بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
لا أعرف من أين جاءت كلمة خانة ولعل المتفقهين باللغات الشرقية وخاصة الفارسية والتركية يعرفون معنى ( الخانة ) التي تأتي دائماً في نهاية الكلمات مثل الخستخانة والجايخانة والبولسخانة والحيدرخانة وعلى هذا المنوال سوف نكرس موضوعنا اليوم على المزربخانة وإليكم تفاصيل الحكاية ..
ذات مرة أخبرني أحد الصحفيين المخضرمين عند إنطلاق قطار المربد من بغداد إلى البصرة وبعد منتصف الليل وحين حركت النفوس وطابت الأرواح في الجلوس إندهش الحضور من تصريحات فنان قدير هو بدري حسون فريد الذي قال وهو في ذروة النقاش عن سمات العصور الحضارية وتفسيراتها الفلسفية فيما يخص عصر المزربخانة حيث قال الرجل تفسيراً خاصاً للحضارة يختلف عن تفسيرات المؤرخ ( توينبي ) وعن رؤية ( وول دوارنت ) مؤلف قصة الحضارة وتتركز رؤيتي _ والحديث مازال للفنان بدري حسون _ بأنني أفسر الحضارة من خلال ملاحظة (المزربخانة ) وعندها ضحك الجميع لهذا الطرح العجيب والغريب .
وأنا اليوم وبعد مشاهداتي المؤلمة لما حل ويحل في العراق من تخلف وضياع إستذكرت ما قاله الفنان فريد حول المزربخانة ، ويقصد بها المكان المخصص لقضاء حاجة الإنسان والآليات المتبعة ، فالبدوي والريفي يذهبان لقضاء حاجتهم في مكان مفتوح ولهذا يسمونها بلهجتهم أروح ( أطير حاجة ) والمظهر الآخر الذي إنتقل إليه البدوي والريفي إلى المدينة فأوجدوا فتحة يمارسون فيها قضاء الحاجة وهي اليوم المعمول فيها بعد أن إمتدت إليها أنواع الطرق الحديثة ، أما المستوى الثالث هو درجة أخرى من الرقي الحضاري هو إستخدام التواليت الغربي وما يرافقها من مستلزمات صحية وعصرية وعطرية ومناديل ورقية .
أما موقع المزربخانة فترتبط بعادات وتقاليد أهمها المكان وإتجاهاته المعاكسة للقبلة وأبوابها التي لا تسمح بالرؤيا وبعضهم يدمجها مع الحمام وآخر يصر على بدويته ويخصص ( WC ) بمكان خارج البيت وهنا ( مربط الفرس ) .
تشير إحدى الإستطلاعات عن التطور الحضاري للعراق بعد 2003 إلى أنهم تراجعوا إلى الوراء وراحوا يمارسون طقوسهم البدوية والريفية ، فقد إنتشرت مؤخراً ظاهرة المزربخانة الخارجية في أغلب الأحياء في بغداد خاصة تلك التي شهدت زحفاً غير مقدس وعمليات حوسمة واسعة النطاق ، فبدلاً أن تتحول مدينة الثورة والشعلة وحي التنك والعبيدي إلى أحياء راقية مثل الجادرية والمنصور وحي الجامعة فقد حدث العكس حيث إنتقلت هذه الهجمة إلى أغلب المناطق التي كانت راقية في الرصافة مثل زيونة وشارع فلسطين وراحت تفرز القطع السكنية الكبيرة إلى قطع سكنية لا يزيد حجم البعض منها على 50 مترا وهي أصغر من مساحة بيت من بيوت التنك .
لقد تحولت هذه الأحياء المستحدثة والأزقة إلى ما يشبه أشكال بيوت الهنود الحمر أو السلف في الأرياف العراقية وهذا الفرز المخالف للقانون يعبر عن ظاهرة جديدة وفقيرة هي الهبوط بمستوى المدينة الحديثة حضارياً وثقافياً حيث سترتفع الكثافة السكانية في المتر المربع الواحد بدرجة عالية فيما يؤشر إنخفاضاً خطيراً في مستوى الخدمات والتمدن في هذه الأحياء الجديدة والتي تمثل موقع المزربخانة في مدخل هذه الدور حيث ستكون أبرز العلامات للتمدن العراقي في القرن الواحد والعشرين .
إن المزربخانة التي ستلاحظها وتورثها الأجيال التالية ستعبر بدقة عن المستوى الحضاري والثقافي التي هبطت إليه البلاد بسبب ضعف الإدارة وتسلق عناصر إنتهازية إلى أعلى المناصب ولذلك فقد إستحق عصرنا تسمية عصر المزربخانة .
