الجزيرة:
2025-07-29@12:01:34 GMT

رسائل إسرائيل للشرع عبر البوابة الدرزية

تاريخ النشر: 2nd, May 2025 GMT

رسائل إسرائيل للشرع عبر البوابة الدرزية

فجر 2 مايو/ آيار الجاري، شنّ الجيش الإسرائيلي غارة جوية على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية دمشق. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مشترك مع وزير الدفاع إن الغارة تحمل رسالة واضحة إلى الحكومة السورية مفادها أن إسرائيل لن تسمح بأي تهديد للدروز.

على الرغم من رمزية الضربة، فإنّها، من حيث الدلالات، تُعدّ من بين الخطوات الأكثر تصعيدًا في التحركات العدوانية الإسرائيلية في سوريا منذ الإطاحة بنظام المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

فهي من جانب رسالة تهديد ضمنية للرئيس أحمد الشرع شخصيًا ولإظهار أنه لا توجد خطوط حمراء تردع إسرائيل من الذهاب بعيدًا في تقويض الحكم الجديد.

كما أنّها مُصممة لإضفاء مصداقية على وعود "الحماية" التي تُقدمها إسرائيل للدروز، خصوصًا أن هذه الوعود لم تمنع الدولة السورية من دخول منطقتي أشرفية صحنايا وجرمانا على أطراف العاصمة في الأيام الأخيرة، ولم تمنع كذلك الاتفاق بين دمشق ووجهاء منطقة السويداء على دخول الدولة إليها.

إن استهداف محيط القصر الرئاسي إلى جانب الاستثمار الإسرائيلي في الحالة الدرزية والحديث الإسرائيلي المستمر عن الأقليات في سوريا والحاجة إلى دعمها من جانب المجتمع الدولي، يندرج في إطار نهج أوسع يسعى لاختبار مدى قدرة الرئيس أحمد الشرع على التحرك تحت ضغط الترهيب المادي والمعنوي الذي تُمارسه إسرائيل على سوريا، ولاختبار مدى استعداد السوريين لتحمّل تكاليف مشروع الدولة الموحدة، في وقت تُحاول إسرائيل استخدام "ملف الأقليات" كورقة ضغط على دمشق.

إعلان

لذلك، لا يقتصر التحدي الإسرائيلي لسوريا في الواقع على احتلال أجزاء جديدة من أراضيها، أو على محاولة إحداث شرخ بين الدروز والدولة السورية، وتأليب المكونات السورية المُختلفة على هذه الدولة فحسب، بل أيضًا يُشكل تهديدًا وجوديًا لسوريا ككيان، ولعملية التحول فيها، كما يُشكل تحديًا كبيرًا لتركيا التي تضع كل ثقلها خلف الشرع والحكم الجديد لإنجاحه؛ لأنها ترى في سوريا الموحّدة والمُستقرة حاجة جيوسياسية لها لا تقبل المساومة، وأن نجاح إسرائيل في فرض تصوراتها لسوريا كدولة مقسمة أو فدراليات، يُشكل تهديدًا مباشرًا لتركيا.

مع ذلك، لا تعكس التحرّكات الإسرائيلية بالضرورة وضعًا مُريحًا لإسرائيل في سوريا، وهي تكشف نقاط ضُعف في هذا الوضع بقدر أكبر من نقاط قوة.

فمن جهةٍ تواجه مُعضلة كبيرة تُضعف استثمارها في الحالة الدرزية وتتمثل في تيار وطني قوي داخل الحالة الدرزية يُعارض الأطروحات الانفصالية والصدام مع الدولة، وأن يكون الدروز أداة لإسرائيل لتفكيك سوريا.

وهذا التيار عبّر عن نفسه بوضوح في اتفاق وجهاء السويداء في 1 مايو/ أيار الجاري، والذي يقضي بدخول الدولة إلى المحافظة وإلى منطقتي جرمانا وصحنايا على أطراف دمشق.

وبدون بيئة حاضنة لها كما هو الحال، لا تستطيع إسرائيل إنجاح استثمارها في الحالة الدرزية كما تُريد وفرض واقع خاص بها. وهذا الوضع يُوجد مُعضلتين لإسرائيل: أولاهما انكشاف عيوب الاستثمار في قضية تُشكل مدخلًا رئيسيًا لإسرائيل للتدخل في سوريا، والثانية تقويض مصداقية الوعود التي قدّمتها للتيار الدرزي الذي يُظهر في خطابه تماهيًا متكاملًا مع مشروعها في سوريا، ويتنزعمه الشيخ حكمت الهجري.

ومن جهة ثانية، يُعزّز الحكم الجديد في سوريا نفسه بشكل متزايد، وأصبح يحظى بقبول دولي واسع مما يدفع إسرائيل إلى تغيير خطابها تجاه هذا الحكم باعتباره نظامًا قائمًا وليس مُجرد سلطة تُديرها هيئة تحرير الشام.

إعلان

وأصبحت إسرائيل تستخدم هذا الخطاب حتى في رسائل التهديد التي تُرسلها لسوريا. علاوة على ذلك، لا تستطيع إسرائيل تجاهل التوجه الأميركي العام الذي يُبدي ميلًا للتعامل مع الرئيس الشرع، وبدأ بالفعل في سياق تفاوضي معه، كما يولي أهمية كبيرة للتقاطعات الإستراتيجية في الأهداف والمصالح مع تركيا في سوريا.

