يمانيون/ تقارير

في الوقت الذي تخلى فيه الكثير عن فلسطين، اختار الشعب اليمني أن يكون في مقدمة المناصرين، مترجمًا مواقفه إلى دعم حقيقي للمقاومة بالمال والسلاح والموقف الشعبي الذي يتجسد كل جمعة في مئات الساحات.

تخرج صنعاء الأبية، كما تخرج كل محافظات يمن الإيمان والعزة، كل يوم جمعة، في مشهد مهيب يزلزل الأرض تحت أقدام المتغطرسين.

ملايين الأحرار، رجالاً وشباباً وشيوخاً وأطفالاً، يتدفقون إلى مئات الساحات في مواقف جهادية كالسيول الجارفة، ويوم أمس خرجت الجماهير في مسيرات تحت شعار: “ثابتون مع غزة رغم أنف الأمريكي وجرائمه”، في مسيرات تتشكل بالملايين زلازل شعبية، وبراكين من الغضب المقدس، يوجه رسالة مدوية إلى العالم أجمع: اليمن هنا، وصوته عالٍ، وقلبه ينبض بفلسطين.

الحشود المليونية ترفع علم فلسطين خفاقاً شامخاً إلى جانب علم اليمن العظيم بأيد شامخة وأعين تتقد حماساً، وأصوات تتعالى بالصرخة الجهادية المباركة، وبالهتافات التي تحمل في طياتها إيماناً راسخاً وصموداً أسطورياً. “مع غزة يمن الإيمان.. رغم أنف الأمريكان”، “عهد جميع اليمنيين.. لن نترك شعب فلسطين” – كلمات وشعارات رسمت عهداً ووفاءً من نبض أمة تأبى الضيم وترفض الخنوع.

لقد جدد شعبنا اليمني الأصيل، بوعي وبصيرة قل نظيرها، التأكيد على موقفه الثابت والمناصر لغزة، موقفاً لم يزعزعه قصف الطائرات ولا حصار السنوات العجاف. ومرة أخرى، فوض هذا الشعب العظيم قائده الملهم، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، تفويضاً مطلقاً في كل ما يتخذه من قرارات وخيارات لردع العدو الأمريكي والصهيوني، دفاعاً عن كرامة الوطن ونصرة لإخواننا في فلسطين.

وفي قلب الأحداث العاصفة التي تعصف بالمنطقة، تظل القضية الفلسطينية، وعلى رأسها جرح غزة النازف، بوصلة الأحرار وصرخة مدوية في وجه العدو الصهيوني. وبينما تتسارع خُطى التطبيع وتتلاشى أصوات التنديد في أروقة بعض العواصم، يبرز اليمن، بشعبه وقيادته، كاستثناء لافت، مانحًا القضية زخمًا شعبيًا متصاعدًا يهز الضمير العالمي الراكد.

ففي كل جمعة، تتحول ساحات الوقفات الجماهيرية في المدن والعزل والقرى اليمنية إلى بحار بشرية هادرة، تجسد إصرارًا فريدًا على نصرة فلسطين. الأمر ليس مجرد تضامن عابر، بل حراك جماهيري متواصل يترجم الأقوال إلى أفعال، يخرج فيه الملايين استجابة لنداء السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، ليؤكدوا أن القدس هي جوهر الصراع ومركز المواجهة مع العدو الصهيوني.

في مقابل هذا الزخم الشعبي الهائل، يعيش الكيان المحتل حالة من الرعب والقلق المتصاعد. يدرك قادة العدو أن هذا الحراك اليمني المتصاعد ليس مجرد هتافات عابرة، بل هو تعبير عن إرادة شعبية صلبة تؤمن بأن زمن الاستسلام قد ولى، وأن اليمن ماضٍ نحو تحقيق وعد التحرير.

لقد اختار اليمن، في لحظة تخاذل عربي ودولي مخزية، أن يكون في طليعة المناصرين للقضية الفلسطينية. لم يكتفِ بالشجب والإدانة، بل ترجم مواقفه إلى دعم عملي وملموس للمقاومة الفلسطينية، بالمال والسلاح والموقف السياسي الصلب. هذا الالتزام الراسخ تجلى بوضوح في المشهد المهيب الذي يتكرر كل جمعة في ميدان السبعين بصنعاء، وفي مختلف ساحات المحافظات اليمنية، حيث يرفع اليمنيون الأعلام الفلسطينية جنبًا إلى جنب مع علم اليمن، في رسالة واضحة للعالم بأن القضية واحدة والمصير مشترك.

