بقلم : الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط ..

من حيث التعريف الفيزيائي ، هو شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي ، لكنه من منظور أعمق ، قد يكون التعبير الأصدق عنه أنه ( روح الكون ) أو ( نسيجه النابض ). فالضوء ليس مجرد طاقة تسري ، بل هو تمظهر وجودي مزدوج ( طاقة عندما يكون حراً ، ومادة عندما يُحتجز في بنيات مغلقة تتحرك بسرعة الضوء ).

وحين نتأمل حركة الضوء في الفراغ ، ندرك أن الفضاء ليس مجرد وعاء صامت ، بل هو عنصر أساسي في تكوين الكون. ومع ذلك ، ثمة تصور قديم يرى أن الفضاء هو الوجود الأساسي ، وأن الضوء ما هو إلا اضطراب عابر فيه ، كما أن المادة نفسها ليست إلا موجات ثابتة من هذه الاضطرابات. يشبه هذا الطرح اعتبار الفضاء كالهواء ، والطاقة كالصوت ، بينما تتجسد المادة في موجات ساكنة ، كما نراها في سطح ماء يهتز بإيقاع منتظم.

رغم أن هذه النظرة بسيطة في ظاهرها ، فإنها تقود إلى تساؤل منطقي ؟
إذا كان الفضاء هو ( الوسط ) فلماذا لا نشعر به حين نتحرك بسرعات هائلة كما في الأقمار الصناعية؟
ولماذا نشعر بالإشعاع ولا نشعر بالمقاومة؟
يبدو إذن أن الضوء ليس مجرد حركة في الفضاء ، بل كيان مستقل يمتلك وجودًا خاصًا.

هنا يظهر دور معادلة أينشتاين العميقة
‏E = mc²
أو بشكل موسّع
‏c² = E/m = (E/V) ÷ (m/V) = e/ρ
حيث تعني
‏ • E: الطاقة
‏ • m: الكتلة
‏ • V: الحجم
‏ • e: كثافة الطاقة
‏ • ρ: كثافة المادة

هذا الشكل يربط بين الطاقة والمادة من خلال مفهوم السرعة، ويكشف أن الفضاء قد يتصرف كما لو كان وسطًا ماديًا ، لكنه ليس كذلك.
فبحكم التعريف ، الفضاء الفارغ لا يحتوي شيأً ، ولا يعرف شيأً عن المادة.
هنا يبدو المشهد وكأنه لغز كوني محيّر.

لكن ما إن ندرك أن المادة نفسها تتكون بنسبة تفوق 99.999…% من فراغ ، حتى ينقلب المنظور.
فالمادة ليست نقيض الفضاء ، بل امتداد له ، أو شكل من أشكاله المكثّفة.
سلوك المادة ، إذاً ليس إلا انحرافًا بسيطًا في سلوك الفضاء الفارغ.

وبهذا المعنى ، يمكن اعتبار الضوء مادة متبخرة، والمادة ضوءًا متكثفًا.
وهذا الانسجام بين الحالتين تجسّده معادلة أينشتاين ، التي تتيح لنا رؤية التحول المتبادل بين الكتلة والطاقة.
فالضوء يحمل خصائص ميكانيكية (كالزخم والطاقة) إلى جانب خصائصه الكهربائية والمغناطيسية ، ويمكن لأشعة غاما عالية الطاقة أن تخلق زوجًا من الجسيمات (إلكترون وبوزيترون)، كما يمكن لهذا الزوج أن يفني بعضه ليعود إلى ضوء من جديد.

وكما أن بخار الماء يحتاج إلى ( نواة تكاثف ) ليعود إلى سائل ، كذلك يحتاج الضوء إلى بيئة مناسبة ليصبح مادة. لكنه في أحيان أخرى ، يتحول دون محفز ، تمامًا كما يتبخر الماء من سطح هادئ بلا ريح.

وهكذا ، يبدو الكون وكأنه رقصة بين الضوء والمادة ، بين الظهور والاختفاء ، بين التجلّي والكمون.
وما نسميه المادة و الطاقة ليسا سوى وجهيْن لعملة واحدة: الوجود في حالاته المختلفة.

فلنبدأ بالتفريق بين الفضاء والفراغ، ثم نجيب على
هل هو مملوء بضوء أم ظلام؟

أولاً: ما هو الفضاء؟

الفضاء هو الامتداد اللامتناهي الذي يحتوي على كل شيء المجرات، النجوم، الكواكب ، والمادة والطاقة.
عندما نقول الفضاء الخارجي ، فإننا نعني المناطق الواقعة خارج الغلاف الجوي للأرض.

ثانياً: ما هو الفراغ؟

الفراغ هو حالة أو منطقة لا تحتوي (تقريباً) على أي مادة. فيزيائياً ، لا يوجد فراغ كامل تماماً ، ولكن يمكن الوصول إلى درجات عالية جداً من الخلاء ، مثل الموجود بين النجوم أو بين المجرات او بين الذرات …..؟!

ثالثاً: هل الفضاء مملوء بالضوء أم الظلام؟

الإجابة تعتمد على هل هناك شيء ليستقبل الضوء أم لا
الفضاء مملوء بالفوتونات (الضوء) ، خصوصاً من النجوم ، لكن إن لم يكن هناك شيء ليستقبل هذا الضوء (كعين بشرية أو سطح عاكس) ، فلن يُرى
ولذلك ، الفضاء يبدو مظلماً لنا ، ليس لأنه خالٍ من الضوء ، بل لأنه لا يوجد ما يعكس هذا الضوء إلى أعيننا في كثير من المناطق.

