الفلسطيني: ما يتعرض له أهلنا في غزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي