نشر موقع "ناشونال إنترست" مقالا يزعم أن القنبلة النووية ستكون بلا جدوى لإيران وستعرضها لمخاطر بلا نهاية، وأن امتلاك إيران للسلاح النووي لن يضمن أمنها، بل سيجعلها عرضة لضغوط ومخاطر أكبر.

وأوضح المقال، الذي أعده جون ألين غاي مدير التحرير السابق للموقع أن امتلاك سلاح نووي سيطلق سباق تسلّح لا تستطيع إيران مجاراته، ويعرضها لتحديات تقنية واستخباراتية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: رئيس السلفادور مؤيد لإسرائيل وشريك لترامب بترحيل المهاجرينlist 2 of 2نيويوركر: رسالة من مستشفيات غزة المدمرةend of list

وأضاف غاي أن الردع النووي لا يُبنى على القنبلة وحدها، بل على شبكة معقّدة من القدرات لا تملكها إيران، وخلص إلى أن أفضل خيار لإيران ليس تصنيع القنبلة، بل تجنّبها.

مفترق طرق خطير

وذكر أن إيران ظلت تتردد منذ سنوات عند مفترق طرق خطير: هل تمضي قدما في تطوير سلاح نووي؟

وأشار إلى أنه وبمجرد أن تمتلك إيران قنبلة نووية، فإنها لن تصبح "محمية"، بل ستُجبر على الدخول في معادلة معقدة من بناء ترسانة، وتطوير قدرات الردع، وتعزيز أنظمة القيادة والسيطرة، وهي كلها أمور مكلفة وخطيرة، خاصة في ظل محدودية الموارد الإيرانية.

واستمر غاي يقول إن جوهر الردع النووي يقوم على إقناع الخصم بأنك على استعداد لاستخدام السلاح النووي، حتى لو كان الثمن هو تدميرك الذاتي، لكن من الصعب أن تُقنع العالم بأنك مستعد للفناء من أجل قضية ما.

إعلان

وإيران كدولة، مهما بدت راديكالية في خطابها، تتصرف غالبا بعقلانية في الأزمات، مثل ردّها المحدود على اغتيال قاسم سليماني، أو إحجامها عن الدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.

لن تكون مقنعة

وأكد الكاتب أن بعض القادة الإيرانيين يستخدمون خطابا "متطرفا"، وأن النظام يتبنى خطابا أيديولوجيا، وهذا قد يعطي انطباعا بعدم العقلانية، لكن في الواقع، فإن قرارات طهران مدروسة في الغالب، ومبنية على حسابات دقيقة، وحتى لو حاولت أن تظهر كأنها "لا تخشى الموت"، فذلك سيفقد مصداقيته إذا ما تكرّرت مواقف عقلانية منها في اللحظات الحرجة.

وقال إن الردع الفعال يعتمد على امتلاك قدرات عبر "سلم للتصعيد" الكامل، من الأدوات الاستخباراتية والتقليدية، إلى الذروة النووية، وإيران، وفق الكاتب، تعاني من نقاط ضعف كثيرة في هذا السلم.

فالقدرات التقليدية والاستخباراتية لإيران أقل بكثير من إسرائيل والولايات المتحدة. حتى صواريخها الباليستية -وهي أبرز ما لديها- لم تثبت فعالية كبيرة، كما حدث في الضربات الأخيرة التي لم تُسفر إلا عن مقتل فلسطيني واحد.

سباق مرهق

وأضاف أن بناء ردع نووي فعّال يتطلب استثمارات ضخمة: صواريخ دقيقة، أنظمة إطلاق متعددة، قواعد محصّنة، جاهزية عالية، دفاعات صاروخية، أجهزة إنذار مبكر، وأكثر.

