روما- ساعات قليلة تفصل عن بدء " الكونكلاف"، مجمع الكرادلة الذي سينتخب البابا رقم 267 في تاريخ الكنيسة، ففي الساعة السابعة مساء ستُجرى أول عملية تصويت والتي تُعرف بـ"الفُوماتا".

وتنطلق، اليوم الأربعاء، "الطقوس الانتخابية" الرسمية لخلافة البابا الراحل فرانشيسكو، من خلال تنظيم "قداس من أجل انتخاب البابا"، ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، في كاتدرائية القديس بطرس، بمشاركة جميع الكرادلة الناخبين.

وبعد القداس، يأخذ الكرادلة استراحة للغداء، يليها بعض اللقاءات غير الرسمية والحوارات الجانبية الأخيرة.

وفي تمام الساعة الرابعة والربع عصرا، يبدأ الكرادلة الناخبون بالتجمع في كنيسة بولين داخل القصر الرسولي، حيث ينطلقون في موكب يتلون فيه "طلبات القديسين" باتجاه كنيسة سيستينا، مرتدين اللباس الطقسي الأحمر (بالنسبة للكرادلة من الطقس اللاتيني) أو أزيائهم الكنسية الخاصة (بالنسبة لكرادلة الكنائس الشرقية).

كنيسة القديس بطرس تحتضن طقوس انتخاب البابا الجديد (الجزيرة) مراسم وطقوس

وعند الساعة الرابعة والنصف، تنطلق لحظة "الإكسترا أومنِس" وهي خروج الجميع من الكنيسة باستثناء الكرادلة الناخبين، وتُغلق الأبواب إيذانا ببداية المجمع المغلق.

وبعد إنشاد "فيني كرياتور"، يؤدي الكرادلة قسمهم، ثم يستمعون إلى موعظة تقليدية يلقيها الكاردينال رانييرو كانتالاميسا، واعظ الدار البابوية لأكثر من 40 عاما، قبل أن يغادر الكنيسة مع رئيس الاحتفالات.

ويرأس المجمع الكاردينال بيترو بارولين، نظرا لتغيب الكاردينال ري عميد مجمع الكرادلة بسبب تقدمه في السن (91 عاما). وسيطلب بارولين من الكرادلة تأكيد استعدادهم للشروع في التصويت، أو تقديم استفسارات إن وُجدت.

إعلان

في مساء اليوم الأول، على الساعة السابعة، تُجرى أول عملية تصويت، ومن المتوقع أن تفضي إلى "فوماتا" سوداء، أي تصاعد الدخان الأسود من مدخنة كنيسة السيستينا، في إشارة إلى عدم التوافق بعد على هوية البابا الجديد.

ويُشار إلى أن بداية الأسبوع الجاري شكّلت تمهيدا حاسما لهذا الحدث التاريخي. فقد عُقد آخر اجتماع مفتوح بين الكرادلة، حيث جرت مناقشة عدة مواضيع مهمة تتعلق بمستقبل الكنيسة، من بينها الإصلاحات المالية ومكافحة الاعتداءات والحفاظ على الإرث البابوي، بالإضافة إلى قضايا البيئة والحوار بين الأديان.

في حين أصدر الكرسي الرسولي بيانا بشأن انعقاد الجمعية العامة ما قبل "الكونكلاف"، عبّر فيه الكرادلة عن بالغ قلقهم حيال الشعوب التي لا تزال ترزح تحت وطأة النزاعات، ووجّهوا نداء ملحا إلى جميع الأطراف المعنية كي يتم التوصل في أقرب وقت إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وأجمع الكرادلة المجتمعون كذلك على ضرورة الدخول في مفاوضات "من دون شروط مسبقة"، كما ورد في بوابة أخبار الفاتيكان.

كما أعربوا "وبأسى بالغ عن أسفهم لعدم إحراز أي تقدم يُذكر في مسارات السلام، لا في أوكرانيا، ولا في الشرق الأوسط، ولا في العديد من بقاع العالم الأخرى". وأعربوا عن قلقهم العميق إزاء تصاعد الهجمات "التي تستهدف بصورة خاصة السكان المدنيين العزّل".

