غارديان: ناجون من الحرب العالمية الثانية يتحدثون عن ذكرياتهم
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
في مثل هذا اليوم 8 مايو/أيار قبل ثمانين عاما، انتهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا باستسلام القوات المسلحة الألمانية غير المشروط، وبمناسبة هذه الذكرى يستعيد بعض من عاصروها، بمن فيهم قدامى المحاربين من كلا الجانبين، ما حدث.
وفي هذا السياق، جمعت صحيفة غارديان شهادات سبعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 85 و100 عام، من إستونيا وبولندا وبريطانيا وألمانيا ورومانيا، يتحدثوا فيها عن ذكرياتهم، في وقت قل فيه عدد الشهود على هذه الفترة التاريخية المتباعدة.
بدأت الصحيفة -في تقرير بقلم كيت كونولي كارولين ديفيز وماريس هيلراند- بشهادة دوروثيا بارون البالغة من العمر 100 عام، وقد انضمت إلى الخدمة البحرية الملكية النسائية في سن الثامنة عشرة عام 1943، وهي اليوم معلمة فنون متقاعدة، وجدة تدرس اليوغا وتعيش في هيرتفوردشاير بالمملكة المتحدة.
تقول هذه المعمرة التي كانت تعمل في إرسال إشارات بصرية إلى السفن القادمة إلى الميناء، إنها كانت تعيش تحت القصف في لندن، وتختبئ في الليل مع عائلتها في ملجأ حفروه في حديقتهم.
وعندما استسلمت ألمانيا، -كما تقول دوروثيا بارون- كانت الفرحة عارمة، وكانت في الشوارع هتافات وغناء ورقص وكل شيء، "لا أعتقد أن الناس يستطيعون تصور شعور الراحة إطلاقا، أخيرا أصبح بإمكانك إضاءة مصباح دون الحاجة إلى سحب الستائر".
إعلانوتستعيد دوروثيا بارون بمرارة بعض الذكريات عن الأصدقاء الذين فقدتهم، والأطفال الذين نشأوا معها والذين قتلوا بالقصف جوا أو بحرا، وهي اليوم تدعم بحماس جمعية "تاكسي الخيرية لقدامى المحاربين" وقد أطلقت مؤخرا صندوق "أبطالنا" لجمع التبرعات لرحلات مستقبلية لقدامى المحاربين".
لم نعِش مثل هذا الخطر الذي نعيشه الآنوتتذكر إرمغارد مولر (96 عاما)، وكانت إدارية تعمل لدى عمدة نورتهايم بألمانيا في مايو/أيار 1945، كيف تجاوزوا الحرب بسلام حتى الأيام الأخيرة عندما قصفت القوات الجوية البريطانية مدينتهم وقتل فيها 37 شخصا.
تقول هذه الإدارية إن طائرات البريطانيين "كانت تحلق على ارتفاع منخفض جدا، لدرجة أنني أقسم أنني استطعت رؤية وجوه الطيارين"، وتضيف "كانت من بين من لقوا حتفهم صديقتي في المدرسة. قتلت هي وإخوتها الأربعة ووالداها، وهرب نصف سكان نورتهايم إلى الغابة خوفا".
وتتذكر إرمغارد مولر أن الأميركيين وصلوا أولا ثم جاء البريطانيون، وبدأت المقايضة بالطعام لأن إمدادات التموين لم تكن كافية، ولكن أشياء كالسجاد والعطر كانت تقايض بخمس حبات بطاطس مثلا.
قتل والد إرمغارد مولر في روسيا عام 1944، ومات عمها في الحرب، تقول "أرى حجم الحرب الدائرة الآن. الحرب أسوأ ما في الوجود. ما يحدث الآن في أوكرانيا والشرق الأوسط وكأننا لم نتعلم شيئا".
أتذكر الحصص الغذائيةأما نيك تريدويل (87 عاما) الذي عاش في هوف أثناء الحرب مع والدته وأخته وخالته فهو صاحب معرض فني في فيينا، يقول "أتذكر أنني كنت أنا وأمي نلجأ إلى الخزانة تحت الدرج في شقتنا خلال الغارات الجوية. اتخذ والدي قرارا ذكيا عندما اندلعت الحرب بنقلنا من المدينة لنكون أكثر أمانا".
