بلاغ البرهان رقم صفر: ضد اللساتك وضد الذاكرة
تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT
رأيتُ في ما يرى النائم، أن عبد الفتاح البرهان زارني.
جاءني كما يأتي البلاء:
بصمتٍ عسكري، وملامح لا تحمل أي معنى خارج البلاغ رقم واحد،
وكان معه فكي جبريل مختبئاً بالخارج، يحمل في جيب جلابيته فارق بارود الطلقة الأولى.
كنت في المطبخ حينها، أقف على حافة الصباح،
أعدّ قهوتي بهدوء المساكين الذين لم يتيقنوا بعد إن كانت هذه البلاد حيّة أم في غيبوبة.
النار وادعة، ورائحة القهوة تتصاعد بخشوع،
لكن حضوره — كما فعل في الخرائط — أفسد التوقيت.
فارت القهوة، سالت،
تدفقت على نار الموقد كما تتدفق الدماء حين يُقرر الجنرال أن:
“المرحلة تتطلب الحسم”.
لم أُمسك بالكنكة،
بل أمسكت لساني،
ثم أفلتُّه.
فانسكب منه سُباب ثقيل:
دين العسكر…
كنت أقرب إلى صلاة على روح ما تبقّى من هذا الوطن، ولكن دخوله أفسد اللحظة.
⸻
قال لي، بصوتٍ يشبه نشرة إخبار كاذبة تتخللها خُطب ياسر العطا ومحمد الجزولي:
“البلاد لا تنهض بحرق اللساتك.”
قلت له وأنا أمسح القهوة من على البلاط:
“ولا تنهض بالبندقية يا جنرال الغفلة، وهي مصوّبة إلى القلب.”
ابتسم ابتسامة من لا يعرف معنى القلب،
ابتسم كما يبتسم القاتل حين يُطلب منه أحد أن يعتذر.
وغاب.
غيّر فكي جبريل من مكانه تحت الشجرة،
لأن شبكة إرسال الهاتف كانت ضعيفة وهو يتحدث ويراقبنا.
فجأة، اختفى الاثنان، ولاح شبح سناء حمد ثم تبخّر،
لكن الريح التي خلّفها كانت نتنة بما يكفي لإصابة الهواء بالغثيان.
تنفست الصعداء،
دخلت الريح النتنة رئتي، فأصابتني بالغثيان أيضًا…
⸻
خرجت أسقي الزرع في الحوش الخلفي، وأُخلص رئتي من الرائحة، فعاد البرهان.
كان يمشي كما تمشي الذاكرة حين تفقد الطريق والبوصلة.
لم يقل شيئًا في البداية،
فقد كانت النبتات أكثر لباقة منه.
ثم قال بصوت نَكِرة:
“دخان اللساتك يشوّه صورة الدولة.”
قلت:
“الدولة؟
هي التي شوّهت صورة البلاد يا سيدي،
ونحن فقط نرفع المرآة.”
سكت.
ثم سألني:
“أين الوطن إذن؟”
قلت:
“الوطن احترق…
حين ظننتم أن اللساتك جريمة، وأن الرصاصة حُكم.”
ثم اقترب مني هامسًا — كأنما لا يريد للتاريخ أن يسمع —
وقال بشيء من الحنين:
“أنا فقط… كنت أحاول أن أحقق حلم والدي.
فقد قال لي ذات يوم:
يا ولدي، سيكون لك شأن عظيم في البلد.”
نظرت إليه طويلاً.
كانت عيناه ترتجفان بحنينٍ مستعار،
كما لو أنه يحلم بالحكم ويخافه في آن يحكم.
فقلت:
لكن الحلم الذي ورثته،
صار كابوسًا عامًا لكل من مرّوا تحت خُطاه.
⸻
كان البرهان، في تلك الزيارة،
أشبه بـ تقرير أمني فقد صفحته الأولى،
لا يعرف لماذا أتى، ولا كيف يخرج.
قلت له، وأنا أروي جذور الشجر:
“الذين أشعلوا الإطارات،
لم يريدوا أن يحرقوا البلاد،
بل أرادوا أن يُنيروا ما أطفأته البنادق.”
توقف، نظر إلى الماء يسيل على التراب،
ثم قال بصوت متردد:
“لكننا خرجنا ببلادنا من الظلام.”
ضحكت،
لا على النكتة،
بل على الرجل الذي ظن أن الرصاصة ضوء،
وأن من أشعل شمعةً على الأسفلت،
هو السبب في هذا الظلام .
⸻
اختفى، لكنني وجدت أثر حذائه العسكري على البلاط.
لم يكن وحلاً،
بل كان شيئًا أثقل:
بصمة من ركام،
أو بقايا خيانةٍ عابرة.
غسلت الأرض،
أعدت غلي القهوة،
وتأكدت أن الوطن — رغم كل شيء —
لا يزال يعرف الفرق
بين دخان اللساتك،
ودخان البندقية.
لكن البرهان لا يعرف.
zoolsaay@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بلاغ من أسرة طفلة ضد شاب عشريني بالتحر.ش بها في زفتى
تقدمت أسرة طفلة في نهاية العقد الأول من عمرها ببلاغ رسمي ضد شاب عشريني مقيم بعزبة السيدة ميمونة التابعة لكفر شبرا اليمن، بمركز زفتى بمحافظة الغربية بالتحرش ومحاولة هتك عرضها، مستغلًا وجوده بالقرية خلال إجازة العيد، حيث وقعت الواقعة المؤسفة ثالث أيام عيد الأضحى.
تفاصيل الواقعة المؤسفةتعود أحداث الواقعة حينما تلقت الأجهزة الأمنية بمركز شرطة زفتى، التابع لمديرية أمن الغربية، بلاغًا من أسرة الطفلة المجني عليها ر. أ. ر. ح، يفيد بتعرضها لهتك عرض على يد شاب جار لهم يدعى الـ. ش. م. ر، يبلغ من العمر 20 سنة ، وذلك أثناء تواجده في منزل أسرته بالقرية.
وأفادت أسرة الطفلة في بلاغها رسمي أنه استدرج الشاب الطفلة إلى مكان بعيد عن الأنظار، ثم قام بكتم أنفاسها والاعتداء عليها بطريقة وحشية، بعد تجريدها من ملابسها، وقد فوجئت الطفلة بهذا التصرف الإجرامي الذي ترك آثارًا نفسية وجسدية بالغة، وذلك علي حد تعبير جد الطفلة.
تحرك أمني سريعكما حرر أسرة الطفلة محضرًا بمركز شرطة تحت رقم 11128 مركز زفتى، وتم إخطار اللواء محمد عاصم ، مدير إدارة المباحث الجنائية بمديرية أمن الغربية، والذي وجه بسرعة ضبط المتهم والتحقيق في الواقعة، واخطار النيابة العامة.
سقوط المتهموبتقنين الإجراءات الأمنية وباعدد الاكمنه الثابته والمتحركة تمكنت الأجهزة الأمنية تحت قيادة العقيد محمد صقر رئيس فرع البحث الجنائى بزفتي والسنطة ومعاونه المقدم أحمد رمزي وقوات من الشرطة السرية والنظامية من ضبط الشاب المتهم واقتياده إلى ديوان قسم الشرطة للتحقيق، وسط حالة من الغضب والذهول سادت بين أهالي القرية.
مطالبات بعدم التنازل وتحقيق العدالةواضاف في تصريحات صحفية جد الطفلة، رغم المحاولات التي بذلتها أسرة المتهم لإقناع أسرتنا -ويقصد أسرة الطفلة- بالتنازل عن المحضر، إلا أن الأسرة أكدت تمسكها الكامل بحق طفلتهم، مشيرًا إلى أن ما حدث لا يمكن السكوت عنه أو التساهل فيه، مطالبة الجهات المعنية باتخاذ أقصى الإجراءات القانونية بحق المعتدي.
تحرك جهات التحقيقكما دعا عدد من أهالي القرية وحقوقيون إلى ضرورة تطبيق القانون بكل حزم على المتهم، وعدم السماح بأي ضغوط أو وساطات تؤدي إلى التهاون في مثل هذه القضايا التي تهدد أمن وسلامة الأطفال داخل المجتمع.
وكلفت إدارة البحث الجنائي بالتحري ظروف وملابسات الواقعة وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق في الواقعة .