صنعاء تقلب الطاولة وترفض "صفقة مغرية" من واشنطن مقابل هذا الأمر
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
العاصمة اليمنية صنعاء (وكالات)
في تطور لافت يعكس تعقيدات المشهد الإقليمي، كشفت مجلة "ذا كريدل" أن صنعاء رفضت عرضًا أمريكيًا مغريًا كان يهدف إلى تحييد موقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة، مقابل حوافز اقتصادية وسياسية كبيرة.
الصفقة التي وصفتها المجلة بـ"الجزرة الأخيرة"، جاءت في ظل فشل الحملة العسكرية الأمريكية في اليمن، وتزايد التورط الإقليمي في الصراع، حيث باتت السعودية والإمارات مهددتين بالانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع قوات صنعاء، التي أعلنت بوضوح ارتباط معركتها في البحر الأحمر والسواحل اليمنية بما يجري في فلسطين.
بحسب التقرير، فإن صنعاء تعاملت مع العرض الأمريكي بحزم ورفض قاطع، معتبرة أن فلسطين "قضية مركزية" لا تقبل المساومة، حتى وإن كان الثمن هو تجميد المفاوضات الاقتصادية مع السعودية، وتعرض اليمن لضربات عسكرية متواصلة بقيادة واشنطن.
المجلة أوضحت أن إدارة ترامب، بعكس بايدن، لم تحاول التغطية على العلاقة المباشرة بين حماية السفن الإسرائيلية والهجمات الأمريكية على اليمن، مشيرة إلى أن الضربات الأمريكية جاءت بعد استئناف صنعاء عملياتها البحرية، كرد فعل على نكوص إسرائيل عن اتفاق التهدئة مع غزة مطلع 2025.
تقرير "ذا كريدل" أشار إلى أن صنعاء تتحرك وفق قناعة أيديولوجية واستراتيجية برفض الهيمنة الإسرائيلية والغربية، ومعارضة التطبيع، وهو ما يجعل موقفها يتصادم تمامًا مع التوجه الخليجي الذي أصبح، بحسب التقرير، أكثر انخراطًا في فلك السياسة الأمريكية.
وقد بدأت تظهر تداعيات هذا التصادم في شكل عقوبات من الرياض وأبوظبي، وتراجع فعلي عن هدنة أبريل 2022، مما يهدد بتفجر مواجهة جديدة قد تمتد إلى العمق الخليجي، في حال استمرت صنعاء في توسيع نطاق عملياتها.
المصدر: مساحة نت
كلمات دلالية: أمريكا الحوثي اليمن صنعاء
إقرأ أيضاً:
البدريون قادمون من صنعاء ... ستكتشف السعودية كما اليمن أنها الخاسر الأكبر من مخرجات لا تفهم الجغرافيا
الحوثيون لايعملون بعشوائية التحالف، ولا برخاوة الشرعية وغبائها، بل يشتغلون منذ أكثر من 11 سنة على بناء جيل عقائدي خاص بهم، عملوا على إنشاء منظومة تعليمية موازية (غير المدارس الحكومية التي عبثوا بمناهجها)، أبرزها مايُعرف بـ"مدارس البدر" نسبة لبدر الدين الحوثي، وهي مدارس داخلية مغلقة لايُقبل فيها الطالب إلا وفق معايير مشددة، ويمكث فيها الدارس ثمان سنوات؛ يتلقى خلالها منهج خاص خارج إطار التعليم الرسمي، لايشمل أي علوم حديثة، لكنها تصنع فرد مبرمج على الولاء المطلق والفكر الواحد والعداء المستحكم للآخر، إضافة إلى التدريب العسكري على مختلف أنواع الأسلحة..
في صنعاء وحدها، هناك 28 مركز ديني وشرعي خاص، تتبع منهج الجماعة وملازمها، تعمل بوتيرة واحدة، بعضها داخل مساجد كبرى مثل جامع الصالح (الذي حُوّل إلى جامع الشعب) ويضم معسكر داخلي دائم، وهناك عشرات المراكز المماثلة في بقية المحافظات والمديريات والعُزل المختلفة، والمحصلة أكثر من 250 ألف شاب كلهم تحت سن العشرين تخرجوا حتى الآن من هذه المراكز، لايعرفون الفيزياء ولا التاريخ ولا اللغات، لكنهم مبرمجون عقائدياً ومدربون عسكريا، ومؤهلون للتعامل مع كل أشكال السلاح..
نحن لانتحدث عن جيل متدين فحسب، ولسنا أمام مخرجات تعليمية عادية، وهذه ليست مجرد أرقام، بل جيل مبرمج بطريقة لاتترك أي مجال للتسامح أو التعايش، عبارة عن ألغام وقنابل فكرية موقوتة، مخرجات يصعب التعايش معها مستقبلاً، لأنها نشأت على أفكار لاترى الآخر إلا كخصم يجب إخضاعه أو استئصاله، ويتعاملون مع الخلاف الفكري أو السياسي كما لو كان كفر يستحق الاجتثاث..
خريجوا تلك المراكز لم يتم اعدادهم لخدمة الجماعة سياسيا أو عسكريا فقط، بل تم تشكيلهم وتلقينهم والاعتناء بهم ليكونوا الوقود العقائدي لأي صراع طويل الأمد، يعبث بالتاريخ ويتجاوز حدود الجغرافيا..
هذا المشروع الذي يحتفل بتخرج دفعاته سنوياً منذ 11 سنة، يقابله فشل الشرعية الذريع؛ ليس في مواجهته فقط، بل انها قدّمت النقيض، تركت المدارس تنهار، والطلاب يتسربون، والمعلمين يتذمرون بلا مرتبات، يُذلون في طوابير المساعدات، دون خطة بديلة أو دعم جاد لمواجهة التجريف العلمي الذي يتم في صنعاء وبقية المحافظات التابعة للحوثيين، لم تكن هناك أي محاولة لبناء مشروع مضاد، لافي التعليم ولا في الإعلام ولا في الوعي العام، بل إنها لم تنجح في أي قطاع اتجهت إليه، ووقفت عاجزة أمام أخطر معركة تخوضها الأمم؛ معركة بناء الإنسان.
أما التحالف، وعلى رأسه السعودية، فقد تورطت في معركة بلا أفق محدد، وأصبح التراخي، وإطالة أمد الحرب، وغياب أي مشروع وطني أو تربوي مقابل، بمثابة شيك على بياض للحوثيين بتنفيذ برنامجهم التربوي والعقائدي بكل أريحية، والنتيجة أن المنطقة برمتها ستدفع ثمن هذه "المرحلة الرخوة من تاريخ اليمن" التي تحوّل فيها الحوثيون من مجرد جماعة ميليشيا مسلحة؛ إلى مدرسة قتالية وماكينة تربية مغلقة، تُنتج مقاتلين عقائديين مؤمنين بمشروع لايعترف بالحدود ولا بالشراكة ولا بالاختلاف، وستكتشف السعودية، كما اليمن، أنها الخاسر الأكبر من هذه المخرجات، التي ستكون في الغد القريب أدوات صراع، لا أدوات تعايش..
لقد أثبتت الحرب أن الخطر لايكمن في الجبهات فقط، بل في المدارس والمناهج والمراكز العقائدية، ومن يُهمل هذه الجبهة، ويفشل في خوض هذه المعركة، سيُهزم وسيفقد المعركة كلها، حتى لو انتصر عسكرياً، لأن من يُشكل العقول، يحصد المصير ويتحكم بالمستقبل..