قمع الحرم الجامعي.. كيف شنّت إدارة ترامب حرباً على حرية التعبير في الجامعات الأمريكية؟
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
يمانيون../
في مشهد يعكس اتساع الهوة بين السلطة والشارع داخل الولايات المتحدة، تصاعدت موجة الغضب الشعبي ضد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أعقاب سلسلة من الإجراءات القمعية التي استهدفت الجامعات الأمريكية، وقيود صارمة فرضت على حرية التعبير، خصوصاً في ما يتعلق بالتضامن مع القضية الفلسطينية ورفض العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وفي سابقة تُعد من أخطر محاولات تسييس الفضاء الأكاديمي، اتجهت إدارة ترامب إلى استخدام أدوات السلطة الفيدرالية، بما في ذلك التهديد المباشر بقطع التمويل عن المؤسسات التعليمية، كوسيلة للضغط على الجامعات ومنعها من احتضان الأصوات المناهضة للعدوان الصهيوني.
وبحسب تقارير إعلامية أمريكية، فإن إدارة ترامب وجّهت تهديدات صريحة بوقف التمويل الفيدرالي عن الجامعات التي تسمح بتنظيم وقفات احتجاجية أو فعاليات تضامن مع فلسطين، الأمر الذي اعتبرته أوساط أكاديمية “ترهيباً مفضوحاً” يهدف إلى خنق حرية التعبير في مؤسسات يُفترض أن تكون حاضنات للفكر الحر والنقاش المسؤول.
التهديد لم يكن كلاماً عابراً، بل وصل إلى ذروته مع واحدة من أعرق المؤسسات الأكاديمية في العالم، جامعة هارفارد، التي قررت اللجوء إلى القضاء ورفع دعوى قانونية ضد الحكومة الأمريكية، احتجاجاً على ما وصفته بـ”الابتزاز السياسي”، بعد تلويح واشنطن بحرمانها من مليارات الدولارات من المساعدات الفيدرالية.
هجوم ممنهج على استقلالية القرار الأكاديمي
لم تكتفِ الإدارة الأمريكية بمحاولات تجفيف منابع التمويل، بل مارست ضغوطاً مكثفة على إدارات الجامعات لتغيير سياساتها المتعلقة بحرية التظاهر وإدارة الفعاليات الطلابية، وهي ضغوط قوبلت برفض واسع من رؤساء الجامعات، الذين عبّروا عن خشيتهم من أن تتحول مؤسساتهم إلى “أذرع أمنية تابعة للبيت الأبيض”، بدلاً من أن تبقى منارات للفكر النقدي والاستقلال الأكاديمي.
وفي هذا السياق، اعتبر عدد من الأكاديميين أن ما تقوم به الإدارة لا يختلف عن سلوك الأنظمة الشمولية، التي ترى في الرأي الآخر تهديداً وجودياً، وتلجأ إلى القمع حين تعجز عن الإقناع.
الطلاب تحت المقصلة: اعتقالات، فصل، وملاحقات إدارية
إلى جانب الضغط على الإدارات الجامعية، شنت السلطات الأمنية حملة واسعة استهدفت الطلاب المناهضين للعدوان الصهيوني، شملت اعتقالات تعسفية داخل الحرم الجامعي، وإصدار قرارات بالفصل المؤقت أو الإنذارات التأديبية، في محاولة لإخماد جذوة الحركة الطلابية التي بدأت تستعيد أنفاسها بعد سنوات من التهميش.
الطلاب من جهتهم، لم يقابلوا القمع بالصمت، بل أطلقوا موجة احتجاجات جديدة تجاوزت حرم الجامعات لتصل إلى الشوارع والساحات العامة، مطالبين بوقف ما وصفوه بـ”العسكرة السياسية للحياة الأكاديمية”، ورافعين شعار “الجامعات ليست ثكنات… والصمت على جرائم الاحتلال خيانة أكاديمية وأخلاقية”.
قضية فلسطين تعيد تشكيل الوعي الجامعي الأمريكي
المفارقة في هذا المشهد أن القضية الفلسطينية – التي طالما حاول الإعلام الأمريكي تهميشها أو تشويه صورتها – باتت اليوم محفزاً رئيسياً للوعي السياسي لدى شريحة واسعة من طلاب الجامعات الأمريكية.
