اختتم رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام زيارته الرسمية إلى العاصمة السورية دمشق، في خطوة وصفت بأنها بداية لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الجارين، وذلك بعد سنوات من الجمود السياسي والشكوك المتبادلة.

وشهدت الزيارة، التي رافقه فيها وفد وزاري رفيع ضم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية، لقاءات موسعة مع القيادة السورية، وفي مقدمتها اجتماع رسمي مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني.



في مستهل الزيارة، نقل سلام دعوة رسمية من الدولة اللبنانية إلى الشرع لزيارة بيروت، مشددًا على أن هذه الزيارة تهدف إلى "إعادة بناء الثقة" بين الجانبين، وتدشين مرحلة جديدة من التعاون على أساس احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وفق مبدأ "قرار سوريا للسوريين وقرار لبنان للبنانيين".




ووصفت المباحثات بـ"البناءة والإيجابية"، خصوصًا في ما يتعلق بالملفات الحساسة العالقة بين البلدين، وفقد تركزت المناقشات على مسألة المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، إلى جانب المطالبة بتسليم عدد من المطلوبين للعدالة في قضايا بارزة، منها تفجير مسجدي التقوى والسلام، وقضية اغتيال الرئيس بشير الجميل، بالإضافة إلى ملفات أخرى تتعلق بالملاحقات القضائية لمتهمين ينتمون للنظام السوري السابق.

من جانبها، أعربت السلطات السورية عن استعدادها للتعاون في هذا الإطار، وأبدت تجاوبًا لوجستيًا مع الخطة اللبنانية الهادفة إلى إعادة نحو 400 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم، وهو ملف يعتبر من أكثر الملفات حساسية على الساحة اللبنانية.


كما ناقش الجانبان سبل تسهيل العودة الآمنة والكريمة للاجئين، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الصديقة، في ظل ما تعانيه البنية التحتية السورية من آثار الحرب والعقوبات.

وكان الملف الحدودي حاضراً بقوة، إذ أُعيد التأكيد على ضرورة ضبط الحدود والمعابر المشتركة، ومنع التهريب بكافة أشكاله، واستكمال مسار ترسيم الحدود البرية والبحرية الذي كان قد انطلق سابقًا في لقاء جدة برعاية سعودية.



حجز الجانب الاقتصادي حيزاً من النقاشات أيضا، حيث طُرحت ملفات التعاون في مجالات التجارة والنقل والطاقة، بما في ذلك استجرار النفط والغاز وفتح خطوط الطيران المدني، إلى جانب تسهيل التصدير اللبناني عبر سوريا، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على الاقتصاد اللبناني المتأزم.

وبحث الوفد اللبناني في إعادة النظر بعدد من الاتفاقيات الثنائية، أبرزها اتفاقية المجلس الأعلى اللبناني – السوري، في ظل المتغيرات السياسية والإدارية التي طرأت خلال السنوات الأخيرة، مع تأكيد الطرفين على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، والمطالبة برفع العقوبات الدولية المفروضة على دمشق لتسهيل جهود إعادة الإعمار.


وقد تمخضت الاجتماعات عن اتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة تضم وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والعدل لمتابعة الملفات الأساسية، على أن تُلحق لاحقًا بلجان قطاعية تشمل الاقتصاد والنقل والطاقة والشؤون الاجتماعية، لمواكبة الملفات التنموية والخدمية المشتركة.


وكانت الزيارة قد بدأت بلقاء موسع بين الوفدين، تلاه مأدبة غداء رسمية، ثم عقد الرئيسان خلوة خاصة استمرت أكثر من نصف ساعة، قبل أن يتوجها إلى قصر الشعب لعقد اجتماع موسّع شارك فيه مسؤولون من الطرفين. وأكد سلام في ختام الزيارة أن هذه الخطوة تمثل "محاولة جدية لاستعادة الثقة وبناء علاقات متوازنة وواقعية بين لبنان وسوريا، على قاعدة الشراكة والاحترام المتبادل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية اللبنانية سلام الشرع سوريا سوريا لبنان سلام الشرع المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

تفاصيل الاتفاق السوري التركي بشأن شمال حلب

دمشق- في خطوة تهدف إلى توحيد إدارة سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 تسلمت الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع إدارة شمال محافظة حلب بشكل كامل.

