محللون: اتفاق ترامب والحوثيين لا منتصر فيه لكنه يضع نتنياهو في مأزق
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
في تطور مفاجئ، أعلنت الولايات المتحدة عن وقف ضرباتها ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، مقابل توقف الجماعة عن استهداف السفن الأميركية في المنطقة، وهي خطوة يقول محللون إنها تعكس تحركا أميركيا بمعزل عن إسرائيل في بعض الملفات الإقليمية.
وخلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الكندي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن التوصل لاتفاق مع الحوثيين يقضي بتوقفهم عن استهداف السفن في البحر الأحمر مقابل توقف سلاح الجو الأميركي عن مهاجمة الجماعة.
ولم يعلق الحوثيون على هذا الإعلان، لكن الخارجية العمانية خرجت برواية مختلفة عن حديث ترامب حيث قالت إن اتصالات أجرتها مسقط مع الأطراف المعنية أسفرت عن تفاهم سيتوقف بموجبه كل طرف عن استهداف الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية.
ووفقا للبيان العماني، فإن الاتفاق يضمن سلامة السفن الأميركية وليس كل السفن من ضربات الحوثيين، كما أنه لا ينص على وقف ضرب إسرائيل من الأراضي اليمنية.
ولعل هذا ما دفع إسرائيل لإبداء استغرابها من الإعلان الأميركي، بل إن هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين أنهم "فوجئوا بإعلان ترامب". كما نقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي كبير أن واشنطن "لم تخطر تل أبيب بهذه الخطوة".
إعلان
اتساع الفجوة بين ترامب ونتنياهو
وبغض النظر عن تفاصيل الاتفاق، فإنه يكشف عن اتساع الفجوة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويظهر تحوّلا نسبيا في الموقف الأميركي من النزاع بين إسرائيل والحوثيين، كما يقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور خليل العناني.
كما يؤكد الاتفاق -حسب ما قاله العناني خلال برنامج "مسار الأحداث"- أن ترامب ليس خاضعا لنتنياهو كما كان الرئيس السابق جو بايدن، وأنه يضع الحسابات الأميركية الداخلية نصب عينيه وهو يتعامل مع ملفات المنطقة.
والسبب في ذلك -برأى العناني- أن الرئيس الأميركي مدعوم بقوة من تيار "ماغا" الذي يتبنى العزلة التامة في السياسة الخارجية والخروج من النزاعات في الشرق الأوسط لتقليل الكلفة الاقتصادية.
لذلك، فإن هذا الاتفاق يظهر أن ترامب لا يتجاهل الحسابات الداخلية وهو يتعامل مع نتنياهو الذي يحاول بوضوح توريط الولايات المتحدة في حرب مع إيران، خصوصا وأنه تزامن مع تصعيد إسرائيلي كبير ضد اليمن، كما يقول العناني.
والأهم من ذلك، برأي المتحدث، أن الاتفاق الأخير يظهر التباين الكبير في الموقف من إيران التي يريد ترامب منعها من امتلاك سلاح نووي فقط، في حين يريد نتنياهو ضربها وإسقاط نظامها السياسي بالكامل.
ويعتقد العناني أن نتنياهو يقف بين خيارين بعد هذا الاتفاق المفاجئ، وهما أن يتماهى مع سياسة ترامب أو الدخول في صدام معه، وهو أمر يتضح في تعامله مع غزة الذي لا يسير على هوى الرئيس الأميركي.
والأخطر من وجهة نظر الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، أن هذا الاتفاق قد يكون مقدمة لاتفاق نووي مع طهران لا يلبي السقف الأمني لتل أبيب المتمثل في تدمير برنامج طهران النووي، ودون ترتيب معها، لأن هذا سيكون بمثابة 7 أكتوبر جديد بالنسبة لنتنياهو، وسيعجل بانهياره السياسي.
إعلانكما يشي الاتفاق مع الحوثيين -برأي مصطفى- بإمكانية تحول الموقف الأميركي من ملفات أخرى في المنطقة مثل سوريا، واتخاذ قرارات بشأنها دون مشاورة تل أبيب. وهو أيضا يكشف التباين بين نتنياهو الذي يعتبر الحسم العسكري هدفا، وترامب الذي يعتبره وسيلة لإبرام اتفاقات.