Fialhmdany19572021@gmail.com
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
باستثمارات 12 مليون جنيه.. محافظ المنوفية يفتتح السوق الحضاري الجديد بـ سيدي خميس
افتتح اليوم اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية السوق الحضاري الجديد بمنطقة سيدي خميس بنطاق حي غرب شبين الكوم باستثمارات 12 مليون جنيه.
جاء ذلك بحضور اللواء عبد الله الديب السكرتير العام المحاسب خالد النمر السكرتير العام المساعد، المهندسة وفاء صبحي مدير عام هيئة الأبنية التعليمية، سيد شعبان رئيس حي غرب شبين الكوم.
وأزاح محافظ المنوفية الستار عن اللوحة التذكارية للمشروع وتفقد تسكين الباعة الجائلين ضمن أعمال المرحلة الاولى بالسوق الحضاري الجديد بشارع سعد زغلول والمقام على مساحة 1400 م2 ، بطاقة استيعابية 36 محل تجاري "كامل التشطيب" تنفيذ الهيئة العامة للأبنية التعليمية لتقديم الخدمة للمواطنين بشكل أفضل وتوفير كافة الخدمات وخلق بيئة عمل مناسبة ، فضلا عن القضاء على العشوائيات وتوفير مناطق حضارية كون المنطقة تعاني منذ سنوات من ازدحام مروري شديد وتكدس عشوائي من الباعة الجائلين.
وخلال تفقده أجرى المحافظ حواراً مع عدد من الباعة الجائلين للاستماع إلى أرائهم حول عمليات التطوير بالمنطقة وحثهم على ضرورة العناية والاهتمام بأعمال التطوير لاستدامته حفاظاً على المظهر العام ، موجهاً بضرورة تخفيض القيمة الايجارية للمحلات التجارية مراعاة للبعد الاجتماعي للباعة الجائلين وتشجيعاً ودعماً لهم ، موجهاً رئيس حي غرب ببحث إمكانية عمل تندات موحدة للمحلات تلبية لرغبة الباعة ، مشيراً إلى أنه سيتم عقد لقاء بهم بمكتبه غداً بالديوان العام للاستماع إلى مطالبهم وسرعة حلها.
كما افتتح محافظ المنوفية أعمال تطوير ورفع كفاءة موقف سيارات شبين الكوم - طنبدي - الشهداء النموذجي بحي غرب شبين الكوم بإجمالي 37 باكية ، وذلك ضمن خطة المحافظة البناءة لإنشاء مواقف حضارية متكاملة تهدف إلى الحد من الزحام وتحقيق السيولة للمركبات وتخفيف الاختناقات المرورية ،وتفقد المحافظ باكيات الموقف المزودة بإنارة حديثة ودورات مياه جاهزة لخدمة المترددين ، واستمع المحافظ إلى أراء عدد من سائقي السيارات للاطمئنان علي مستوى وجودة الخدمات المقدمة ، مشدداً بضرورة الالتزام بخطوط السير ومنع التكدسات بالمنطقة المحيطة تيسيراً على المواطنين ، مشيراً إلى أنه جارى إدراج أعمال رصف وتوسعة طريق شبين – طنبدي – البتانون ضمن خطة الرصف المستقبلية ، وخلال جولته وزع محافظ المنوفية بونات مواد غذائية مجانية على عمال النظافة دعماً لهم وتقديراً لمجهوداتهم، هذا و قدم الأهالي الشكر والتقدير للمحافظ على جهوده المبذولة والارتقاء بمستوى الخدمات وتحقيق طفرة حقيقة بمختلف القطاعات الخدمية.
وأشار محافظ المنوفية إلى حرصه منذ تولي حقيبة المحافظة على تبني خطة طموحة وحلول غير تقليدية وفق رؤية شاملة ومحاور رئيسية تستهدف النهوض بالقطاع الحضاري من خلال تطوير وتحديث وإعادة هيكلة منظومة المواقف والأسواق العشوائية بنطاق المحافظة، حيث شهدت المحافظة خلال الفترة الاخيرة إنشاء وتطوير 15 سوق حضاري للقضاء على العشوائيات وتوفير مناطق حضارية لتقديم الخدمات بشكل أفضل و10 مواقف نموذجية جديدة لتيسير الحركة المرورية داخل المدن وخلق فرص عمل وتعزيز الموارد الذاتية للمحافظة.