جاء ذلك بموجب اتفاق مع تركيا أنهى مهام المستشارين الأتراك ودمج الوحدات الإدارية في مناطق إعزاز والراعي والباب وجرابلس ضمن الهيكلية الإدارية لمحافظة حلب، في سياق يعكس تطور العلاقات بين دمشق وأنقرة.

وأعلنت محافظة حلب في بيان رسمي تسلّمها إدارة الوحدات الإدارية في ريف حلب الشمالي والشرقي، بهدف توحيد البنية الإدارية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

من تدريبات عناصر الجيش الوطني السوري بالتعاون مع الجيش التركي (الجزيرة) آليات موحدة

وأوضحت المحافظة أن هذه الخطوة جاءت عقب اجتماعين موسعين ركزا على خطة دمج الوحدات الإدارية والبلديات ضمن هيكلية محافظة حلب مع تقييم المنشآت والتجهيزات القائمة وإعداد خارطة تنظيمية جديدة لتوزيع الكوادر البشرية وتحديد الاحتياجات.

وأصدرت حكومة دمشق قرارا يقضي بإنهاء مهام المستشارين المحليين السابقين، واعتماد آليات إدارية موحدة لضمان انتقال سلس ومنظم، مع توفير الدعم الفني والإداري اللازم خلال المرحلة الانتقالية.

وقال مسؤول في محافظة حلب -فضل عدم الكشف عن هويته- في حديث خاص للجزيرة نت إن تعدد أنماط الإدارة المحلية في المناطق المحررة سابقا -خاصة بين شمال حلب وإدلب- تسبب في إرهاق المواطنين، سواء في تنقلهم أو الحصول على الوثائق الرسمية.

وأضاف أن الدمج الإداري اليوم يأتي استجابة لمطالب شعبية، إذ يسعى إلى توحيد الوثائق الرسمية، مثل شهادات الميلاد والزواج والمناهج الدراسية، مما يسهل حياة المواطنين ويعزز الشعور بالانتماء الوطني.

سيادة سوريا

وأشار المسؤول ذاته إلى أن الاتفاق مع تركيا يعكس التزام أنقرة بسيادة سوريا، حيث أنهى دور المنسقين الأتراك في قطاعات حيوية مثل التربية والصحة والأمن الداخلي.

واعتبر أن هذه الخطوة قد تمهد لتطبيع سياسي تدريجي بين دمشق وأنقرة، موضحا أن تركيا تدرك أهمية استقرار المناطق الحدودية، خاصة مع تزايد الحاجة إلى تسهيل عودة اللاجئين السوريين من أراضيها.

إعلان

وأكد أن الدمج الإداري يشكل مقدمة لتفكيك النفوذ المتعدد في الشمال السوري، مما يعزز موقف الدولة في ملفات أخرى، مثل شرق الفرات.

وأضاف المتحدث ذاته أن "المجالس المحلية والفصائل المسلحة -التي أدارت هذه المناطق سابقا- أبدت تفهما لهذا التوجه، إذ أدرك الجميع أن سوريا الموحدة هي الحل الوحيد بعد سنوات من التشتت".

وشدد على أن وجود مؤسسات محلية متماسكة شُكّلت خلال السنوات العشر الماضية سيسهل عملية الدمج، مع تحديات تقنية يمكن التغلب عليها عبر التنسيق المستمر.

ويرى مراقبون أن تسلّم شمال حلب يمثل خطوة إستراتيجية لتعزيز السيطرة المركزية وإنهاء حالة التشتت التي عانت منها المناطق المحررة.

بدوره، يؤكد الباحث السوري باسل معراوي في حديث للجزيرة نت أن "تسلّم الحكومة السورية إدارة شمال حلب يحمل دلالات رمزية عميقة تتمثل في إعادة توحيد سوريا تحت سلطة مركزية إدارية وسياسية".

وأوضح معراوي أن "دمج المؤسسات المحلية -التي أشرفت عليها الحكومة المؤقتة سابقا- في هيكلية الدولة السورية الجديدة يقضي على ذرائع الانفصالية، مثل مطالب (قسد) بإدارة خاصة".

وأضاف أن "هذا الدمج يضمن استمرارية عمل الكوادر الإدارية كموظفين رسميين، ويوفر فرصا لعودة النازحين إلى مناطقهم بعد تحريرها، مع تحسين جودة الخدمات".

اللمسات الأخيرة لعملية تأهيل ساحة سعدالله الجابري وسط مدينة #حلب #فيديو pic.twitter.com/f8LwZwMUcU

— الجزيرة سوريا (@AJSyriaNowN) June 19, 2025

مرحلة جديدة

من جهته، أكد الباحث في الشؤون التركية والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو في تصريح للجزيرة نت أن الاتفاق السوري التركي بشأن تسليم إدارة شمال حلب يعكس تفاهما متقدما بين الطرفين، ويؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، ويعزز الاستقرار الإداري والميداني بالمدينة.

وأضاف عودة أوغلو أن تركيا خلال السنوات الماضية سعت إلى تحقيق أهداف أمنية في شمال سوريا تتعلق بحماية حدودها من اختراقات النظام السابق أو الوحدات الكردية، مستدركا أن المرحلة الحالية مختلفة، إذ تتحرك أنقرة وفق توازنات إقليمية دقيقة، مع تراجع نفوذ روسيا وإيران.

وقال إن "تركيا تدعم الحكومة السورية الجديدة لضمان أمنها القومي، ولتشجيع عودة اللاجئين، خاصة مع تزايد الضغوط الداخلية في تركيا لتسوية هذا الملف".

وتوقع أن "تثير هذه الخطوة قلق بعض الفصائل المسلحة في البداية، لكنها ستتكيف مع الواقع الجديد، خاصة أن الحكومة السورية اكتسبت قبولا داخليا وخارجيا بعد سقوط نظام الأسد".

الدور التركي

وبشأن الدور التركي، قال الباحث معراوي إن تركيا دحضت مزاعم الهيمنة، إذ دعمت حكومة دمشق المركزية عبر اتفاقات لدمج الجيش الوطني السوري وأجهزة الشرطة في وزارتي الدفاع والداخلية، إلى جانب حل الائتلاف السوري وهيئة التفاوض.

وأضاف أن "إستراتيجية تركيا منذ بداية الثورة كانت تهدف إلى إقامة نظام صديق في دمشق، وهو ما تحقق بدعمها مع قطر، مع استمرار التنسيق الإستراتيجي بينهما".

وأشار إلى أن "الحاضنة الشعبية -التي شكلت المجالس المحلية والفصائل العسكرية- كانت العمود الفقري للثورة، وقد أسهمت الفصائل في مؤتمر النصر العسكري الذي اختار قائد العمليات رئيسا للجمهورية، وأصبحت جزءا من هيكلية الدولة".

إعلان

وأكد أن "التحديات الإدارية الحالية تقنية بحتة، حيث تتمتع المجالس المحلية بخبرات تراكمية تمكنها من التكيف مع النظام الجديد".

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني يدين بشدة الهجوم الإرهابي في دمشق
  • رئيس الحكومة اللبنانية يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة بدمشق
  • مستنكراً التفجير الانتحاري في سوريا.. سلام: واثقون بقدرة الدولة السورية ومؤسساتها على تجاوز هذه المحن
  • عاجل | مراسل الجزيرة: انفجار بمنطقة الدويلعة في العاصمة السورية دمشق
  • رويترز: انفجار يهز كنيسة في وسط العاصمة السورية دمشق
  • خطة لدعم المزارعين بالتعاون بين أكساد ومنظمة التنمية السورية
  • تركيا ترفض إعادة رسم الحدود الإقليمية «بالدم»
  • الخطوط السورية: تحويل رحلات غد الأحد إلى مطار حلب
  • تفاصيل الاتفاق السوري التركي بشأن شمال حلب
  • مصدر أمني بريف حمص لـ سانا: قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة تتمكن من إلقاء القبض على المجرم “وسيم الأسد” على الحدود السورية اللبنانية