عندما يحلق ذباب الفاكهة بسرعة كبيرة في خط مستقيم، كيف يعرف أنه لا ينحرف عن طريقه؟ السر يكمن في نظام بصري مذهل يعرف بـ"التدفق البصري"، حيث يولد نمطا بصريا متماثلا في كلتا العينين في أثناء الطيران المستقيم.

هذا التماثل يسمح للذباب بتقدير اتجاهه بدقة، وفقا لدراسة نشرت في الأول من مايو/أيار في مجلة نيتشر "نيوروساينس".

وإن الطيران بسرعات العالية قد يخدع الدماغ، لأن التماثل البصري يصبح أقوى وتصعب ملاحظة الانحرافات البسيطة، وهنا يظهر دور نظام عصبي شديد الحساسية في تلك الكائنات، قادر على التقاط تلك التغييرات في أجزاء من الثانية وتصحيح المسار على الفور.

وفي هذا الصدد، تقول الباحثة المشاركة في الدراسة إيوجينيا كيابيه من مؤسسة شامباليمود في لشبونة، في حديثها للجزيرة نت، إن "العين وحدها لا تكفي للتمييز بين الحركة المتماثلة وغير المتماثلة، فالأمر يتطلب معالجة من أجزاء أخرى في الدماغ".

وتضيف: "إذا نظرت بعين واحدة فقط، فلن تستطيع معرفة إن كنت تطير في خط مستقيم، لأنك تفقد نصف المشهد".

عمل الفريق البحثي على تتبع شبكة عصبية متكاملة تقوم بجمع المعلومات البصرية من العينين في ذبابة الفاكهة (جامعة جونز هوبكنز)

"الطرح العصبي".. كيف يكشف الدماغ الانحراف؟

عمل الفريق البحثي على تتبع شبكة عصبية متكاملة تجمع المعلومات البصرية من العينين في ذبابة الفاكهة لاكتشاف أي انحراف طفيف. كما رسموا خريطة دقيقة للدائرة العصبية المسؤولة عن هذه العملية، وكشفوا كيف تؤثر على سلوك الذبابة في أثناء الطيران.

إعلان

بدأت الدراسة بخلايا عصبية تعرف باسم "الخلايا الأفقية"، وهي تستجيب للحركة الأفقية وتسهم في التحكم في الاتجاه. ثم ركز الباحثون على نوع محدد من الخلايا العصبية النازلة تسمى "دي إن بي 15″، التي تستقبل إشارات من الخلايا الأفقية وتنقلها إلى الجهاز الحركي في جسم الذبابة عبر الحبل العصبي البطني– وهو ما يعادل الحبل الشوكي لدى البشر.

وباستخدام تقنية تصوير دقيقة تعرف بـ"المجهر ثنائي الفوتون"، تبين أن هذه الخلايا لا تتفاعل مع الحركات المتماثلة، بل تُركّز على الفروقات بين العينين.

تقول الباحثة: "كنا نظن أن هذه الخلايا تجمع المعلومات من الجانبين، لكن المفاجأة أنها تقوم بعملية طرح عصبي، أي أنها تزيل الأجزاء المتشابهة من الصورة وتركز فقط على الاختلافات التي تدل على الانحراف".

عند الطيران يصبح التماثل البصري أقوى وتصعب ملاحظة الانحرافات الطفيفة (أسوشيتد برس) دماغ دقيق يتحكم في حركة الأجنحة

للتعمق في التفاصيل، استخدم الباحثون خريطة رقمية دقيقة للدماغ تم تطويرها باستخدام المجهر الإلكتروني، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التي ساعدت في تتبّع الخلايا العصبية بدقة فائقة.

أظهرت النتائج أن هذه الخلايا العصبية تتصل مباشرة بخلايا أخرى مسؤولة عن حركة الرقبة والأجنحة والأرجل، وحتى أعضاء التوازن لدى الذبابة. وهذا يعني أن المعلومات البصرية تتحول بسرعة إلى أوامر حركية لضبط الجسم.

لكن الأهم هو اكتشاف شبكة مكونة من 16 خلية عصبية إضافية تتفاعل مع الخلايا السابقة وتضبط عملها، بما في ذلك نوع خاص من الخلايا المثبطة تعرف باسم "بابيس"، تعمل على كبح الإشارات المتماثلة غير المفيدة، مما يسمح لخلايا "دي إن بي 15" بالتركيز فقط على الانحرافات.

وتوضح كيابيه أن "هذه الخلايا تجعل (دي إن بي 15) شديدة الحساسية لأي انحراف بسيط، حيث تدمج الإشارات البصرية مع إشارات عصبية راجعة لتنتج استجابة دقيقة جدا".

