ترجمة: بدر بن خميس الظفري.

يُعرف الرئيس دونالد ترامب بمتابعته الدقيقة لتحركات سوق الأسهم، واهتمامه الكبير بردود أفعاله على السياسات الاقتصادية والسياسية للحكومة لكن، ولسوء حظه، فإن الأسواق العالمية واصلت ارتجافها بسبب سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها، حتى بعد إعلانه تأجيلًا كبيرًا لمدة 90 يومًا على فرض رسوم جديدة على جميع الدول، باستثناء الصين.

تعكس هذه الاضطرابات في الأسواق مشاعر القلق العالمي من احتمال اندلاع حرب تجارية مع الصين.

تشير المعطيات المباشرة وغير المباشرة إلى أن السبب الرئيسي وراء تغيير الإدارة الأمريكية لموقفها كان سوق السندات السيادية الأمريكية. ففي يوم واحد، قفز معدل الفائدة الفعلية إلى 5%.

ونظرًا لأن مثل هذه التغيرات لا ينبغي أن تحدث في ظل هذا القدر من الفوضى، يرى كثير من الخبراء أن تراجع الرئيس كان ردًا مباشرًا على المؤشرات السلبية في سوق الديون. وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها شيء مماثل خلال أزمة «الاندفاع نحو السيولة» مع بداية جائحة كورونا في مارس 2020.

ما حدث في سوق الديون كشف عن ضعف وهشاشة موقف الإدارة الأمريكية.

يكشف سلوك سوق السندات أن السياسات الجمركية الأمريكية العشوائية تُلحق الضرر بالأسواق. ويبدو أن وزير الخزانة، سكوت بيسنت، قد نصح ترامب بضرورة التفاوض على اتفاقات تجارية مع الحلفاء قبل الدخول في مواجهة مع الصين.

لطالما وصفت الولايات المتحدة حتى أقرب حلفائها بأوصاف مثل «اللصوص» و«المحتالين» و«الناهبين»، ولذلك فإن تراجع واشنطن عن تكتيكاتها الجمركية الأولية كشف أن هذه الاستراتيجية لم تكن سوى استعراض تنمّر ومقامرة رعناء، لا خطة مدروسة.

مرعوبًا من ردود فعل الأسواق، تراجع ترامب سريعًا، وقال في اجتماع متلفز لمجلس وزرائه: «سيكون هناك دائمًا مشاكل في مرحلة الانتقال»، مضيفًا إن «الصعوبات أمر طبيعي». من جهتها، لم تُبدِ بكين أي مؤشرات على التراجع، بل رفعت من حدة ردها بفرض رسوم إضافية وصلت إلى 125% على السلع الأمريكية.

الخطوة الغريبة في لعبة الشطرنج التي يخوضها ترامب هي استثناء الصين من إجراءات التخفيف الجمركي. وإذا بقي الوضع على حاله، فإن الاقتصاد الصيني سيواجه تحديات كبرى بسبب تقييد وصوله إلى السوق الأمريكية.

ومع ذلك، عبّر ترامب عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع الصين. وقال: «أعتقد أننا سنصل إلى شيء جيد جدًا لكلا البلدين. أنا أتطلع إليه».

حتى بعد تراجع الولايات المتحدة عن بعض إجراءاتها القاسية، فإنها أبقت على حاجز جمركي ضخم لا مثيل له منذ ثلاثينيات القرن الماضي. فقد فرضت رسومًا موحدة بنسبة 10% على جميع الدول، بغض النظر عما إذا كان لديها فائض أو عجز تجاري مع الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، دول مثل أستراليا وهولندا والمملكة المتحدة والإمارات تشتري من الولايات المتحدة أكثر مما تبيعه لها، ومع ذلك لم تُستثنَ من الرسوم.

المشكلة الجوهرية في النظام الاقتصادي العالمي اليوم هي أن السياسات الأمريكية تدفع القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، واللتين تتكامل اقتصادياتهما، إلى التصادم. فرض رسوم بهذه المعدلات الفلكية يُشكل ضربة قاصمة للعلاقات التجارية بين بلدين يشكل حجم تبادلهما نحو 3% من إجمالي التجارة العالمية. وقد تتوقف شرايين الاقتصاد العالمي عن النبض.

سوف تتضح عواقب كل ذلك بسرعة. فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار في كلا البلدين، وقد تُهدد مصانع الإنتاج، ويخسر الناس وظائفهم. وقدّرت مؤسسة «جولدمان ساكس» مؤخرًا أن إدخال رسوم جديدة سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 2.4%، غير أن الصين تستطيع التخفيف من آثار هذه التحديات من خلال الدعم الحكومي، وهي ميزة لا تتوفر في الولايات المتحدة التي يُهيمن عليها القطاع الخاص، ولا تملك الحكومة فيها أدوات تدخّل مباشر مماثلة.

وفي الآونة الأخيرة، أصيب العالم بالدهشة من تخبط الإدارة الأمريكية في تبرير فرض رسوم على واردات بسيطة من دول إفريقية فقيرة، والتعديلات التي أُدخلت على معدلات الرسوم قبل تنفيذها، والأخطاء في منهجيات احتسابها.

