عربي21:
2025-12-11@23:18:38 GMT

لماذا لا ينتصر ترامب على الصين؟

تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT

في تصعيد بالغ الخطورة في سياق الحرب الاقتصادية الممتدة بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت بكين عن استخدام واحد من أخطر وأهم أسلحتها الاقتصادية: المعادن النادرة.

هذا القرار الصيني لم يأتِ في سياق مناورة سياسية أو خطوة رمزية، بل يُعد تحولا استراتيجيا يعكس استعداد الصين للمواجهة المفتوحة مع واشنطن، وبالأدوات التي تؤلمها حقا.



فالمعادن النادرة -والتي قد لا يعرف الكثيرون أهميتها- هي مجموعة من 17 عنصرا كيميائيا تدخل في صميم الصناعات المتقدمة، من تصنيع المحركات الكهربائية والهواتف الذكية والطائرات المقاتلة والغواصات، إلى أنظمة الدفاع الصاروخي والطاقة المتجددة وحتى الذكاء الاصطناعي. بكين، التي تعمل على استخراج هذه المعادن منذ خمسينيات القرن الماضي، أصبحت اليوم أكبر منتج ومُعالج لها في العالم.

الصراع بين القوتين العظميين لم يعد مجرد خلافات تجارية أو منافسة على الأسواق، بل بات أشبه بحرب باردة جديدة، لكنها حرب تكنولوجية - صناعية بامتياز. كل طرف يُشهر أوراق قوته: الصين تُهدد بإغلاق صنبور المعادن النادرة، وأمريكا تُحاصر صناعة الذكاء الاصطناعي في بكين
وقد وصف الرئيس الصيني السابق دنغ شياو بينغ هذه المعادن وصفا دقيقا في عام 1992 حين قال: "الشرق الأوسط لديه النفط، أما الصين فلديها المعادن النادرة". واليوم، يبدو أن الصين قررت استخدام "نفطها التكنولوجي" لتعيد رسم موازين القوى العالمية.

الصين تُنتج اليوم ما يعادل 61 في المئة من إجمالي إنتاج المعادن النادرة عالميا، بحسب بيانات الهيئة الجيولوجية الأمريكية (USGS)، ولكن الأكثر إثارة هو أن بكين تتحكم في 98 في المئة من عمليات معالجتها وتنقيتها، وهي المرحلة التي تضيف القيمة الصناعية الحقيقية لهذه المواد.

في تموز/ يوليو 2023، فرضت الصين قيودا على تصدير عنصري الغالوم والجرمانيوم، الضروريين في صناعة أشباه الموصلات، قبل أن توسّع لاحقا هذه القيود لتشمل سبعة عناصر نادرة إضافية. هذه الخطوة شملت ضرورة حصول الشركات -سواء الصينية أو الأجنبية- على تصاريح حكومية لتصدير تلك المعادن، ما يعني عمليا وضع اليد الصينية على عنق الصناعات الأمريكية المتقدمة.

الأسبوع الماضي أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا بفتح تحقيق في أسباب اعتماد الولايات المتحدة على الصين بشكل كبير في قضية المعادن النادرة، ولماذا تأخرت الولايات المتحدة حتى الآن في الاعتماد على نفسها في إنتاج ما تحتاجه من تلك المعادن.

الحقيقة أن ترامب محق في إجراء هذا التحقيق. الولايات المتحدة ليست فقط متضررة من هذه القيود، بل هي رهينة لها. بين عامي 2020 و2023، استوردت أمريكا نحو 70 في المئة من احتياجاتها من المعادن النادرة من الصين. وعلى الرغم من إدراك واشنطن لهذا الاعتماد الخطير، فإن محاولات تقليل هذه الفجوة تسير ببطء.

فبداية من عام 2020، خصص البنتاغون حوالي 439 مليون دولار لدعم بناء سلسلة توريد محلية لهذه المعادن، لكن المشروع لا يزال في مراحله الأولى، بسبب القيود البيئية الصارمة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وصعوبة توفير عمالة رخيصة كما هو الحال في الصين.

حتى الآن، لا توجد بدائل قادرة على سد الفراغ الصيني. أستراليا وكندا تحاولان تطوير مناجم نادرة، إلا أن مرحلة المعالجة تبقى معضلة معقدة، لأن نقل التكنولوجيا والمعالجة خارج الصين ما يزال محدودا جدا.