بمعنى أدق … الضوء موجود في الفضاء ، لكن ليس في كل الاتجاهات أو بكل الكثافة.
الظلام هو ببساطة غياب الاستقبال أو الانعكاس ، كما قلتَ أنا سابقاً ( هو ضوء غير منعكس ولا توجد له مستقبلات )

التشبيه البسيط

تخيل أنك في غرفة ضخمة جداً جداً ، أكبر من أي مبنى رأيته ، وكل جدرانها سوداء ، وليس فيها أي أثاث ، ولا نوافذ. في منتصف هذه الغرفة هناك مصباح مضاء، لكنه معلق بعيداً جداً عنك.
إذا لم يكن هناك شيء يعكس الضوء إليك (مثل جدران قريبة أو مرآة) ، فسترى حولك الظلام ، رغم أن الضوء في الحقيقة موجود في الغرفة !!؟

هكذا هو الفضاء
النجوم ترسل الضوء ، لكن لا يوجد دائمًا سطح يعكسه أو ع ين تلتقطه ، لذلك نراه مظلماً

حيدر عبد الجبار البطاط

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

عُمان تكشف عن رؤية فضائية حتى 2033 وتعلن تعاونًا فضائيًا مع السعودية

صراحة نيوز- أطلقت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في سلطنة عُمان رؤية استراتيجية تمتد حتى عام 2033، ضمن إطار البرنامج الوطني للفضاء، وتهدف هذه الرؤية إلى دعم أربعة محاور رئيسية: تعزيز التنوع الاقتصادي، وضمان الأمن الوطني، وبناء القدرات البشرية، وحماية الموارد الطبيعية.

وتسعى هذه السياسة إلى تحقيق تطلعات سلطنة عُمان لتكون منصة إقليمية متقدمة في تطبيقات الفضاء، وتطوير البنية التحتية لهذا القطاع الحيوي بما ينسجم مع أولويات رؤية عُمان 2040، بحسب ما أكدته الوزارة.

وفي هذا السياق، كشف مسؤول في الوزارة لموقع «العربية.نت» أن مساهمة قطاع الفضاء تُقدّر بنحو 0.5% من الدخل القومي العُماني، مشيرًا إلى أن هذه النسبة تندرج ضمن نشاطات الاقتصاد الرقمي، مع استمرار تحديث البيانات الإحصائية المتعلقة بالقطاع.

ويُدير البرنامج الوطني للفضاء الدكتور سعود الشعيلي، الذي أشار إلى أن عدد الشركات المحلية العاملة في القطاع يبلغ 21 شركة، منها شركات تقدم خدماتها خارج البلاد، ويعمل فيها نحو 400 موظف عماني. وأكد أن البرنامج الوطني يعزز التعاون مع بيوت خبرة عالمية، إلى جانب شركاء محليين، لنقل وتوطين الخدمات الفضائية في السوقين المحلي والإقليمي.

ومن أبرز المبادرات الحديثة برنامج “مسرّعات الفضاء”، الذي يستهدف تأهيل 10 شركات ناشئة محلية لتقديم حلول تقنية قابلة للتطبيق التجاري. ويركز البرنامج على عدة مجالات مثل:

الاتصالات

مراقبة ورصد الأرض

التحليلات الجغرافية المكانية

الطائرات بدون طيار

الذكاء الاصطناعي

التعلم الآلي

الحوسبة المتطورة

تخزين البيانات

محاكاة المركبات الفضائية

وأكد الشعيلي أن المسرّعات تساهم أيضًا في تطوير الكوادر الوطنية عبر التدريب وبناء القدرات، وتحفيز القطاع من خلال دعم الجودة وتحسين بيئة الأعمال.

وعلى صعيد التعاون الإقليمي، أشار رئيس البرنامج إلى انطلاق تعاون سعودي – عُماني في قطاع الفضاء، من أجل تبادل الخبرات وتنسيق الجهود في المجال العلمي، وبناء شراكات استراتيجية بين الرياض ومسقط.

وتُوّجت الجهود العُمانية بإطلاق الصاروخ العلمي التجريبي “الدقم-1”، عبر شركة «إطلاق» الوطنية بإشراف الوزارة، ويُنتظر الإعلان عن موعد إطلاق المهمة التالية “الدقم-2″، ضمن سلسلة مشاريع شركة «ستالر كنتكس» الدولية.

مقالات مشابهة

  • جسم غريب فى السماء.. هل يشكل خطورة على الأرض ؟
  • غداً.. انطلاق مخيم «مستكشف الفضاء الصيفي»
  • في الموت والغياب
  • إعلان هام بخصوص تسجيل تلاميذ الأولى ابتدائي
  • إعلان هام بخصوص تسجيل تلاميذ الأولى إبتدائي
  • التعليم تنفي تأجيل قرار تخصيص 20% من الدرجات للحضور والغياب بالإعدادية لـ2027
  • تحت الضوء
  • عُمان تكشف عن رؤية فضائية حتى 2033 وتعلن تعاونًا فضائيًا مع السعودية
  • وكالة الفضاء السعودية: تجارب طلابية سعودية وعربية على متن محطة الفضاء الدولية
  • ترامب يُعيّن وزير النقل مديراً لوكالة الفضاء الأميركية