فالطلاب الذين خرجوا منددين بالإبادة الجماعية في غزة، لم يكونوا مجرد نشطاء تقليديين، بل ينتمون إلى طيف واسع من التخصصات والانتماءات، ما يشير إلى أن فلسطين لم تعد مجرد قضية قومية أو دينية، بل تحولت إلى رمز إنساني جامع في وجه سياسات البطش والتمييز والكيل بمكيالين.
ترامب يواجه جبهة داخلية جديدة… والجامعات تتحول إلى بؤر مقاومة فكرية
رغم القوة الرمزية التي يحاول ترامب إظهارها عبر خطاباته وتهديداته، إلا أن الوقائع تُظهر أن الجامعات الأمريكية تحولت في عهده إلى جبهة داخلية ساخنة، تستعيد أمجاد الحراك الطلابي الذي أسقط سياسات التمييز العنصري في الستينيات، واحتج على حرب فيتنام في السبعينيات.
ومع تصاعد الأصوات المناهضة لهيمنة اللوبي الصهيوني على السياسات الأمريكية، بات واضحاً أن الجامعات، بما فيها من عقل وضمير، قد تكون رأس حربة في قلب المعادلات السياسية، وتعيد تصويب البوصلة نحو قيم الحرية، العدالة، والإنصاف.
خلاصة: قمع التعبير لم يُسكت الجامعات… بل أيقظ وعياً جديداً
ما يحدث اليوم في الجامعات الأمريكية ليس مجرد خلاف بين الطلاب والإدارة، بل معركة كبرى بين من يريد استخدام أدوات الدولة لفرض رواية واحدة، ومن يتمسك بحق التفكير الحر والاختلاف.
وإذا كانت إدارة ترامب قد نجحت في تحييد بعض وسائل الإعلام، فإنها فشلت – حتى الآن – في إسكات صوت الجامعات، التي تبدو اليوم أكثر انخراطاً في قضايا العالم، وأكثر تمرداً على السرديات الرسمية.
إن القمع الذي تمارسه الإدارة الأمريكية بحق المتضامنين مع فلسطين، لا يعكس إلا ارتباك السلطة أمام يقظة الضمير الشعبي، وخصوصاً بين شباب الجامعات، الذين لم يعودوا يكتفون بدور المتلقين، بل يصرّون على أن يكونوا فاعلين في معركة الوعي، وتحرير السياسة من قبضة المال والاحتلال.
محمد الأسدي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الجامعات الأمریکیة إدارة ترامب
إقرأ أيضاً:
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تشيد بعملية “بشائر الفتح” ضد القواعد الأمريكية
الثورة نت/..
أشادت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اليوم الاثنين، بالعملية الإيرانية “بشائر الفتح”، التي استهدفت قواعد العدوان الأميركي في ردّ مشروع على العدوان الأميركي السافر الذي طال منشآت الجمهورية الإسلامية الإيرانية النووية.
وقالت الجبهة الشعبية في بيان إن “من حق إيران كدولة ذات سيادة، أن تدافع عن أرضها وشعبها ومقدّراتها، وترد على العدوان باستهداف القواعد الأميركية والصهيونية أينما وُجدت، وهو حقّ تكفله القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة”.
وأضافت: “يُمثّل هذا الرد خطوةً متقدمةً في كسر الهيمنة والردع الأميركي – الصهيوني في المنطقة”.
وتابعت: “صواريخ “بشائر الفتح” الثقيلة التي دكّت القواعد الأميركية في الخليج، تعكس تطوراً نوعياً في معادلة الردع، وتؤكد أنّ إيران تملك إرادة ومقدرة الرد، ولن تسمح للعدو الأمريكي-الصهيوني بتحديد ميدان وشروط المواجهة”.
وأردفت: “كل التهديد والوعيد الأمريكي خلال الأيام الماضية فشل في ثني طهران عن ممارسة حقّها السيادي في الرد، وهو ما يجب أن يُشكّل دافعاً لكل قوى الأمة وأحرار العالم لتمتين جبهة المواجهة وتعزيز التنسيق بين أطراف فصائل المقاومة في مواجهة هذا العدوان المزدوج الأميركي – الصهيوني”.
وأكدت “الدعم الكامل للجمهورية الإسلامية الإيرانية في معركتها العادلة ضد الغطرسة الأميركية – الصهيونية”.
ودعت الجبهة الشعبية، الشعوب وقواها الحية إلى “التعبير الواضح عن رفضها للعدوان وإلى الوقوف إلى جانب إيران والمقاومة في معركة الدفاع عن السيادة والكرامة”.