«اليمن الجديد على طاولة السياسة الدولية» السفير عبدالإله حجر لـ”الثورة “: صنعاء أظهرت قدرة فائقة على التأثير في الهيبة الأمريكية في البحر الأحمر واستطاعت أن تردع السفن الأمريكية عن مواصلة تهديداتها
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
لا شيء يمنعنا من الاستمرار في المقاومة لأننا لا نملك ما نخسره أمريكا تتخبط وتبحث عمّن يتحدث مع صنعاء لإيقاف ضربات البارجات الأمريكية في البحر الأحمر ¶ رسالتنا للداخل هي أننا نسعى إلى سلام مشرّف لا ينتزع السيادة.. نحن نريد أن نلتئم كشعب يمني واحد بعيدًا عن التدخلات الخارجية
¶ رسالتنا للعالم أننا متمسكون بالقيم الإنسانية ونحترم حقوق الشعوب.
. نحن نؤمن بالسلام ولكننا نرفض الإبادة الجماعية والعدوان
¶ هناك أفكار لفتح قنوات دبلوماسية مع الدول التي تتوافق معنا في الرؤية تجاه الخطر الأمريكي
يُعرف حجم الدول بمدى تحقيقها لأهدافها وتأثير سياستها إقليمياً ودولياً، واليمن في ذلك ينتقل بين فصول السياسة الدولية كأسد ثأر .. فمن السياسة المجندة للخارج الى دولة ذات قرار سيادي مركزه صنعاء وحدها .. هذه النقلة النوعية بكل تفاصيلها ومستجداتها ومستقبلها نناقشها في حوار خاص لموقع “الثورة نت” مع عميد الدبلوماسيين اليمنيين – مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى للشؤون الدبلوماسية سعادة السفير عبدالإله حجر .
مها موسى
أهلا ومرحباً بكم سعادة السفير في هذا اللقاء .. والبداية من الحديث عن المسار السياسي اليمني وتحولاته
باعتباركم أحد القلائل الذين عملوا في مراحل متعددة من الحكم، كيف ترون الفروقات الجوهرية بين ما سمي بـ”الدولة الجمهورية” سابقًا، وما تطرحه صنعاء اليوم كدولة مواجهة ومشروع تحرري ؟
– في البداية، أشكركم على هذه الاستضافة.. ما مرّت به اليمن منذ ثورة 26 سبتمبر وحتى اليوم، يمكن تلخيصه في صراع طويل من أجل السيادة، بدأ بانعتاق جزئي من النظام الإمامي ، لكنه ما لبث أن وقع تحت الهيمنة المصرية، لدرجة أن الحاكم الفعلي لليمن في تلك المرحلة كان القائد العسكري المصري.
وصل الأمر إلى حد استدعاء حكومة الأستاذ أحمد النعمان إلى القاهرة، بهدف مقابلتهم مع الرئيس عبد الناصر، لكن تم إبلاغهم لاحقًا بأن اللقاء سيكون مع رئيس الاستخبارات المصرية، وعندما رفضوا زُجّ بهم في السجن لمدة عام كامل.
هذا المشهد يعبّر بوضوح عن حجم الانتقاص الذي تعرضت له السيادة اليمنية حينها.
ما يُطرح اليوم من صنعاء يختلف جذريًا، إذ نرى مشروعًا تحرريًا يتبنّى مواجهة الهيمنة الخارجية، ويستند إلى مشروع فكري وسياسي نابع من الداخل اليمني، لا يخضع للوصاية أو الإملاء الخارجي، وهذا هو أهم الفروقات الجوهرية.
كيف تصفون التدخلات الخارجية في اليمن، خصوصًا ما بين الدورين المصري والسعودي؟
– بلا شك، التدخل المصري آنذاك كان قائمًا على رؤية مفادها أن اليمن يمكن أن يكون ورقة ضغط إقليمية.. لكن الأمور انقلبت عندما أدرك الشعب أن الثورة التي كان يؤمل من هذه الثورة الحرية، أصبحت وسيلة للإذلال.
لاحقًا، ومع انسحاب المصريين بعد نكسة 1967، دخلت السعودية على الخط بشكل أكبر من السابق، وتحوّلت اليمن إلى ساحة نفوذ سعودي.
