خالد الجندي: القرآن بيعلّمنا إزاي نتعامل مع المجهول
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الآية الكريمة "قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم" تحمل دلالات عظيمة عن الأدب في التعامل مع الغيبيات، مشيرًا إلى أن هذا الرد من أصحاب الكهف يُعلمنا عدم الجزم في ما لا نعلمه.
وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء: "مشكلتنا إن الواحد يقولك اقسم بالله، كذا، معندناش احتمال يعنى لازم يكون فى احتمال فى كلامنا".
وأشار عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية إلى أن استخدامهم لعبارة "أو بعض يوم" بدلاً من القطع بيوم كامل، يُظهر نوعاً من الأدب العلمي واحترام المنهج العقلي، قائلاً: "اللي مش عارف ما يفتيش... خليك دايمًا تارك باب الاحتمال موارب".
وأكد عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن هذا الموقف يُعلمنا ألا نقطع بالظنون، حتى في حياتنا اليومية، ضاربًا المثل برد سيدنا سليمان على غياب الهدهد، حيث لم يتسرع بالحكم، وإنما ترك مجالاً للاحتمال بقوله: "ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين"، ثم أعطاه فرصة ليُثبت موقفه.
وتابع عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية "القرآن بيعلّمنا إزاي نتعامل مع المجهول... ومع الأسئلة اللي مش هتفيدنا... خليك دايمًا مهذب مع الغيب، ومع ربنا، ومع عقلك".
خالد الجندي: عبادة الله بالشرع وليست بالعقلأكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على ضرورة الرجوع إلى العلماء عند الاحتياج، خاصة في الأمور المتعلقة بمعرفة الله عز وجل، موضحًا أن الله يُعرف بالعقل لكن يُعبد بالشرع، مما يجعل الرجوع إلى العلماء أمرًا واجبًا لفهم الأحكام الشرعية.
لا أسعى لمنصب.. خالد الجندي يعلق على قانون الفتوى
خالد الجندي: عبادة الله بالشرع وليست بالعقل
الشيخ خالد الجندي يطالب بمادة ملزمة لمن يفتي أن يكون فاهما في القانون
الشيخ خالد الجندي يوضح الفرق بين الرأي الشرعي والرأي الفقهي.. فيديو
وقال عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال تصريحات تلفزيونية: "اللجوء إلى العلماء عند الاحتياج، وعند معرفة أو طلب معرفة الأمر الذي يريدون أن يتعرفوا به على الله عز وجل، وده سببه إيه؟ سببه إنه ربنا عرفوه بالعقل، إنما عبدوه بالشرع".
وأضاف الشيخ خالد الجندي "عبادة ربنا بالشرع، وبالتالي لما تكون عبادة ربنا بالشرع، الفقيه بينقل الحكم الشرعي بما يتراءى لفقهه أو لفهمه".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشيخ خالد الجندي خالد الجندي المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامیة الشیخ خالد الجندی
إقرأ أيضاً:
دولة سبأ .. حضارة وثقها القرآن وحفتها عناية الله
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
في جنوب الجزيرة العربية، حيث تتقاطع الرمال مع العراقة، وتنبض الأرض بشواهد المجد، نشأت مملكة سبأ، تلك الدولة العريقة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وخلّدها التاريخ كبقعةٍ تلاقت فيها الحضارة، والنبوة، والهوية. وبينما يطوي الزمن صفحاته، يبقى السؤال حاضرًا: ما الذي يجعل من مملكةٍ بادت قبل آلاف السنين، رمزًا حيًا لليمن المعاصر وأصالته؟
تنبع أهمية هذا التقرير من كونه نافذة على ماضٍ شامخ لا يزال يلقي بظلاله على الحاضر، ويكشف كيف أن القيم والمفاهيم التي أرستها سبأ في ميادين الحكم، والدين، والمجتمع، ما تزال قائمة في الوجدان اليمني والعربي حتى اليوم. وهو تأكيد على أن هذه الحضارة لم تكن لحظة عابرة، بل امتدادًا حضاريًا مستمرًا في الروح، والهوية، والتاريخ
دولة سبأ… حضارة لا تُنسىتُعد مملكة سبأ إحدى أقدم الممالك العربية، وقد ازدهرت بين القرنين العاشر والرابع قبل الميلاد، وتمركزت في مدينة مأرب، شرق اليمن الحديث، وقد كانت قوتها الاقتصادية والسياسية والدينية محط أنظار الممالك المجاورة، حتى بلغ أمرها إلى نبي الله سليمان عليه السلام، كما ورد في القرآن الكريم.
القرآن والتوثيق الإلهي لحضارة سبأفي سابقة نادرة، خُصّت مملكة سبأ بالذكر المباشر في القرآن الكريم، مما منحها مكانةً فريدة في السرد التاريخي الإسلامي في سورة النمل (قصة بلقيس وسليمان) ، حيث تكشف الآيات عن نظام حضاري بقيادة امرأة حكيمة “بلقيس”، وتبرز الحوار الحضاري الحكيم بينها وبين نبي الله سليمان عليه السلام ، وكان شاهداً حضارياً مدهشاً لشعب يعيش في جنتين عن يمين وشمال ، قال تعالى : (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) صدق الله العظيم
سبأ كما يراها التاريخ والآثار defaultسد مأرب: أقدم مشروع مائي معروف، بُني بحرفية هندسية مذهلة، لاحتجاز السيول وتوزيعها على مزارع مأرب.
اللغة المسندية: واحدة من أقدم الخطوط العربية الجنوبية.