مأزق أمني إسرائيلي
وبعد هذا الاتفاق، ستتقلص قدرة إسرائيل على التحرك في الإقليم لأن الولايات المتحدة لا تمنعها من فعل ما تريد في فلسطين لكنها لن تسمح لها بفعل ما تريد في إيران مثلا، كما يقول مصطفى.
ووفقا للمتحدث، ستكون إسرائيل وحيدة لأول مرة في مواجهة الحوثيين الذين تعجز عن صد صواريخهم وتواجه مشكلة استخبارية معهم، كما أنها ستكون مضطرة لضربهم كلما أطلقوا صاروخا أو مسيرة عليها تفعيلا لعقيدتها الأمنية، وهو أمر كانت تقوم به أميركا قبل هذا الاتفاق.
ولا يمثل الاتفاق انتصارا لترامب الذي لم ينجح في إعادة الملاحة بشكل عام وإنما الملاحة الأميركية فقط، ولا للحوثيين الذين قدموا تنازلا باستثنائهم سفن واشنطن من أي هجمات بما فيها المتجهة لإسرائيل أو القادمة منها، كما يقول الباحث بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي.
كما أن مكي لا يعتقد أن الاتفاق يعني فراقا بين الولايات المتحدة وإسرائيل لأن المصلحة الأمنية الإسرائيلية "لا تزال تمثل أولوية أميركية"، لكنه "يعكس طريقة مختلفة في التعامل مع نتنياهو المطالب بالتعامل مع ترامب كما يتعامل موظف مع رئيسه".
لكن كلا الطرفين حقق أهدافا من هذا الاتفاق، حسب مكي، لأن الولايات المتحدة خرجت من مأزق الضربات العسكرية التي لم تحقق ما أعلنه ترامب في السابق، والحوثيون أيضا تخلصوا من هذه الضربات التي أضرت بهم كثيرا، واحتفطوا بحقهم في توجيه ضربات لإسرائيل مع ضمان عدم رد الولايات المتحدة على هذه الضربات.
لذلك، يعتقد مكي أن إسرائيل ستواجه أزمة في التعامل مع الحوثيين بعد هذا الاتفاق لأنهم لن يوقفوا هجماتهم على الأرجح حتى يحافظوا على مصداقية انحيازهم لفلسطين، ولأن الولايات المتحدة لن تتدخل مجددا لردعهم وقد تسحب حاملة طائراتها من المنطقة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة مع الحوثیین هذا الاتفاق کما یقول
إقرأ أيضاً:
ترامب لن يزور إسرائيل.. هل انقلب على نتنياهو بالكامل؟
وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في مستهلّ جولة إقليمية تبدأ من المملكة العربية السعودية، وتشمل لاحقًا كلًا من الإمارات العربية المتحدة وقطر.
وتُرافق هذه الزيارة تعهدات استثمارية ضخمة من دول الخليج الثلاث في مجالات تمتد من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة والتعدين والصناعات الثقيلة وغيرها.
في خلفية هذه الزيارة، تُثار تساؤلات حول تقاطع المصالح السياسية والاقتصادية الشخصية، لا سيما وأن منظمة ترامب تملك وتدير مشاريع عقارية وتجارية في الدول الثلاث التي تشملها الزيارة. وهو ما يعيد إلى الواجهة الجدل المستمر بشأن حدود الفصل بين الوظيفة العامة والمصالح الخاصة في إدارة ترامب.
ومع ذلك، تغيب دولة واحدة بشكل لافت عن جدول الجولة الإقليمية، رغم أنها تُعدّ "الصديقة الوفية" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهي إسرائيل، التي تنفّذ منذ 19 شهرًا إبادة جماعية في قطاع غزة، بدعم هائل من الأموال والأسلحة الأميركية. وقد بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين وفقًا للأرقام الرسمية نحو 53 ألفًا، ولا يزال الرقم في تصاعد.
ورغم أن الإبادة الجماعية بدأت في عهد سلفه، الرئيس جو بايدن، فإن ترامب لم يتردد في تبني هذا القتل الجماعي أيضًا، إذ أعلن بعد فترة وجيزة من عودته إلى الحكم أنه "سيرسل لإسرائيل كل ما تحتاجه لإنهاء المهمة" في غزة.
إعلانومع ذلك، يبدو أن إسرائيل تستغرق وقتًا أطول مما يرغبه الرئيس الأميركي، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا مؤخرًا إلى تصعيد الهجوم على القطاع الذي بات مدمّرًا إلى حدّ كبير.
المشكلة، بالطبع، ليست أن ترامب يكترث لما إذا كان الأطفال والبالغون الفلسطينيون يُقتلون جوعًا وقصفًا، بينما تستغرق إسرائيل وقتها في "إنهاء المهمة"، بل إن الإبادة الجماعية الجارية تُعيق ببساطة رؤيته لما يسميه "ريفيرا الشرق الأوسط"، والتي يُفترض أن تنبع من أنقاض غزة، وهو مشروع أوضح ملامحه بقوله: "الولايات المتحدة ستتولى أمر قطاع غزة، وسنقوم بعمل رائع هناك. سنملكه".
وبينما قد يكون للحرب منافع تجارية – اسألوا فقط قطاع صناعة الأسلحة – يبدو أن الإفراط في الحرب قد يُعدّ استثمارًا غير مجدٍ في نهاية المطاف، على الأقل من منظور ترامب العقاري.
وفي الفترة التي سبقت جولة ترامب في الشرق الأوسط، تزايدت التقارير عن توترات بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي – وليس فقط فيما يتعلق بغزة. فقد ذكرت شبكة "NBC News" يوم الأحد أن نتنياهو "فوجئ بشدة – واغتاظ – الأسبوع الماضي من إعلان ترامب أن الولايات المتحدة أوقفت حملتها العسكرية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن".
وما يُزعج نتنياهو على ما يبدو بدرجة أكبر هو رفض ترامب تأييد ضربات عسكرية ضد إيران.
أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة، حسب التقارير، تخلّت عن مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل كشرط لدعم واشنطن برنامج المملكة النووي المدني.
فما الذي تعنيه إذًا العلاقة المتوترة بين ترامب ونتنياهو لما يسمى بـ"العلاقة الخاصة" والمقدسة بين الولايات المتحدة وإسرائيل؟
وفقًا لمقال نشره موقع "واينت نيوز" الإسرائيلي: "رغم التوترات، يصرّ المسؤولون الإسرائيليون على أن التنسيق من وراء الكواليس مع إدارة ترامب لا يزال وثيقًا، دون وجود أي خلاف سياسي فعلي".
إعلانويطمئن التقرير القرّاء بأن السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، "نفى الشائعات التي تفيد بأن ترامب قد يعلن دعمًا لدولة فلسطينية خلال زيارته إلى الدول الخليجية الثلاث".
وطبعًا، من غير الواضح تمامًا ما نوع "الدولة الفلسطينية" التي يمكن أن يروّج لها شخص يقترح امتلاك الولايات المتحدة قطاع غزة وطرد السكان الفلسطينيين الأصليين منه.
ورغم تهميش إسرائيل في هذه الجولة، فإن ذلك لا يعني أنها لن تواصل لعب دور أساسي في السلوك العدائي الأميركي بشكل عام.
ففي الشهر الماضي فقط، استضاف مسؤولون جمهوريون وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير – صاحب المقولة الشهيرة: "لا يوجد سبب لإدخال غرام واحد من الطعام أو المساعدات إلى غزة" – في منتجع مارالاغو الخاص بترامب في فلوريدا.
وبعد عشاء أقيم على شرفه، تفاخر بن غفير بأن الجمهوريين "أعربوا عن دعمهم لموقفي الواضح جدًا حول كيفية التصرف في غزة، وأنه يجب قصف مستودعات الطعام والمساعدات".
وعليه، وبينما تنشغل العناوين الإعلامية بالصفقات الكبرى والاستحقاقات الدبلوماسية، يمكن القول إن إدارة ترامب لا تزال تواصل تعاملها مع التطورات الميدانية في غزة من منظور يخدم أولوياتها الإستراتيجية، حتى وإن بدا ذلك تغاضيًا عن الانتهاكات الإسرائيلية الواضحة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline