عيد العمال في السودان: حين يُحاصر العمل بين الحرب والضياع
تاريخ النشر: 2nd, May 2025 GMT
طلال نادر
كاتب وصحافي من السودان
في الأول من مايو، الذي اعتادت فيه الحركة العمالية حول العالم أن تجدد عهدها مع قضايا العمل والعدالة الاجتماعية، يمر عيد العمال في السودان هذا العام وسط واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي عرفها تاريخ البلاد الحديث.
لم تكتفِ الحرب التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بتدمير مؤسسات الدولة وهدم البنية الإنتاجية، بل أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والعاملين، وتسببت في إصابة مئات الآلاف، وسجلت تقارير أممية موثقة جرائم اغتصاب وانتهاكات ممنهجة بحق النساء والرجال على السواء، في ظل نزوح داخلي تجاوز 8 ملايين، مع لجوء مئات الآلاف إلى الدول المجاورة.
أُغلقت المصانع، وشُلّت الأسواق، وتوقفت المزارع عن الإنتاج، وتحولت مساحات واسعة من البلاد إلى ساحات قتال فارغة من العمل ومن الكرامة
أُغلقت المصانع، وشُلّت الأسواق، وتوقفت المزارع عن الإنتاج، وتحولت مساحات واسعة من البلاد إلى ساحات قتال فارغة من العمل ومن الكرامة. في هذا المشهد، لا يمر عيد العمال كتقليد روتيني، بل كلحظة مؤلمة تستدعي كامل ذاكرة النضال العمالي في السودان، وتقيس حجم المأساة الجارية بمقاييس التجربة التاريخية الطويلة التي عاشها العمال السودانيون.
لم تولد الحركة العمالية في السودان مصادفة ولا امتيازًا، بل جاءت نتاج معاناة طويلة. فمنذ إضراب عمال مناشير الغابات عام 1908، ثم تأسيس أندية العمال في الخرطوم عام 1934، تبلورت نواة الحركة المنظمة التي انتزعت حقها عام 1947 بإنشاء هيئة شؤون العمال في السكة الحديد، بعد إضراب عمالي ملحمي أجبر الاستعمار البريطاني على الاعتراف بأول تنظيم نقابي سوداني مستقل.
لم تقتصر معارك العمال على المطالبة بتحسين الأجور وشروط العمل، بل ارتبطت جذريًا بالنضال الوطني من أجل الاستقلال والحرية، ما جعل النقابات، لاحقًا، جزءًا لا يتجزأ من ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985، في قيادة الإضرابات العامة وإدارة الفعل الجماهيري.
ومع انقلاب 30 يونيو 1989، بدأت مرحلة التجريف المنظم للعمل النقابي. سنّت السلطة قوانين تجرّم العمل النقابي الحر، وأقامت نقابات خاضعة بالكامل، وألغت الانتخابات، وطردت آلاف النقابيين المستقلين، محولة العمل النقابي من قوة مجتمعية فاعلة إلى واجهة شكلية خالية من الروح. ورغم القمع الممنهج، ظل بعض النبض حاضرًا، حتى تشكل "تجمع المهنيين السودانيين"، قبيل ثورة ديسمبر 2018، من أطياف متعددة شملت المعلمين، والأطباء، والمهندسين، وغيرهم من المهنيين الذين لعبوا دورًا حاسمًا في إطاحة نظام الإنقاذ كما نشطت بذات القدر الكيانات العمالية.
"ليست هذه الحرب أول كارثة تواجه الحركة العمالية السودانية، لكنها بلا شك الأخطر والأكثر قسوة"
ثم جاءت الحرب في نيسان/أبريل 2023، لتعيد تشكيل المأساة بأكثر وجوهها قسوة. توقفت المصانع والمزارع والمرافق الإنتاجية، وتدهورت الخدمات الصحية والتعليمية. ووفق تقارير أممية، نزح أكثر من 8 ملايين سوداني منذ اندلاع القتال، كثير منهم من الطبقة العاملة التي فقدت موارد رزقها بين ليلة وضحاها. تحول عشرات الآلاف إلى الاقتصاد غير المنظم، دون عقود عمل، ولا حماية قانونية، ولا نقابات تدافع عنهم بفعالية في ظل هذا الانهيار.
لم تقتصر الخسائر على قطاع بعينه، بل طالت جميع القطاعات المهنية والعمالية دون استثناء. الصحة، التعليم، الخدمات، الهندسة، الإعلام، المحاماة، النقل، والمرافق العامة، كلها تعرضت لانهيار شبه كامل، وتوقفت المؤسسات الإنتاجية والخدمية عن العمل في العديد من المدن والمراكز الحضرية الكبرى في السودان. أما القطاع غير المنظم، الذي كان يشكل ما يزيد عن 65% من حجم الاقتصاد السوداني، فقد تعرض لدمار مضاعف، حيث خسر الملايين من العمال البسطاء مصادر رزقهم دون حماية قانونية أو اجتماعية. وكان العمال، لا سيما العاملون في الاقتصاد غير المنظم، هم الأكثر تضررًا من الانهيار، مع تراجع مستويات الدخل إلى أدنى معدلاتها، واستشرى الاستغلال والابتزاز الاقتصادي ضد أضعف الفئات العاملة في ظل غياب أي آفاق عمل مستقر في ظل استمرار الفوضى المسلحة،
رغم هذا الخراب الشامل، لم تختفِ الحركة العمالية والنقابية كليًا. ظهرت محاولات مقاومة ولو محدودة: الحركة النقابية٫ رغم الانقسامات والضغوط، واصلت إصدار البيانات والدعوات للدفاع عن الحقوق ولم تتخلَّ عن الدعوة لتنظيم العاملين وتوحيد صفوفهم وحماية المؤسسات. تظهر هذه المحاولات، وإن كانت مبعثرة، أن إرث النضال النقابي في السودان لم يُمحَ، وأن فكرة التنظيم لا تزال تتنفس حتى تحت الركام.
في لحظة عيد العمال هذا العام، تصبح الأسئلة أكثر إلحاحًا: كيف يمكن إعادة بناء حركة نقابية حقيقية في ظل غياب شبه كامل للدولة؟ كيف يمكن الدفاع عن حقوق العاملات والعمال في واقع تهيمن عليه الميليشيات والسلاح؟ كيف يمكن أن يسهم العمل النقابي المستقل في إعادة بناء السودان السياسي والاجتماعي والاقتصادي؟
"لم تقتصر معارك العمال على المطالبة بتحسين الأجور وشروط العمل، بل ارتبطت جذريًا بالنضال الوطني من أجل الاستقلال والحرية"
ليست هذه الحرب أول كارثة تواجه الحركة العمالية السودانية، لكنها بلا شك الأخطر والأكثر قسوة. وفي المقابل، ليست النقابات والقوى العمالية مجرد هياكل تنظيمية، بل هي جزء أصيل من معركة بناء مجتمع عادل وإنساني. وكما انتُزعت الحقوق يومًا تحت ظل الاستعمار، فإن انتزاعها اليوم من قلب الحرب والفوضى يبقى ممكنًا، إذا توافرت الإرادة والوعي والتنظيم. ففي كل عيد عمال جديد، يتجدد السؤال الأبدي: من الذي يصون الكرامة عندما تنهار الدولة؟ وجواب السودان القديم والجديد معًا، يظل واحدًا: إن الذين ينظمون أنفسهم، مهما بلغ الخراب.
نقلا عن "ألترا صوت"
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة العمالیة فی السودان عید العمال العمال فی
إقرأ أيضاً:
ماذا فعلت الأصابع الخفية في السودان؟
(في كمبالا سلّمت السفارة الإسرائيلية رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول، هنأته فيها وحكومته وشعب الله المختار وأطفال إسرائيل على الانتصار على العرب في حرب 1967)،
من مذكرات الفريق جوزيف لاقو أحد مؤسسي حركة التمرد في جنوب السودان.
في السياسة، يحتاج قادة الدول إلى امتلاك فكر إستراتيجي يحيط بطبيعة التحديات التي يواجهونها، ومعرفة البيئة الدولية والداخلية التي تُبنى على أساسها الخطط.
وبهذا المعنى، ينطبق عليها تعريف الفيلسوف الألماني أرنست هيجل بأن "السياسة هي علم الأحياء التطبيقي". ولأن علم الأحياء يساعد على فهم البيئة ودورها في نمو الكائنات الحية، فإن فهم البيئة السياسية بصورة واقعية يساعد على إنتاج الأفكار التي تمكّن القادة من التعامل مع الظواهر السياسية بواقعية وعقلانية.
ومن الظواهر التي غشيت العقل العربي وسيطرت عليه لعقود طويلة، نظرية المؤامرة التي تفترض وجود جهة ما تكيد للدول العربية بانتظام. وخطورة سيطرة ذلك النوع من التفكير أنه أفضى إلى إعفاء الذات من تحمّل نتائج التقصير والفشل من ناحية، كما أفقد العقل العربي ميزة التفكير الموضوعي لمعالجة الظواهر السياسية بعقلانية دون "تهويل أو تهوين"، كما يقول الدكتور محمد المختار الشنقيطي.
وفي هذا المقال، الذي نعالج فيه أسباب استمرار الحروب في السودان بصورة حيّرت المراقبين، سنحاول تلمّس الأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة، مع التركيز على أصابع خفية ظلّت تحتفظ بدور بارز وكبير في تحريك الأحداث. وإذ نفعل ذلك، سنحاول تجنّب التفسيرات الباطنية التي تُعظّم نظرية المؤامرة وتستسهل من خلالها الوصول إلى النتائج.
ما نعنيه بالأصابع الخفية في حروب السودان، التي امتدت منذ العام 1955 قبل سنة من إعلان استقلال السودان وإلى الآن، هي التدخلات الخارجية التي يُمثّل فيها الكيان الإسرائيلي رأس الرمح والماكينة التي تُحرّك الأحداث من وراء المشهد، وذلك دون إغفال الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها النخبة السودانية بجميع توجهاتها الفكرية وانحيازاتها السياسية.
إعلانواحدة من هذه الأخطاء هي عدم الإدراك الصحيح للدور الإسرائيلي في حروب السودان، وعدم إيجاد المقاربات الناجعة للتعامل معه. فقد حرصت إسرائيل باكرًا على فهم السودان وتعقيداته، وبلورت إستراتيجية للتعامل معه، مدفوعة بمخاوف أمنية وتفسيرات أسطورية قديمة، تعتقد أن تابوت نبي الله موسى، عليه السلام، دُفن في كنيسة أكسوم الحبشية، وأن الملوك الإثيوبيين الذين حكموا السودان في زمان غابر تجري فيهم دماء يهودية من نسل نبي الله سليمان، عليه السلام، وأن هناك سبطًا من بني إسرائيل ضاع في منطقة البحيرات وجنوب السودان ولا بد من العثور عليه.
أما النص الحاكم للسياسة الإسرائيلية تجاه السودان، فيتلخص في التصريح الشهير لديفيد بن غوريون الذي يقول فيه:
"نحن شعب صغير وإمكاناتنا محدودة، ولا بد من اختزال هذه المحدودية في مواجهة أعدائنا من الدول العربية من خلال تشخيص ومعرفة نقاط الضعف لديها، وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات الإثنية والطائفية، حتى نضخّم هذه النقاط إلى درجة التحول إلى معضلة يصعب حلها أو احتواؤها".
يؤسس هذا "النص الحاكم" للنهج الإسرائيلي في التعامل مع الدول العربية، حيث صاغت من خلاله الدولة العبرية نظرية "شد الأطراف" للدول العربية أو "بترها" إذا لزم الأمر، كما حدث في جنوب السودان.
وتقوم تلك النظرية على إحداث القلاقل في أطراف البلدان العربية، إما استثمارًا للخلافات العرقية، أو تحريكًا للنزاعات الحدودية، وهو ما يحقق الهدف المركزي بإشغال هذه الدول بأنفسها حتى لا تكون جيوشها عامل دعم لدول المقاومة التي تقاتل إسرائيل.
وللتأكيد على قِدم المخطط الإسرائيلي، نستعين بمحاضرة رئيس الموساد مائير عاميت عام 1959 والتي قدمها بمناسبة تخريج دفعة جديدة، حيث يقول:
"لِمحاصرة التهديد الذي جسدته حركة المد القومي، كان لا بد أن ننجح في إثارة النوازع النفسية لدى الجماعات غير العربية داخل الدول العربية، وخاصة في العراق، وسوريا، ولبنان، والسودان".
ولتتبّع حجم الخراب الذي قامت به "الأصابع الخفية" في السودان، نحتاج إلى دراسة عدد من الوثائق على النحو التالي:
وثيقة "كيفونيم" التي قدّمها آرييل شارون 1983 لاجتماع وزراء حلف الناتو، والتي لخّصت إستراتيجيات إسرائيل في التعامل مع دول العالم العربي والإسلامي.وفيما يتعلق بالسودان، ورد ما يلي: "السودان أكثر دول العالم العربي والإسلامي تفككًا، فإنه يتكوّن من أربع مجموعات سكانية كلٌّ منها غريبة عن الأخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سُنيّة تسيطر على أغلبية غير عربية، إلى وثنيين، إلى مسيحيين." وتقرّر تلك الوثيقة في خاتمتها مؤكدة: "إن دولًا مثل ليبيا والسودان لن يكون لها حضور بصورتها الحالية".
في العام 2008، ألقى آفي ديختر، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، محاضرة لكبار القادة الأمنيين، وورد فيها ما يلي:
"السودان شكّل عمقًا إستراتيجيًا لمصر في حربها حيث تحوّل إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية، وأرسل قواته لمنطقة القناة أثناء حرب الاستنزاف. لذلك، كان لا بد أن نعمل على إضعافه وانتزاع المبادرة منه، ومنعه من بناء دولة قوية موحدة، فهذا ضروري لدعم وتقوية الأمن القومي الإسرائيلي".
إعلانفي كتابي (مهمة الموساد في جنوب السودان) لعميل الموساد ديفيد بن عوزيل، والمعروف باسمه الحركي "الجنرال جون"، وكتاب (إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان) للكاتب الإسرائيلي والعميد المتقاعد من جهاز الموساد موشيه فرجي، ترد تفاصيل مخيفة عن حجم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي الذي قدّمته إسرائيل لحركة التمرد في جنوب السودان، حيث شمل إرسال شحنات السلاح، وإرسال الخبراء، وتدريب عشرات الآلاف من الجنود، والمساهمة في تفجير الكباري واحتلال بعض المدن، وتعطيل مشاريع التنمية. يقول موشيه فرجي في كتابه إن التحرك الإسرائيلي نجح في جنوب السودان لعدة عوامل، أبرزها:
إحباط الدعم العربي للحكومة السودانية.توقيف العمل في قناة جونقلي التي كان من المؤمل أن توفر 5 مليارات متر مكعب من المياه تتقاسمها مصر والسودان، حيث حذّرت إسرائيل الجنوبيين من أن ذلك المشروع سيكون وبالًا عليهم.
كما أن إسرائيل نجحت في تنمية المشاعر القومية لدى الجنوبيين، مما ساعدهم على حسم خيار الانفصال عن الشمال.
نستخلص من هذه الوثائق أن إسرائيل صنّفت السودان منذ البداية باعتباره عدوًا إستراتيجيًا، ولذلك تعاملت معه على هذا الأساس في مخططاتها التي هدفت إلى إشغاله طوال الوقت بالنزاعات الداخلية.
يقول وزير الأمن الإسرائيلي السابق، آفي ديختر:
"أقدمنا على إنتاج وتصعيد بؤرة دارفور لمنع السودان من إيجاد الوقت لتعظيم قدراته. إستراتيجيتنا، التي تُرجمت على أرض الجنوب سابقًا وفي غربه حاليًا، نجحت في تغيير مجرى الأوضاع في السودان نحو التأزّم والانقسام. الصراعات الحالية في السودان ستنتهي عاجلًا أو آجلًا بتقسيمه إلى عدة دول أو كيانات".
ونستطيع تلخيص الرؤية الإسرائيلية تجاه السودان في النقاط التالية:
استهداف مصر عبر جارها الجنوبي، والعمل الجاد على تعطيل استفادتها من جهود هذا الجار. إشغال السودان بإشعال النزاعات فيه، وتأجيج روح الخلاف بين المكونات المختلفة. السعي لعدم استفادة السودان من موارده الهائلة حتى لا يتحول إلى دولة مركزية. إضعاف السودان عبر سياسة شد الأطراف أو بترها، وهو ما يؤكده آفي ديختر: "سودان هش ومجزأ خير من سودان قوي وفاعل".ولم يقتصر الاستهداف الإسرائيلي للسودان على إشعال النزاعات وإشغاله بالحروب فقط، بل تواصلت المساعي الإسرائيلية في المجالات الدبلوماسية والمنظمات الدولية لخنق السودان وتشديد الحصار عليه.
ففي أوج أزمة دارفور، أنشأت المنظمات اليهودية تحالفًا ضم أكثر من 180 منظمة حول العالم للترويج لفكرة الإبادة الجماعية في دارفور، وانطلقت أنشطة تلك المنظمات من متحف الهولوكوست بواشنطن تحت رعاية منظمة "أنقذوا دارفور" والوكالة اليهودية للخدمة الدولية، وتوجت تلك الجهود بإحالة ملف السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في الحرب الحالية التي اندلعت بعدما شنّت مليشيا الدعم السريع هجومًا مباغتًا على القوات المسلحة، قبل أن توسّع تكتيكاتها الحربية إلى استهداف البنية التحتية وتدمير المؤسسات العامة والخاصة بغرض إعادة السودان قرونًا إلى الوراء، كانت إسرائيل الحاضر الخفي الأبرز في المشهد.
فقد اندلعت الحرب بعد نشاط إسرائيلي محموم في البلاد بعيد تطبيع العلاقات مع السودان وتوقيع حكومة الفترة الانتقالية برئاسة حمدوك على "الاتفاقيات الأبراهامية"، حيث انخرطت إسرائيل في نشاط دبلوماسي مكثف تجاه الخرطوم، ركّز على الانشغالات الإسرائيلية الخاصة بجمع معلومات حول منظومة الصناعات الدفاعية السودانية و"تجنيب السودان مخاطر الخلايا الإيرانية"، كما صرّح مسؤول إسرائيلي بعد زيارة للعاصمة الخرطوم 2020. ولإخفاء نواياها الحقيقية بإطالة أمد الحرب، عرضت إسرائيل وساطة بين الجيش والدعم السريع.
وفقًا لبيان أصدره وزير الخارجية وقتها إيلي كوهين، الذي أكّد أن إسرائيل تعمل عبر عدة قنوات من أجل التوصّل إلى وقف إطلاق النار، لكن لم يرد أيّ ذكر لتلك الوساطة مرة أخرى، مما يشير إلى أن الدولة العبرية تساهم في إطالة أمد الحرب لإضعاف الطرفين، تنفيذًا لنظرية الأكاديمي الصهيوني إدوارد لوتواك "امنحوا الحرب فرصة".
إعلانكما أن المعلومات بدأت تتكشّف عن حجم العلاقات الكبيرة بين إسرائيل وحميدتي، الذي حرص على فتح قنوات تواصل مستقلة عن الجيش والدولة منذ فترة مبكرة. ففي تقرير نشره موقع "واللا" الإخباري، قيل إن طائرة رئيس الموساد حطّت في الخرطوم في يونيو/ حزيران 2021، وكان على متنها قيادات من الموساد التقت بحميدتي وقادة من الدعم السريع.
بعد نشوب الحرب، نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالًا بعنوان "كيف ستكسب إسرائيل الحرب في السودان؟"، أكّد فيه أن إسرائيل حريصة على كسب الدعم السريع للحرب، بالنظر إلى الخدمات التي قدّمها حميدتي في ليبيا بمحاربة الإسلاميين هناك، وتعهّده بـ"تفكيك الإسلاميين داخل الجيش السوداني".
وفي الفترة الأخيرة، وبعد أن مالت كفة الانتصار لصالح الجيش، وبدا أن الجيش قادر على حسم المعركة، تعالت أصوات إسرائيلية تتهم السودان بالتعاون مع إيران، وتنادي بالتدخل الإسرائيلي المباشر، لأن الجيش السوداني أصبح "حماس أفريقيا" حسب تلك المزاعم.
تحتاج القيادة السودانية إلى إعادة تكييف علاقاتها الخارجية بما يضمن محاصرة المخططات الآثمة ووأدها قبل أن تواصل تدمير المقدرات السودانية.
وفي هذا الخصوص، فإن السودان بحاجة إلى جهود أصدقائه للمساهمة في دعم الشرعية التي يمثلها الجيش السوداني والحكومة المدنية برئاسة الدكتور كامل إدريس، كما أن القيادة السودانية بحاجة إلى مجهودات تعزز تماسك الجبهة الداخلية وتُفوّت على المتربصين مخططاتهم الآثمة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline