عربي21:
2025-08-10@16:00:21 GMT

الاقتصاد المصري رهينة للغاز الإسرائيلي باتفاق جديد

تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT

منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2024 وعقب عملية الوعد الصادق 2، والتي تضمنت هجوما صاروخيا إيرانيا على إسرائيل، تعطل إمداد إسرائيل للغاز لمصر عدة مرات حتى شهر حزيران/ يونيو الماضي، مما أثر على انتظام عمل الشركات المصرية كثيفة استخدام الطاقة، وكان آخرها في الثلث الأخير من أيار/ مايو الماضي، حين تم خفض كمية الغاز الإسرائيلي المورد لمصر بسبب صيانة دورية، مما ترتب عليه عمل مصانع الأسمدة والميثانول المصرية بنصف طاقتها.



وزاد الأمر حدة في حزيران/ يونيو الماضي، مع الحرب الإيرانية الإسرائيلية، حيث توقف تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر، مما دفع السلطات المصرية لتحويل 900 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، كانت تذهب إلى الصناعات كثيفة الطاقة كالأسمدة والحديد، إلى محطات إنتاج الكهرباء حتى لا يتوقف عملها، وكذلك تعليق السلطات المصرية إمداد الصناعات الغذائية والأسمنت بالمازوت والسولار لمدة أسبوعين، وتوجيه تلك الكميات من المازوت والسولار إلى شركات إنتاج الكهرباء لتعويض النقص في إمدادات الغاز الطبيعي لها.

وهكذا كان تعطل شركات الأسمدة عدة مرات منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كفيلا بتنبيه السلطات المصرية لخطورة ارتهان صناعاتها إلى الغاز الإسرائيلي، وأهمية البحث عن جهات بديلة منتظمة الإمداد، خاصة مع تأثر حصيلة الصادرات الكيماوية وغيرها، والأثر السلبي لتعطل انتظام صرف الأسمدة لقطاع الزراعة وزيادة سعرها في السوق الموازية. لكن السلطات المصرية أخذت اتجاها معاكسا تماما بالاتفاق مع إسرائيل على زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي منها، والتي يحكمها اتفاق عام 2019 باستيراد 60 مليار متر مكعب بقيمة 15 مليار دولار، باتفاق جديد مؤخرا يضيف استيراد 130 مليار متر مكعب أخرى خلال 15 عاما وحتى عام 2040، بقيمة 35 مليار دولار.

منطق اقتصادي صرف، تظل مخاطر توقف صادرات إسرائيل للغاز إلى مصر قائمة، خاصة مع استمرار التوتر بينها وبين إيران وعزمها على التخلص من البرنامج النووي الإيراني والصواريخ الإيرانية، مما يزيد من فرص تعرض منشآت استخراج ونقل الغاز الإسرائيلي للقصف الإيراني في حالة تجدد النزاع عسكريا
وجاءت الصفقة في توقيت تزعم فيه السلطات المصرية مساندتها لشعب غزة، وإدانتها لعمليات الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في غزة، كما تجيء الصفقة في وقت تتزايد فيه المطالب الشعبية داخل مصر وخارجها بمقاطعة سلع الشركات الدولية الداعمة لإسرائيل، فما بالنا بالسلع الإسرائيلية نفسها؟ حيث تتسبب الصفقة في تخفيف حدة العجز التجاري الإسرائيلي المزمن، والذي بلغت قيمته 31 مليار دولار في العام الماضي و17 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي.

عجز تجاري مستمر لمصر مع إسرائيل

وبينما تتراجع قيمة الصادرات الإسرائيلية بنسبة خمسة في المائة بالنصف الأول من العام الحالي بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، تجيء الصفقة لتزيد من وتيرة الصادرات الإسرائيلية وحتى عام 2040، رغم العجز التجاري المصري المزمن مع دول العالم والذي بلغ في العام الماضي 50 مليار دولار، كما بلغ في الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي 17 مليار دولار، إلى جانب تسبب استيراد مصر للغاز الإسرائيلي في عجز تجاري مستمر لمصر في تجارتها مع إسرائيل، وهو العجز الذي بلغ 1.75 مليار دولار عام 2022 ثم زاد إلى 2.35 مليار بالعام التالي، ثم إلى 2.64 مليار دولار في العام الماضي.

كما استمر العجز خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي ليصل إلى 993 مليون دولار، كفرق بين الصادرات المصرية لإسرائيل البالغة قيمتها 122.5 مليون دولار، والواردات منها والبالغة قيمتها 1.116 مليار دولار، وهكذا ساهمت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي في تحسين صورة العجز التجاري الإسرائيلي المزمن، حيث بلغت قيمتها حسب جهاز الإحصاء المصري الحكومي، 1.9 مليار دولار عام 2022؛ زادت إلى 2.4 مليار دولار في العام التالي ثم إلى 2.8 مليار دولار في العام الماضي، رغم المطالب الشعبية بوقف التجارة مع إسرائيل، وتوقف الحكومة المصرية عن إمداد غزة المحاصرة بأية معونات منذ شهور عديدة، ورغم منع الغذاء عنها وحرب التجويع منذ آذار/ مارس الماضي وحتى الآن، ليتم إدخال بعض المساعدات مؤخرا والتي تقوم عصابات تابعة للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على معظمها.

مخاطر تعطل لصادرات الغاز الإسرائيلي

وبمنطق اقتصادي صرف، تظل مخاطر توقف صادرات إسرائيل للغاز إلى مصر قائمة، خاصة مع استمرار التوتر بينها وبين إيران وعزمها على التخلص من البرنامج النووي الإيراني والصواريخ الإيرانية، مما يزيد من فرص تعرض منشآت استخراج ونقل الغاز الإسرائيلي للقصف الإيراني في حالة تجدد النزاع عسكريا، ونفس الخطر قائم في ظل الحصار الذي تمارسه السلطات الأمريكية على حزب الله لتسليم سلاحه، ودفعها للسلطات اللبنانية لتبني ذلك المطلب، مما يزيد من فرص ضرب صواريخ حرب الله لمنشآت الغاز الإسرائيلية مع اشتداد الحصار عليه.

تجيء الصفقة الإضافية للغاز الإسرائيلي لمصر لتثير التساؤل حول مدى صحة ما وعد به المسؤولون المصريون، من عودة مصر إلى تصدير الغاز الطبيعي عام 2027 بعد دخول إنتاج حقلين جديدين
كما تعطي السلطات الإسرائيلية الأولوية للسوق المحلية في إنتاجها للغاز الطبيعي، على حساب الكميات المخصصة للتصدير، في ظل زيادة استهلاكها للغاز الطبيعي والذي زاد من 2.6 مليار متر مكعب عام 2012، إلى 10.4 مليار متر مكعب فيي العام الماضي حسب بيانات معهد الطاقة، وتوجهها لزيادة حصة الغاز في موارد الطاقة الإسرائيلية، على حساب الفحم الملوث للبيئة وعلى حساب البترول التي تستورد كميات كبيرة منه.

وتجيء الصفقة الإضافية للغاز الإسرائيلي لمصر لتثير التساؤل حول مدى صحة ما وعد به المسؤولون المصريون، من عودة مصر إلى تصدير الغاز الطبيعي عام 2027 بعد دخول إنتاج حقلين جديدين، والاتفاق مع قبرص على استيراد الغاز الطبيعي من عام 2028 لتسييله في المحطات المصرية، ثم إعادة تصديره أو استخدامه محليا في حالة الحاجة إليه، خاصة وأن الجمهور المصري لم ينس بعد وعود رفع حجم صادرات الغاز الطبيعي بعد إنتاج حقل ظُهر عام 2018، والحديث عن تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، وإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، والحديث عن زيادة كميات تصدير الغاز المصري إلى أوروبا لتعويضها جزئيا عن خفضها لاستيراد الغاز الروسي.

كما توجد عدة بدائل أمام مصر لاستيراد الغاز المسال من عدة مناطق، منها السعودية وقطر والجزائر وأذربيجان وغيرها، كما يمكن التشاور مع السلطات الليبية التي تصدر الغاز إلى إيطاليا عبر خط أنابيب عبر البحر المتوسط، كما كان يمكنها منذ سنوات تكرار أزمة نقص الغاز؛ السعي لتشغيل حقول الغاز الطبيعي أمام شواطئ غزة، وهي الأقرب إليها جغرافيا، والتي كان يمكن أن تساهم في إيجاد مورد منتظم لحكومة غزة ستستورد به سلعا مصرية، ويساهم في استغناء كل من الأردن والسلطة الفلسطينية عن استيرادهما للغاز الإسرائيلي.

رفع سعر التوريد بالاتفاق الجديد

وهنا سيظل مبرر السلطات المصرية بأن الغاز الإسرائيلي أرخص من استيراد الغاز المسال، حيث إن الغاز الإسرائيلي يرد لمصر عبر خط أنابيب، وعادة ما يكون غاز الأنابيب في العالم أرخص من الغاز المُسال، لأن الغاز المُسال يحتاج إلى عمليات تبريد وإسالة ونقل بالسفن ثم إعادة تغويز، أي تحويله من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية في ميناء الوصول، ولكن الكثيرين ينسون أن إسرائيل لا تحصل فقط على ثمن الغاز بل إنها شريكة في خط نقله إلى مصر، كما أن الشركات الأجنبية تملك غالب الحصص في محطتي الإسالة المصرية في إدكو ودمياط، إلى جانب أن إسرائيل لم يكن لديها بديل لتصدير إنتاجها من الغاز سوى مصر، لوجود خط الأنابيب الذي كان ينقل الغاز المصري إليها منذ عام 2008، كما أنها لا تملك محطات لتسييل الغاز، وبالتالي فهي لا تستطيع تصدير غازها إلى الدول الأخرى مُسالا، وتحتاج لسنوات لإنشاء خط لنقل غازها إلى أوروبا عبر قبرص واليونان، ولهذا فقد سهّل عليها القرب الجغرافي لمصر والأردن والسلطة الفلسطينية تصدير غازها إلى الدول الثلاث.

