أعادت مشاهد الاعتداءات التي يقوم بها "متطرفون" ضد الدروز في سوريا، أعادت إلى الذاكرة مشاهد العنف المتتالية التي تعيشها البلاد منذ عام 2011.

كانت قوات نظام الأسد مع حلفائها من ميليشيات مرتبطة بالإيرانيين والعراقيين وصولاً إلى حزب الله اللبناني تستخدم العنف ضد أبناء حمص وريف دمشق وصولاً إلى حماه وحلب وغيرها، العنف الشبيه استخدمه أيضاً عناصر تنظيم داعش والمتطرفين الآخرين ومن بينهم "جبهة النصرة" التي تغيرت وصارت لاحقاً "هيئة تحرير الشام"، ليتجدد العنف قبل أكثر من شهر ضد مناطق العلويين ويؤدي إلى ما وصف بمجازر قتلت المئات وما سبقها من معارك ضد مناطق سيطرة الكرد.

تحولات متسارعة تعيشها سوريا منذ انهيار نظام الأسد في الثامن من ديسمبر 2024، سلطة جديدة يقودها "متطرف" أعلن التحول ورفض تاريخه السابق المرتبط بتنظيمي القاعدة وداعش، وبدأ الانفتاح والتعاون مع المحيط، رغم أن الواقع اليومي على الأرض كان مختلفاً، لنرى أن المنظومة الجديدة تعيش صراعها الداخلي بين "حكومة دمشق" التي يرأس جمهوريتها أحمد الشرع وبين "هيئة تحرير الشام" التي يقودها أبو محمد الجولاني.

من يحكم فعلياً سوريا الجديدة؟ هل هو أحمد الشرع، الوجه السياسي الذي طُرح كخيار معتدل لمرحلة ما بعد الأسد، أم أن الكلمة الفصل عادت لشخصيته السابقة "محمد الجولاني"، الذي يفترض أنه يملك القوة ويتحالف مع الميليشيات المتعددة ومن بينها مجموعات الأجانب المتطرفين مع حلفائهم.

السلطة الانتقالية تطالب بحصر السلاح بيد الدولة، وهي خطوة ضرورية لاستعادة الحد الأدنى من السيادة. إلا أن هذه الدعوة تصطدم بتحديات عدة، أولها غياب جيش وطني محايد قادر على ضبط الأمن، وثانيها أن الفصائل المتطرفة التي تملك السلاح هي الأكثر تورطاً في الانتهاكات، وهي فصائل لا يمكن للحكومة ضبطها كما يظهر حتى الآن.

منذ سقوط النظام السابق، تصاعدت الاعتداءات على مختلف المكونات، بدأت الهجمات تلاحق أبناء الطائفة العلوية، في حمص وريفها، وامتدت لاحقاً إلى الساحل. واليوم، تتكرر مع الطائفة الدرزية، التي تواجه حملات عنف في مناطق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا قرب دمشق.

في مشهد يعيد للأذهان ممارسات النظام السابق، تتهاون السلطة الجديدة مع خطاب الكراهية والتحريض، فلا تحرك ساكناً تجاه الدعوات لإبادة الدروز في التظاهرات التي شهدتها مناطق عدة، كما لم تفعل شيئاً حين صدرت دعوات لقتل العلويين في الساحل.

الغائب الأكبر عن هذا المشهد هو الشارع السني المدني الوسطي، الذي كان يُعوّل عليه في تقديم بديل مدني معتدل. انسحاب هذا التيار أفسح المجال أمام قوى متشددة لتملأ الفراغ، ما زاد من حدة الاستقطاب وأضعف فرص بناء مشروع وطني شامل.

ليس مستغرباً أن تتوجس الأقليات، من الحكومة الانتقالية التي تضم في صفوفها شخصيات من التيار المتشدد. غياب ضمانات سياسية ودستورية لحمايتهم، يهدد بإعادة إنتاج العنف الطائفي ويجعل من سوريا رهينة لحرب أهلية ممتدة.

وسط الواقع القاتم، تتعالى الأصوات المنادية بتدخل المجتمع الدولي لحماية الأقليات السورية، ودعم قيام مؤسسات شرعية تقود البلاد نحو حكم مدني قائم على العدالة والمواطنة. فيما المواجهة مستمرة بين الشرع "مرتدي ربطة العنق" وبين الجولاني "المقنع الذي لا تظهر منه إلا عينيه".

سوريانشر الجمعة، 02 مايو / أيار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

إقرأ أيضاً:

حلقوا شعره ورسموا على وجهه.. اعتداء على مطرب شعبي في سوريا ووزارة الداخلية تُعلّق

بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، سُجّلت 27 جريمة قتل خلال يوليو الماضي في مناطق متفرقة من البلاد، أودت بحياة 30 شخصًا بينهم نساء وأطفال. اعلان

نفت وزارة الداخلية السورية "بشكل قاطع"، الجمعة، أي تورط لعناصر الأمن العام في حادثة الاعتداء التي تعرض لها المطرب الشعبي عمر خيري خلال تأديته فقرة غنائية في مدينة الباب بريف حلب، مؤكدة أن "الحادثة لا تمت بأي صلة إلى أي جهة أمنية رسمية".

وأكد المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، في بيانٍ صحفي، أن "ما يتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي حول مشاركة عناصر تابعة للأمن العام في الاعتداء على المطرب عمر خيري عارٍ تمامًا من الصحة، وننفيه بشكل مطلق". وأضاف: "لا علاقة لأي جهة أمنية بالحادث، ونُشدد على أن المؤسسة الأمنية تعمل وفق القوانين والأنظمة، وتحاسب أي مخالف داخل صفوفها".

وأشار البابا إلى أن ما جرى يندرج ضمن "حملات منظمة من التضليل والتشويه تستهدف المصداقية المؤسسية للجهاز الأمني"، مؤكدًا أن "الوزارة لن تتهاون مع أي تجاوز من قبل عناصرها، لكنها في المقابل لن تسمح بتلفيقات تُستخدم لضرب الثقة بين المواطن والدولة".

الواقعة التي أثارت موجة استنكار واسعة، وقعت أثناء حفل زفاف في مدينة الباب، حيث توقف الحفل فجأة، واقتحمت مجموعة مسلحة المكان، واعتدت على المطرب عمر خيري بالضرب، قبل أن تُجبره على حلق شعره وتُرسم على وجهه علامات، وفق مقاطع مصوّرة انتشرت على نطاق واسع عبر "فيسبوك" وتطبيقات المراسلة.

وأظهرت المقاطع لحظات توتر شديدة، وردود فعل صادمة من الحضور، ما أثار استغرابًا واسعًا حول السياق الذي يسمح بمثل هذه التصرفات.

وأشار نشطاء إلى أن الحادث قد يكون ناتجًا عن مواقف خيري الداعمة للرئيس المخلوع بشار الأسد، فيما أشار آخرون إلى أن المجموعة المسلحة رفضت الغناء باعتباره "مُخالفًا لمعتقداتهم الدينية"، في تطور يعكس التناقضات العميقة في المشهد الأمني والاجتماعي في مناطق الشمال السوري.

ولم تُحدد وزارة الداخلية في بيانها مصير المطرب الشعبي عمر خيري، ولم كشفت عن أي تفاصيل حول وضعه الصحي أو القانوني.

وتأتي الحادثة في سياق تصاعد ملحوظ في حالات الانفلات الأمني، وانتشار الجرائم المسلحة، وغياب الرقابة الفعّالة، وفق ما توثقه منظمات حقوقية. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، سُجّلت 27 جريمة قتل خلال يوليو الماضي في مناطق متفرقة من البلاد، أودت بحياة 30 شخصًا بينهم نساء وأطفال.

Related الاتحاد الأوروبي يدعو لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات جنوب سوريا وانتقال سلمي للسلطة"يد على الزناد وأخرى على الكاميرا".. تحقيق يكشف أسلوب تنفيذ "الإعدامات" في جنوب سوريارغم إعلان وقف إطلاق النار.. تسجيل عدد من الخروقات في السويداء جنوب سوريا

ولم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ شهدت مناطق متعددة في سوريا سلسلة مداهمات واعتداءات على مقاهٍ ونوادٍ ليلية، واعتقالات تعسفية، وفق تقارير صحفية.

في المقابل، تسعى وزارة الداخلية إلى "تعزيز ثقة المواطن بالمؤسسة الأمنية". وفي يونيو الماضي، أُفتتحت أول دائرة متخصصة لاستقبال شكاوى المواطنين حول تجاوزات عناصر الشرطة، في حي المرجة بدمشق، بهدف "تعزيز الشفافية والمساءلة".

وأكدت الوزارة أن "الدائرة تعمل على التحقيق في جميع البلاغات"، وأن أربع دوائر مشابهة ستفتتح تباعًا في محافظات حلب، اللاذقية، حمص، ودير الزور، مشددة على "التزامها الكامل بسيادة القانون، ومحاسبة المخالفين وفق الأطر القانونية النافذة".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • سوريا.. قوات الأمن تستعيد السيطرة على عدة مناطق بريف السويداء
  • قتيلان جراء تجدد العنف في السويداء بجنوب سوريا
  • حلقوا شعره ورسموا على وجهه.. اعتداء على مطرب شعبي في سوريا ووزارة الداخلية تُعلّق
  • عن سوريا والشرع وحزب الله.. إليكم ما قاله تقريرٌ إسرائيلي
  • مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي بحياة طفل يبلغ 13 عامًا
  • كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
  • تصنيف الدول حسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب (إنفوغراف)
  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟
  • سوريا: ولاء الغالبية العظمى من الدروز لدمشق وإسرائيل تدرك ذلك
  • حضرموت على صفيح ساخن والاحتجاجات تتوسع إلى مناطق جديدة