وقد عبّر الرئيس دونالد ترامب بوضوح عن هذه التقاطعات خلال اجتماعه الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في 5 أبريل/ نيسان الماضي، عندما أبلغه بأن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيرًا في تشكيل مستقبل سوريا، وأن على إسرائيل أن تكون عقلانية في التعامل معها، وهذا يعني أيضًا أن على إسرائيل أن تكون عقلانية أيضًا في الأهداف التي تضعها في سوريا كي تكون قابلة للتطبيق.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ اجتماع ترامب ونتنياهو وشروع تركيا وإسرائيل في مفاوضات للتوصل إلى آلية لإدارة المخاطر، شهد النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا، تراجعًا كبيرًا، ولم تُسجل منذ 2 أبريل/ نيسان الماضي أي غارات إسرائيلية حتى الهجومين الأخيرين على دمشق.

إن هذه المؤشرات الثلاثة تضغط على الإستراتيجية الإسرائيلية في سوريا، وقد تدفع باتجاه تغيير في هذا النهج يتناسب مع الواقع السوري الحالي.

فالأهداف المُفرطة في عدم الواقعية، لا تؤدي فحسب إلى إظهار نقاط الضعف في الموقف الإسرائيلي، بل تُخاطر مع مرور الوقت بإفراز نتائج عكسية.

ومع ذلك، يبقى من الضروري أن يضع الرئيس الشرع وتركيا في حسبانهما أن إسرائيل لن تتخلى بسهولة عن أهدافها في سوريا، حتى لو اضطرت إلى تعديل خطابها أو أساليبها. فهي تسعى إلى إبقاء سوريا ضمن دائرة التوتر والضغط، لتتمكن من التحرك بحد أدنى من التكاليف الإقليمية والدولية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی سوریا التی ت

إقرأ أيضاً:

عاجل. ماكرون يشدّد على ضرورة تجنّب تكرار العنف في سوريا بعد مكالمة مع الشرع

ماكرون يشدّد على ضرورة "تجنّب تكرار العنف" في سوريا بعد مكالمة مع الشرع اعلان

ماكرون يشدّد على ضرورة "تجنّب تكرار العنف" في سوريا بعد مكالمة مع الشرع

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة أخبار اعلان اعلان اخترنا لك بعد سحب وفود التفاوض من الدوحة.. مصدر في حماس يكشف أسباب فشل المفاوضات لوقف الحرب خشية "الصدام" مع واشنطن.. دول أوروبية تترك ماكرون وحيدًا في "معركة" الاعتراف بفلسطين بهلوي يكشف عن شبكة من "المنشقين" داخل النظام الإيراني: 50 ألفًا يتحرّكون لإسقاط خامنئي الجوع يواصل حصد الأرواح في غزة.. وإسرائيل تسمح للدول الأجنبية بإسقاط المساعدات جواً في القطاع هجوم مسلّح يستهدف مبنى حكومي جنوب شرق إيران ويخلّف ثمانية قتلى بينهم رضيع اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 محكمة التمييز الفرنسية تلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد 2 اجتماع سوري - إسرائيلي "رفيع" في باريس برعاية أميركية.. هل بدأت دمشق خطوات التطبيع العلنية؟ 3 بسبب ستارلينك.. كيف أوقف إيلون ماسك هجوماً أوكرانياً حاسماً ضد روسيا في 2022؟ 4 غضبُ رجال دين مسلمين بعد تحذيرات إمام مسجد في برلين من خطر أسلمة أوروبا 5 المغنّي والمسرحي والمؤلف الموسيقي ونجل فيروز.. رحيل الفنان اللبناني زياد الرحباني عن 69 عاماً اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة نزوح اشتباكات اسكتلندا إيران كمبوديا قطاع غزة نزاع حدودي الغولف الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • بغداد تحذر دمشق
  • برلماني: رسائل الرئيس السيسي للعالم ترجمة لأخلاق الدولة المصرية
  • سوريا تحدد موعد أول انتخابات برلمانية بعد التغيير.. الشرع يُقصي داعمي التقسيم
  • الرئيسان الشرع وماكرون يؤكدان خلال اتصال هاتفي على وحدة سوريا وإدانة التصعيد الإسرائيلي
  • ماكرون يؤكد لـ الشرع التزام بلاده بسيادة سوريا ووحدة أراضيها وإدانة التصعيد الإسرائيلي
  • اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع، أكدا خلاله وحدة سوريا، وإدانة التصعيد الإسرائيلي، ودعم مرحلة إعادة الإعمار والاستثمار
  • ماكرون يحذّر الشرع: على سوريا تجنّب دوامة العنف من جديد
  • ماكرون بعد مكالمة مع الشرع: يجب تجنب تكرار العنف في سوريا
  • عاجل. ماكرون يشدّد على ضرورة تجنّب تكرار العنف في سوريا بعد مكالمة مع الشرع
  • سوريا.. مصدر يكشف فحوى المشاورات مع إسرائيل في باريس