عباس المسكري

 

من شمائل المروءة، ومحاسن الأخلاق التي توارثتها الأجيال عبر الزمن، إكرام الضيف والإحسان إليه بلا تمييز ولا مفاضلة. فالضيافة في ثقافتنا ليست مجرد طعام يُقدم، بل رسالة محبة، وعربون مودة، وعنوان لرفعة النفس وسُّمو الخلق.

وقد أَلِفَ الناس أن تكون الولائم، ولا سيما في مناسبات الأفراح، ساحةً تجمع القلوب على السواء، ومقامًا تسمو فيه الأرواح فوق الاعتبارات الدنيوية، فلا مكان فيه لتفاضل بين حاضر وغائب، ولا لتمييز بين مكرَّم ومفضول.

غير أن المتأمل في بعض مظاهر زماننا، لا تخطئ عينه مشاهد التمييز الذي تسلل إلى بعض المجالس، فخص بعض الضيوف بعناية زائدة، وأغفل سواهم، في مشهد لا يليق بروح الضيافة النقية، ولا ينسجم مع معاني الكرم التي بها تعلو المجالس وتزدان.

في مشهد تتجلى فيه مظاهر الاحتفاء والسرور، يجتمع الناس على مائدة واحدة في مناسبات الزواج والولائم العامة، حيث يُفترض أن تكون هذه اللحظات عنوانًا للوحدة والمساواة بين الحاضرين. إلا أنَّ بعض الممارسات الدخيلة بدأت تبرز بشكل لافت، ومنها التمييز بين الضيوف في تقديم الطعام؛ إذ يتم تخصيص أصناف خاصة من الرز واللحم للوجهاء وأعيان المجتمع، بينما يقدم لبقية الضيوف طعاماً أقل جودة أو اختلافًا في العناية بالتقديم.

إن مثل هذا السلوك، في حقيقته تصرف غير محمود، لما فيه من إشعار الآخرين بالدونية أو التقليل من قيمتهم، وهو ما يتنافى مع أبسط مبادئ الكرم والأدب؛ فالضيافة الأصيلة تقوم على الإحسان إلى الجميع بلا تمييز، وعلى التعامل مع الضيوف جميعًا بالاحترام ذاته، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية أو مناصبهم.

كما إنَّ وجود هذا التباين في مجلس واحد يبعث على الاستغراب، بل وقد يفسد المقصد النبيل من إقامة الوليمة، ويزرع شعورًا بالتحرج أو الامتعاض في نفوس البعض، مما قد يترك أثرًا سلبيًا على العلاقات الاجتماعية، خلافًا لما يُرجى من هذه المناسبات من تعزيز للألفة والمحبة.

وعليه، فإنَّ الواجب يحتم على من يُقيم الولائم أن يحرص على معاملة ضيوفه بالسوية، وأن يبتعد عن مظاهر التمييز التي قد تسيء للغرض الأساسي من الدعوة، وهو الإكرام والمودة والتقدير الصادق لكل من لبّى الدعوة، كبيرًا كان أو صغيرًا، وإذا كان هناك رغبة في إظهار مزيد من الكرم والخصوصية لبعض الشخصيات المعتبرة، الأولى أن يتم تخصيص مجلس مستقل لهم بعيدًا عن بقية الضيوف، حفاظًا على مشاعر العامة، ومنعًا لما قد يشعر به البعض من استصغار أو إحساس بالتمييز الذي لا يليق بمقام الضيافة الكريمة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عبدالله بن زايد يستقبل وفد رؤساء المجالس التشريعية الخليجية

أبوظبي -وام
استقبل سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، اليوم في أبوظبي، وفد رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الشقيقة، برئاسة صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وبحضور جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وضم الوفد الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية الشقيقة، والشيخ خالد بن هلال بن ناصر المعولي، رئيس مجلس الشورى في سلطنة عمان الشقيقة، والسيد أحمد بن سلمان بن جبر المسلم، رئيس مجلس النواب، ورئيس اللجنة التنفيذية للشعبة البرلمانية في مملكة البحرين الشقيقة، ويوسف بن علي الخاطر، رئيس لجنة الداخلية والخارجية في مجلس الشورى في دولة قطر الشقيقة.
ورحب سموّه بالوفد، وجرى خلال اللقاء، الذي عقد في أبوظبي، بحث سبل تعزيز مسارات التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف المجالات.
كما تم بحث عدد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، والمتصلة بمسيرة العمل الخليجي المشترك.
واستعرض سموّه مع وفد رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تطورات الأوضاع الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط، وتداعياتها على السلم والأمن الإقليميين.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل إنشاء مدارس تطبيقية تابعة لكليات التربية .. مشروع قانون
  • متحف الشاي بمراكش: رحلة عبر نكهات رفيق المجالس المغربية
  • حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة شؤون المجالس البرلمانية برئاسة وهدان
  • «الدولة» يناقش دراسة التركيبة السكانية وأثرها على التنمية
  • استياء من مظاهر الانفلات الأمني في السويداء ودعوات لعودة المحافظ
  • عبدالله بن زايد يستقبل وفد رؤساء المجالس التشريعية الخليجية
  • عرض "تاتانيا" لفرقة أحمد بهاء الدين بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية
  • مشروع قانون جديد لتطوير كليات التربية.. تعرف على أهدافه
  • تحديد إجازة المجالس البلدية السنوية
  • رشيد يرفض دعوة المحكمة الاتحادية لتدخل الأحزاب السياسية لحل خلافاتها مع محكمة التمييز