والسيادة حينها انتُزعت من المصريين فقط لتنتقل إلى السعوديين، واستمر هذا الواقع حتى اندلاع ثورة 21 سبتمبر 2014، التي كانت في جوهرها استعادة للقرار اليمني ورفع للوصاية.
برأيكم ما الذي يميز الحكومات اليمنية بعد ثورة 21 سبتمبر 2014م خاصة وهذه الحكومات تواجه تحديات غير مسبوقة؟
– الحكومة السابقة، حكومة الإنقاذ، جاءت في مرحلة صعبة للغاية من حصار وحرب. رغم شح الموارد، استطاعت هذه الحكومة أن تصمد وتحافظ على مؤسسات الدولة وتقديم الخدمات الممكنة.
وفي عام 2024، تم تشكيل حكومة التغيير والبناء بعد تقييم حكومة الإنقاذ، التي كانت بحاجة إلى تحسينات بسبب الخيانة التي تعرضت لها من قبل علي صالح آنذاك.
وقد تميزت حكومة التغيير والبناء بعدة أمور، أهمها تقليص عدد الوزارات، واختيار الوزراء بناءً على الكفاءة، دون ضغوط خارجية، حيث عملت الحكومة وفق برنامج واضح وضوابط صارمة، مع تحذير من الإخلال بالواجبات .
ولهذه الحكومة إنجازات عده منها القضاء على خلايا إرهابية التي كانت تهدد حياة المواطنين بالإضافة إلى أنها حققت الكثير في مجال صرف الرواتب وتحقيق الأمن في ظل الحرب المستمرة. ودعمها المستمر للقضية الفلسطينية في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا.
التهديدات في البحر الأحمر والتحولات الجيوسياسية
عمليات البحر الأحمر شكلت نقطة انعطاف حاسمة… هل تحولت صنعاء من طرف محلي إلى لاعب إقليمي بحكم الواقع؟
– في الحقيقة، طوال فترة العدوان، لم تستخدم اليمن البحر الأحمر للدفاع عن نفسها رغم العدوان البحري والجوي والبري.. لكن مع تزايد التهديدات للقدس والقضية الفلسطينية، شعرنا أن البحر الأحمر هو الساحة التي يجب أن نستخدمها لدعم القضية الفلسطينية، حيث فرضنا حصارًا على ميناء إيلات الإسرائيلي (أم الرشراش) كردٍ على ما يحدث في فلسطين، ونجحنا في منع السفن المتجهة إلى إسرائيل من الوصول إلى هذا الميناء.
وعندما تدخلت الولايات المتحدة وبريطانيا واعتدوا علينا، قمنا بالرد على السفن التابعة لهما، وما زلنا مستمرين في ذلك، كما أثبتنا التزامنا بالمبادئ عندما أوقفنا العمليات ضد السفن بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة، وعند نقض العدو الإسرائيلي الاتفاقات عدنا للمواجهة، لأن ما يحدث في فلسطين هو مأساة إنسانية وأخلاقية تتطلب منا ومن كل حر التدخل والمساندة .
إلى أي مدى أعطى هذا الموقف لليمن ثقلًا وفرض وجود اليمن إقليميًا ؟
– موقفنا هذا منحنا احترامًا كبيرًا على مستوى الشعوب، وأعطانا هيبة إقليمية، فحالياً تعيش السعودية والإمارات حالة خوف، لأنهما يدركان جيدًا أننا لا نخاف أحداً فإذا كنا قادرين على مواجهة رأس الكفر (أمريكا) والشيطان الأكبر (إسرائيل)، فإنهم ليسوا شيئًا مقارنة بذلك، فإذا خرقت هذه الدول ما حددناه من خطوط حمراء، فسيواجهون الجحيم.
تموضع صنعاء الدبلوماسي في خريطة العالم الجديد
هل تتجه صنعاء لفتح قنوات دبلوماسية مستقلة مع (الصين، روسيا، إيران) بعيدًا عن الأمم المتحدة؟
– الفكرة موجودة، ولكن الجهود في هذا المجال لم تتركز بشكل كبير حتى الآن.. فنحن نمر بظروف صعبة من حصار كامل وصعوبة في التواصل، ومع ذلك هناك بعض الأفكار لفتح قنوات مع الدول التي تتوافق معنا في الرؤية تجاه الخطر الأمريكي، مثل دول أمريكا اللاتينية وبعض الدول الأخرى.