الصين تعتمد على مجموعة من أوراق القوة، أولها واهمها انخفاض تكلفة العمالة بالمقارنة بالأسواق الأمريكية، أضف إلى ذلك أن عملية إنتاج واستخراج ومعالجة المعادن تستلزم قيودا بيئية ومناخية صارمة، وهو ما لا تلتزم به الصين بشكل كبير.

الرد الأمريكي.. من بوابة الذكاء الاصطناعي

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ يدركان أن هذه المعركة ستحدد شكل النظام العالمي الجديد. والأخطر من كل ذلك أن المواجهة باتت بلا قواعد ولا حدود.. وكل الخيارات على الطاولة
واشنطن لم تصمت، فقد اختارت في المقابل الرد عبر أخطر الملفات الحساسة للصين: شرائح الذكاء الاصطناعي. فقد فرضت الإدارة الأمريكية قيودا مشددة على تصدير شرائح شركة Nvidia إلى الصين، خصوصا شريحة H100 وH20، التي تُعد أساسية في تشغيل الخوارزميات المتقدمة، لا سيما في شركات صينية مثل "Deep Seek" و"Alibaba Cloud".

هذه الخطوة أدت إلى خسائر مباشرة تُقدّر بـ5.5 مليار دولار لشركة Nvidia، لكنها كانت محسوبة ضمن استراتيجية أوسع لكبح جماح التطور العسكري الصيني، حيث تخشى الولايات المتحدة من تسخير هذه التقنيات في تطوير أسلحة ذكية ومنظومات قتالية مستقبلية.

الصراع بين القوتين العظميين لم يعد مجرد خلافات تجارية أو منافسة على الأسواق، بل بات أشبه بحرب باردة جديدة، لكنها حرب تكنولوجية - صناعية بامتياز. كل طرف يُشهر أوراق قوته: الصين تُهدد بإغلاق صنبور المعادن النادرة، وأمريكا تُحاصر صناعة الذكاء الاصطناعي في بكين.

هذا التصعيد المتبادل يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر خطورة، فإذا استمرت التوترات بهذا الشكل، فإن الاحتمال الكبير هو أن تنزلق المواجهة من حرب اقتصادية إلى صراع جيوسياسي صريح، خاصة في ملفات حساسة مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ يدركان أن هذه المعركة ستحدد شكل النظام العالمي الجديد. والأخطر من كل ذلك أن المواجهة باتت بلا قواعد ولا حدود.. وكل الخيارات على الطاولة، ولكن ما يبدو حتى الآن أن ترامب لا ينتصر على الصين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الصيني ترامب الصراع منافسة امريكا الصين منافسة صراع ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة المعادن النادرة الصین ت التی ت

إقرأ أيضاً:

صحيفة روسية: لماذا لم يدرس زيلينسكي خطة ترامب بعد؟

تناول تقرير لصحيفة "غازيتا" الروسية حالة التوتر والانتقادات المتصاعدة حول ما قيل عن تأخر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الاطلاع على خطة التسوية التي اقترحتها واشنطن، وما ترتب على ذلك من ردود فعل أميركية وروسية وأوكرانية رسمية.

وقال مُعد التقرير الكاتب أوليغ إغناتوفيتش إن زيلينسكي لم يطّلع على آخر المقترحات المتعلقة بتسوية النزاع مع روسيا، "خوفا من احتمالات التجسس"، نظرا إلى أن الاطلاع سيكون بالهاتف، حسب ما أفادت به وسائل إعلام أوكرانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب أميركي: إستراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي تصدم أوروباlist 2 of 2"عين النجوم".. مشروع صيني طموح لسيادة الفضاءend of list

وبدلا من ذلك، يعتزم زيلينسكي الاطلاع شخصيا، خلال زيارته المرتقبة إلى لندن، على تقرير رئيس وفده في المفاوضات، رستم عمروف.

خيبة أمل ترامب واتهامات

وفي الوقت نفسه، يقول التقرير إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب عن خيبة أمله من بطء زيلينسكي، في حين وجّه نواب في البرلمان الأوكراني اتهامات له بـ"التباطؤ" في مسار السلام.

وأكد الكاتب أن زيلينسكي لم يطلع بعد على التعديلات التي أُدخلت بعد مفاوضات الثاني من ديسمبر/كانون الأول بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومبعوثي الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، كما أنه لا يعلم ما تم التوصل إليه خلال لقاء وفدي أوكرانيا والولايات المتحدة في فلوريدا الأسبوع الماضي.

وحسب مصدر بوكالة "آر بي كيه أوكرانيا"، فلا تزال الوثيقة تحتوي على قضايا معقدة تحتاج إلى مزيد من الدراسة، ويجري العمل حاليا على عدة مشاريع لخطة السلام في وقت واحد.

المتحدث باسم الكرملين:
اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تضمّن عملا معمقا، شكّل أساسا لمناقشات لاحقة في فلوريدا روسيا راضية

ويضيف الكاتب أن ترامب أبدى استياء واضحا من عدم اطلاع زيلينسكي على النسخة المحدثة من خطة التسوية، قائلا إن موقف الرئيس الأوكراني أشعر ترامب بالخيبة.

وأوضح ترامب: "أشعر ببعض خيبة الأمل، لأن زيلينسكي لم يطّلع بعد على المقترح المتعلق بالسلام.. علمت بذلك قبل ساعات قليلة.. فريقه يرى أن الخطة مناسبة، أما هو فلا، بينما روسيا راضية عن الطرح الأميركي".

إعلان

وفي المقابل، يقول الكاتب إغناتوفيتش إن رئيس لجنة الشؤون الخارجية والعلاقات البرلمانية في البرلمان الأوكراني ميريزكو أولكسندر عبّر عن استغرابه من تصريحات ترامب، مؤكدا أن زيلينسكي "يطلع على جميع الوثائق، لا سيما ذات الأهمية البالغة"، في محاولة لنفي ما قاله الرئيس الأميركي.

انتقادات حادة

على الجانب الآخر، وجّه عضو البرلمان الأوكراني أليكسي غونتشارينكو انتقادات حادة لزيلينسكي، معتبرا أنه يواصل إزعاج الحليف الرئيسي لكييف، الذي أصبحت أوكرانيا تعتمد عليه اعتمادا كاملا.

ووصف غونتشارينكو -وفقا لتقرير صحيفة غازيتا- تصرفات زيلينسكي بأنها "غير ملائمة في إطار السعي إلى تحقيق السلام"، مرجحا أن زيلينسكي يتعمّد كسب الوقت. وكان عضو البرلمان رومان كوستنكو قد دعا -بدوره- القيادة الأوكرانية إلى إطالة المفاوضات بالطريقة نفسها.

وفي موسكو، علّق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قائلا إن روسيا لا تملك تفسيرا لاختلاف المواقف بين كييف وواشنطن، لكنه شدد على أن الأطراف باتت تدرك ضرورة استمرار العمل الدبلوماسي بعيدا عن الضجيج الإعلامي.

وذكّر بيسكوف بأن اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تضمّن عملا معمقا، شكّل أساسا لمناقشات لاحقة في فلوريدا.

تسوية طويلة الأمد

من جهته، أكد يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي أن المباحثات الجارية بين موسكو وواشنطن تركز على التوصل إلى تسوية طويلة الأمد للنزاع الأوكراني، لا على مجرد هدنة مؤقتة.

وأشار أوشاكوف إلى أن اجتماع الثاني من الشهر الجاري أسفر عن تقارب أوضح في فهم مواقف الطرفين، وأن الجهود الحالية تنصبّ على معالجة النقاط الخلافية المعقدة.

أما بخصوص الجولة اللاحقة من المحادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، فقد اكتفى رئيس الوفد الأوكراني في المفاوضات رستم عمروف بالقول إن الوفد اطّلع على تفاصيل لقاء المبعوثين الأميركيين بالرئيس بوتين، وتسلم مسودات محدثة للمقترحات المطروحة للتسوية، تمهيدا لعرضها على زيلينسكي.

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض يفسر "ضمادة ترامب".. لماذا يلصقها على يده؟
  • وول ستريت جورنال: خطة ترامب للسلام تربط أوكرانيا بصفقات طاقة كبرى بين واشنطن وموسكو
  • لماذا تحتاج أمريكا إلى الخليج في معركة الذكاء الاصطناعي مع الصين؟
  • ليس روسيا أو الصين.. وثيقة الأمن القومي الأمريكي تفجر مفاجأة عن أولويات ترامب
  • الصين تهيمن وتعيد رسم خارطة المعادن الحيوية في أفريقيا
  • بكين تتحرك لتقييد الوصول إلى رقائق إنفيديا رغم سماح ترامب
  • صحيفة روسية: لماذا لم يدرس زيلينسكي خطة ترامب بعد؟
  • لأول مرة في التاريخ.. الفائض التجاري الصيني يتجاوز تريليون دولار
  • ترامب يسمح بتصدير رقاقات "انفيديا" للذكاء الاصطناعي إلى الصين
  • بعد اتصال مع شي.. ترامب يمنح إنفيديا الضوء الأخضر لتصدير الرقائق إلى الصين.. ما القصة؟