السياحة الدينية : ” بالونات” سياسية محسوبة
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
صراحة نيوز – حسين الرواشدة
نفتح أبواب “الأضرحة” والمزارات الدينية أمام الشيعة الإيرانيين ام لا؟
تردد هذا السؤال في فضاءاتنا العامة، وما يزال، وتحول الى جدل وسجالات بين من يرفض الفكرة ويسرد عشرات الهواجس تجاهها ٫ وبين من يتبناها ويرى انها تشكل “خياراً” مشروعاً وحلاً “سياحياً” يمكن ان نذهب اليه بلا تردد، فيما وقف آخرون على “الأعراف” بانتظار ما تقرره الدولة وفق حساباتها السياسية والأمنية ومصالحها العامة.
لدي هنا عدة ملاحظات، استأذن بتسجيلها، الأولى ان هذا الملف ليس جديداً، فقد سبق وطرح في اكثر من مناسبة على امتداد العقود الثلاثة الماضية، وكان كاتب هذه السطور شاهداً وطرفاً في هذه الحوارات، سواءً أكان خلال ندوات الحوار بين المذاهب الإسلامية التي استضافها الأردنمؤسسة ال البيت منذ عام ١٩٩٢ وحتى عام ١٩٩٨، ولاحقاً المؤتمر الإسلامي الدولي الذي تبنى رسالة عمان (٢٠٠٥) حيث شارك فيه نحو ٢٠٠ عالم من كافة المذاهب الإسلامية، ثم من خلال زيارة قمت بها لطهران امتدت لأكثر من ثلاثة أسابيع التقت فيها كبار المسؤولين والمرجعيات الدينية هناك، وكانت فكرة “الزيارات” تطرح على الهامش ولا تشكل أيّة “أولوية” للطرف الإيراني ٫ وان كانوا احياناً يستخدمونها لمجرد ” الدعاية ” او المقايضة ٫ او القول بأنهم يمدون لنا أيديهم ونحن نرفض ذلك.
الملاحظة الثانية ٫ هذا “الملف” عنوانه “السياحة” لكنه في حقيقته مزدحم بصور وظلال السياسة والدين والتاريخ والجغرافيا، ذلك أن فكرة “المقامات” لدى إخواننا الشيعة – تحديداً- فكرة سياسية في الأصل تلبست “عمامة” الدين وأصبحت أداة من أدوات “التوظيف” السياسي، وهنا تحضر مسألتان: مسألة “التدين” الشعبي الذي يستند في جزء كبير من طقوسه الى الخرافة، ويعتمد على “التحشيد والتعبئة ” الجماهيرية لإنعاش الذاكرة “الدينية” باستخدام رموزها، ومسألة الجغرافيا التي تعتمد على “وقود” التاريخ، حيث بدأت مع الخميني من فكرة تصدير الثورة باستخدام القوة الناعمة ثم انتهت مع أريجاني الى فكرة “الإمساك” بالأرض لفرض الثورة، وتعميمها، وعليه فإن قضية ارتباط الزيارات أو “السياحة” بالجغرافيا كعامل لنشر “التشييع” لم تعد الآن تحظى بالاهتمام كما كانت في بدايات الثورة الإيرانية.
اما الملاحظة الثالثة فهي أن لدى الشيعة الإيرانيين، سواءً داخل ايران او في الدول التي ترتبط معها بعلاقات دافئة، مقامات واضرحة “لرموز” دينية لها وزنها الكبير بالنسبة لهم ، واتذكر هنا انني حين زرت مدينة “قم” كان اول مقام ادرج على قائمة الزيارة هو العتبة الفاطمية “مقام المعصومة” الذي يعتقدون أنه ضريج فاطمة بنت موسى الكاظم سابع الائمة الاثني عشر واخت الامام علي بن موسى الرضى، ثم مقام الامام الخميني الذي يقع على مدخل مدينة (قم)، مما يعني ان هذه المقامات (ومثلها ما هو بالعراق) تشكل بالنسبة للإيرانيين الشيعة أولويات للزيارة وممارسة “اللطم” فيما المقامات الأخرى (مقام جعفر مثلا) لا تقع الا في آخر اهتماماتهم الدينية.
