نشر الصحفي البريطاني إيان بلهام تيرنر تسجيلا مصورا يُظهر النائب الليبي إبراهيم الدرسي وهو يناشد صدام حفتر، نجل القائد العسكري خليفة حفتر، لإطلاق سراحه، متعهدا بأن يكون "داعما دائما" له، فيما دعت حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها إلى فتح "تحقيق دولي" لكشف ملابسات الاعتقال.

وأوضح تيرنر أن الفيديو تم تصويره في 22 مايو/أيار 2024، أي بعد 6 أيام من اختطاف الدرسي من منزله في مدينة بنغازي، ويُعتقد أنه محتجز في سجن تشرف عليه قوات حفتر بقيادة علي المشاي.

ويُظهر الفيديو الدرسي وهو مكبل اليدين، في مشهد أثار استنكارا واسعا، بعد غياب معلومات عنه طيلة عام كامل.

فيديو مسرب للنائب ابراهيم الدرسي بعد اختطافه في مدينة بنغازي

يتوسل لأصنام الرجمة الأمريكان pic.twitter.com/7aVVwpT4b4

— ضو الصغير منصور (@DawSaghair1969) May 5, 2025

ونشر موقع "أفريك آسيا" الفرنسي صورا للدرسي وهو معتقل ومكبل، دون تحديد مكان أو تاريخ التقاطها. وأشار الموقع إلى أن اختطافه جاء عقب تصريحات انتقد فيها تغلغل أقارب حفتر في مفاصل السياسة والاقتصاد في شرق ليبيا، لا سيما في ملف إعادة إعمار بنغازي.

إدانة

وقد دانت حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس، ما وصفته بما وصفتها بالمشاهد الصادمة" لاحتجاز النائب إبراهيم الدرسي، ودعت إلى فتح "تحقيق دولي" لكشف ملابسات الاعتقال.

إعلان

وقالت حكومة طرابلس في بيان الاثنين إنها "تدين بأشد العبارات ما ظهر من مقاطع فيديو وصور مسربة، تظهر النائب إبراهيم الدرسي في ظروف احتجاز مهينة وصادمة وغير انسانية".

والدرسي هو نائب في مجلس النواب الليبي منذ عام 2014، وكان يشغل رئاسة لجنة الشؤون الدينية والأوقاف وعضوية لجنة المرأة والطفل. وسبق له أن عمل إماما وخطيبا وناشطا اجتماعيا، وله حضور بارز في الحياة المدنية ببنغازي.

ويأتي اختطاف الدرسي ضمن سلسلة من حالات الاختفاء القسري التي طالت مسؤولين ونشطاء وصحفيين في مناطق سيطرة قوات حفتر، إذ تُتهم القيادة العسكرية في شرق ليبيا بالوقوف وراء حملات ممنهجة لإسكات الأصوات المعارضة، خاصة تلك التي تنتقد الفساد أو تحتج على هيمنة العسكر على الحياة السياسية.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من مجلس النواب في طبرق، أو من المستشار عقيلة صالح، بشأن حادثة الاختطاف، رغم الدعوات المتكررة من منظمات حقوقية ونواب ليبيين لكشف مصير الدرسي ومحاسبة المسؤولين عن احتجازه.

وكان آخر ظهور علني للدرسي خلال احتفالات ”ثورة الكرامة“ التي نظمتها قيادة الجيش في 16 مايو/أيار 2024، قبل أن يختفي فجأة بعد أيام في ظروف غامضة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

السيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب

في مساء شتوي بارد من ديسمبر 2025، كانت القاهرة تشبه مدينة تستعد لقراءة فصل جديد من خرائط الإقليم. لم يكن استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي للمشير خليفة حفتر في قصر الاتحادية مجرد لقاء عابر على صفحات البروتوكول، بل كان أشبه بفتح غرفة الخرائط على مصراعيها، حيث تتقاطع خطوط الحدود مع مصالح الأمن القومي، وتتجاور حسابات البحر مع حسابات الصحراء. لحظة تحمل رائحة السياسة الثقيلة، وتقول إن الجغرافيا ما زالت أقوى من كل خطابات النوايا.

القاهرة، التي تعتبر ليبيا امتدادًا مباشرًا لنَفَسها الغربي، كانت ترسل رسالة لا تحتاج إلى دبلوماسية: لا فراغ استراتيجي عند حدود مصر، ولا سماح بتحويل ليبيا إلى ساحة مفتوحة للمرتزقة وألعاب القوى الإقليمية. البيان الرسمي، وإن جاء هادئًا، أعاد التأكيد على وحدة ليبيا وخروج القوى الأجنبية وضرورة الذهاب إلى انتخابات شاملة، لكنه أخفى بين السطور ملامح رؤية مصرية أكثر حسمًا: حماية مصالحها، منع تهديد حدودها، وتحصين المتوسط من أي محاولة لإعادة رسم خرائطه دون حضور القاهرة.

في عمق المشهد، بدا اللقاء كأنه تثبيت لوزن شرق ليبيا في معادلات المرحلة المقبلة، وتعزيز لقدرة هذا التيار على الإمساك بخيوط التفاوض. لكنه في الوقت ذاته كشف إدراكًا مصريًا بأن القوة بلا سياسة تتحول إلى عبء، وأن ليبيا لا تحتاج طرفًا ينتصر بل دولة تستعيد تماسكها. فكل فراغ هناك يعني فوضى هنا، وكل انزلاق في الشرق أو الغرب ينعكس على القاهرة مباشرة، سواء عبر الحدود الرملية أو عبر البحر المتوسط.

أما ملف الهجرة غير الشرعية فكان حاضرًا كظل لا يفارق الساحل الليبي، أي استقرار في الشرق سيحد من قدرة شبكات التهريب، ويمنح مصر مساحة أوضح لملاحقة خطوط التسلل، بينما أي انفجار سياسي سيحوّل البحر إلى ممر مفتوح للهاربين والفوضى معًا.

لذا بدا واضحًا أن ضبط الحدود البحرية والبرية لم يعد مسألة أمنية فقط، بل جزءًا من سياج استراتيجي يحمي الداخل المصري من ارتدادات الفوضى الليبية.

ومع ذلك، كان على القاهرة أن تتحرك بوعي تجاه مفارقات المشهد: ألا تتحول ليبيا إلى رقعة صراع بين محاور خارجية، وألا يُبنى النفوذ المصري على تحالف أحادي يُهمل المكونات الليبية الأخرى، وألا تجرّها معارك المتوسط إلى مواجهات جانبية مع لاعبين إقليميين يبحثون عن موطئ قدم في شرق البحر.

في المجموع، بدا استقبال السيسي لحفتر إعلانًا بأن مصر عادت لاعبًا مباشرًا في رسم مستقبل غربها، لا مراقبًا يتحسّس النتائج. لكنه إعلان يحمّل القاهرة مسؤولية شاقة: تثبيت الحدود، ضبط المتوسط، متابعة الداخل الليبي، ومراقبة ما يجري في السودان الممتد أثره حتى طرابلس وطبرق في آن واحد.

ولكي تحتفظ هذه الخطوة بزخمها، يصبح من الضروري التوازن بين ثلاثة مسارات:

ربط الدعم العسكري بمسار سياسي واضح يضمن انتخابات شاملة.

تشديد الرقابة على الحدود والبحر لوقف شبكات التهريب والهجرة.

تفعيل دبلوماسية إقليمية متوازنة تمنع الاشتعال في شرق المتوسط وتُبقي ليبيا خارج دوائر الحروب بالوكالة.

البعد الاستخباراتي، ما وراء الصور والتصريحات.

قد يبدو اللقاء سياسيًا في ظاهره، لكنه في عمقه يحمل إشارات استخباراتية واضحة:القاهرة تُعيد بناء شبكة تنسيق ميداني مع شرق ليبيا تشمل مراقبة الحدود، تبادل معلومات عن الميليشيات والمقاتلين الأجانب، ومسارات تهريب السلاح والبشر.

هناك اهتمام مصري برسم “خريطة مصادر التهديد” داخل ليبيا، من مواقع المرتزقة إلى ممرات الصحراء وصولًا إلى الموانئ التي يمكن أن تتحول إلى نقاط انطلاق للهجرة غير الشرعية.

المعلومات المتداولة تشير إلى رغبة مصر في امتلاك صورة كاملة عن التحركات الإقليمية في ليبيا: التمويل، السلاح، القيادات الجديدة، وتغيّر الولاءات القبلية.

كما تسعى القاهرة إلى ضمان ألا يتحول الساحل الليبي الشرقي إلى نقطة نفوذ لقوى قد تغيّر موازين المتوسط، سواء في الطاقة أو الحدود البحرية أو قواعد النفوذ العسكري.

إنها قراءة استخباراتية تقول إن ليبيا ليست مجرد جار، بل لوحة أمنية مفتوحة، وأي ضباب عليها يعني ظلامًا على حدود مصر.

(محمد سعد عبد اللطيف «كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية»).

اقرأ أيضاًمحامٍ لدى «الجنائية الدولية»: قائد الجنجويد الأسبق علي كوشيب ارتكب جرائم وفظائع في السودان

خالد الترجمان: الخطوط الحمراء المصرية بين سرت والجفرة منعت التوغّل نحو الحقول والموانئ النفطية

مقالات مشابهة

  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • الديباني: حكم استئناف بنغازي يُسقط قانونيًا هيئة الانتخابات الموازية التي أنشأها الرئاسي
  • بعد ساعات من اختفائه.. أمن سوهاج يعيد طفلًا خطفه 3 متهمين بالعسيرات
  • أشار إلى سقوط صدام وهزيمة داعش.. مبعوث ترامب يوجه رسالة إلى حكومة العراق
  • وفد أمني ليبي يزور معبر «رأس جدير»
  • الفريق صدام حفتر يستقبل وفدًا عسكريًا أردنيًا لبحث التعاون المشترك
  • اليونان تؤكد احترام سيادة ليبيا ودعم مسار انتخابي ليبي شامل
  • الفريق أول ركن “صدام حفتر” يبحث مع وفد عسكري أردني سبل تطوير برامج التدريب ورفع قدرات القوات المسلحة
  • عودة شاب مفقود بالشرقية بعد أيام من اختفائه.. والداخلية توضح التفاصيل
  • السيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب