سلطت تقارير غربية الضوء، على عودة الضربات البريطانية ضد جماعة الحوثي في اليمن، في إطار الحملة التي تنفذها الولايات المتحدة والتي بدأت منتصف مارس/ آذار الماضي.

 

وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية أمس الأربعاء، مشاركة قواتها في عملية منسقة مع القوات الأمريكية ضد هدف عسكري تابع للحوثيين في العاصمة صنعاء.

 

وقالت الوزارة في بيان لها إن طائرات “تايفون” التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني استهدفت، بعد تحليل استخباراتي دقيق، مجموعة من المباني التي تستخدمها جماعة الحوثي لتصنيع الطائرات المسيّرة، من النوع المستخدم لمهاجمة السفن، وتقع على بُعد حوالي 15 ميلًا جنوبي صنعاء.

 

وذكرت أن المقاتلات استخدمت قنابل “بيفواي 4” الموجهة بدقة، بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بعد الانتهاء من التخطيط الدقيق للغاية، للسماح باستهداف الأهداف بأدنى قدر من المخاطر على المدنيين أو البنية التحتية غير العسكرية، وفي الليل عندما كان من غير المرجح أن يتواجد المدنيون في المنطقة، لكن لم يتم تأكيد عدد الضحايا.

 

وتعد هجمات هذا الأسبوع هي الأولى التي تشنها بريطانيا ضد الحوثيين في ظل حكومة حزب العمال الجديدة، والأولى منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

 

ما الأهداف الاستراتيجية للعملية؟

 

وفي السياق قال موقع الجيش البلغاري " Bulgarian Military" في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن هذه العملية، التي نُفذت بالتنسيق مع القوات الأمريكية، تؤكد التزام المملكة المتحدة بتأمين طرق التجارة البحرية الحيوية التي عطلها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران.

 

وأضاف أن المهمة التي انطلقت من قاعدة أكروتيري الجوية الملكية في قبرص، اعتمدت على القدرات المتقدمة لطائرة تايفون FGR4، والمدى اللوجستي الذي توفره ناقلات فويجر، والدقة المتناهية لقنابل بافواي 4 الموجهة بالليزر.

 

وتابع "لا يُبرز هذا الإجراء الأخير البراعة التكنولوجية لسلاح الجو الملكي فحسب، بل يُبرز أيضًا الأهمية الاستراتيجية للحفاظ على الاستقرار في منطقة حيوية للتجارة العالمية".

 

واستعرض موقع الجيش البلغاري خصائص ومميزات طائرة يوروفايتر تايفون FGR4، في أسطول سلاح الجو الملكي القتالي، وقال "في عملية اليمن، أثبتت طائرات تايفون FGR4 قدرتها على تنفيذ ضربات بعيدة المدى بدقة فائقة. حلقت الطائرات على ارتفاع يزيد عن 1600 ميل من قاعدة أكروتيري الجوية الملكية البريطانية، واستهدفت مجموعة من المباني التي عُرفت بأنها منشآت لإنتاج الطائرات المسيرة التابعة للحوثيين".

 

وحسب الموقع فإن المهمة تطلبت دمجًا سلسًا لإلكترونيات الطيران والأسلحة المتقدمة، حيث وجّهت كبسولة لايتنينغ 3 قنابل بافواي 4 إلى أهدافها. سمح أداء تايفون عالي السرعة ورادارها المتطور للطيارين بتفادي التهديدات المحتملة مع الحفاظ على التركيز على الهدف.

 

وزاد "تستند هذه العملية إلى خبرة سلاح الجو الملكي البريطاني مع طائرات تايفون في المنطقة، بما في ذلك الضربات السابقة ضد أهداف الحوثيين في يناير وفبراير 2024، حيث نجحت الطائرات في تدمير محطات التحكم في الطائرات المسيرة ومنصات إطلاق الصواريخ".

 

ظهرت طائرة تايفون لأول مرة في القتال عام 2011، عندما شنت ضربات ضد مركبات مدرعة ليبية، ومنذ ذلك الحين، أصبحت ركيزة أساسية في عمليات مثل شادر في سوريا والعراق، مُظهرةً موثوقيتها في النزاعات شديدة الوطأة.

 

في هذه العملية، ذكر التقرير أن طائرة فوييجر قامت بتزويد طائرات تايفون بالوقود في طريقها من وإلى اليمن، مما مكنها من الحفاظ على وقت تحليق فعال في القتال فوق المنطقة المستهدفة.

 

وأردف "لا يمكن المبالغة في الأهمية الاستراتيجية لقاعدة أكروتيري التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، الواقعة على الساحل الجنوبي لقبرص. وباعتبارها قاعدة عمليات أمامية، فهي بمثابة مركز لعمليات سلاح الجو الملكي البريطاني في الشرق الأوسط، مما يوفر وصولاً سريعًا إلى مناطق الصراع مع الحفاظ على الأمان من عدم الاستقرار الإقليمي".

 

نوعية القنبلة الموجهة

 

وأشار إلى أن قنبلة بافواي 4، وهي قنبلة موجهة ثنائية الوضع تزن 500 رطل من إنتاج شركة رايثيون البريطانية، كانت هي السلاح المفضل للضربات. لافتا إلى أن هذه الذخيرة المتطورة تجمع بين نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتوجيه بالليزر، مما يسمح لها بضرب الأهداف بدقة تصل إلى أمتار قليلة، حتى في الظروف الجوية السيئة.

 

تزن قنبلة بافواي 4، 226 كيلوغرامًا، وتتميز بنظام توجيه قابل للبرمجة يُمكّن أطقم الطائرات من ضبط زاوية واتجاه تأثير القنبلة أثناء الطيران، مما يُحسّن تأثيرها على أهداف محددة. يمكن ضبط فتيلها الذكي للانفجار في الجو، أو تأخير التفجير، أو الاصطدام، مما يجعلها متعددة الاستخدامات لاستهداف كل شيء، من الأفراد إلى الهياكل المحصنة، وفق التقرير.

 

وأفاد "في اليمن، استُخدمت هذه القنابل لتدمير المباني المستخدمة في إنتاج الطائرات بدون طيار، مما قلل من الأضرار الجانبية في منطقة غالبًا ما تكون فيها البنية التحتية المدنية قريبة. تصميم Paveway IV الصغير ودقته يجعلانه الخيار الأمثل على الذخائر الأثقل مثل Paveway III التي تزن 2000 رطل، والتي تُناسب الأهداف المدفونة على عمق أكبر".

 

"بالمقارنة مع ذخائر الهجوم المباشر المشترك الأمريكية الصنع، والتي تبلغ تكلفتها حوالي 25,000 دولار أمريكي للوحدة، فإن صاروخ "بيفواي 4"، الذي يبلغ سعره حوالي 40,000 دولار أمريكي، يوفر توجيهًا ليزريًا متطورًا، مما يوفر ميزة في سيناريوهات ساحة المعركة الديناميكية" حسب التقرير.

 

الجيوسياسي للعملية البريطانية

 

ويرى موقع الجيش البلغاري أن هذه العملية تعكس جهدًا أوسع لمواجهة عدوان الحوثيين في البحر الأحمر، وهو شريان حيوي للتجارة العالمية.

 

وأكد أن السياق الجيوسياسي للعملية يمتد إلى ما هو أبعد من اليمن. أثار دعم إيران للحوثيين، بما في ذلك تزويدهم بالطائرات المسيرة وتكنولوجيا الصواريخ، إدانة دولية.

 

وأضاف "على الرغم من أن حزمة الضربات الأخيرة يبدو أنها كانت مصحوبة بطائرة وقود من طراز فوييجر، إلا أن الرحلة إلى اليمن من قاعدة أكروتيري الجوية الملكية في قبرص طويلة نسبيا، كما أن تكوين المحركين لطائرة تايفون يوفر درجة أخرى من الراحة لأطقم الطائرات".

 

مصالح الأمن القومي والاقتصادي البريطاني

 

من جانبها قالت صحيفة "اندبندنت" إن هذه الضربات تمثل تصعيدًا كبيرًا في مشاركة المملكة المتحدة ضد الحوثيين في اليمن، وهي الأولى في الحملة التي يقودها ترامب.

 

وقال وزير الدفاع جون هيلي في تصريحات نقلتها الصحيفة إن "جميع الطائرات والأفراد البريطانيين المشاركين في العملية عادوا إلى قواعدهم بسلام".