الكاردينال الإيطالي بيترو بارولين أبرز المرشحين لخلافة البابا الراحل (الأوروبية) مرشحون بارزون

تداول الإعلام الإيطالي عددا من المرشحين المحتملين لتولي البابوية، مع التركيز على شخصيات من إيطاليا بالدرجة الأولى، وهم:

بيير باتيستا بيتسابالا: بطريرك اللاتين في القدس، يتمتع بخبرة عميقة في شؤون الشرق الأوسط، ويُعرف بدوره في تعزيز الحوار بين الأديان، مما يجعله مرشحا قويا يُمثل التوازن بين التقاليد والانفتاح. بيترو بارولين: يشغل منصب أمين سر دولة الفاتيكان منذ عام 2013، ويُعد من أبرز المرشحين بفضل خبرته الدبلوماسية الواسعة. ماتيو تسوبي: رئيس أساقفة بولونيا، يُعتبر من التيار التقدمي داخل الكنيسة، ويُعرف بدوره في الوساطة والسلام، مما يجعله مرشحا يحظى بدعم من يرغبون في استمرار نهج البابا فرانشيسكو. الكاردينال فريدولين أمبونغو بيسونغو: رئيس أساقفة كينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يُعد من أبرز المرشحين ليكون أول بابا أفريقي منذ أكثر من 1500 عام. يُعرف بموقفه الحازم تجاه بعض الإصلاحات التي أقرها البابا فرانشيسكو، لا سيما فيما يتعلق بمسألة مباركة الأزواج من نفس الجنس، حيث قاد المعارضة الأفريقية لهذه المبادرة. الكاردينال الفرنسي جان مارك أفيلين: رئيس أساقفة مرسيليا، يُعرف بجهوده في تعزيز الحوار بين الأديان، خاصة مع المسلمين، ويُعتبر من المقربين من البابا فرانشيسكو. ورغم أنه لا يُعد من المرشحين الأوفر حظا، إلا أن اسمه يُطرح كخيار توافقي في حال عدم التوصل إلى إجماع سريع. إعلان لحظة رمزية

شهد أمس الثلاثاء لحظة رمزية تمثلت في كسر "خاتم الصياد" وختم الرصاص الخاص بالبابا فرانشيسكو، بحضور الكاردينال كامرلنجو كيفن فاريل. ونفّذت العملية شابة قامت بنقش صليب على رموز الحبرية، وسط حضور الكرادلة كافة.

وفي كنيسة سيستينا، أصبح كل شيء مُعدّا بدقة: الطاولات المغطاة بالمخمل الأحمر، وأوراق الاقتراع، والصناديق، وأماكن مخصصة بأسماء الكرادلة. وفي "غرفة الدموع" القريبة، وُضعت 3 أطقم بيضاء بأحجام مختلفة، و7 أزواج من الأحذية، والموزيتا الحمراء التي لم يستخدمها البابا الراحل قط، بانتظار الحبر الأعظم الجديد.

ومن المنتظر أن تستمر جولات التصويت، بدءا من يوم الخميس، بوتيرة 4 جولات يوميا (صباحية ومسائية)، إلى أن يحصل أحد المرشحين على 89 صوتا، وهو النصاب المطلوب لانتخاب البابا.

تحدد الوثيقة البابوية "أونيفيرسي دومنيتشي غريغيس"، الناخبين بـ120 فردا، إلا أن البابا فرانشيسكو تجاوز هذا الحد من خلال تعيين أكثر من 120 كاردينالا تحت سن الـ80، مما أدى إلى مشاركة 133 كاردينالا ناخبا في هذا المجمع.

وفي حين تتجه الأنظار إلى أسماء بارزة مثل بيترو بارولين، وبيتسابالا، وأفيلين، وتسوبي، يبقى احتمال انتخاب أول بابا أفريقي واردا، مع بروز اسم الكاردينال الكونغولي أمبونغو. غير أنه، بدءا من مساء اليوم، لن يكون هناك مجال للتكهنات، بل ستتكلم صناديق الاقتراع، وسيتحدث الدخان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات البابا فرانشیسکو انتخاب البابا

إقرأ أيضاً:

غارديان: لماذا يُعد البرنامج النووي جزءا أساسيا من هوية إيران؟

قال تقرير مطول نشرته صحيفة غارديان إن إصرار إيران على امتلاك برنامج نووي مستقل ليس مجرد مسألة تقنية أو اقتصادية، بل يعكس جوهر هويتها الوطنية وتاريخها الطويل في مقاومة الهيمنة الغربية ورفض التبعية في اتخاذ القرارات السيادية.

وأكد التقرير أن تمسك إيران بحق تخصيب اليورانيوم لطالما شكّل النقطة الأصعب في محادثاتها مع الغرب، وقد اعتُبر السبب الرئيسي في الهجمات الأخيرة التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على المنشآت الإيرانية النووية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: ترشح أول مسلم لمنصب عمدة نيويورك يثير رعب المؤسسة المؤيدة لإسرائيلlist 2 of 2هل يمكن لكل من إيران وإسرائيل وأميركا أن تدعي النصر؟end of list

وأشار التقرير إلى أن إيران تعدّ امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية دليلا على الاستقلال والكرامة، لا سيما بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وفرضها عقوبات أعاقت قدرة إيران على التجارة مع أوروبا.

وأوضح أن الشعور الإيراني بالخيانة من الغرب عزّز خطاب السيادة والاعتماد على النفس في إيران، لا سيما بعد أن وضعت شخصيات معتدلة -مثل الرئيس السابق حسن روحاني ووزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف– سمعتها السياسية على المحك لتوقيع الاتفاق، ليقابل الغرب ذلك بالتنصل والمراوغة.

ورأى التقرير أن إيران تنظر بعين الريبة إلى التناقض الغربي، حيث تُقصف هي بسبب برنامج نووي خاضع للرقابة الدولية، في حين يحظى برنامج إسرائيل بدعم مالي وسياسي غير مشروط، رغم أنها لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي.

واستعرض التقرير، بقلم باتريك وينتور المحرر الدبلوماسي في الصحيفة، جذور برنامج إيران النووي، وكيف تحولت الطاقة النووية من مشروع يدعمه الغرب إلى جزء من هوية إيران واستقلالها.

لافتة في أحد شوارع طهران تدعو إلى "رد شديد" على الضربة الأميركية (الأوروبية) الاستقلال والثورة

وذكر التقرير أن مبدأ الاستقلال في السياسة الإيرانية يعود إلى ثورة 1979 عندما أصر آية الله الخميني على إدراج "الاستقلال" مبدأ ثالثا في بيان الثورة، إلى جانب الديمقراطية والإسلام، رافضا التبعية للغرب بعد قرون من التدخل الاستعماري.

إعلان

وأضاف أن الكاتب الإيراني ولي نصر، في كتابه "الإستراتيجية الكبرى لإيران"، اعتبر أن مبدأ الاستقلال هو ما تبقى من قيم الثورة بعد تآكل الديمقراطية وتحريف الإسلام السياسي، وأنه لا يزال يشكل جوهر هوية النظام الحالي.

وأشار التقرير إلى أن إيران كانت ضحية تدخلات أجنبية متكررة، أبرزها الانقلاب على  رئيس الوزراء محمد مصدق عام 1953 بدعم من وكالة الاستخبارات الأميركية بعد محاولته تأميم النفط، مما رسّخ قناعة بأن الاستقلال يتطلب السيطرة على الموارد الوطنية.

دعم غربي

ووفق التقرير، لم يبدأ البرنامج النووي الإيراني بعد الثورة، بل كان مشروعا أميركيا-بريطانيا في عهد الشاه الإيراني الأسبق محمد رضا بهلوي ضمن مشروع "الذرة من أجل السلام"، وكان من المخطط أن تبني إيران 23 مفاعلا نوويا لتصدير الكهرباء للدول المجاورة.

وذكر التقرير أن واشنطن وافقت حينها على المشروع، ولم تكن لديها مخاوف من الانتشار النووي، بل إن وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر قال لاحقا إنه لم يرَ في ذلك الوقت خطرا من المفاعلات التي بُنيت بمساعدة ألمانية.

وبعد انتصار الثورة الإيرانية، أوقف مرشد الثورة آية الله الخميني المشروع النووي باعتباره تجسيدا "للتأثير الغربي" وعلامة على اعتماد إيران على التكنولوجيا الغربية.

تحول قومي

ولفت التقرير إلى أن إيران بدأت تنظر في المشروع النووي بجدية مع تزايد الطلب على الكهرباء والحرب مع العراق.