بات حتى أقرب الحلفاء للولايات المتحدة لا يثقون في إدارتها، التي تُصدر قرارات وتصريحات صادمة، ثم تلغيها أو تعدّلها بالاندفاع ذاته. المواطنون العاديون في مختلف أنحاء العالم يتساءلون: ما الذي يمكن التفاهم عليه مع هذه الولايات المتحدة؟ أمام أعيننا، تتآكل الثقة في الدولة الأقوى في العالم بسرعة كبيرة.

ربما حان الوقت للعالم أن يبدأ في تشكيل نظام عالمي جديد، يتجاوز واشنطن، بتقلّباتها ونزعاتها المتقلبة وخيالاتها غير الواقعية.

جومارت أوتورباييف رئيس وزراء جمهورية قرغيزستان السابق، وأستاذ في مدرسة الحزام والطريق بجامعة بكين للمعلمين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة رسوم ا

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض: ترامب سيتّخذ قرارا بشأن إيران خلال أسبوعين!

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الخميس، أنه سيتخذ قرارًا في شأن ضرب إيران خلال أسبوعين، مع استمرار الحرب بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل، حليف واشنطن الأبرز.

وقال ترامب في بيان تلته المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت: "بالنظر إلى وجود فرصة حيوية لإجراء مفاوضات قد تحصل وقد لا تحصل مع إيران في المستقبل القريب، سأتخذ قراري في شأن المضي قدمًا أو لا خلال الأسبوعين المقبلين".

ومن جانبه، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، إن الحرب التي تشنّها إسرائيل على إيران، "كادت أن تُلغى"، مشيرا إلى أن تل أبيب لم تنتظر "ضوءا أخضر" أميركيًّا لبدء الحرب، عادّا أن إسرائيل "تغيّر وجه العالم، لا الشرق الأوسط فحسب".

وذكر نتنياهو في تصريحات أدلى بها نتنياهو لهيئة البثّ الإسرائيلية العامّة ("كان 11")، ونُشرت مساء الخميس، الذي لم يستبعد خلال زيارته لمستشفى "سوروكا" في بئر السبع، اغتيال المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي: "لقد أصدرتُ تعليماتي بأنه لن تكون هناك حصانة لأحد في إيران؛ علاوة على ذلك، ليس من المناسب أو الضروري إضافة أي شيء"، مشيرا إلى أنه "يجب أن نجعل الأفعال أبلغ من الأقوال".

وفي ما يتعلق بمسألة الإطاحة بالسلّطة في إيران، قال نتنياهو، إنّ "الهدف الرئيسي هو إزالة التهديد النووي، وثانيًا، إزالة تهديد الصواريخ الباليستية، مع أنه من الواضح أن النظام سيتزعزع"، على حدّ قوله.

وذكر نتنياهو أن الإطاحة بالنظام الإيراني، "ليست هدفًا، ولكنها قد تكون نتيجة"؛ وأشار إلى أنها "مسألة تخصّ الشعب الإيراني"، الذي وجّه له رسائل أكثر من مرّة خلال أيام الحرب، في محاولة لاستمالته، ولتبرير العدان الإسرائيليّ.

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية حزب الله: نقف مع إيران ونتصرف بما نراه مناسبا "نيويورك تايمز": استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران بات مرتبطا بعاملين حاسمين رويترز: عراقجي وويتكوف تحادثا هاتفيًا عدة مرات منذ بدء هجوم إسرائيل الأكثر قراءة 3 قتلى وأكثر من 100 جريح في هجمات إيران على إسرائيل بار : عشرات المقاتلات الحربية نفذت غارات دقيقة فوق طهران 34 شهيدا في غزة الجمعة 13 يونيو 2025 كاتس : إيران تجاوزت الخطوط الحمراء عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سايسية: الدفاع عن سماء إسرائيل تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية
  • ترامب يلتقي قائد الجيش الباكستاني في البيت الأبيض
  • مع تزايد الضربات الإيرانية الموجعة.. الأنظار تتجه نحو البيت الأبيض بانتظار قرار ترامب
  • أونكتاد: الرسوم الجمركية تعمق ركود الاستثمارات حول العالم
  • البيت الأبيض: ترامب سيتّخذ قرارا بشأن إيران خلال أسبوعين!
  • البيت الأبيض: ترامب تلقى إحاطة عن العملية الإسرائيلية اليوم
  • إيران قادرة على صنع قنبلة نووية "خلال أسبوعين" (البيت الأبيض)
  • البيت الأبيض: ترامب سيتخذ خلال أسبوعين قراراً بشأن مهاجمة إيران
  • جولد بيليون: الذهب يواصل التراجع في البورصة العالمية بعد تثبيت الفائدة الأمريكية
  • رد بعثة إيران بأمريكا على تهديد ترامب باغتيال خامنئي والتذلل على أبواب البيت الأبيض يشعل تفاعلا