آخر تحديث: 8 ماي 2025 - 1:56 منوارة محمد لم تعد الجوائز الأدبيَّة مجرّد محطّات تكريميَّة تُسلّط الضوء على منجزات الكتّاب، بل تحوّلت، في السنوات الأخيرة، إلى أدوات تأثيرٍ فعّالة في تشكيل الذائقة الأدبيَّة، وتوجيه مسارات السرد، بل وإعادة صياغة الأساليب التي تُكتب بها الرواية العربيَّة. هذا التحوّل، الذي بدأ يتكرّس منذ اتساع نطاق الجوائز العربيَّة والعالميَّة، أثار أسئلة متعددة حول العلاقة بين الجائزة والنص، وحول ما إذا كانت الأخيرة تُكتب، أحيانًا، لتتناسب مع شروط الأولى.

في السياق العراقي، كما في غيره من البلدان العربيَّة، لم يكن هذا التأثير موحّدًا ولا محلّ إجماع. فبينما يرى البعض في الجوائز حافزًا لتطوير أدوات الكتابة وتوسيع نطاق الموضوعات التي تتناولها الرواية، يُبدي آخرون تشكّكًا في أثرها، معتبرين أنها تفرض، بصمت، قوالب جاهزة ومعايير تجاريَّة، قد تُضعف من قيمة النصوص أو تدفع باتجاه تسطيحها. الكاتب العراقي وارد بدر السالم يعبّر بوضوحٍ عن هذا التحفظ، إذ يرى أنَّ الجوائز، وخصوصًا تلك التي تتسمُ بطابعٍ ماليٍ أكثر منه نقدي، لم تتمكن من إحداث تحوّلٍ حقيقيٍ في أساليب الكتابة الروائيَّة. وبحسب ما يرى فإنَّ “ما تتيحه هذه الجوائز من فرص انتشار أو مكافآت ماليَّة قد يكون دافعًا لتسويق أفكار روائيَّة، أكثر من كونه مساهمة في تطوير البنية الفنيَّة للنص. حضور كبار النقاد في لجان التحكيم لم يكن كافيًا لضمان نقلة نوعيَّة، ما دامت آليات التقييم والمشاركة غير محكومة بضوابط صارمة”.في المقابل، يشير الروائي شوقي كريم حسن إلى أثر إيجابي ملحوظ للجوائز الأدبيَّة على المشهد الروائي المحلي. ومن وجهة نظره، فإنَّ الجوائز دفعت الكتّاب إلى التماس قضايا اجتماعيَّة وسياسيَّة أكثر حساسيَّة، وإلى التجريب في تقنيات السرد بما يواكب التحولات الثقافيَّة والسياسيَّة في العراق والمنطقة. كما يرى أنها أسهمت في تحفيز اهتمام الروائيين بالتراث المحلي والهويَّة، ما أضفى على النصوص بعدًا واقعيًا ومركّبًا”. أما الناقد والأكاديمي الدكتور أحمد ضياء، فيُعيد الظاهرة إلى سياق أوسع، إذ يبين التحولات السياسيَّة التي شهدها العالم العربي خلال العقدين الأخيرين. وتراجع النظم السلطويَّة، وظهور فضاءات جديدة للتعبير، ازدادت وتيرة الكتابة الروائيَّة، لكنها، بحسب رأيه، جاءت في كثيرٍ من الأحيان مندفعة وعاطفيَّة أحياناً وهي مدفوعة برغبة الوصول السريع إلى الشهرة، لا سيما مع تصاعد أهميَّة الجوائز كأداة انتشار. وهو يرى أنَّ هذا “التسابق” أسهم في خلق روايات تنحاز إلى ما يُتوقّع منها، أكثر مما تعبّر عن رؤى إبداعيَّة مستقلة. وفي لقاءات عدة يطرح الروائي أحمد سعداوي مقاربة أكثر توازنًا. ففوزه بجائزة “البوكر” العربيَّة عام 2014 عن روايته (فرانكشتاين في بغداد) جعله في موقع تجربة ملموسة. وقد أشار غير مرة إلى أنَّ الجوائز يمكن أنْ تُفسح المجال أمام الكاتب للتفرغ والإنتاج والانفتاح على أسواقٍ جديدة، لكنها قد تخلقُ أيضًا إغراءاتٍ غير معلنة، تدفع ببعض الكتّاب إلى الكتابة على وفق ما يظنّونه “معايير الفوز”.وسط هذا التباين، يبقى السؤال معلّقًا: إلى أي مدى يمكن للجوائز الأدبيَّة أنْ تصنع تحوّلًا حقيقيًا في أساليب الكتابة؟ وهل تُكتب الرواية اليوم لتعبّر عن رؤى كاتبها أم لتتناسب مع معايير الفوز؟ ما يبدو مؤكدًا، أنَّ الجوائز باتت جزءًا من البنية الثقافيَّة للنص العربي المعاصر، وأنَّ تأثيرها -سلباً أو إيجاباً- لا يمكن فصله عن مسار تطوّر الرواية، كفنٍّ يعيد صياغة نفسه باستمرار، ضمن شروط زمنه. ومثلما قال الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو، الحائز على نوبل: “الجوائز لا تخلق كاتبًا، لكنها قد تغيّر طريقه”.أما الكاتب الأمريكي وليم فولكنر فذهب أبعد من ذلك، حين رأى أنَّ “الكاتب الجيد لا يكتب ليفوز، بل يكتب ليقول الحقيقة، حتى لو خسر كل شيء في الطريق”. وبين هذين الموقفين، تواصل الرواية العربيَّة محاولتها التوازن بين الطموح الفني وضرورات المشهد الأدبي المتحوّل.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