لماذا لم تركز الجهود بشكل أكبر على هذا الاتجاه الدبلوماسي؟
– السبب يعود إلى التحديات التي نواجهها من حصار اقتصادي ودبلوماسي .. نحن في وضع صعب، ليس لدينا تمثيل دبلوماسي في الخارج سوى في طهران، ولكن هناك أفكار لابتعاث ممثلين إلى الدول التي تشاركنا الرؤية، وخاصة في أمريكا اللاتينية.. نحن نستغل وضعنا في طهران للتواصل مع الدول الأخرى وأيضا من خلال الأمم المتحدة، وقد تكون هذه خطوة مهمة في المستقبل.
* كيف ساهم المؤتمر الثالث “فلسطين قضية الأمة المركزية ” الذي أُقيم في صنعاء وكان بمشاركة عربية وإسلامية ودولية واسعة في تعزيز الدور الدبلوماسي لليمن؟
– المؤتمر كان نقطة تحول، حيث أظهر للجميع أن اليمن ليس كما صورته وسائل الإعلام المعادية، فالعديد من الزوار، بما في ذلك نشطاء وبرلمانيين من مختلف أنحاء العالم، عادوا بانطباع مختلف عما كانوا يسمعونه في الخارج، على سبيل المثال، نائبة برلمانية بلغارية زارت اليمن مؤخرًا وعادت لتشيد بموقفنا وتساءلت عن سبب تأخر الموقف الأوروبي عن دعم القضية الفلسطينية.
كما أن المؤتمر كان فرصة لنشر الوعي العالمي حول مظلومية الشعب الفلسطيني والتحديات التي يواجهها الشعب اليمني نتيجة العدوان الأمريكي عليه فقط لأنه ثابت في مساندته لغزة .
هل هناك توجه مستقبلي للاستعانة بالدبلوماسيين الموجودين في وزارة الخارجية لتعزيز السياسة الخارجية اليمنية؟
– نعم، وزارة الخارجية تعمل على تنظيم الأمور بشكل أفضل، بعد أن شهدت إهمالًا في البداية بسبب العدوان، الا ان القيادة السياسية تولي اهتمامًا كبيرًا بهذا الملف، وهناك توجيهات واضحة من الرئيس مهدي المشاط بالتركيز على تعزيز العمل الدبلوماسي، وستعتمد الوزارة على الكوادر الدبلوماسية المتاحة لديها، وستسعى للاستفادة من الخبرات المتوافرة.
وفي المستقبل، قد يكون هناك دور أكبر للمؤتمرات والبعثات الدبلوماسية في تعزيز العلاقات مع الدول التي تشاركنا الرؤية ”ان أمريكا باتت تمثل خطرا على العالم.”
في هذا الإطار، ماذا عن بناء علاقات مع جنوب أفريقيا، هل هناك توجه لذلك؟
– بالفعل، هناك اهتمام بهذا الموضوع، خاصة أن دول جنوب أفريقيا كانت من أولى الدول التي تقدمت لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل لارتكابها اعمال إبادة جماعية في غزة وعموم فلسطين المحتلة، ونحن نرى أن هناك إمكانيات كبيرة لبناء علاقات معها ومع الدول العربية والأفريقية الأخرى مثل تونس والجزائر، لكن الصعوبات في هذه الدول تتعلق بالنفوذ السعودي والإماراتي ، الا اننا سنعمل جاهدين على فتح قنوات تواصل مع هذه الدول، لأننا نشاركها في منطقة جغرافية متقاربة، ويمكن الاستفادة من الجاليات اليمنية في هذه الدول لتعزيز هذا التعاون.
عودة ترامب وتصاعد العدوانية الأمريكية
التصنيف الأمريكي لأنصار الله بجماعة إرهابية، هل حد هذا التصنيف من التحرك الدبلوماسي لحكومة التغيير والبناء؟
– في الحقيقة، هذا التصنيف يُستخدم في حرب ضد الشعب اليمني بأكمله، وليس ضد أفراد فقط، ولكن الوحيدة المتضررة منه هي الولايات المتحدة نفسها، ففي خضم عدوانها علينا تجد نفسها عاجزة عن التفاوض معنا وأكبر دليل على فشل هذا التصنيف هو ما نراه اليوم، فأمريكا تتخبط وتبحث عمّن يتحدث مع صنعاء لإيقاف ضربات البارجات الأمريكية في البحر الأحمر.
لذا فهذا التصنيف أصبح عارًا عليهم، خاصة عندما يرون سفنهم تتعرض للهجوم ..أما بالنسبة لنا في صنعاء، فلا شيء يمنعنا من الاستمرار في المقاومة، لأننا لا نملك ما نخسره.. نحن لا نملك أرصدة في الخارج ولا نخطط للسفر إلى الولايات المتحدة، لذا فهذا التصنيف فشل في فترتين في عهد بايدن، ثم قام برفعه، والآن ترامب يعيد فرضه، لكنه بدأ يدرك أنه لا فائدة منه.
* ترامب تراجع عن قرارات عدة فهل تتوقعون أن يتراجع عن هذا القرار ؟
– في الواقع ترامب بدأ يدرك أن الواقع لم يتوافق مع توقعاته .. هو كان يظن أن صنعاء ستخضع وتستسلم، ولكننا أثبتنا أننا لن نركع أو نخضع لأي معتدٍ أو غازٍ.
صنعاء لم تُقهر ولن تُقهر على مدى التاريخ.
فحتى في قضايا أخرى مثل فرض الضرائب الجمركية، تراجع ترامب مع بعض دول أوروبا، وهذه إحدى الأمثلة على عدم قدرة سياسته على النجاح، ترامب هو شخص تحركه الأهواء، وكل ما يظهره من قوة ليس إلا ضعفًا حقيقيًا، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم “إن كيد الشيطان كان ضعيفًا” صدق الله العلي العظيم ، وهذا ينطبق على تصرفات ترامب .
فيما يخص المواجهة مع الكيان الصهيوني، هل تجاوزت صنعاء سقف “نصرة غزة” إلى مشروع مواجهة دائمة مع الكيان؟
– الكثير من الناس لا يعرفون أن أحد الأسباب الرئيسية للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار كان الضربات اليمنية التي أزعجت الكيان الصهيوني، فضرباتنا فعالة ونجحت في تدمير الصورة التي كانت رائجة عن “الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر”، والآن الكيان الصهيوني بدأ يعاني من هروب مستوطنيه إلى الملاجئ، وهذا كان مزعجًا لهم جدًا.
على الرغم من أن ضربات حماس كان لها دور أيضًا، فإن ضرباتنا كانت أكثر تأثيرًا.. بالتالي، أنا لا أعتقد أن الكيان الصهيوني قادر على الاستمرار في هذه الحالة من عدم الاستقرار، خاصة واليمن مستمر في مقاومته والكيان أيضًا لا يستطيع أن يدخل في مواجهة مباشرة معنا بسبب التحذيرات الأمريكية من التداعيات الكبرى التي ستلحق بالمنطقة إذا تصاعدت هذه المواجهات، نحن نمثل لهم رعبًا حقيقيًا؛ لأننا لا نخضع ولا نستجيب للاعتداءات، وهذا يمثل لهم تحديًا داخليًا كبيرًا، وهم يعلمون أن هذا صراع ليس باستطاعتهم حسمه.
* إلى أي مدى يمكن أن تؤدي التحركات اليمنية إلى إعادة تشكيل خرائط النفوذ البحري؟
– تحركاتنا العسكرية في البحر الأحمر جاءت في سياق نصرة الشعب الفلسطيني، لكن القدرة على تحييد السفن الحربية الأجنبية أصبحت ضرورة ملحة لدول المنطقة. علينا أن نؤمن سلامة هذا الممر البحري الحيوي، ونضمن عدم استخدام الدول الطاغية له كوسيلة لتهديد أمن الملاحة البحرية أو الدول المجاورة.
وهذه ستكون إحدى المبادرات التي ستسعى صنعاء لتحقيقها مستقبلاً وهي العمل على تعزيز الأمان في البحر الأحمر عبر التنسيق مع دول المنطقة، فاليمن من خلال مساندته لغزة في طوفان الأقصى أثبت قدرته العسكرية على التمييز بين الملاحة الآمنة والملاحة الخطرة، وهذا سيساعد على تشكيل تحالفات استراتيجية لضمان حماية هذا الممر.