إن هذا التحرك الشعبي اليمني المتواصل منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” قبل أكثر من عام ونصف، يمثل ظاهرة فريدة واستثنائية. ففي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن جراء العدوان والحصار، يخرج الملايين للتعبير عن تضامنهم وإيمانهم الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية. هذه الاستمرارية اللافتة تعكس عمق الارتباط الوجداني والشعبي بفلسطين، والاستعداد للتضحية من أجلها.

لقد تميزت هذه الفعاليات بتنوع الخطاب والرسائل، حيث تتناول الكلمات والخطب مختلف أبعاد القضية الفلسطينية، من المنظور الديني والإنساني والسياسي. كما شكلت الشعارات والهتافات تعبيرًا صادقًا عن حالة الوعي والغضب والتصميم على نصرة غزة، مؤكدة الدعم المطلق للمقاومة الفلسطينية، وإدانة الدعم الأمريكي والغربي للعدو الإسرائيلي، والتأكيد على مركزية القضية للأمة.

إن عظمة الموقف اليمني تكمن في كونه نابعًا من قناعات إيمانية راسخة وشعور إنساني عميق بالمسؤولية. إنه موقف يسجل بمداد من الفخر في تاريخ التضامن الإنساني، ويؤكد أن اليمن، رغم جراحه، يظل نبض العروبة وضمير الأمة الحي.

لقد تجاوز هذا التحرك الشعبي اليمني حدود التعبير العاطفي، ليصبح إعلانًا عمليًا عن يقظة ضمير أمة استشعرت مسؤوليتها التاريخية تجاه فلسطين. والأكثر من ذلك، بدأ هذا الموقف الشجاع يُحدث تموجات في الرأي العام العالمي، حيث بدأت أصوات تتعالى في عواصم الغرب مطالبة بالعدل ومنددة بالظلم، متأثرة بالنموذج اليمني الفريد في التضحية والإيثار.

إن الموقف اليمني اليوم صرخة أيقظت ضمائر كانت في سبات عميق. إنه نموذج لقوة الشعوب عندما تؤمن بعدالة قضيتها وتتوحد خلف قيادتها. إنه درس للعالم في معنى العزة والكرامة والإباء.

فليهتف كل يمني حر، وليفخر كل عربي أصيل، وليعلم العالم أجمع أن صنعاء اليوم هي ضمير الأمة، وصوت الحق الذي يتردد صداه في عواصم الظلم. إنها يقظة جماهيرية بدأت شرارتها من يمن الإيمان، وستمتد لتشعل نار الحق في وجه الباطل أينما كان.

نقلا عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

لن يتحرر السودان كاملاً إلا بعودة قوية وفاعلة لقوات الاحتياط الشعبي، وليس مجرد الاستنفار

لواء البراء يتقدم، وقوات الاحتياط تبدأ من المحليات و الأحياء.
مكي المغربي
لن يتحرر السودان كاملاً إلا بعودة قوية وفاعلة لقوات الاحتياط الشعبي، وليس مجرد الاستنفار، إضافة إلى ضرورة وجود مكتب لمنسقيات قوات الاحتياط في كل محلية وكل وحدة إدارية، بل في كل حي وفريق، وكذلك منسقيات الشرطة الشعبية، في كل (كبسولة) في ميدان كما كانت سابقا.

صحيح أن الحل الاستراتيجي يتمثل في زيادة عدد الجيش والقوات النظامية بنسبة 300٪ وربما أكثر، إلا أن هذا الحل يتطلب عودة التعافي للاقتصاد الوطني وتحسين شروط الخدمة في القوات النظامية؛ ولذلك فإن هذا الواجب يمضي جنباً إلى جنب مع واجب التحرير، ولن يكتمل في الوقت الراهن. الأولوية هي التحرير، وسيعمل قانون الاحتياط الشعبي على تنظيم كل ما ذُكر، إلى دحر التمرد ووقوف السودان على قدميه.

قوات الإسناد الخاصة هي الاحتياط الشعبي حالياً وتعمل تحت إمرة القوات المسلحة، ولواء البراء بن مالك ومجموعات الإسناد الخاص تقوم بواجبها بتكليف الجيش.

أعجبني للغاية المؤتمر الصحفي الذي تناول فيه رئيس اللجنة العليا للاستنفار والتعبئة العامة تنظيمها في جميع ولايات السودان. لقد ظهر الأستاذ أبو القاسم أدروب مبتسما وبقدرات ممتازة في الاستماع والإجابة على أسئلة الصحفيين المباشرة الصعبة خلال المؤتمر الذي عقد في أمدرمان (الصمود). كما أود أن أوجه التحية لقائد قطاع شمال كردفان، محمد بدر الدين، والناطق الرسمي باسم لواء البراء بن مالك، الأستاذ الصحفي المجاهد عمار عبد الوهاب بشير.

كان مؤتمرا صحفيا ديموقراطيا بصورة أفضل من ديموقراطية قحت والعملاء المزعومة.
بالنسبة لي، وكما كتبت في إفادة باللغة الإنجليزية موجهة للخارج، فإن عدم الحشد والتعبئة تحت مظلة قوات الاحتياط الشعبي يعني ضياع الثروة الشبابية هدرًا، وربما يؤدي إلى انتشار مبادرات التجنيد العشوائية المبعثرة التي ستشجع مناخ الفوضى، خاصةً في ظل وجود إرهاب وعصابات في الساحل وشرق وغرب أفريقيا؛ إذن، لا بد من تنظيم التعبئة والانتشار في الاحياء وافتتاح الوحدات، للحراسة والتجنيد والتأمين ولرفع راية الجهاد من سواكن إلى نيالا، وجبل من عوينات إلى جبل موية.

وأهم من ذلك، ما يخصنا في الداخل وحتى يعود النساء والاطفال لبيوتهم، أن روح الجهاد في المجتمعات والإحياء تُعد الترياق المضاد للخيانة والتعاون والتخابر مع المليشيا التي ترغب في العودة عبر التفلتات والفوضى الأمنية. مجددا أقول .. لا يمكن تحقيق التحرير إلا بالعودة إلى الجهاد في سبيل الله ودحر العملاء من داخل المدن والأحياء والازقة والحواري وحتى العشوائيات.

ولذلك أؤيد تقدم لواء البراء إلى الأمام هذه الخطوة المباركة، وتبني التعبئة العامة وافتتاح العمل الإشرافي التنسيقي في كافة أنحاء السودان. وكما قال أبو القاسم أدروب: “نحن لا نتوقف عند مسمى أو شعار محدد”، ولذلك نقول له: إلى الأمام.

ونؤكد أن الخطوة المقبلة تتمثل في عودة منسقيات الاحتياط الشعبي ومنسقيات الشرطة الشعبية، وهو المطلوب إثباته، شاء من شاء وأبى من أبى.
والكلام ليك .. يا المطير … عينيك!

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • محافظ سوهاج يعقد اللقاء الجماهيري الأسبوعي للاستماع إلى شكاوى وطلبات المواطنين
  • اليمن يدعو إلى إلغاء وجود القواعد الأمريكية في المنطقة
  • لن يتحرر السودان كاملاً إلا بعودة قوية وفاعلة لقوات الاحتياط الشعبي، وليس مجرد الاستنفار
  • “الأحرار الفلسطينية” تحمل العدو الصهيوني المسؤولية عن حياة الأسرى الفلسطينيين
  • مستشار كوفي أنان: القضية الفلسطينية مؤشر واضح على انهيار النظام الدولي
  • تقرير السلع الأسبوعي لـ «ساكسو بنك»: أداء قوي لقطاع الطاقة يعوّض تراجع المعادن الثمينة
  • الكركم في الطب الشعبي والحديث: من وصفات الأجداد إلى أبحاث المختبرات
  • مصدر سياسي: ميليشيا الحشد الشعبي “كارثة العراق”
  • الرئيس الإيراني يشيد بمواقف مصر الحكيمة ويؤكد توافق بلاده على حل القضية الفلسطينية
  • جبهة تحرير فلسطين: إعلان اليمن استهداف السفن الأمريكية تحوّل استراتيجي في معركة الأمة ضد العدوان الصهيو–أمريكي