 

وأضاف "ستعمل هذه الحكومة دائمًا بما يخدم مصالح أمننا القومي والاقتصادي". مشيرا إلى أن أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر تُشكل "تهديدًا مستمرًا" لـ"حرية الملاحة".

 

وتابع "نفذنا هذه الضربات، بدعم من الولايات المتحدة، لإضعاف قدرات الحوثيين ومنع المزيد من الهجمات ضد الملاحة البريطانية والدولية."

 

وأردف هيلي إن "انخفاض حركة الشحن عبر البحر الأحمر بنسبة 55% قد كلف مليارات الدولارات، مما أدى إلى تأجيج عدم الاستقرار الإقليمي، وهدد الأمن الاقتصادي للأسر في المملكة المتحدة".

 

وأضاف: "الحكومة ثابتة في التزامها بتعزيز الاستقرار العالمي وحماية العمال البريطانيين. إنني فخور بالتفاني والاحترافية التي أظهرها رجال ونساء الجيش البريطاني المشاركون في هذه العملية".

 

صحيفة "آي بيبر" البريطانية هي أيضا قالت إن مشاركة المملكة المتحدة في الضربات التي تقودها الولايات المتحدة قد تكون أيضاً بمثابة إشارة إلى البيت الأبيض بأنها جادة بشأن التعاون العسكري.

 

ونقلت الصحيفة عن جاستن برونك الخبير العسكري في المعهد الملكي البريطاني قوله إن "الضربات ربما وقعت الآن، لأن المملكة المتحدة حصلت على "معلومات استخباراتية حساسة زمنياً ومحدثة نسبياً حول أهداف محددة" يمكن للمملكة المتحدة أن تضربها "بمستوى معقول من المخاطرة، في غضون مهلة قصيرة، بطائرة تايفون".

 

كما نقلت عن مدير استخبارات المعدات في جينز نيك براون، قوله إن "طائرة تايفون كانت المقاتلة الهجومية الأساسية للمملكة المتحدة، وكانت تتمتع بمدى أطول دون إعادة التزود بالوقود من طائرة F-35B."

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن بريطانيا أمريكا الحوثي البحر الأحمر الجو الملکی البریطانی المملکة المتحدة هذه العملیة الحوثیین فی

إقرأ أيضاً:

“بي بي سي”: قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية يعد تغيّراً في السياسة البريطانية

يُعدّ إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن اعتزام بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيراً كبيراً في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة.

على الرغم من أن ستارمر عرض تأجيل هذا الاعتراف في حال اتخذتْ إسرائيل “خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروّع في غزة، ووافقت على وقف إطلاق النار، والتزمت بسلام مُستدام وطويل الأجل، على نحو يُحيي حَلّ الدولتين”.

ويعني الرفضُ الإسرائيلي الفوريّ لبيان رئيس الوزراء البريطاني، أنّ بإمكان مَن يكتبون خطابات ستارمر أن يبدأوا في العمل من الآن على ما سيقولُه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول.

إنّ قرار اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية يبدو “لا رجعة فيه”، وفقاً لمسؤول بريطاني رفيع المستوى.

وليس في توقعات ستارمر أن يُثمر هذا التغيير في السياسة البريطانية عن دولة فلسطينية مستقلة في أي وقت قريب، أمّا من وجهة نظر كثير من الإسرائيليين، فإن توقيت قيام مثل هذه الدولة الفلسطينية المستقلة يبدو مستحيلاً.

لكن النوايا البريطانية، بحسب مصادر دبلوماسية، تتمثل في تمكين المعتدلين من الجانبين – الإسرائيلي والفلسطيني؛ حيث يأمل البريطانيون في دفع الجميع إلى الاعتقاد بأن السلام يمكن أن يتحقق.

على أن ذلك لن يكون سهلاً، ليس فقط لأن حماس قتلت حوالي 1,200 شخص، بينهم مئات المدنيين الإسرائيليين، واحتجزت رهائن في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتنطلق إسرائيل في حملة انتقامية أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وتركت غزة أنقاضاً.
ولكنْ أيضاً لأن كلّ المحاولات لكي يحلّ السلام باءت بالفشل – سنوات من محادثات السلام في حقبة التسعينيات انتهت بإراقة الدماء، كما انهارت كل محاولات إحياء هذه المحادثات بعد ذلك.