الملاحظة الرابعة ٫ اطلاق حالة الجدل حول “الزيارات” الدينية وخاصة من الطرف الإيراني ليست أكثر من “بالونات” سياسية محسوبة بدقة لاختبار مواقف الدول منها، ربما تكون في سياق محاولة “اختراق” الفضاءات الإقليمية والعربية -تحديداًـ او في سياق “لعبة” التحالفات والاصطفافات التي تجري في المنطقة، لكنها في المحصلة لا تشكل “أولوية” بالنسبة للمرجعيات الإيرانية، ولا تحظى باهتمام القطاعات الشعبية الإيرانية، وبالتالي فإنها مجرد “مناورة” سياسية تتكئ على ما يحدث في المنطقة من تحولات، وما يفرض عليها من حلول.
الملاحظة الأخيرة٫ بالنسبة للأردن، فإن “المقامات” الدينية كانت -تاريخياً- وما تزال بعيدة عن “الاستثمار” السياسي، كما ان التدين في الأردن لا يتعامل مع هذه المقامات بمنطق “التقديس” ولا تشكل “طقسا” لكثير من انماطه واتجاهاته، بعكس إخواننا الشيعة والسنة في بعض الدول العربية، حيث يحتفي التدين الشعبي والرسمي احياناً بمثل هذه “المقامات”، وبالتالي فإن اقحام بلدنا في هذا البعد “الطقوسي”، بما يحمله من خرافات وارث تاريخي لا علاقة للدين به يجب ان يخضع للتدقيق، ذلك ان الحفاظ على مزاجنا الديني المعتدل وعلى أمن “المجال الديني” يفترض ان يكون في مقدمة اولوياتنا.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام أقلام أقلام عربي ودولي عربي ودولي عربي ودولي اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة
إقرأ أيضاً:
ضياء رشوان: حماس طرحت فكرة عبقرية.. والهدنة الطويلة تحقق مكاسب متوازنة لجميع الأطراف
قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان، إن حركة حماس قدمت طرحًا عبقريًا خلال المفاوضات، وهو فكرة الهدنة طويلة الأمد، مشيرًا إلى أن هذه الفكرة كانت مطروحة منذ سنوات في جولات سابقة من التفاوض، وتتراوح مدتها بين 3 و5 وحتى 7 سنوات.
وأوضح رشوان، خلال لقاء على قناة "إكسترا نيوز"، أن جوهر فكرة الهدنة يقوم على التزام الأطراف بوقف الأعمال القتالية، وخصوصًا حماس التي تلتزم بعدم استخدام السلاح، دون أن يتطلب ذلك تسليم سلاح المقاومة، وهو ما يمثل تسوية مرنة ترضي جميع الأطراف المعنية.
وأضاف أن هذا الطرح لا يفرض على إسرائيل أو الولايات المتحدة الدخول في استحقاقات "اليوم التالي" مباشرة، كما أنه لا يضع الاعتراف بالدولة الفلسطينية تحت ضغط فوري أو على المحك السياسي، بل يترك هذا الملف لتطور المواقف الدولية، خصوصًا مع استمرار اعتراف العديد من دول العالم بدولة فلسطين، حتى إن لم تكن عضوًا كاملًا في الأمم المتحدة.
وأكد رشوان أن الهدنة طويلة الأمد تحقق لإسرائيل مطلبها الأساسي وهو الأمن، وتحقق لحماس احتفاظها بسلاح المقاومة، كما تفتح الباب أمام مصر والدول العربية لتنفيذ برنامج التعافي وإعادة إعمار غزة، وفقًا لما تم التوافق عليه في القمة العربية الإسلامية الأخيرة.
وأشار إلى أن إسرائيل كانت تظن دائمًا أن الوقت في صالحها، وأن تأجيل حل القضية الفلسطينية سيؤدي إلى تلاشيها مع الوقت، لكن الأحداث أثبتت أن هذا التصور وهمٌ لا يستند إلى الواقع، وأن القضية لا تزال حية، وتحظى بدعم شعبي ورسمي على مستوى العالم.