الجزيرة:
2025-06-09@01:34:23 GMT

الحرب الصامتة على الوجود المسيحي في القدس

تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT

الحرب الصامتة على الوجود المسيحي في القدس

لا يقف عدوان الاحتلال في القدس المحتلة، عند مكونٍ بعينه، فمنذ عام 1967 يتعرّض جميع الفلسطينيين في المدينة المحتلة لمحاولات الطرد والاجتثاث من القدس، ومن أبرز هذه الفئات مسيحيو القدس، الذين يشكلون جزءًا لا يتجزأ من هُوية المدينة الحضارية والثقافية والدينيّة، وتمتلك كنائسهم أكثر من نصف مساحة القدس، ما جعل استهداف المسيحيين والكنائس على حدٍ سواء، هدفًا أساسيًا للاحتلال، في سياق محاولات الأخير تحويل المدينة إلى مدينة يهوديّة المعالم والسكان.

ويقدم هذا المقال إطلالةً على أعداد المسيحيين في القدس المحتلة وواقعهم، وأبرز الاعتداءات التي تعرضوا لها في السنوات الماضية، وصولًا إلى المخططات الإسرائيليّة الرامية إلى مصادرة أملاك الكنائس عبر التسريب، أو الاستيلاء من خلال الضرائب.

تراجع أعداد المسيحيين منذ احتلال القدس

ضيقت سلطات الاحتلال على المسيحيين وكنائسهم منذ احتلال القدس، عبر عرقلة الاحتفال بالأعياد، والاعتداء على الكنائس، ومحاولة التدخل في إدارتها، كما تعرض المسيحيون للتهميش الاقتصادي والاستهداف المتكرر.

ودفعت سياسات الاحتلال هذه المسيحيين إلى الهجرة خارج فلسطين، وهو ما أدى إلى تراجع أعدادهم بشكلٍ كبير، فبحسب المتحدث باسم مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في القدس المحتلة، كان المسيحيون يشكلون نحو 25% من سكان القدس في عام 1922.

إعلان

وتُشير مصادر عبريّة بأن نسبتهم  في عام 1946 بلغت نحو 20%، بينما تُشير معطيات الاحتلال المنشورة في عام 2024 إلى أن المسيحيين يمثلون نحو 2% من إجمالي سكان القدس المحتلة، فلم يتجاوز عددهم نحو 16.200 مسيحي في القدس في عام 2021، من بينهم 12.900 مسيحي عربي، و3.300 مسيحي من غير العرب.

أهداف الاحتلال من تقليل أعداد المسيحيين في المدينة المحتلة

تتشابك أهداف الاحتلال في استهداف المسيحيين في القدس لتحقق جملةً من الحقائق على أرض الواقع، ويمكن التركيز على النقاط الآتية في هذا السياق:

تفريغ القدس من هويتها الأصيلة، واستهداف جزءٍ من تاريخها: إذ تُشكّل المسيحية جزءًا أصيلًا من النسيج الحضاري والثقافي والديني للفلسطينيين والقدس على حدٍ سواء، ويؤكد الوجود المسيحي في القدس تعددية المدينة، وهي تعددية كانت قبل الاحتلال، وستظلّ بعده، فاستهداف المسيحيين الممنهج، ومحاولة القضاء على وجودهم يُمهّد لإنهاء جزء أساسيّ من الهوية العربية الفلسطينية للمدينة المحتلة، في مقابل ترسيخ الرواية التوراتية المكذوبة، والادعاء بأن القدس "مدينة يهوديّة". تعزيز الهيمنة الديمغرافية للمستوطنين: يُعد استهداف المسيحيين جزءًا من محاولات الاحتلال فرض هيمنته على ديمغرافيا القدس المحتلة، عبر دفع المسيحيين إلى الهجرة من فلسطين، بالتوازي مع سعيه إلى السيطرة على أملاك الكنائس المسيحيّة، وتمكين المستوطنين من السكنى فيها، أو بناء المشاريع الاستيطانية عليها. التركيز على جانب واحدٍ من الصراع: إذ تسعى أذرع الاحتلال إلى إبراز الصراع ما بين المستوطنين وأصحاب الأرض من المسلمين فقط، من خلال تهميش حقيقة وجود المسيحيين وتاريخهم النضالي منذ بدايات الاحتلال البريطاني لفلسطين، إلى جانب دعم بعض رؤساء الكنائس من الغربيين، الذين يسهلون تسريب العقارات إلى الجهات الاستيطانية. الاستيلاء على أملاك المسيحيين في القدس المحتلة: أمام حجم الأملاك المسيحية في شطري القدس المحتلة، تشكل هذه الأملاك بما فيها من أراضٍ ومبانٍ هدفًا بالغ الأهمية للمشروع الاستيطاني في القدس المحتلة، بسبب موقعها ومساحاتها، ولكون العديد من هذه الأملاك على شكل أوقاف مملوكة للكنائس المسيحية في القدس المحتلة، ما يُغري أذرع الاحتلال بالسعي إلى مصادرة هذه الأراضي لرفع حجم الوجود الاستيطاني في قلب القدس المحتلة، وفي محيطها. إعلان تسريب أملاك الكنائس إلى الجمعيات الاستيطانية

تُشير الدراسات إلى أن الكنائس المسيحية تمتلك نحو 28% من الأراضي الوقفية والذرية غير القابلة للتصرف والواقعة ضمن أراضي الشطر الشرقي من القدس المحتلة، بينما يمتلك المسلمون نحو 29% من الأراضي الوقفية، وتمتلك الكنيسة الأرثوذكسية منفردة نحو 35% من مجمل الأوقاف المسيحية في شطري القدس المحتلة، إذ تمتلك 18% من مساحة الشطر الغربي من القدس، و17% من الشطر الشرقي من المدينة المحتلة.

وأمام حجم الأملاك المسيحيّة في القدس، يحاول الاحتلال الاستيلاء على هذه العقارات، بتواطؤ مع بعض رؤساء الكنيسة الأرثوذكسيّة (اليونانيّة) في القدس المحتلة، إذ يُشرف على هذه الكنائس رجال دين لاتين من اليونان، ويتم إبرام صفقات بيع مع جهات تابعة للاحتلال، من خلال تأجيرها لمددٍ طويلةٍ جدًا، تصل إلى 99 عامًا.

وكانت صفقة تسريب العقارات التي تكشفت ما بين عامي 2017 و2018 من كبرى الصفقات، وأثارت قلقًا فلسطينيًا كبيرًا على ما بقي من أملاك الكنائس المسيحية، فقد تضمنت الصفقة تسريب فندقي البتراء والإمبريـال و22 محلًا تجاريًّا أسفلهما.

وتقع هذه العقارات في ميدان عمر بن الخطاب عند باب الخليل، إضافة إلى بيت "المعظميّة" في حي باب حطة بالبلدة القديمة، ونصّ التسريب حينها على تأجير هذه العقارات لمدة 99 عامًا، لثلاث شركات تعمل لمصلحة جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانيّة.

ومع كل واقعة تسريب، أو عدوان من قبل الاحتلال على الكنائس المسيحية يعود الحديث مجددًا عن مواقع القائمين على الكنائس المسيحيّة في المدينة المحتلة، وضرورة إسنادها للفلسطينيين من أصحاب الأرض، لما يتمتعون به من روح وطنيّة وبيئة حاضنة تسمح لهم بالصمود في وجه الاحتلال، وعدم الإذعان لمطالبه وقراراته، ما سيساهم في المحافظة على هذا الإرث الوقفي الضخم، وتعزيز حضور الكنائس في معركة مواجهة تهويد القدس ومقدساتها.

إعلان أبرز الاعتداءات التي تعرض لها المسيحيون مؤخرًا

شهدت الأعوام الماضية تصعيدًا عدوانيًّا صهيونيًّا كبيرًا ضد المسيحيين، والمقدسات، والأملاك، والأوقاف، والكنائس، والمقابر المسيحية في القدس المحتلة، شملت الاعتداء الجسدي المباشر، وكتابة الشعارات العنصرية، وتدنيس المقابر المسيحيّة، والتضييق على المسيحيين خلال احتفالهم بالأعياد، وخاصة عيد "الفصح" لما لكنيسة القيامة من مركزية في هذا العيد.

فإلى جانب حرمان المسيحيين من قطاع غزة من قبل العدوان، من المشاركة في هذه الاحتفالات (كان يتم السماح لأعداد قليلة جدًا بالمشاركة)، وتحديد أعداد المشاركين من مسيحيي الضفة الغربية، تنصب قوات الاحتلال الحواجز الحديديّة في الطرق المؤدية إلى كنيسة القيامة، وتحدد أعداد القادرين على المشاركة في هذه الاحتفالات.

ففي 21/3/2022 حددت سلطات الاحتلال عدد المشاركين في احتفالات "سبت النور" في كنيسة القيامة بـ 4.000 مشارك فقط، من بينهم 1.800 داخل كنيسة القيامة، والباقي في باحتها، بناء على قرار صادر من قبل محكمة الاحتلال العليا. وفي 15/4/2023 حددت سلطات الاحتلال عدد المحتفلين بـ 1.800 شخص فقط، ونصبت الحواجز في الطرقات المؤدية إلى الكنيسة.

وشهدت احتفالات المسيحيين بـ"الجمعة العظيمة" في 29/3/2024 فرض قوات الاحتلال قيودًا مشددة، في أزقة البلدة القديمة، والطرق الموصلة إليها، إذ منعت سلطات الاحتلال المسيحيين من الضفة الغربية من الوصول إلى القدس، ولم تمنح تصاريح الدخول، إلا لأعدادٍ قليلة جدًا.

وانسحبت القيود على مسيرة "درب الصليب" في طريق "درب الآلام"، وبحسب مصادر فلسطينية كان عدد المشاركين في هذه المسيرة أقل بكثيرٍ من السنوات الماضية.

واستبقت سلطات الاحتلال احتفال المسيحيين بـ"سبت النور" في 4/5/2024، بنشر أعدادٍ كبيرة من قواتها، ونصبت الحواجز الحديديّة في محيط كنيسة القيامة، وحددت سلطات الاحتلال أعداد من يسمح لهم بالدخول إلى الكنيسة، وحرمت هذه الإجراءات مئات المسيحيين من المشاركة، فتجمعوا أمام الحواجز الحديدية، وعلى الرغم من وقوفهم السلميّ، اعتدت عليهم قوات الاحتلال بالضرب والدفع.

إعلان

ويتعرض المسيحيون رهبانًا وقساوسة ورجال دين إلى اعتداءاتٍ عديدة من قبل عتاة المتطرفين، ففي 17/7/2022، اعتدى عدد من الشباب الحريديم بالسبّ والشتم والبصق، على عددٍ من القساوسة والرهبان عندما وصلوا إلى البلدة القديمة في القدس المحتلة، وساروا في طريق الآلام حاملين الصليب، وتم الاعتداء على مرأى ومسمع عدد من أفراد قوات الشرطة الإسرائيلية.

وفي 19/3/2023 اقتحم مستوطنون كنيسة "ستنا مريم" على سفح جبل الزيتون، واعتدوا على رجال الدين والمصلين بأدوات حادة، ووجهوا الشتائم إليهم، وذكرت مصادر محلية أن فلسطينيًا يدعى حمزة عجاج تصدى لمتطرفَين، وتمكن من السيطرة على أحدهما بينما لاذ الآخر بالفرار.

ضريبة "الأرنونا" أداة ابتزازٍ جديدة

في شهر يونيو/ حزيران 2024 عادت إلى الواجهة قضية فرض ضريبة "الأرنونا" على الكنائس المسيحيّة في القدس المحتلة، وفي عددٍ من المدن الفلسطينية المحتلة الأخرى.

ففي 23/6/2024 قال رؤساء الكنائس المسيحية في القدس ويافا والناصرة والرملة، إن بلديات الاحتلال الإسرائيلي أبلغتهم بأنها ستتخذ إجراءات قانونية ضدهم بسبب عدم دفع الضرائب العقارية "الأرنونا"، إضافةً إلى جباية الضرائب المتراكمة منذ عدة سنوات. وأثار هذا القرار رفضًا فلسطينيًا ودوليًا، فقد رفضه رؤساء الكنائس والمؤسسات المسيحيّة المحلية والدولية.

وتعود قضية فرض ضريبة "الأرنونا" إلى عام 2018، إبان رئاسة المتطرف نير بركات بلديةَ الاحتلال، ورفض رؤساء الكنائس حينها القرار، وأغلقوا كنيسة القيامة ثلاثة أيام احتجاجًا عليه، ما أجبر حكومة الاحتلال آنذاك على تجميده، وأعاد رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليون مطالبة الكنائس بدفع هذه الأموال، وانضم إليه عددٌ من رؤساء البلديات في الداخل الفلسطيني المحتلّ.

وحول حجم الضرائب على أملاك كنائس القدس المحتلة، تُشير المعطيات إلى أنها تطال نحو 882 عقارًا في شطري القدس؛ الشرقي والغربيّ، وتصل المتأخرات التي تُطالب بها بلدية الاحتلال إلى أكثر من 190 مليون دولار أميركي.

وتسعى سلطات الاحتلال من وراء هذه القرارات لفرض المزيد من الحصار على هذه الكنائس، إذ تمتلك أجزاء كبيرة من شطري القدس المحتلة، ودفع بعض هذه الكنائس إلى بيع جزءٍ من أملاكها لسدّ ديونها من "الأرنونا"، وهو ما يسمح لأذرع الاحتلال بامتلاك هذه العقارات، وفي حال استطاع الاحتلال إجبار الكنائس على دفع الضرائب، فمن الممكن أن تفرض قرارات مشابهة على أملاك الأوقاف في القدس.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ة فی القدس المحتلة الکنائس المسیحیة الکنائس المسیحی المدینة المحتلة سلطات الاحتلال رؤساء الکنائس کنیسة القیامة المسیحیین فی هذه العقارات المسیحیین من المسیحیة فی على الکنائس على أملاک المسیحی ة فی عام من قبل التی ت

إقرأ أيضاً:

غزة واليمن ومعادلات حزيران

 

– تدرك قيادة المقاومة في غزة ومثلها قيادة الجمهوريّة اليمنية في صنعاء أن الوقت ثمين جداً في حياة أبناء قطاع غزة مع حرب التجويع التي باتت في مراحل متقدّمة من تأثيرها على مئات الآلاف المعرّضين للموت جوعاً، وأن رهان حكومة بنيامين نتنياهو ومن خلفه إدارة الرئيس دونالد ترامب في واشنطن، يقوم على وضع اتفاق إذعان مثل الذي عُرض على المقاومة لقاء تأمين دخول كميّة من المساعدات ولو لعدة أيّام، توفر بعض شحنات الغذاء وتؤخر حلول المجاعة.

– تدرك قيادة المقاومة والقيادة اليمنيّة أن لا فرص راهنة لتحوّلات في أوضاع المنطقة بحجم يُغيّر وجهة الحرب، وأن ما توفره الساحة العالميّة من حراك لنصرة غزة يُقدّم أفضل ما لديه ويضغط إعلامياً وسياسياً، لكن ذلك لا يكفي لفرض التحوّل المطلوب، وأن إحداث توازن في موقع كل من المقاومة والاحتلال في المفاوضات يستدعي إلحاق خسائر والتهديد بمخاطر تعادل رهان الاحتلال على حرب التجويع.

– تدرك قيادة المقاومة والقيادة اليمنية أن المطلوب واضح وهو الرمي بكل أوراق القوة التي يملكانها في الميدان في سباق مع الوقت، هو وقت فتك الجوع بالأرواح الفلسطينية المعذبة والصامدة في غزة، وأوراق القوة واضحة وهي العمليّات النوعيّة الموجعة لجيش الاحتلال بكثافة وضراوة بما يكفي لنقل جيش الاحتلال من التذمّر والاحتجاج إلى الصراخ بأعلى الصوت لوقف الحرب، من جهة، ومن جهة موازية تكثيف الهجمات الصاروخيّة اليمنيّة بصورة تدفع الجبهة الداخلية في كيان الاحتلال إلى الانتقال من التصويت في استطلاعات الرأي ضد استمرار الحرب إلى الانخراط في حركة في الشارع تهدّد بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو ما لم تقف الحرب.