أتذكر صوت القنابل وأتذكر نظام الحصص والأسلاك الشائكة التي كانت تمنعنا من الذهاب إلى الشاطئ، والجنود الأميركيين والكنديين الذين كانت أمي وأختها تسليانهم. كنا نحن الأطفال نتسكع في المكان الذي يقيمون فيه ونسألهم هل لديك أي علكة يا صديقي؟"
إعلانويضيف "كنت في السابعة من عمري عندما عاد والدي، وهو قائد سفينة إنزال دبابات تنقل الجنود إلى عمليات إنزال يوم النصر. ذعر عندما أخبرته أنني أريد أن أصنع فساتين مثل والدتي، وبعد أيام قليلة من عيد ميلادي الثامن، أرسلني إلى مدرسة داخلية في بريستول، لأتعلم الملاكمة ولأكون رجلا، لذا كانت نهاية الحرب بالنسبة لي نهاية مفاجئة للحياة الجميلة التي عشتها".
رائحة الموت والدمارويتذكر الملازم الثاني جوزيف كفياتكوفسكي (98 عاما) الذي ولد في مدينة كانت جزءًا من بولندا وهي الآن في أوكرانيا، "رائحة الموت والدمار والأوساخ والقمل والقروح والكراهية وانعدام الثقة في تلك الأيام. الحرب أمر فظيع"، وقد كان من الجيش البولندي الأول الذي قاتل 180 ألفا من أعضائه إلى جانب الجيش الأحمر (جيش الاتحاد السوفيتي) وقوات الحلفاء في أبريل/نيسان ومايو/أيار عام 1945 لتحرير بولندا من الفاشية".
ويروي كفياتكوفسكي كيف كلف مع رفيقه تاديك سوكول بإصلاح أسلاك الهاتف، عندما انقض عليهما جندي ألماني ومعه آخر، ويقول "قطع الألماني الأول تاديك نصفين تقريبا بوابل من نيران بندقيته، فقتلته وأسرت الآخر".
وعندما انتهت الحرب، يتذكر الملازم القلق من الحرب الحالية في أوكرانيا، أنهم التقوا بالقوات الأميركية واحتفلوا معا، يقول "أتذكر صدمة الصمت العميق. لا انفجارات. لا صفير رصاص. لا ضجيج. هدوء فقط".
وختم هذا الضابط بأن حرب أوكرانيا الحالية تقلقه للغاية "إنه لفشل بشري أننا لم نتمكن من إيقاف المعتدي الروسي. لم نتعلم سوى القليل من الدروس من الحرب العالمية الثانية".
شظايا القنابل اليدوية تتطاير فوق سياجناكان عمر الإستونية آسا سارنيك (85 عاما) خمس سنوات عام 1945، وكانت القوات السوفيتية قد غزت دول البلطيق، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا عام 1940، ولكن النازيين طردوها قبل أن تستعيدها مرة أخرى عام 1944 وتحتلها حتى انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات.
إعلانتقول آسا سارنيك "أتذكر المعارك الكبيرة التي دارت هنا في البحر. كانت السفن الألمانية في كل مكان، والطائرات الروسية تحلق فوق منزلنا وتبدأ في إطلاق النار عليها. كانت شظايا القنابل تتطاير فوق سياجنا".
وتتذكر هذه المسنة كيف احتجز الجيش الروسي أسرى الحرب الألمان عام 1945 في قريتها خلف سياج سميك من الأسلاك الشائكة، وتقول "صنعت أمي خبزا وذهبت لأحضر لهم بعض الخبز، رغم أنني كنت خائفة للغاية. أخشى ذلك هذه الأيام خاصة أنني أتابع الأحداث العالمية باستمرار. يعود إلينا شعور مماثل لما شعرنا به آنذاك".
قل نحو ثلث زملائي في الصفأما الألماني هانز مونشبيرغ (95 عاما)، وهو مؤلف وكاتب سيناريو تلفزيوني، فقد أرسل إلى مدرسة داخلية عسكرية في بوتسدام في سن العاشرة، وبعدها بخمس سنوات جند في قوات الأمن الخاصة، وكلف بالمساعدة في الدفاع أثناء معركة برلين عام 1945.
يقول هذا الطالب "في أبريل/نيسان 1945 دمرت مدرستنا، فطلب منا ارتداء زينا العسكري وحمل أسلحتنا، وبدلا من أن نؤخذ إلى بر الأمان وضعنا تحت قيادة قوات الأمن الخاصة، وانطلقنا مباشرة إلى ساحة المعركة، مؤمنين إيمانا راسخا بأننا نقدم مساهمة بالغة الأهمية في الكفاح دفاعا عن شرف (المستشار أدولف) هتلر وألمانيا النازية.
"قتل في المعركة حوالي ثلث زملائي في الصف، وكانوا 31. أعتقد أنني الناجي الوحيد الآن. أحد أصدقائي أُطلق عليه الرصاص وهو بجانبي مباشرة. لا تزال لديّ حقيبة جلدية ملطخة بدمائي عندما أُصبت".
لم تكن هناك احتفالات في شوارع بوخارستكان فيكتور بيتيغوي في الثامنة عشرة من عمره ويدرس الهندسة الميكانيكية في بوخارست عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، بعد أن أُجبرت عائلته على مغادرة مولدوفا عند اندلاع الحرب، وهو اليوم في الثامنة والتسعين من عمره، لا يزال يعمل صحفيا، وينشر بانتظام مقالات عن السياسة الرومانية.
إعلانيقول هذا الصحفي "لم تؤثر الحرب علينا كثيرا قبل عام 1944، عندما بدأت القاذفات البريطانية الأميركية بمهاجمة رومانيا. وعندما استولى الاتحاد السوفيتي على رومانيا في أغسطس/آب 1944 لم يكن ذلك يوما بائسا، ولكن عام 1946 كان أشد الفترات قسوة بسبب المجاعة".
"لم تكن هناك احتفالات في شوارع بوخارست بعد انتهاء الحرب. لم يكن انتحار هتلر حدثا عابرا. شعرت بالراحة لأن ملكنا مايكل (23 عاما) وقتها، وقف في وجه الألمان وقاد انتفاضة ضدهم، بينما فر جميع القادة الآخرين. كنا نأمل أن يفعل الشيء نفسه مع الروس، لكن ذلك لم يحدث".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الحرب العالمیة الثانیة عام 1945
إقرأ أيضاً:
من الرجل الذي يؤخر دخول الولايات المتحدة إلى الحرب مع إيران؟
سلطت صحيفة عبرية الضوء على مسألة مشاركة الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية الجارية مع إيران، متطرقة إلى مسؤول أمريكي سابق قالت إنه يؤخر دخول واشنطن في التصعيد العسكري المتزايد بين تل أبيب وطهران.
وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم": "قبل ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأجيل قراره بشأن التدخل الأمريكي في الصراع بين إسرائيل وإيران، شوهد مستشاره السابق ومهندس حركة MAGA (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى)، ستيف بانون، في البيت الأبيض".
وتابعت: "بانون، الذي شغل في السابق منصب كبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض ويعتبر الآن أحد أبرز الأصوات بين الحركة القومية المحافظة (نات كونز)، جاء لتناول العشاء مع الرئيس في وقت يدور فيه نقاش حاد بين قاعدة دعم ترامب حول قضية التدخل العسكري الأمريكي في الحملة الإسرائيلية المتصاعدة ضد إيران بشكل عام".
ولفتت الصحيفة إلى أن "بانون، الذي يعارض بشدة التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، صرّح لمجلة بوليتيكو بعد الاجتماع بأن "حركة MAGA في وضع جيد الليلة".
وذكر بانون أن الرئيس أخبره أنه يريد "استكشاف خيارات أخرى"، مضيفًا: "قبل أن يلجأ إلى الخيار العسكري، يدرس جميع الخيارات الأخرى. وهذا ما يجعله يحظى بشعبية كبيرة بين حركة MAGA.
وبحسب الصحيفة العبرية، حتى قبل لقائه بالرئيس ترامب، شارك بانون في فعالية نظمتها صحيفة كريستيان ساينس مونيتور يوم الأربعاء الماضي، ودعا ترامب إلى ضبط النفس: "إذا كنا نُجبر على تنفيذ ضربة عسكرية على فوردو، فليس من الضروري أن يحدث ذلك غدًا، أو بعد غد. على الرئيس أن يأخذ وقته ويدرس هذا الأمر بعناية مع مستشاريه". ومع ذلك، أشار إلى أن إسرائيل هي من يجب أن "تُنهي ما بدأته".
جاءت تعليقات بانون في أعقاب إعلان المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، عصر الخميس، أن ترامب سيتخذ قرارًا بشأن توجيه ضربة لإيران خلال أسبوعين، مشيرةً إلى وجود "إمكانية حقيقية للمفاوضات". وأكدت ليفيت: "إذا أتيحت فرصة للدبلوماسية، فسيغتنمها الرئيس، لكنه لا يخشى استخدام القوة".
ورحّب بعض مؤيدي ترامب في حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" بتأجيل القرار. وأشاد تشارلي كيرك، وهو صوت بارز في اليمين الأمريكي، بالرئيس لنهجه غير المتوقع، وواصل مهاجمة مؤيدي تغيير النظام في إيران. وكتبت عضوة الكونغرس مارجوري تايلور غرين على شبكة إكس: "يسرني أن الرئيس ترامب يمنح الدبلوماسية وقتًا للعمل مع إيران وإسرائيل".
وختمت الصحيفة الإسرائيلية: "ليس من الواضح ما إذا كان تأجيل ترامب للقرار سينجح في تهدئة الانقسامات الداخلية داخل حركة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، أم أنه سيؤدي فقط إلى تأجيل الصراعات الداخلية بشأن الهجوم على إيران إلى وقت لاحق".