وجاء رفض إسرائيل لبيان ستارمر بعد دقائق من الإعلان عنه من مقرّ الحكومة البريطانية في داوننغ ستريت، ففي وقت لاحق من مساء اليوم ذاته، جاء رفْض رئيس الوزراء الإسرائيلي شديد اللهجة.

وكتب نتنياهو على وسائل التواصل الاجتماعي يقول إن “ستارمر يكافئ الإرهاب الوحشي لحماس ويعاقب ضحايا هذا الإرهاب. إن دولة جهادية على حدود إسرائيل اليوم ستهدد بريطانيا غداً”.

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن محاولات “ترضية الإرهابيين الجهاديين دائماً تبوء بالفشل. وستفشل معكم أيضاً. لن تحدث”.

ويُنكر نتنياهو وقوف إسرائيل وراء الجوع والوضع الكارثي في غزة. ولو أنّه قبِل بشروط بريطانيا الخاصة بالتأجيل، لانهار ائتلافه الحاكم.

ويعتمد نتنياهو على دعم متشددين يرغبون في ضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة وإخراج الفلسطينيين منها بالقوة، وعدم مَنْحهم أيّ شكل من أشكال الاستقلال.

على أنّ هؤلاء ليسوا مَن يمنعون نتنياهو؛ وهو الذي بنى إرثه السياسي على أساس رفْض حَلّ الدولتين، وفكرة أن السلام يمكن أن يَحلّ بقيام دولة فلسطينية مستقلة جنباً إلى جنب مع إسرائيل.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال نتنياهو إن دولة فلسطينية تعني “منصّة تنطلق منها” هجمات كثيرة، على غرار هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لتدمير إسرائيل.

ويعقِد نتنياهو آمالاً على دعم الولايات المتحدة، التي ترى أن الاعتراف بدولة فلسطينية الآن يُعتبر مكافأة لإرهاب حماس.

وفي أثناء عودته إلى بلاده، قادماً من اسكتلندا، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصحفيين إنه لا يدعم الخطوة البريطانية.

ويمكن لقضية السيادة الفلسطينية أن تصبح بمثابة نقطة خلافية جديدة على صعيد العلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة.

وحتى أسابيع قليلة ماضية، لم يكن رئيس الوزراء البريطاني ستارمر مقتنعاً أن الوقت المناسب قد حان للاعتراف بدولة فلسطينية، لكنّ صور الأطفال الفلسطينيين في غزة وهم يقضون جوعاً كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بعد كل تلك الدماء وذلك الدمار.

هذا التوجّه لم يَشِع في مقرّ رئاسة الحكومة ومكتب الخارجية البريطانية وفقط، وإنما امتدّ إلى حزب العمال، ليجد طريقه إلى دوائر أوسع في عموم المملكة المتحدة.

ويأتي قرار بريطانيا الانضمام إلى فرنسا في الاعتراف بفلسطين بمثابة علامة أخرى على زيادة عُزلة إسرائيل دبلوماسياً.

وتُعدّ فرنسا وبريطانيا، حليفتين غربيتين كُبرَيين لإسرائيل، كما أنهما تمتلكان عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد رفضت الدولتان محاولة إسرائيل عرقلة اعترافهما بفلسطين في أُثناء انعقاد الجمعية العامة بنيويورك في سبتمبر/أيلول.

وفي نيويورك أيضاً، بعد بيان ستارمر، حظي وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بموجة من التصفيق الحاد فور إعلان قرار بلاده في مؤتمر الأمم المتحدة بخصوص حلّ الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية.

ورفض لامي الاتهام بأن الاستقلال الفلسطيني ستكون له تبعات مدمّرة على إسرائيل، وقال وزير الخارجية البريطاني إن “العكس هو الصحيح؛ فلا تَعارُض بين دعم أمن إسرائيل ودعم قيام دولة فلسطينية”.

اقرأ أيضاًتقارير“قصر كوير” أو قصر حارة البيبان: أنموذج فريد لتطور بيئة مكة العمرانية

وأضاف لامي: “دعوني أكون واضحاً، إن حكومة نتنياهو مخطئة في رفضها حلّ الدولتين – خطأً أخلاقياً واستراتيجياً”.

وقال مسؤول بريطاني إن الأجواء كانت مشحونة بالحماس عندما أخبر وزير الخارجية الوفود بأن إعلان بلاده اتُّخذ “وعلى أكتافنا يدُ التاريخ” تدلُّنا وتوجِّه خُطانا، على حدّ تعبيره.

