محللون: ترامب يقايض نتنياهو بالعفو لإنهاء الحرب وإنقاذ مستقبله السياسي
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
بينما تزداد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب على قطاع غزة، تبرز ملامح صفقة غير تقليدية تتداخل فيها الحسابات السياسية مع الملفات القضائية، حيث يطرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خيار العفو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كأداة ضغط لينهي الحرب، في معادلة يصفها محللون بـ"المقايضة الكبرى".
وضمن هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس مئير مصري، أن الحديث عن عفو محتمل ليس سابقة في السياسة الإسرائيلية، مستبعدا أن يكون له تأثير جوهري على مسار القضاء.
لكنه في الوقت نفسه لم يُخف – خلال مشاركته في برنامج مسار الأحداث، امتعاضه من تدخل ترامب، واصفا تغريداته بأنها لا تتجاوز استعراضا شعبويا يفتقر إلى الجدية، رغم ما تمنحه من زخم إعلامي للمسألة.
وداخل إسرائيل، لا يبدو المشهد القانوني أقل تعقيدا، فمحاكمة نتنياهو -المطلوب كذلك للمحكمة الجنائية الدولية– التي أُجلت لأسباب وُصفت بأنها أمنية، لا تزال قائمة، رغم ما نُقل عن وساطات سرية لإنهائها، كما أن القضاء رفض تأجيل شهادته إلى أجل غير مسمى، وأكدت النيابة العامة أن وقف المحاكمة لا يتم إلا بطلب رسمي لم يُقدَّم بعد.
قناعة سياسيةفي تحليل أوسع، يرى الدكتور مهند مصطفى، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن تحرك ترامب لا يُفسَّر بدافع شخصي تجاه نتنياهو، بل يستند إلى قناعة سياسية مفادها، أن إنهاء الحرب في غزة يمر بتسوية قضائية ترفع عن نتنياهو أعباء المحاكمة.
ويشير في حديثه إلى برنامج "مسار الأحداث" إلى أن هذه القناعة دفعت ترامب إلى استخدام نفوذه بهدف الضغط على المؤسسة الإسرائيلية، حتى لو تطلّب الأمر التلويح بورقة المساعدات العسكرية كأداة ضغط في هذا المسار.
ورغم غرابة الطرح، يرى مصطفى، أن هناك تيارات داخل الحكومة الإسرائيلية تتعامل معه بواقعية، بل وربما بترحيب، في ظل تصاعد الخسائر وتعثر الحملة العسكرية.
إعلانومن أبرز هؤلاء، بحسب تقديره، يظهر نتنياهو نفسه بوصفه الأكثر حرصًا على الخروج من الحرب بسيناريو سياسي آمن يعيد ترتيب الأوراق الداخلية قبل خوض أي استحقاق انتخابي قادم.
وينتظر أن تحسم زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى واشنطن ملامح "المرحلة التالية"، سواء على صعيد الحرب أم ملف المحاكمة. فواشنطن، وفق المتحدثة باسم البيت الأبيض، تُكثف اتصالاتها مع تل أبيب، في وقت يستعد فيه نتنياهو للقاء ترامب ومسؤولين أميركيين على أمل إيجاد صيغة تحفظ ماء وجه الجميع.
ضغوط داخليةوبينما تتصاعد وتيرة المباحثات، لا تغيب الضغوط الداخلية، حيث باتت أصوات بارزة من داخل المعارضة الإسرائيلية –مثل يائير لبيد وأفيغدور ليبرمان– تُجاهر بأن الحرب فقدت معناها، وأن لا إستراتيجية واضحة في غزة، بل ربما أصبحت عبئا على إسرائيل أكثر مما هي رصيد.
ورغم تأكيد مئير مصري على أن وقف القتال لا يُعد تنازلا، بل فرصة لـ"إعادة بسط السيطرة على غزة عقودا"، فإن تعليقاته تعكس عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، فرؤية الجيش والأجهزة الأمنية لما يجري في القطاع لا تتطابق بالضرورة مع طروحات التيار الديني القومي المتشدد.
بدوره، يوضح المسؤول الأميركي السابق توماس واريك، أن إدارة بلاده ترى في إنهاء الحرب فرصة لإعادة تشكيل المشهد السياسي في إسرائيل وفلسطين معا، لكنه يشير إلى أن العائق الحقيقي يتمثل في غياب توافق حول "اليوم التالي لغزة"، خاصة أن حركة حماس ترفض أي صيغة تُقصيها من المشهد كليا.
ومع أن تصريحات واريك تحمل نبرة تفاؤل حذرة، فإنه لا يخفي أن ترامب يحاول الاستثمار في ورقة نتنياهو لتحسين فرصه الانتخابية، تماما كما يفعل الأخير في الداخل الإسرائيلي، فكل منهما يحتاج الآخر، لكن كلٌ على طريقته.
وفي ظل هذا التداخل بين المصالح، يرى مهند مصطفى، أن صفقة وقف الحرب قد تمر على مرحلتين: الأولى عبر مقترح مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي يفتح نافذة لبدء مباحثات.
أما المرحلة الثانية، فتتمثل حسب مصطفى في وقف كامل لإطلاق النار بحلول نهاية عام 2025، يعقبه الذهاب إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل مطلع عام 2026، محمّلة بـ"إنجازات إستراتيجية" يعرضها نتنياهو على ناخبيه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
محللون وخبراء: المهلة الزمنية التي حددها ترامب لوقف إطلاق النار بغزة غير واقعية
استبعد محللون وخبراء إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفق المهلة الزمنية التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحدثوا عن عراقيل أساسية لا تزال تقف في طريق أي اتفاق محتمل بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
وعقب انتهاء الحرب الإيرانية الإسرائيلية أكد ترامب على رغبته في إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وأعرب عن تفاؤله بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار تحديدا الأسبوع المقبل.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن أن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر سيلتقي مسؤولين كبارا في البيت الأبيض الاثنين المقبل.
وبشأن المهلة الزمنية التي حددها ترامب، قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس واريك إن ترامب يستعمل الوقت بطريقة مرنة، وما أراد قوله هو أن إنهاء الحرب في غزة يدخل ضمن أولوياته، مشيرا إلى أن المهم هو ما سيحدث خلال المباحثات التي سيجريها ديرمر في واشنطن، ولفت إلى وجود اتفاق بين واشنطن وتل أبيب بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا يمكنها حكم قطاع غزة.
ويقضي العرض الأميركي -يواصل واريك- بأن إنهاء الحرب على غزة مشروط بخروج قادة حماس من غزة وتخلي الحركة عن أسلحتها، مشيرا إلى أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يتعين عليه الضغط على إسرائيل من أجل أن تقبل بفكرة أن قطاع غزة يصبح جزءا من صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية.
ونقلت "هآرتس" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إنه سيتم إبلاغ ديرمر بضرورة إنهاء الحرب وإنقاذ الأسرى الأحياء وتأجيل تفكيك حركة حماس.
كما قالت إن محادثات ديرمر ستركز على إنهاء الحرب في غزة والمفاوضات الأميركية الإيرانية وتوسيع اتفاقات أبراهام.
من جهته، اعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي أنه من المستحيل أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال المدة الزمنية التي حددها ترامب، لأن هناك عقبات أساسية لا تزال قائمة، أولاها أن إنهاء الحرب من منظور فلسطيني يختلف عن إنهائها من منظور إسرائيلي، والفلسطينيون يرفضون التوقيع على اتفاق لا ينص على انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة.
إعلان الضماناتوأشار الشوبكي إلى مسألة الضمانات التي يفترض أن تقدم للفلسطينيين بأن تستمر حالة الهدوء ووقف إطلاق النار خلال المرحلة التفاوضية، وهي مسألة لا يشير إليها الأميركيون والإسرائيليون بشكل واضح، بالإضافة إلى أن الطرح الأميركي بإيجاد حكم بديل في غزة يفتقد -يضيف الشوبكي- إلى أدوات تنفيذه على أرض الواقع.
وذكّر الشوبكي بأن حماس أعلنت في تصريحات سابقة لها أنها مستعدة لعدم المشاركة في حكم غزة، وهو موقف قدمته للوسطاء العرب.
وقال إن طرح هذا الموضوع مجددا هو محاولة لخفض سقف المفاوض الفلسطيني، مؤكدا أن المشكلة التي تطرح حاليا تكمن في محاولة فرض أنماط حكم جديدة في غزة، كما قال إن "من يريد تمكين السلطة الفلسطينية في قطاع غزة فليمكّنها في الضفة الغربية".
وحسب الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، فإن ما تطلبه المقاومة الفلسطينية من مطالب يلغي ما يطلبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.
وقال حنا إن إنهاء الحرب يتطلب انسحابا إسرائيليا كاملا من قطاع غزة وتقديم ضمانات، وطرح تساؤلات عن مصير سلاح المقاومة ومصير القطاع في المرحلة المقبلة.
وأوضح أن انسحابات إسرائيل من المناطق التي تحتلها ترتبط عادة بالواقع الداخلي والواقع الدولي وبعمليات المقاومة وما توقعه من خسائر في صفوف جيش الاحتلال.