إعلان

وتظهر الدراسة أن هذه الشبكة العصبية تستطيع رصد الفروقات الطفيفة في تدفق الصورة حتى في أثناء الطيران السريع، وترسل أوامر فورية لضبط الاتجاه واستعادة المسار الصحيح. وتختم الباحثة بالقول إن هذه الآلية تسمح للذباب بتحويل الفروقات بين العينين إلى إشارات حركية دقيقة، تُنظّم مساره ونظرته في الوقت نفسه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أثناء الطیران هذه الخلایا أن هذه

إقرأ أيضاً:

تفاصيل مدهشة.. الكشري مصدر غني للبروتين على غرار اللحوم| فيديو

قال الدكتور مجدي نزيه، استشاري التثقيف الغذائي، إن الأنظمة النباتية تختلف في أنماطها وتوجهاتها، فهناك من يعتمد النظام النباتي الصرف دون تناول أي منتجات حيوانية، وهناك من يتبع النظام النباتي المرن بتناول الأسماك أو البيض أو الألبان فقط، موضحًا أن هذا التنوع يجعل من الضروري التمييز بين أنواع "النباتيين" عند الحديث عن تأثير النمط الغذائي على الصحة.

وخلال لقائه، في برنامج "أنا وهو وهي"، المذاع على قناة صدى البلد، أكد نزيه أن الاعتقاد الشائع بأن النظام النباتي أكثر صحة من النظام المعتمد على البروتين الحيواني هو أمر "يجانبه الصواب"، على حد تعبيره، موضحًا أن تناول اللحوم أو الدواجن أو الأسماك لا يشكل خطرًا صحيًا طالما تم ذلك بشكل معتدل وفق المعايير الغذائية العالمية، مثل الاكتفاء بـ125 جرامًا من اللحم الأحمر في الوجبة.

وأضاف نزيه أن بعض الأشخاص قد يبتعدون عن المنتجات الحيوانية لأسباب ذوقية أو شخصية، مثل عدم تقبل طعم اللحوم، ولكن لا ينبغي الترويج لفكرة أن هذا النهج هو بالضرورة "الأكثر صحة"، كما أن النظام الغذائي الصحي يمكن أن يشمل البروتين الحيواني بكميات معتدلة دون أي أضرار.

وحول البروتينات النباتية، أشار نزيه إلى أن البقوليات، رغم كونها مصدرًا للبروتين النباتي، تُصنف كبروتينات "ناقصة" لأنها تفتقر إلى بعض الأحماض الأمينية الأساسية التي لا يستطيع الجسم تصنيعها، أما البروتينات الحيوانية– باستثناء الجيلاتين– فهي "كاملة" وتحتوي على جميع هذه الأحماض.

واستشهد نزيه بوجبة الكشري كمثال على كيفية استكمال الأحماض الأمينية في الوجبة النباتية؛ لاحتوائها على نوعين من البقول (كالعدس والحمص) ونوعين من الحبوب (مثل الأرز والمكرونة)، مما يجعلها قادرة على تعويض نقص البروتين الكامل.

لكنه عاد وأكد أنه يفضل للصحة العامة وجود مصادر للبروتين الحيواني، وعلى رأسها البيض ومنتجات الألبان؛ لما تحتويه من عناصر غذائية ضرورية لا تتوفر بنفس الكفاءة في المصادر النباتية. 

طباعة شارك الدكتور مجدي نزيه استشاري التثقيف الغذائي الأنظمة النباتية منتجات حيوانية

مقالات مشابهة

  • شمة حمدان: ورثت العصبية من والدي وما أسكت عن حقي.. فيديو
  • الكركم يحارب سرطان القولون.. دراسة تكشف قدرته على وقف نمو الخلايا السرطانية
  • الكرملين: روسيا تحافظ على علاقاتها مع القيادة السورية الحالية
  • الوطنية للانتخابات: لأول مرة بطاقات اقتراع لذوى الإعاقة البصرية والسمعية
  • صور مدهشة لحيوانات تتثاءب أمام مصورها.. ما سرها؟
  • تراها بعينيك.. إليك 6 أحداث فلكية مدهشة في يوليو 2025
  • "الطيران المدني" تصدر تحذيرا بهطول أمطار رعدية مصحوبة برياح هابطة نشطة
  • تعديل الشعار..مجلس جامعة الأقصر يعتمد الهوية البصرية للجامعة
  • تدشين ملعب فريق "فلج الشراة" والهوية البصرية الجديدة
  • تفاصيل مدهشة.. الكشري مصدر غني للبروتين على غرار اللحوم| فيديو