ومضى لامي متحدثاً عن الماضي الاستعماري لبريطانيا في فلسطين، هذا الماضي المتشابك بقوة مع جذور الصراع بين اليهود والعرب للسيطرة على الأرض التي كانت تحت التاج البريطاني ذات يوم.

واستولتْ بريطانيا على القدس من رُقعة الإمبراطورية العثمانية في عام 1917 وظلتْ تسيطر على فلسطين حتى عام 1948، قبل أن تُسلّم مسؤولية هذه الأرض للأمم المتحدة وتغادرها ساحةً لصراع شامل آنذاك بين العرب واليهود.

وعلى الفور، أعلن ديفيد بن غوريون، أوّل رئيس وزراء لإسرائيل، استقلال الأخيرة التي تمكنت لاحقاً من صدّ هجوم شنّتْه الجيوش العربية وإنزال الهزيمة بتلك الجيوش.

وفي رواق الأمم المتحدة، استدعى ديفيد لامي من التاريخ وَعْد بلفور، وزير الخارجية البريطانية في عام 1917، الذي أمهر بتوقيعه خطاباً مكتوباً على الآلة الكاتبة انطوى على وعْد “بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”.

على أنّ وعْد بلفور، نَصّ أيضاً على “عدم الإضرار بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية في فلسطين”، دون استخدام لفظة “عرب”، لكنّ هذا هو ما كان مَعنياً.

وقال لامي إنّ لبريطانيا أنْ تفتخر بالطريقة التي أسهمتْ بها في تأسيس إسرائيل، لكنّ الوعد للفلسطينيين لم يُحفَظ، وهذا “ظُلمٌ تاريخيٌّ لا يزال قائماً”.

وقد غذّت الوعود المتضاربة من جانب بريطانيا هذا الصراع على الأرض وشَكّلتْ قوامه، ولو أنّ مسافراً عبر الزمن استطاع الذهاب إلى فلسطين في حقبة العشرينيات من القرن الماضي لتسنّى له أنْ يلمس أجواء العُنف والتوتر بشكل مثير للإحباط.

ومن أجل علاج هذا الظُلم التاريخي، وصف لامي حلّ الدولتين؛ حيث تأمل المملكة المتحدة في إنهاء الوضع البائس في غزة، وفي إحلال السلام في الشرق الأوسط.

وكانت فرنسا والسعودية تترأسان مؤتمر نيويورك الذي شهد حديث وزير الخارجية البريطاني. وأثمر المؤتمر عن بيان من سبع صفحات يستهدف تمهيد الطريق لإحياء حلّ الدولتين.

وانطوى هذا البيان على إدانة من جانب دول عربية لحركة حماس وهجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل.

إنّ نافذة السلام عبر حلّ الدولتين تبدو موصَدة بقوة بعد انهيار عملية السلام التي بدأتْ محادثاتها في حقبة التسعينيات، ويأتي قرار بريطانيا الخاص بالاعتراف بفلسطين بمثابة خطوة “دبلوماسية” على طريق إعادة فتْح هذه النافذة.

مقالات مشابهة

  • يوتيوب يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المستخدمين القاصرين
  • لماذا قللت أمريكا من أهمية اعتزام بريطانيا وفرنسا وكندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
  • للمرة الثانية.. محافظ الدقهلية يقوم بزيارة مفاجئة لشركة المياه لمتابعة الاستجابة لشكاوى المواطنين
  • الأمير سلمان بن سلطان يتسلم شهادة اعتماد المدينة المنورة مدينة صحية للمرة الثانية.. فيديو
  • “بي بي سي”: قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية يعد تغيّراً في السياسة البريطانية
  • تقرير بريطاني: اليمن غيّر قواعد الاشتباك في البحر الأحمر
  • الأمير سلمان بن سلطان يتسلم شهادة اعتماد المدينة المنورة مدينة صحية للمرة الثانية
  • أمريكا ترصد 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن زعيم القاعدة في اليمن
  • هل ستعترف أمريكا بالدولة الفلسطينية بعد إنذار بريطانيا؟ ترامب يرد
  • الحالة حرجة | دخول لطفي لبيب المستشفى للمرة الثانية .. خاص