وأسهم استهداف العراق مفاعل بوشهر أثناء حرب الخليج الأولى وعدم تحرك المجتمع الدولي لحماية إيران في بلورة "القومية النووية" الإيرانية، وتولد شعور وطني بأن المشروع النووي ضرورة سيادية وأمنية.

وأشار التقرير إلى أنه بحلول عام 1990 أعلنت إيران نيتها بناء 10 مفاعلات نووية لإنتاج 20% من طاقتها، ودعا الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني العلماء النوويين للعودة والمساهمة في المشروع.

وأكد أن البرنامج النووي الإيراني ظل لسنوات محاطا بالغموض إلى أن كشفت جماعة معارضة -بدعم من الموساد– عن منشآت سرية عام 2002 في نطنز وكاشان، الأمر الذي فتح باب المواجهة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي.

وفي المقابل، قالت إيران إنها لم تبدأ تشغيل المفاعلات بعد، وبالتالي لا توجد أي مخالفة لمعاهدة حظر الانتشار، وأضافت أن تخصيب اليورانيوم لا يعني السعي نحو سلاح نووي، رغم صعوبة تفسير الهدف من العملية في غياب مفاعلات فعالة.

وتحت ضغط دولي، جمّدت إيران جميع عمليات تخصيب اليورانيوم مؤقتا في 2004 ضمن "اتفاق باريس"، دون أن تعتبر هذا التجميد التزاما قانونيا، بل بادرة ثقة فقط، حسب التقرير.

الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد خصص ميزانية مفتوحة لتشغيل مفاعل نطنز النووي (الأوروبية) بدايات التصعيد

وعد التقرير انتخاب محمود أحمدي نجاد عام 2005 نقطة تحوّل، إذ تبنى الرئيس الإيراني خطابا أكثر تحديا، واعتبر أن التكنولوجيا النووية "مشروع علمي سلمي" وحق لأبناء إيران، وأن الطاقة النووية تخدم أغراضا طبية وزراعية، وتعد مصدرا لا غنى عنه للطاقة النظيفة.

وأورد أن هذا التصعيد في الخطاب قابله إصرار أميركي على منع أي تخصيب لليورانيوم، في حين تمسكت طهران بحقها في ذلك، لتبقى الدول الأوروبية عالقة بين الموقفين، دون أن تفضي الحلول الوسطية إلى أي نجاح حاسم أو انفراجة دبلوماسية طويلة الأمد.

إعلان

ونقل التقرير عن محمد البرادعي النائب السابق للرئيس المصري قوله إن إيران لا تسعى لسلاح بقدر ما تسعى للاعتراف بها كقوة إقليمية، وأن التكنولوجيا النووية بالنسبة لها تمثل رمزا للهيبة والمكانة، وليست بالضرورة أداة للدمار.

واختتم الكاتب التقرير بالإشارة إلى ما كتبه الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، بأن "امتلاك الطاقة النووية هو تعبير عن الهوية الإيرانية ومطلب للاحترام الدولي، ولا يمكن فهم إصرار إيران على امتلاك برنامجها النووي الخاص -رغم جميع العواقب- دون فهم أثر الهوية الإيرانية على سياسة البلاد الخارجية.

مقالات مشابهة

  • عاجل | ارتفاع إسعار النفط مع تراجع المخزونات وترقب الشرق الأوسط
  • السعودية تستبدل كسوة الكعبة المشرفة مع حلول العام الهجري الجديد / صور
  • سعر الذهب عالميا.. استقرار التداول وترقب لمصير الصراع بين إيران وإسرائيل
  • فتح باب اعتراضات المرشحين في انتخابات «البورصة المصرية».. حتى الإثنين
  • المفوضية تعلن عدم الموافقة على تمديد فترة تسلم قوائم المرشحين
  • المفوضية تفتح باب اعتماد وكلاء المرشحين لانتخابات المجالس البلدية
  • إعاده انتخاب سيد خليفة أمينا عاما لاتحاد المهندسين الزراعيين الأفارقة
  • الذهب يلمع مجدداً وسط تراجع الدولار وترقب هدنة تل أبيب وطهران
  • غارديان: لماذا يُعد البرنامج النووي جزءا أساسيا من هوية إيران؟
  • انتخاب ابو كاروان أمينا عاما للحزب الشيوعي الكوردستاني