هل يمكن القول أن صنعاء بمواجهتها للعدوان الأمريكي دمرت الهيبة الأمريكية في البحر الأحمر؟
بالطبع. صنعاء أظهرت قدرة فائقة على التأثير في الهيبة الأمريكية في البحر الأحمر، حيث استطاعت أن تردع السفن الأمريكية عن مواصلة تهديداتها، من خلال استهداف السفن الأمريكية والبوارج في البحر الأحمر، دمرنا هيبة الولايات المتحدة كقوة عظمى في هذا المجال، بالإضافة على تأكيد صنعاء أنها قادرة على حماية مصالحها وأنها تمثل قوة لا يمكن تجاهلها.
هل تعتقدون أن صنعاء ترى في عودة ترامب إلى البيت الأبيض فرصة لتعزيز التموضع المستقل عن الهيمنة الغربية ؟
– نحن ننظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعين الموضوعية، لا نعادي إلا من يعادينا، وإذا توقف العدوان الامريكي على بلادنا ورفعت الإبادة الجماعية عن غزة، فنحن مستعدون لأي نوع من العلاقات مع أي دولة شريطة احترام السيادة سواء كان ترامب أو بايدن في البيت الأبيض، لا يهمنا إلا السياسات، وليس الأشخاص، ليس لدينا عداوة دائمة مع أي شعب، حتى الشعب الأمريكي، هناك الكثير منهم يقفون بجانبنا في هذه القضية، ولكن في النهاية، نحن نريد السلام المبني على احترام السيادة.
هل نحن أمام نهاية عصر القوة الأمريكية المطلقة؟ وهل تحولت واشنطن من قائد للعالم إلى عبء على حلفائها؟
-العالم يشهد مرحلة تغيرات كبيرة في السياسة والاقتصاد، القوة الأمريكية التي كانت تتحكم في مصير العالم من خلال أساطيلها العسكرية أصبحت اليوم تواجه تحديات من دول محاصرة ومقاومة، هذا في حد ذاته يمثل تحولًا عميقًا.
التغيير الاقتصادي الذي نشهده، سواء في تشكيل تحالفات مثل “بريكس” أو الصعود الكبير للصين كقوة اقتصادية، يساهم في تقليص الهيمنة الأمريكية، وفي أوروبا أيضًا هناك قلق ليس فقط من الأمن السياسي، ولكن من الأمن الاقتصادي والغذائي، نحن نعيش الآن في مرحلة التحول، وقد يكون هذا هو نهاية تسلط الولايات المتحدة.
العالم سيشهد تحولات جوهرية في المستقبل، ونحن نرى أن حكمة الله عز وجل قد اقتضت نهاية هذا الطغيان، لا شك أن هذه المرحلة ستكون بداية لنهاية الهيمنة الأمريكية على العالم، ونحن نفتخر أننا أحد معاول هدم هذه الإمبراطورية.
ختاماً سعادة السفير .. ما هي الرسائل التي تودّ صنعاء إرسالها اليوم إلى الداخل أولًا، ثم إلى الخارج؟
– رسالتنا الأولى للداخل هي أننا نسعى إلى سلام مشرّف لا ينتزع السيادة.. نحن نريد أن نلتئم كشعب يمني واحد، بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
أما رسالتنا للعالم، فهي أننا متمسكون بالقيم الإنسانية ونحترم حقوق الشعوب.. نحن نؤمن بالسلام، ولكننا نرفض الإبادة الجماعية والعدوان.. قلوبنا مفتوحة لمن يسعى للسلام، ومن يريد أن يعادينا فعليه أن يذكر ما فعلناه في 2015م وكيف كبّدنا العدوان السعودي الإماراتي مرارة الهزيمة حتى وصل الحد أن يأتي السفير السعودي محمد بن جابر ليقبل ركبنا وأقدامنا.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
“بوابة الجحيم” في تركمانستان.. ما سر الفوهة المشتعلة التي لا يمكن إخمادها؟ / شاهد
#سواليف
وسط #صحراء_كاراكوم النائية التي تغطي نحو 70% من مساحة #تركمانستان لا شيء يغير منظر كثبانها الرملية الممتدة على مساحة 350 ألف كيلومتر سوى ضوء ساطع يسرّب غاز الميثان المشتعل منذ عام 1971 بلا انقطاع، حتى أصبح من أغرب المعالم الجيولوجية في العالم.
إنها “فوهة دارفازا” المعروفة بـ” #بوابة_الجحيم “، وهي حفرة اشتعلت فيها النيران قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، ولم تنطفئ حتى اليوم، مما جعلها أحد أشهر وأكبر الألغاز القابعة في قلب قارة آسيا.
حاليا، يجذب المكان الزوار إلى روعته الليلية، حيث يضيء اللهب السماء ويخلق مشهدا مهيبا، وبالتالي فإن السياح يأتون للتخييم والتقاط الصور رغم بعد الفوهة وصعوبة الوصول إليها.
مقالات ذات صلة وسائل إعلام روسية: العثور على حطام طائرة “أن-24” على بعد 15 كم من مدينة تيندا / فيديو 2025/07/24 لغز يكتنفه الغموضوُصفت فوهة دارفازا الغازية بأنها ظاهرة طبيعية جزئيا وحادث من صنع الإنسان جزئيا، ويوضح مارك أيرلاند عالم جيولوجيا الطاقة في جامعة نيوكاسل في حديثه للجزيرة نت “ليست ظاهرة طبيعية تماما، لم تكن الطبيعة سوى مصدر للمواد الخام لما حوّله البشر إلى ظاهرة بيئية غريبة استمرت عقودا”.
وفي حين يعتقد أيرلاند أن إشعال النار في الحفرة كان على الأرجح حادثا صناعيا في الماضي لا تزال أصول هذه الحفرة يكتنفها الغموض وتكثر الروايات بشأن تشكلها.
ويرجح بعض الجيولوجيين المحليين تشكل الحفرة بشكل طبيعي في أواخر الستينيات، وظلت تتدفق بالغاز والطين لسنوات عديدة، ولم تشتعل النيران فيها حتى الثمانينيات.
الرواية الأخرى الأكثر انتشارا تعود إلى عام 1971 عندما انطلق الجيولوجيون السوفيات لاستكشاف صحراء كاراكوم في جمهورية تركمانستان السوفياتية الاشتراكية بالقرب من مستوطنة دارفازا.
كان هؤلاء يبحثون في الأغلب عن حقول نفط، لكن المنطقة غنية أيضا بالغاز الطبيعي، لأن النفط والغاز نتاج نفس العملية الجيولوجية، وهي الضغط البطيء والشديد للمواد العضوية القديمة بمرور الوقت.
إعلان
ورغم عدم صدور تقرير رسمي عن الأحداث التي تلت ذلك يُعتقد أنه خلال الاستكشاف الأولي للمنطقة تشجّع الجيولوجيون بشدة بتقديراتهم لكمية الغاز الطبيعي الموجودة فسارعوا إلى إنشاء بعض منصات الحفر.
لكن دون علمهم حفروا فوق كهف ضخم للغاز الطبيعي، فانخفضت طبقات التربة العليا فجأة تحت معدات الحفر بعد بدء العملية بفترة وجيزة مكونة حفرة ضخمة يبلغ عرضها 70 مترا وعمقها 30 مترا.
فجَّر الانهيار مشكلة خطيرة أخرى، إذ بدأت كميات كبيرة من الغاز الطبيعي الخطير بالتسرب إلى الغلاف الجوي معرّضا السكان المحليين والكائنات الحية للخطر، ومثيرا مخاوف من تلوث بيئي واسع النطاق.
يتكون الغاز الطبيعي أساسا من الميثان، وهو غاز عديم اللون والرائحة، ورغم أنه ليس ساما فإنه يمكن أن يحل محل الأكسجين ويجعل التنفس صعبا، كما أنه سريع الانفجار، حيث يمكنه تكوين خليط قابل للاشتعال في الهواء بمستويات منخفضة تصل إلى 5%.
ويقول أيرلاند -الذي يركز عمله على فهم التفاعلات بين العمليات الجيولوجية والأنظمة البيئية المتعلقة بإنتاج الطاقة- “من أكثر الأمور جاذبية وإحباطا بشأن هذه الحفرة هو قلة المعلومات عنها، ليس هناك سجل أو تقرير رسمي أو أي ذكر لهذه الحادثة على الورق، خاصة أن كل ما يتعلق بالغاز والنفط والموارد الطبيعية خلال الحقبة السوفياتية كان يعتبر إستراتيجيا وسريا للغاية”.
ويضيف “ما زال هناك جدل عما إذا كانت قد اشتعلت عن طريق الخطأ ربما بسبب صاعقة أو شيء من هذا القبيل، أو أن السلطات السوفياتية لم يكن أمها سوى خيار إشعال النار في الفوهة عمدا، على أمل أن تنطفئ النيران بعد أن ينفد الغاز من الحفرة”.
أراد العلماء بإشعال الغاز المنبعث من الحفرة أن يمنعوه من الانتشار، وتلك ممارسة شائعة في بعض عمليات حفر النفط والغاز التي يطلق فيها الغاز الطبيعي، وتعرف باسم “الحرق”، حيث تُحرق الغازات الخطرة الزائدة عمدا- ولا سيما في حالات الطوارئ- إذا لم يمكن احتجازها لأسباب تتعلق بالسلامة والتمويل.
صحيح أن هذه العملية لا تزال تطلق أطنانا من ثاني أكسيد الكربون، لكن ثاني أكسيد الكربون أقل ضررا بكثير من الميثان، لأنه أحد غازات الدفيئة، وهو أقوى من ثاني أكسيد الكربون بـ25 ضعفا في حبس الحرارة في الغلاف الجوي رغم أنه يختفي من الغلاف الجوي للأرض في غضون سنوات قليلة مقارنة بثاني أكسيد الكربون الذي يبقى لقرون.
كان التقدير المبدئي أن تستمر النيران أياما أو أسابيع قليلة بناء على كميات الغاز السطحية المعروفة، ولم يتوقع الفريق أن تكون الحفرة مرتبطة بشبكة أوسع من مكامن الغاز التي ظلت تغذي اللهب باستمرار منذ ذلك الوقت.
وفي ظل غياب التقنيات المتطورة لاحتواء الانبعاثات كانت نتيجة تسرب الغازات السامة عكسية، لم تنخفض شدة الاشتعال ولم يتوقف تدفق الغاز، ثم تركت على حالها في البلد الذي يملك سادس أكبر احتياطي للغاز في العالم.
أصبحت “بوابة الجحيم” من الملفات الموروثة عن العهد السوفياتي (غيتي) محاولة استكشافيةبعد استقلال تركمانستان عام 1991 أصبحت “بوابة الجحيم” من الملفات الموروثة عن العهد السوفياتي بلا خطة واضحة للإغلاق أو الاستمرار فاستمر اشتعالها، وتستخدمها السلطات التركمانية اليوم كمعلم سياحي يُصدر وهجا غريبا يمكن رؤيته ليلا من على بعد كيلومترات، وتنبعث منه رائحة بيض كريهة لا علاقة لها بالغاز الطبيعي الذي لا رائحة له، بل ينتجها كبريتيد الهيدروجين في باطن الأرض.
لم تُنشأ بوابة الجحيم لهذا الغرض، لكن شهرتها بدأت تتزايد تدريجيا مطلع الألفية مدفوعة بصور الأقمار الصناعية والتغطيات الإعلامية التي وثقتها وسط الصحراء القاحلة، بل أصبحت صورها تُستخدم في تقارير عن تغير المناخ والطاقة الأحفورية، وأدرجتها مجلات عدة ضمن أغرب الأماكن على وجه الأرض.
ومع تحول “بوابة الجحيم” إلى محط أنظار الكثيرين دفع الغموض الذي يكتنفها العديد من العلماء والجيولوجيين إلى محاولة سبر أغوار هذه الحفرة.
كان أولهم المغامر والمستكشف الكندي جورج كورونيس الذي قام بأول رحلة استكشافية للحفرة عام 2013 مرتديا بدلة مقاومة للحرارة مزودة بالأكسجين، بهدف التعرف عن كثب على خصائص الحفرة المتكونة من الآلاف من كرات النار، ومع ذلك كان من الصعب العثور على معلومات أساسية عن الحفرة.
جمع كورونيس عينات بحثية أثبتت وجود بعض أنواع البكتيريا التي تعيش في هذه البيئة القاسية والقادرة على تحمل درجات حرارة عالية للغاية، تعيش هذه الكائنات في بيئة مغلقة داخل الفوهة الساخنة، وهي كائنات فريدة على الأرض.
الدراسات البيئية المنشورة عن بوابة الجحيم قليلة (غيتي) هل يمكن إخماد نيران “بوابة الجحيم”؟الدراسات البيئية المنشورة عن بوابة الجحيم قليلة، لكن التقديرات تظهر أن الحفرة تطلق كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ووفقا لتقرير من بلومبيرغ، تمتلك تركمانستان أسوا رقم قياسي في العالم لتسرب غاز الميثان المتسبب بتسخين المناخ، وتزايدت دعوات إطفاء نيران الحفرة المشتعلة منذ أكثر من نصف قرن للحد من أضرار تغير المناخ.
في عام 2010 زارها الرئيس السابق قربان قولي بردي محمدوف، وأمر بإيجاد حل لإزالتها أو التأكد من أنها لا تعيق تطوير حقول الغاز المجاورة، لكن لم تُعلن نتائج واضحة، ولم تُتخذ خطوات جدية لإطفائها أو احتوائها.
وفي عام 2022 أصدر خلفه سيردار بردي محمدوف قرارا رسميا بإغلاق الحفرة التي أشار إلى أنها من صنع الإنسان، وتتسبب بخسارة موارد طبيعية ثمينة، لكن الإجراءات لا تزال محدودة حتى اليوم.
ورغم عدم وجود سقف زمني لإخماد نيران الحفرة فإن السلطات بدأت باستقطاب مستشارين وعلماء أجانب لإيجاد حل لإخماد النار، ويبدو أنهم متفقون على أن أي محاولة لإغلاقها ستكون مرهقة وخطيرة ومكلفة، وربما غير مجدية.
يتطلب القضاء على فوهة دارفازا إخماد الحرائق، ثم منع تسرب الغاز من الأرض.
ويقترح البعض لإنجاز الخطوة الأولى على سبيل المثال رش إسمنت سريع الجفاف في الفوهة لإزالة الهواء الغني بالأكسجين الذي يغذي الحرائق.
لكن أيرلاند يحذر من المخاطر المحتملة لإطفاء حفرة دارفازا دون معالجة تسرب غاز الميثان، مؤكدا أن الغاز سيجد ببساطة طرقا أخرى للتسرب إلى السطح، مما سيؤدي إلى استمرار المشكلة، ويضيف مصدرا آخر لتسرب الميثان إلى حصيلة البلاد المتراكمة منذ العهد السوفياتي.
وهذا يعني أن الطريقة الوحيدة لخنق “بوابة الجحيم” بشكل صحيح هي خنق التسرب عند مصدر غاز الميثان، لكن إذا لم يتم التنقيب بأقصى درجات العناية لتحديد موقع الصدع الجوفي الذي ينبعث منه الغاز، فقد تؤدي شرارة مفاجئة أو حادث حفر إلى انفجار مميت.
وحتى لو تمكن المهندسون من تحديد موقع الصدع الجوفي فمن غير المؤكد كيفية سده، ففي حين أن إصلاح التسريبات الصناعية قد يكون معقدا فإن التسريبات الجيولوجية أكثر تعقيدا بكثير ومليئة بالشكوك.
ومن المفارقات أن هناك احتمالا ضئيلا لاستخدام عبوة ناسفة كبيرة لعزل غاز الميثان، وقد استُخدمت هذه الطريقة لإخماد حرائق الآبار الصناعية، وليس من الواضح كيف يمكن تطبيق هذا على فوهة دارفازا، ومن المرجح أن الأمر سيتطلب قنبلة ضخمة جدا.
في الواقع، استخدم المهندسون السوفيات رؤوسا نووية مرات عدة لإخماد حرائق آبار الغاز على عمق أميال تحت الأرض، وكانت آخر مرة عام 1981، لكن من غير المرجح أن يجد هذا النهج دعما في عالم اليوم، وقد لا ينجح حتى في فوهة دارفازا.
وما سبق يعني أن إخماد هذه النيران بشكل صناعي صعب جدا، لكن يمكن أن تخمد النيران بشكل طبيعي في يوم ما، وكان باحثون من الفرع العلمي لشركة “توركمان غاز” -وهي شركة الغاز الوطنية التركمانية- قد أشاروا إلى أن توهج الفوهة يبدو أنه آخذ في الخفوت، وربما تتوقف عن الاشتعال يوما ما.