ووصف ذلك بأنه سباق مرهق حتى للدول المتقدمة، متسائلا: فكيف بإيران التي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة، وعزلة دولية، وتسريبات استخباراتية، واسعة؟

وقال أيضا إن الأمر الغريب هو أن مجرد امتلاك قنبلة بدائية قد يزيد من احتمالات تعرّض إيران لهجوم استباقي، بدلا من أن يردع أعداءها.

فدول مثل إسرائيل، التي سبق أن ضربت المفاعلات النووية في العراق وسوريا، قد تجد اللحظة ملائمة لتوجيه ضربة قاصمة لإيران، خاصة إذا شعر العالم أن القنبلة ليست جاهزة للاستخدام بعد.

وختم غاي مقاله بأنه حتى لو امتلكت إيران قنبلة قادرة على تدمير مدن إسرائيلية أو قواعد أميركية، فإن ذلك لا يردع الهجمات المحدودة أو السياسات التدريجية مثل العقوبات أو الغارات السرية أو اغتيال العلماء، وإن هذه الاستنزافات البطيئة لا يمكن الرد عليها بقنبلة نووية من دون المخاطرة بانتحار شامل.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

قرار الحكومة اللبنانية سحب السلاح بين سيادة الدولة ومعادلة الردع

تشهد الساحة اللبنانية هذه الأيام نقاشاً محتدماً حول مستقبل السلاح في لبنان وحصريّته بيد الدولة، بعدما أخذت الحكومة قراراً بسحب هذا السلاح، لاسيّما سلاح حزب الله. القرار يبدو للبعض خطوة على طريق تعزيز سيادة الدولة وبسط سلطتها، لكنّه في جوهره يطرح أسئلة أعمق عن معنى السيادة، ومعايير القوّة، وحدود التنازل عن عناصر الرّدع في بيئة إقليمية مضطربة وعدوّ متربّص.

أولاً ـ ما طبيعة السلاح المستهدف؟

إنّ ما يُبحث، حقيقة، في أروقة السياسية وكواليس صنّاع القرار ليس السلاح الفردي أو المتوسط المنتشر بين اللبنانيين، وهو السلاح الذي يهدّد التوازن الداخلي والسّلم الأهلي، بل هو على وجه التحديد السلاح الثقيل لدى حزب الله، من صواريخ دقيقة بعيدة المدى، وقدرات مضادّة للطيران، وأسلحة استراتيجية لم تُستَخدم في النزاعات الداخلية، وإنّما وُجِدَت - نظرياً - لردع أيّ عدوانٍ "إسرائيلي" واسع.

إنّ قوّة الرّدع ليست رفاهية عسكرية، بل ضمانة لسلامة الأرض وكرامة الشعب. والتعامل معها ينبغي أن يكون بعقل الدولة، لا بمنطق التصفيات السياسية والحسابات الضيقة، فـ"إسرائيل" لا تسعى إلا إلى ضعف لبنان وتكريس انقساماته؛ وأيّ فراغ في ميزان القوّة هو ثغرة تستدعي إغلاقها بتفاهم وطني على استراتيجية دفاعية متينة، تحفظ الدولة وتوحّد قدرات أبنائها، وتصون كرامة شعبها في وجه أي عدوان.هذا السلاح، سواء اتّفقنا مع الجهة التي تحوزه أو اختلفنا معها، يمثّل ورقة قوّة معتبرة في ميزان الصراع مع عدوٍّ لا يخفي أطماعه، ويعمل منذ عقود على إضعاف أيّة قوّة إقليمية تهدّد تفوّقه، ولذلك كان من الطبيعي أن ينقسم اللبنانيون، الموزّعون إلى طوائف دينية ومذاهب إسلامية ومسيحية، وإلى أحزاب عقائدية ووطنية، يمينية ويسارية، حول هذا القرار، وأن يعارضه كثيرون منهم ليقولوا:

ـ لم يُستخدم هذا السلاح المطلوب سحبه في الداخل اللبناني، ولا يمكن استعماله لتقوية فريق على آخر.

