صحفي بغزة: مساكين هؤلاء الجنود أرهقهم قصفنا
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
كتب الصحفي رامي أبو جاموس أنه لا يقرأ اللغة العبرية، ولكنه يطلع بانتظام على المواقع التي تترجم وسائل الإعلام الإسرائيلية، وقد وجد فيها أن قادة الجيش الإسرائيلي يقولون إن الجيش منهك بعد 19 شهرا من الحرب في غزة.
وقال في مذكرته على موقع أوريان 21 التي نال بها جائزة الصحافة المكتوبة وجائزة غرب فرنسا ضمن جائزة بايو لمراسلي الحرب، إن رد فعله الأول على هذه المعلومات هو الضحك، ثم تساءل هل تعب الجلاد من كثرة الضرب؟ وهل هؤلاء الجنود على علم بما يفعلون؟
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: بعد هجوم كشمير هندوس يعتدون على مسلمين بالهندlist 2 of 2مسؤولان أميركيان سابقان يحثان ترامب على وقف دعم حصار غزةend of listوتابع أبو جاموس "أتخيل معاناة هؤلاء الجنود المساكين، من طياري المقاتلات المنهكين من إلقاء أطنان القنابل التي تدمر المنازل وتقتل عائلات بأكملها، ومن مشغلات المسيرات (غالبا من النساء) من القتلة اللائي تعبت أصابعهن من الضغط على الزر الذي يشعل النار في الخيام والمدارس كما في ألعاب الفيديو، ناهيك عن مشغلي طائرات المراقبة الذين أرهقت أعينهم من التجسس علينا، ثم أصحاب الدبابات الذين ملت أيديهم من إطلاق القذائف التي تمحو أحياء بأكملها.
إعلان
ماذا يقول من يعيشون تحت المسيرات؟
وتساءل الكاتب ماذا يجب أن يقول عشرات الآلاف من الناس الذين أجبروا على الانتقال من مكان إلى آخر للمرة الألف؟ وماذا يجب أن يقول من يعيشون تحت الخيام في ظروف مروعة.. لم يأكلوا ولم يشربوا لأكثر من شهرين؟ وماذا يجب أن يقول أهل غزة الذين يتعرضون للقصف ليلا ونهارا؟
ماذا يجب أن تقول النساء والأطفال المصطفون على أمل الحصول على طبق من العدس أو الأرز أو للذهاب إلى الحمام؟ وماذا يجب أن يقول رجال يقضون أيامهم في محاولة العثور على عمل صغير أو نوع من المساعدة؟ وماذا يجب أن يقول من فقدوا عائلاتهم وأطفالهم ومنازلهم وأعمالهم؟ ماذا يجب أن يقول مبتورو الأطراف والمشوهون الذين فقدوا بصرهم؟
ثم ماذا يجب أن يقول من يعيشون هذه المعاناة كل ثانية، وسط ضجيج الطائرات المسيرة المتواصل، ولا يجدون مكانا آمنا يلجؤون إليه؟ فقد كان جيش الاحتلال يقول "من أجل سلامتكم انتقلوا إلى المناطق الإنسانية" التي لا توجد، ولكنه تخلى عن هذا الوهم.
ماذا يجب أن يقول المرضى والجرحى الذين يعانون من السرطان والتهاب الكلى والسكري ولم تعد لديهم العلاجات اللازمة؟ وماذا يجب أن يقول أطباء الطوارئ الذين يعملون 24 ساعة يوميا تقريبا؟ وما الذي يجب أن تقوله الممرضات وهن يواجهن باستمرار رؤية أسوأ الفظائع التي يرتكبها الجلاد "المنهك" ويرين كل يوم أجساد الأطفال الممزقة وقطع الرؤوس؟".
ويتذكر أبو جاموس شهادة طبيب الطوارئ الفرنسي رافائيل بيتي المنهك نفسيا بعد أشهر في غزة، فقد قال إنه لم يشاهد أبدا ما شاهده في غزة، وهو مقتنع أنه لن يشاهده مرة أخرى، وهو لا يفهم لماذا يظل العالم صامتا، وأصبح يشك في بقية البشرية.
المجازر تستمر والإسرائيليون يصورون أنفسهم
ويتابع أبو جاموس أن أهل غزة وصلوا حد الإرهاق، ولا أحد يستطيع أن يتحمل ما يعيشونه بين الموت والحياة، وأسوأ ما يعانونه هو عدم القدرة على حماية عائلاتهم، ورؤية أحبائهم يعانون دون القدرة على توفير العلاج لهم.
إعلانويضيف "ثم أفكر في هؤلاء الجنود "المنهكين"، فهم يقضون شهرين أو 3 في الميدان قبل أن يستريحوا. وهم ليسوا جياعا ولا عطاشا. وعندما ينتهون من عملهم في "حماية إسرائيل" الذي تقوم على قتل أكبر عدد ممكن من الناس في غزة، يعودون إلى ديارهم بهدوء".
"هؤلاء الجنود -كما يقول الكاتب- يسافرون، ويغيرون محيطهم لأنهم ليسوا على ما يرام من الناحية النفسية. ونحن نعيش إبادة جماعية، جسدية ونفسية وإعلامية وعسكرية. وهذا يحدث أمام أعين العالم أجمع، ولا أحد يتحرك".
أما نحن -كما يقول الكاتب الغزاوي- فقد عشنا في قفص لمدة 19 شهرا، ولا يمكننا تغيير الهواء. خلفيتنا الوحيدة هي الدمار الشامل، والدماء التي تسيل من أجساد الأطفال والأسر الممزقة، وفكرة أن عائلات بأكملها لا تزال ترقد تحت الأنقاض. فقدنا إنسانيتنا. أسوأ شعور هو الشعور بالتعب من الإذلال. لقد سئمنا من الخوف، ومن الإجبار المستمر على الانتقال، ومن العيش تحت الخيم، ومن عدم العثور على طعام لابن جائع، تعبنا من رؤية أحبابنا وأصدقائنا يموتون كل يوم دون القدرة على دفنهم، لتبقى جثثهم على الأرض تلتهمها الحيوانات".
"سئمنا هذا الشعور بالعجز، ومن تخلي الجميع عنا، من الشعور بأننا لم نعد بشرا، كما قال وزير الحرب الإسرائيلي السابق الذي أطلق علينا لقب "حيوانات بشرية"، هذا الشعور يأكلنا من الداخل ويدمر القوة التي تبقى فينا".
وختم الكاتب بالدعاء ساخرا، بإجازة سعيدة في تايلند للجنود الذين يحتاجون إلى تغيير المشهد، وقال "أنا أفهمهم. لقد سئموا جدا من قتلنا وتدميرنا وإذلالنا. آمل أن يستمتعوا بتدليك تايلندي، وأتمنى أيضا أن يشعروا يوما ما بالندم ويخرجوا من الصمت". "سوف نجد السعادة مرة أخرى وسنبقى على أرضنا. وسوف يتحول هذا التعب إلى شجاعة وقوة لإعادة بناء كل شيء".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات هؤلاء الجنود أبو جاموس یقول من فی غزة
إقرأ أيضاً:
باحث تنبأ بانهيار أميركا يقول: التفكك بدأ للتو
قبل 15 عاما، وفي ظل الارتفاع السريع لوسائل التواصل الاجتماعي والتعافي البطيء من الركود الكبير، وتحديدا في منتصف ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، حذر أستاذ في جامعة كونيتيكت من أن الولايات المتحدة تتجه نحو عقد يتسم بعدم الاستقرار السياسي بشكل متزايد.
وفي حينه، بدا أن هذا التحذير مخالف للواقع، فالاقتصاد العالمي كان يتعافى من الأزمة المالية، وكان النظام السياسي الأميركي لا يزال يعيش في تفاؤل ما بعد الحرب الباردة رغم التصدعات التي بدأت تظهر فيه، وفق تقرير نشرته مجلة نيوزويك.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل أرسل ترامب الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس لوقف الشغب حقا؟list 2 of 2إسرائيل ستجبر نشطاء مادلين على مشاهدة لقطات من هجوم 7 أكتوبرend of listلكن بيتر تورتشين، عالم البيئة الذي تحول إلى مؤرخ، كان له رأي آخر استنادا لما لديه من بيانات. وأجرت المجلة الأميركية مقابلة معه في أعقاب الاحتجاجات المتصاعدة ونشر قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس في ظل حملة الرئيس دونالد ترامب على المهاجرين.
وذكرت المجلة أن تنبؤات تورتشين بشأن ما سيحدث قد صدقت بدقة غريبة على ما يبدو. ففي تحليل نشرته مجلة "نيتشر" عام 2010، حدد تورتشين عدة علامات تحذيرية مثل ركود الأجور، ووجود فجوة متزايدة في الثروة، وفائض في النخب المتعلمة لا يقابلها وظائف تناسب مؤهلاتها، وعجز مالي متسارع. وقال إن كل هذه الظواهر وصلت إلى نقطة تحول في السبعينيات.
إعلان
النظرية الهيكلية
واستند تورتشين في تنبؤاته إلى إطار عمل يُعرف باسم النظرية الهيكلية الديموغرافية التي تضع نموذجا لكيفية تفاعل القوى التاريخية -التي تتجلى في عدم المساواة الاقتصادية وتنافس النخبة وسلطة الدولة- لدفع دورات عدم الاستقرار السياسي.
وفي المقابلة، قال تورتشين -الذي يعمل حاليا أستاذا فخريا في جامعة يوكون- إن كل واحد من تلك المؤشرات تقريبا ازداد حدة، مشيرا إلى الركود الفعلي في الأجور، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي على الطبقة المهنية والمالية العامة التي لا يمكن التحكم فيها بشكل متزايد.
ويجادل المؤرخ بأن العنف في الولايات المتحدة يميل إلى التكرار كل 50 عاما تقريبا، لافتا إلى نوبات من الاضطرابات حدثت في الأعوام 1870 و1920 و1970 و2020.
ويضيف أن أحد أوضح أوجه الشبه التاريخية بما يحدث الآن هو عقد السبعينيات. فقد شهد ذلك العقد ظهور حركات راديكالية من حرم الجامعات وجيوب الطبقة الوسطى، ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن في جميع أنحاء الغرب.
وقال للمجلة إنه كان قد توقع في عام 2010، أن تشهد الولايات المتحدة فترة من عدم الاستقرار السياسي ثلاثية الأبعاد مع بداية القرن الــ21، مدفوعة بتفاقم الفقر الشعبي، والإفراط في إنتاج النخب، والضعف في قدرات الدولة.
ووفقا لنموذجه، فإن صعود ترامب لم يكن سببا للأزمة السياسية في أميركا، بل كان أحد الأعراض التي انبثقت من مجتمع متوتر بالفعل بسبب اتساع نطاق عدم المساواة وتشبع الدولة من أعداد النخب.
ومن وجهة نظر تورتشين، غالبا ما تنشأ شخصيات مثل ترامب عندما تبدأ طبقة متنامية من النخب المضادة والمؤلفة من أفراد طموحين ومؤهلين لكنهم معزولون عن السلطة، في تحدي الوضع الراهن.
وقال: "لقد ازدادت المنافسة بين النخب بشكل أكبر، مدفوعة الآن في الغالب بتقلص المعروض من المناصب بالنسبة لهم".
إعلانوقد ردد هذه النظرية عالم الاجتماع في جامعة واين ستيت جوكا سافولاينن، الذي جادل في مقال رأي نُشر مؤخرا في صحيفة وول ستريت جورنال بأن الولايات المتحدة تخاطر بخلق طبقة فكرية راديكالية قوامها أفراد تلقوا تعليما عاليا جدا، وأُقصوا من مؤسسات الدولة.
وحذّر سافولاينن من أن سياسات عهد ترامب -مثل تفكيك برامج التنوع والمساواة والاندماج، والبحوث الأكاديمية، وتقليص المؤسسات العامة- قد تؤدي إلى تسريع وتيرة الاضطرابات التي حدثت في السبعينيات. وأشار إلى أن سياسات الرئيس ترامب يمكن أن تزيد من حدة هذه الديناميكية.
وبدوره، يعتقد تورتشين أن النظام الأميركي دخل ما يسميها "الحالة الثورية"، وهي مرحلة تاريخية لم يعد من الممكن لمؤسسات الدولة من خلال آلياتها ونظمها احتواء الظروف المزعزعة للاستقرار.
وختم بالقول إن كل هذه المؤشرات تكتسب، "لسوء الحظ"، زخما متزايدا.