قطاع المعاهد الأزهرية: لا شكاوى من أسئلة امتحان الصرف بالقسم الأدبي

أدى طلاب القسم الأدبي بالشهادة الثانوية الأزهرية، اليوم الأحد، امتحان مادة الصرف للعام الدراسي 2024/2025، دون شكاوى من الأسئلة، وذلك تحت إشراف فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وفضيلة الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.

وفي إطار حرص قطاع المعاهد على إحكام منظومة الامتحانات وضمان انتظامها بأعلى درجات الكفاءة والانضباط، تابع فضيلة الشيخ أيمن عبدالغني مجريات الامتحان لحظة بلحظة من داخل غرفة العمليات المركزية، موجّهًا بسرعة التعامل مع أي طارئ، وتقديم الدعم الكامل للجان بما يضمن توفير أجواء آمنة وهادئة لأبنائنا الطلاب.

وفي السياق ذاته، كثّف قيادات القطاع من جولاتهم الميدانية؛ حيث أجرى فضيلة أ.د أحمد الشرقاوي، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم، زيارة تفقدية للجنة معهد فتيات حسين رشدي بأسيوط، والتقى خلالها الطلاب والمراقبين، واطمأن على وضوح الأسئلة وملاءمتها لمستويات الطلاب.

ما الفرق بين ترتيب النزول وترتيب المصحف؟.. الإفتاء تجيبلا شكاوى من الأسئلة.. المعاهد الأزهرية يكثف المتابعة على امتحان الصرفآداب الرجوع من الحج.. الإفتاء توضحالفرق بين علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى .. علي جمعة يوضح

كما تفقد فضيلة الشيخ عوض الله عبدالعال، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون الخدمات، لجنة معهد بنين المعادي، حيث تابع ميدانيًّا مدى الالتزام بالإجراءات التنظيمية، وتوفّر سبل الراحة اللازمة داخل اللجان.

من جانبها، واصلت غرفة العمليات المركزية بقطاع المعاهد الأزهرية أعمالها المكثفة طوال اليوم، من خلال المتابعة اللحظية لسير الامتحانات بجميع اللجان، والتواصل المستمر مع رؤساء اللجان والمناطق، مؤكدة أن الامتحان جرى في أجواء من الانضباط والاستقرار، وأن الأسئلة في متناول الطالب المتوسط.

ويُذكر أن عدد المتقدمين لامتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية هذا العام بلغ 173,808 طلاب وطالبات، موزعين على 577 لجنة على مستوى الجمهورية، من بينهم 73,094 طالبًا وطالبة بالقسم العلمي، و100,714 طالبًا وطالبة بالقسم الأدبي، بواقع 60,147 طالبًا و40,567 طالبة. وتستمر امتحانات القسم العلمي حتى الأربعاء 9 يوليو، فيما تُختتم امتحانات القسم الأدبي يوم الخميس 10 يوليو.

طباعة شارك طلاب القسم الأدبي الشهادة الثانوية الأزهرية الصرف امتحان مادة الصرف امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية

مقالات مشابهة

  • حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب
  • التشادي روزي جدي: الروایة العربية طریقة للاحتجاج ضد استعمار أفريقيا
  • حرب إيران وإسرائيل | تل أبيب تواصل القصف.. وطهران تهاجم بـ أساليب جديدة
  • دراسة تحذر: كثرة الاعتماد على شات جي بي تي في الكتابة تكلفك قدراتك الذهنية
  • غدا.. غلق باب التصويت على ترشيحات جوائز إيمي 2025
  • مبدعون يفتحون نوافذهم على لحظة الكتابة كفعل داخلي ووجودي
  • واتساب يكشف عن ميزات جديدة منها الكتابة بالذكاء الاصطناعي
  • قطاع المعاهد الأزهرية: لا شكاوى من أسئلة امتحان الصرف بالقسم الأدبي
  • دراسة: استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة يؤثر سلبًا في نشاط الدماغ
  • طلاب الأدبي يؤدون امتحانات الثانوية الأزهرية اليوم في مادة الصرف