– تلاقي فعل العوامل الثلاثة في السعي لتغيير المشهد يستند إلى تاريخ وفعل كل منها، فمن جهة تتقدّم الضغوط المتزايدة عالمياً على حكومة نتنياهو، والعزلة التي تتسع دائرة المشاركين فيها، والتداعيات الداخليّة لذلك على تماسك الرأي العام حول حكومة نتنياهو. وهذا الضغط لا يجري من نقطة الصفر بل هو يستند إلى تراكم عمره سنة وعدّة شهور تحوّل معها التضامن مع غزة إلى جزء من الحياة اليوميّة لملايين المتظاهرين على مساحة العالم، ومن جهة ثانية يأتي تصاعد العمل المقاوم النوعيّ وتوسيع نطاقه ليشمل دفعة واحدة أنحاء قطاع غزة شمالاً وجنوباً ووسطاً، ورفع كلفة الاحتلال بالآليّات والضباط والجنود الى حدّ يفوق قدرة الجيش على الاحتمال، ويدفع بقيادته إلى الضغط المباشر على حكومة نتنياهو لوقف الحرب، أو قبول صيغ تفاوضيّة قابلة للحياة تتيح فرص التوصل إلى اتفاق، والأمر يستند إلى إشكاليّات بنيويّة صعبة يعيشها الجيش بفعل تداعيات حرب عمرها عشرون شهراً، سواء على مستوى نقص العنصر البشريّ أو تراجع الروح القتالية أو تمرّد الاحتياط عن الالتحاق، ومن جهة ثالثة يتقدّم اليمن بعد فوزه بالنزال مع أميركا وإجبارها على الخروج من ساحة القتال، ليمسك بالزناد ويصوّب على الجبهة الداخليّة للكيان وقد أصابها بالإرهاق، وهي تعيش حال الهرب كل يوم من الصواريخ التي تجعل الحياة لا تطاق في وسط الكيان وتغيّر جدول أعمال ملايين المستوطنين، بينما تقول الإحصاءات الإسرائيلية إن إقفال مطار بن غوريون أصبح أمراً مقلقاً بنتائجه الاقتصادية والسياسية والمعنوية.

– الواضح أن شهر حزيران سوف يقرّر مصير الأشياء الكثيرة التي تدور حولها الحرب في غزة، وأن المقاومة تدرك أن الموافقة على الصيغ المفخّخة للاتفاقات التي لا تنتهي بـ وقف نهائيّ للحرب، تعني بلوغ مرحلة إلقاء السلاح والاستسلام وفتح الطريق لمذبحة كبرى بحق الفلسطينيين ونكبة جديدة للقضية الفلسطينية ومسيرة تهجير تاريخيّة لسكان قطاع غزة، وأن قول لا لصيغة الاتفاق، ولو بطريقة دبلوماسيّة يفرض امتلاك خطة تفرض التفاوض على شروط جديدة تلبي الحد الأدنى لطلبات المقاومة وشروطها، ولذلك نحن نرى ما يجري منذ أسبوع ونستنتج ما قد يجري خلال هذا الشهر الفاصل، بحيث يزداد عدد صواريخ اليمن اليوميّة وقد تتغيّر نوعيتها نحو الأكثر قدرة والأكثر تسبباً بالأذى، وبالتوازي تبدو عملية تصاعد القتال في غزة، وصولاً لما قالته عمليّة الأمس النوعيّة في جباليا من أن مساراً نوعياً تصاعديّاً قادم وبسرعة تلاقي سرعة زحف الجوع على أهل غزة الصامدين.

 

* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

مقالات مشابهة

  • دعوات عاجلة بمليلية المحتلة لفتح معابر جديدة بين المغرب وإنهاء شلل الحدود
  • البابا ليو ينتقد ترامب بشكل مبهم: يخالف تعاليم المسيحية
  • سرايا القدس والقسام تعلنان عن عمليتين نوعيتين في غزة.. والاحتلال يقر بمصرع 4 جنود
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس حج يوبيل الرجاء لخدام التعليم المسيحي بالقاهرة
  • غزة واليمن ومعادلات حزيران
  • الوجود الأفريقي في مكة قصة عريقة عمرها قرون
  • سرايا القدس تفجر عبوتين بقوات الاحتلال في القرارة بخان يونس
  • «نادين الراسي» تنتقد متحدث جيش الاحتلال لإضراره بالسياحة في بلدها
  • هل تصبح القدس بلا مسيحيين؟
  • سرايا القدس تبث فيديو استهداف آلية إسرائيلية في بيت لاهيا