«ماستر كلاس» يمكّن المخططين المواطنين
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
دبي: «الخليج»
أطلقت بلدية دبي برنامج «ماستر كلاس التخطيط الحضري لبناء مدينة مرنة»، كمبادرة رائدة في التعليم والتدريب التنفيذي تهدف إلى تعزيز قدرة المخططين المواطنين ضمن مجال التخطيط الحضري في البلدية، وإكسابهم معارف تخصصية متقدمة في مجالات التخطيط والتصميم الحضري، عبر محتوى علمي شامل يقدمه نخبة من الخبراء والمتخصصين من أبرز المكاتب العالمية.
ويُعد البرنامج من المواضيع التي تسلّط الضوء على أفضل الممارسات والاتجاهات العالمية المتعلقة بتخطيط مدن مرنة ومتكيفة مع المتغيرات الاقتصادية والمناخية والاجتماعية، مع التركيز على متطلبات جودة الحياة وسياسات التخطيط والتصميم الحضري، إضافةً لتعزيز مستوى التعامل مع المواضيع المتعلقة بالتحديات الحضرية ومرونة المدن.
وصُمم البرنامج بالتعاون مع شركاء دوليين مرموقين شمل: كوبنهاجنيز المتخصصة في التخطيط الحضري، وشركة ديفيليرز وشركاؤه، المتخصصة في الهندسة المعمارية، ومعهد باريس الإقليمي، وهو وكالة تخطيط إقليمية.
ويأتي هذا البرنامج جزءاً من رؤية بلدية دبي الأوسع نطاقاً لتقوية الأنظمة الحضرية وتعزيز المرونة على المدى الطويل، بهدف إعطاء الأولوية لبناء القدرات، وتوسيع اطّلاع الكفاءات المواطنة، بما يضمن الاستدامة وخلق فرص التأهيل والتطوير التي تسهم في بقاء المدينة مرنة وشاملة ومستعدة بشكلٍ جيد لمواجهة التحديات الحضرية المستقبلية والتكيف معها.
وقالت المهندسة صنعا العليلي، مدير إدارة التخطيط الحضري وجَودة الحياة في بلدية دبي: «يعكس البرنامج التزام الإمارة بتصميم مدينة مستقبلية لا تكتفي بمواجهة التحديات المناخية والحضرية فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى كيفية توظيف أفضل الممارسات المُبتكرة للحفاظ على مرونة وريادة المدينة وازدهارها في ظل مختلف التحديات، ومن خلال البرنامج، سنمكّن الكفاءات الوطنية من اكتساب المعرفة والاطّلاع على أفضل الممارسات لتصميم مجتمعات قابلة للعيش وأكثر ترابطاً وأماناً وجاذبيةً واستدامةً وجَودةً للحياة».
ويتكون البرنامج من وحدتَين، انعقدت الأولى منها في دبي خلال إبريل 2025، وركزت على الأسس النظرية، بما في ذلك مبادئ المرونة الحضرية، والتخطيط الحضري المستدام، وتصميم الأحياء الشاملة.فيما ستُعقد الوحدة التدريبية الثانية في دبي خلال مايو الجاري، على شكل ورشة عمل مكثفة تعتمد على دراسات حالة واقعية ضمن السياق المحلي.
ويمتد البرنامج ل60 ساعة وهو موجّه للمخططين في إدارة التخطيط الحضري وجودة الحياة في بلدية دبي من المراحل المبكرة إلى المتوسطة من مسيرتهم المهنية في مجالات التخطيط والتصميم الحضري.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات بلدية دبي التخطیط الحضری بلدیة دبی
إقرأ أيضاً:
تحول الطاقة.. وسؤال التحديات!
مريم البادية
لا تُقاس الصناعات الكبرى بعدد الإعلانات ولا بعدد الشركات التي تبقى أو تغادر، بل بمقدار قدرتها على الصمود أمام التقلبات وإعادة تشكيل نفسها كلما تبدلت المعطيات الاقتصادية والتقنية. وفي قطاع حديث كالهيدروجين الأخضر الذي يعد أحد أهم رهانات الطاقة في العقود المقبلة، يُصبح كل انسحاب أو تأجيل أو إعادة تقييم جزءًا من حركة نمو طبيعية لا تعكس بالضرورة ضعفًا أو ترددًا، بقدر ما تكشف عن إعادة ترتيب عالمية في ميزان الاستثمارات.
لذلك فإنَّ قراءة انسحاب شركة "بي بي" البريطانية من مشروع للهيدروجين الأخضر في الدقم، تتطلب اقترابًا أعمق من المشهد، يتجاوز الانطباعات السطحية وردود الأفعال السريعة وغير المدروسة ولا تستند إلى حقائق اقتصادية واستثمارية بحتة.
نبدأ من قطاع الهيدروجين الأخضر والذي يمر الآن في مرحلة بناء السوق؛ حيث لم تكتمل فيه سلاسل الإمداد والتوريد، كما لا توجد عقود شراء طويلة المدى بكثرة، إلى جانب أن التكنولوجيا نفسها ما تزال في مرحلة خفض التكاليف وليس الوصول إلى نقطة التعادل. وفي جانب آخر، يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة شديدة الحساسية لأي متغير كارتفاع أسعار الفائدة المصرفية عالميًا، وتغيُّر اولويات الشركات واضطرابات في سلاسل الإمداد، أو حتى إعادة تقييم لمخاطر رأس المال. وهو ما يفسر ما قد يحدث من انسحابات من مشاريع أو إعادة هيكلة لمشاريع في أستراليا وألمانيا وبريطانيا والسعودية خلال العامين الماضيين. فما حدث في مشروع "نيوم" السعودي من إعادة تقييم، أو في أوروبا من توقف بعض المشاريع، ليس حالة استثنائية؛ بل نموذج يمكن الاستفادة منه؛ فالقطاع يتطلب مرونة تكيفية أعلى من أي قطاع آخر.
وثمة حقيقة ربما لم يتلفت إليها الكثيرون، وهي أن الشركة البريطانية تشهد تحولات داخلية؛ إذ بدأت "بي بي" بعد عام 2021 إعادة ضبط نفقاتها وتقليل الاستثمارات ذات الأفق الزمني الطويل دون عائد واضح، حسب بيانات الشركة نفسها، إلى جانب إعلان استراتيجيتها الجديدة والتي تركز على المشاريع الأقل تكلفة والأسرع في تحقيق التدفقات النقدية.
وقد لاحظنا مطلع العام الجاري 2025 أن الشركة أوقفت مشروعًا في قطاع الهيدروجين الأخضر أيضًا في أستراليا بقيمة استثمارية 600 مليون دولار أمريكي، مع انتظار تقديم دعم مالي سخي. ولذلك لا يمكن قراءة مثل هذه القرارات سوى أنها إعادة ترتيب لأولويات الشركة، وليس بسبب عدم جدوى الهيدروجين، في عُمان أو غيرها.
بالنسبة لسلطنة عُمان- وبعكس ما يتصوره البعض- فإن النموذج العُماني في هذا القطاع يتمتع بعدة خصائص تجعل أثر الانسحاب محدودًا؛ حيث إن عُمان لم تضخ أي رأس مال حكومي في المشروع، وأن ما مُنح هو حق انتفاع بالأرض، وهذا إجراء تحفيزي معتاد في مشاريع الطاقة، ما يعني أن الحكومة- والميزانية العامة للدولة- لا تتحمل أي خسائر مالية نتيجة انسحاب أي شركة، كما تحتفظ بالقدرة على إعادة تخصيص الأرض لمطوِّر آخر.
وفي حال نجاح المشاريع، فإننا نستفيد بأكبر قدر من العوائد؛ لأننا لم نتحمل تكلفة التطوير، وهو نموذج استثماري يُقلِّل المخاطر على المال العام، ويُركِّز على جذب المُطوِّرين ذوي القدرة المالية والخبرة. وتتمتع عُمان بمساحات شاسعة من الأراضي المؤهلة في محافظة الوسطى، وهو ما يمنحنا مرونة عالية في التخطيط طويل المدى دون أن نخسر فرصًا اقتصادية أخرى.
لذا يجب التركيز على المشاريع الخضراء الأخرى الأكثر جاهزيةً وتمويلًا؛ فهناك مشاريع في الحديد الأخضر والأمونيا الخضراء، وسط توقعات بطلب صناعي حقيقي، الأمر الذي سيرفع من قيمة الأراضي والبنية الأساسية التي يجري الاستثمار فيها. ولدينا عدد من المشاريع التي دخلت مرحلة التنفيذ مثل مشروع "أكمي" الذي يستهدف إنتاج 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء.
وفي الختام.. لا ريب أن أي رؤية اقتصادية واعدة تواجه التحديات، فهذه طبيعة الأمور، ولا يعيب قطاع أو يُقلل من جاذبيته انسحاب شركة هنا أو تأخر تنفيذ مشروع هناك؛ لأن الاستثمارات بطبيعتها عُرضة للمخاطر المتنوعة، وكما تقول القاعدة الاقتصادية "رأس المال جبان"، ولا ينبغي أن يدفعنا أي تحدٍ للتوقف عن مواصلة الطريق، وإنما علينا بالمثابرة والاستمرارية، فالوصول إلى خط النهاية في المارثون يُحققه صاحب النفس الطويل، وليس الأكثر شهرةً!