النفوذ التجاري: سيطرت سبأ على طرق التجارة بين الشرق والغرب، وكانت مركزًا عالميًا لتجارة اللبان والبخور.
الهوية اليمنية .. ماضٍ يرسخ الحاضرالقبائل اليمنية المعاصرة، مثل حمير وكندة، ترجع بأصولها إلى شعوب سبأ، ومعظم العرب القحطانيين ينسبون نسبهم إلى جنوب الجزيرة.
الأزياء، اللغة، المعمار الريفي وحتى عادات الزراعة وحفر الآبار، تحمل ملامح سبئية خالدة.
العمارة اليمنية التقليدية، خصوصًا في صنعاء القديمة، لا تزال تعكس فلسفة البناء السبئي من حيث الشكل والتخطيط والاستخدام الذكي للموارد.
سبأ في الوعي الجمعي اليمنيرغم ما مر به اليمن من تحديات سياسية وإنسانية، فإن الإرث الحضاري السبئي ظل بمثابة مرجعية قوية لليمنيين، يستلهمون منه الفخر والقدرة على النهوض.
في الخطاب الوطني، دائمًا ما تُستخدم دولة سبأ كرمز للنهضة والاستقرار، خصوصًا في الشعارات الحكومية والتعليمية ’’حضارة تحكي حاضرنا وتبني مستقبلنا’’.
دلالة ذلك في السياق العربي والإسلاميارتباط اليمن بدولة سبأ لا يخصّه وحده، بل هو امتداد للهوية العربية والإسلامية الجامعة ، والقرآن الكريم كرّس سبأ كعبرة أن الشكر على النعم أساس لاستمرار الحضارات، وتاريخ اليمن يُدرّس في المناهج العربية كمصدر فخر وهوية ، والسفراء والمفكرون العرب يشيرون لليمن دومًا بأنه مهد العروبة ومنبع الأصالة، بدءًا من سبأ.
ارتباط القيم والقبيلة بالموروث اليمني منذ عهد سبأيشكل الموروث اليمني أحد أعمدة الهوية الحضارية في شبه الجزيرة العربية، وقد تأسس هذا الموروث منذ العهد السبئي ، الذي جمع بين الكيان السياسي المركزي والنسيج القبلي المتماسك، فخلق توازنًا دقيقًا بين الدولة والقبيلة، وبين السلطة والقيم المجتمعية.
في سبأ، لم تكن القبيلة مجرد تنظيم اجتماعي، بل كانت وحدة حضارية تشارك في البناء، والحكم، والدفاع، والاقتصاد. كان لكل قبيلة دورها ومكانتها، ضمن نظام دقيق يُعرف باسم “مكارب سبأ”، وهو شكل من أشكال التحالف السياسي بين الملك والقبائل، يعكس مبادئ الشورى، والولاء المتبادل، والمسؤولية الجماعية، وهي قيم راسخة في الثقافة اليمنية حتى اليوم.
القيم التي برزت في ذلك العصر، مثل الكرم، والوفاء، والشرف، وحماية المستجير، واحترام العهود، لم تكن مجرد أعراف، بل شكلت نظامًا أخلاقيًا واجتماعيًا حافظ على تماسك المجتمع في مواجهة التحديات الطبيعية والسياسية، وقد انعكس ذلك في قصة ملكة سبأ، التي احتكمت إلى العقل والحكمة في التعامل مع دعوة النبي سليمان عليه السلام، ما يدل على عمق القيم السياسية والإنسانية في ثقافة سبأ.
ومع دخول الإسلام، لم تتلاشَ هذه القيم، بل اندمجت مع روح الدين، فشكلت شخصية الإنسان اليمني المسلم، المعروف بـ”الإيمان والحكمة”، كما قال النبي صلوات الله عليه وآله: “أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبًا وألين أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية”.
وبقاء الارتباط بين القيم والقبيلة والموروث الحضاري قائمًا في اليمن من عهد سبأ إلى اليوم، يمثل عمقًا إنسانيًا يعكس عبقرية التكوين الاجتماعي اليمني، وقدرته على الجمع بين الولاء الديني والهوية القبلية في وحدة متماسكة نادرة في التاريخ العربي.
خاتمةإننا حين نتأمل في إرث دولة سبأ، لا نقف فقط أمام أطلال حضارة غابرة، بل أمام نموذج إنساني فريد، جمع بين الحكمة والسلطة، والقيم والدين، والقبيلة والدولة، في تناغم نادر سبق كثيرًا من المفاهيم المعاصرة في بناء المجتمعات.
لقد خلد القرآن الكريم هذه الحضارة ليس لمجرد تسجيل وقائع تاريخية، بل ليقدّمها للأمم عبر الأزمان كدليل على أن النهضة تبدأ من الإيمان، وتُبنى على العقل، وتستمر بالقيم. ومن سبأ إلى الإسلام، ثم إلى حاضر اليمن، امتد هذا الخط الحضاري متغلغلًا في الثقافة، واللغة، والبنية الاجتماعية، ليؤكد أن التاريخ العميق ليس فقط مصدر فخر، بل ركيزة لبناء الحاضر وصناعة المستقبل ، في زمن تتقلب فيه الهويات وتُمحى فيه المعالم، تظل سبأ رمزًا للعراقة والاستمرارية، وتبقى القيم التي أسستها من كرم، وشورى، وحكمة، عنوانًا ليمنٍ أصيل، وحضارة عربية لها جذور في الأرض وامتداد في السماء.