ـ يمثّل السلاح المطلوب سحبه وجمعه بيد الدولة تهديداً لأمن دولة الكيان، ورادعاً أساسياً لها أمام أيّ عدوان شامل.

ـ يربك هذا السلاح "إسرائيل" إن لم يردع مغامراتها في الاجتياح والغزو وفرض شروطه على لبنان.

ثانياً ـ تداعيات نزع السلاح

لا يمكن أن ننظر إلى دعوات سحب السلاح أو مطالبات بعض الأحزاب اللبنانية وقرار الحكومة في هذا الشأن بمعزل عن الواقع الإقليمي المحتدم، والمطامع الصهيونية المعلنة. وسواء كان قرار الحكومة باسم السيادة، أو الدولة، أو السّلم الأهلي، أو كان تحت عناوين أخرى، فهو، شئنا أم أبينا، يشكّل استجابة للرغبة السياسية الصهيونية التي لم يستطع العدوّ تحقيقها عسكرياً، الأمر الذي يحقّق تفوّقاً مطلقاً، وهو الذي يبحث عن مصالحه لا مصالحنا، ومصادر قوته بإضعاف مصادر قوتنا، ويكفي أن نشير في هذا المقام إلى النقاط الآتية:

ـ هامش مناورة أقل للدولة: لا تملك الدولة اللبنانية بنية دفاعية متطوّرة، ولا خطّة حماية عملية، وهي بالتالي لا تستطيع حماية هذا السلاح من الضربات الإسرائيلية إن هي جمعته في مخازنها، وهي التي لا تملك القدرة على الدفاع عن أراضيها وحدودها في حال الحرب، وليس قصف "إسرائيل" مخازن الأسلحة السورية عنا ببعيد! ولا شكّ بأنّ مصادرة هذا السلاح وحصره بيد الدولة سيجعله عرضة للتدمير، وسيساهم في إضعاف قدرة أي حكومة على التفاوض أو الصمود في الأزمات.

ـ إضعاف الردع الوطني: يجرّد سحب السلاح في هذه المرحلة الحرجة البلد من قدرات ردع هو في أمسّ الحاجة إليها، في ظلّ تربّص العدوّ بدولة لا تملك القدرة على استخدام هذا السلاح، ممّا يعني انكشافنا أمام التفوّق الجوّي والبحري والاستخباراتي "الإسرائيلي".

ـ تحقيق هدف إستراتيجي للعدو: لطالما سعت "إسرائيل" إلى إفراغ لبنان من أيّ سلاح يهدّد أمنها، وأيُّ خطوة في هذا الاتجاه تمثّل مكسباً مجانياً لها، لأنّ هذا السلاح إن لم يردع، فلا أقلّ من أن يكون مصدر إقلاق لهذا العدوّ المتربّص.

ـ المساهمة في معالجة مشكلات العدو: يشكّل هذا السلاح عائقاً أساسياً أمام عودة المستوطنين إلى شمال فلسطين، الأمر الذي تعاني منه "إسرائيل" مشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية، لم تعد قادرة على التعامل معها.

ثالثاً ـ الرّدّ على الاعتراضات

يقول البعض: لم يحمِ هذا السلاح لبنان في محطات مفصلية من تاريخ الصراع، ولم يمنع مطامع العدوّ في معارك مساندة الطوفان. وهذه الملاحظة، وإن كان فيها جانب من الصّحّة، إلا أنّها تحتاج إلى توضيح:

ـ أدوات الرّدع لا تعمل دائماً عبر الإطلاق الفعلي للنّار، بل في جعل هذا العدوّ حذراً من التورّط في خيارات مكلفة، إذ إنّ مجرّد امتلاك القدرة على الرّدّ يجعل حسابات العدو أكثر تعقيداً.

ـ إنّ عدم استخدام هذا السلاح في حالات سابقة، لأسباب واعتبارات متعدّدة، لا ينفي قيمته الاستراتيجية إذا أُحسن دمجه في خطة دفاع وطنية موحّدة.

ـ المشكلة ليست في وجود السلاح بحدّ ذاته، بل في غياب إدارة وطنية توافقية لكيفية توظيفه ضمن رؤية الدولة وتوافق اللبنانيين.

رابعاً ـ بين الدولة والمقاومة

المعادلة الصحيحة لا تقوم على التضادّ بين قوّة الدولة وقوّة المقاومة، بل على صيغة تكاملية تحفظ قرار السّلم والحرب بيد الدولة ومؤسّساتها الوطنية، مع ضمان بقاء عناصر القوّة الرّدعية حتى لو تغيّرت الظروف أو تبدلت التحالفات.

يمثّل السلاح المطلوب سحبه وجمعه بيد الدولة تهديداً لأمن دولة الكيان، ورادعاً أساسياً لها أمام أيّ عدوان شامل.إنّ جمع السلاح في مخازن تحت سلطة الدولة دون حماية حقيقية لهذه المخازن لا يحقّق السيادة، بل يجعل هذا السلاح عبئاً، يسهل على العدو ضربه ساعة يشاء.

خامساً ـ استشراف المستقبل

ـ إذا نُزع السلاح بلا بديل: سيتقلّص هامش الرّدع، وستصبح الحدود اللبنانية أكثر عرضة للابتزاز العسكري والسياسي.

ـ إذا استُبقي السلاح دون تنظيم: سيبقى باب الجدل الداخلي مفتوحاً، وسيظلّ جزء من اللبنانيين يرى بلده مستباحاً، لأنّ قرار الحرب والسلم خارج الدّولة.

ـ الخيار الأمثل: التوافق على استراتيجية دفاعية وطنية، تستثمر السلاح في حفظ كرامة الدولة وسيادتها، من خلال توحيد القوّة تحت مظلّة الدولة، بحفظ القدرات التي تردع العدو، وتمنع استفراد لبنان.

خاتمة

في زمن الأزمات، تختبر الشعوب والنخب بقدرتها على الجمع بين المبادئ والمصالح، وبين الحفاظ على السيادة وتجنب السقوط في فخ إضعاف الذات خدمة لعدو مشترك.

إنّ قوّة الرّدع ليست رفاهية عسكرية، بل ضمانة لسلامة الأرض وكرامة الشعب. والتعامل معها ينبغي أن يكون بعقل الدولة، لا بمنطق التصفيات السياسية والحسابات الضيقة، فـ"إسرائيل" لا تسعى إلا إلى ضعف لبنان وتكريس انقساماته؛ وأيّ فراغ في ميزان القوّة هو ثغرة تستدعي إغلاقها بتفاهم وطني على استراتيجية دفاعية متينة، تحفظ الدولة وتوحّد قدرات أبنائها، وتصون كرامة شعبها في وجه أي عدوان.

مقالات مشابهة

  • قرار الحكومة اللبنانية سحب السلاح بين سيادة الدولة ومعادلة الردع
  • لاريجاني:العراق يشكل الرئة الاقتصادية والمالية والدفاعية لإيران
  • غياب الثقة في واشنطن مستمر.. إيران ترحب بتقليص أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات
  • مسؤول سابق بـ الطاقة الذرية: إيران لم تقترب من امتلاك سلاح نووي
  • الناجون من القنبلة النووية (2)
  • جعجع: لماذا يُصرّ النظام الحالي في إيران على تخريب العلاقات مع لبنان؟
  • أكدت أن النووي «حق أصيل».. إيران: التفاوض مع واشنطن ليس تراجعاً
  • قنبلة ليتل بوي السلاح النووي الذي دمر ثلثي هيروشيما
  • من صنع القنبلة النووية هو «الخوف».. والثقة فقط هي التي تضمن عدم استخدامها ثانية
  • تحييد قنبلة بريطانية تزن 500 كيلوغرام في بلغراد.. تعود إلى الحرب العالمية الثانية