ورغم ذلك، فقد رفعت سعر توريد غازها بالاتفاق الجديد إلى 7.6 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، رغم أن الاتفاق الجديد مع مصر يضمن لها زبونا مستداما، تساهم مدفوعاته في تكلفة تطوير حقل ليفاثيان وزيادة إنتاجه، وفي تكلفة إنشاء خط أنابيب ثالث مع مصر عبر منفذ نيتسانا- العوجة، كما تضمن الاتفاق الجديد إلغاء حق مصر في تقليل كمية الغاز المستورد، في السنة التي ينخفض فيها سعر خام برنت عن الخمسين دولار للبرميل.

x.com/mamdouh_alwaly

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه إسرائيل المصرية الغاز الصفقة اقتصادي مصر اقتصاد إسرائيل صفقة غاز مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار دولار فی العام الغاز الإسرائیلی للغاز الإسرائیلی السلطات المصریة فی العام الماضی من العام الحالی ملیار متر مکعب الغاز الطبیعی استیراد الغاز تصدیر الغاز مع إسرائیل من الغاز

إقرأ أيضاً:

الرقابة المالية: 16.4 مليار جنيه قيمة عقود التأجير التمويلي خلال مايو الماضي

كشفت هيئة الرقابة المالية، عن ارتفاع قيمة التمويلات الممنوحة لنشاط التأجير التمويلي خلال شهر مايو  العام الجاري 2025، بنمو 76.6%.

وأظهر أحدث تقرير هيئة الرقابة المالية الشهري، عن الأنشطة المالية غير المصرفية- حصل "صدى البلد" على نسخة منه- أن قيمة عقود نشاط التأجير التمويلي سجلت  16.444 مليار جنيه خلال مايو 2025 مقارنة بحوالي 9 مليار جنيه خلال نفس الشهر من العام السابق مسجلة نمو قدره 76.6%.

وارتفعت عدد عقود نشاط التأجير التمويلي بنسبة 48.2 % خلال مايو  2025.

وبلغت عقود نشاط التأجير التمويلي 166 عقد في شهر مايو من العام 2025 مقابل 122 عقدا خلال نفس الشهر  من العام 2024، نمو 48.2 %.

عقود العقارات والأراضي

كشفت هيئة الرقابة المالية عن استحواذ عقود العقارات والأراضي على النصيب الأكبر من قيمة عقود  التأجير التمويلي خلال مايو من العام 2025 بنسبة تصل 85.2%، تليها عقود الآت والمعدات بنسبة 5.4 %، ثم  عقود سيارات نقل بنسبة 4.7%، وتأتي عقود معدات ثقيلة في المرتبة الرابعة بنسبة 1.5%، ثم عقود خطوط الإنتاج بنسبة 1.4%، وفي المرتبة السادسة سيارات الملاكي 1.3%.

تباطؤ مبيعات السيارات في الصين وسط حملة حكومية لوقف حرب الأسعاروزير المالية: ندعم جهود تعزيز قدرة الشركات العامة على تحقيق الأرباح

تمويلات التأجير التمويلي خلال 2024

سبق أن أعلنت الهيئة، عن ارتفاع القيمة الإجمالية لعقود التأجير التمويلي خلال عام 2024 لتسجل نحو 118.9 مليار جنيه، مقارنة بـ 117.5 مليار جنيه في 2023، بمعدل نمو 1.2%.

ويُعد التأجير التمويلي من أبرز أدوات التمويل التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، من خلال توفير التمويلات للأفراد والشركات، خاصة المشروعات الصغيرة والمبادرات القومية المدرجة بالموازنة العامة للدولة، كما يلعب دورًا محوريًا في تنشيط قطاعات عدة، أبرزها العقارات، والآلات، والمعدات، فضلًا عن توفير وحدات سكنية للمواطنين.

وتتولى الهيئة العامة للرقابة المالية مسؤولية إصدار تراخيص شركات التأجير التمويلي، إلى جانب متابعة نشاطها وضمان التزامها بالضوابط المنظمة للسوق.

طباعة شارك الرقابة المالية التأجير التمويلي عقود العقارات الأراضي سيارات نقل

مقالات مشابهة

  • وزير الطاقة الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن صفقة كبرى مع مصر
  • الرقابة المالية: 16.4 مليار جنيه قيمة عقود التأجير التمويلي خلال مايو الماضي
  • سعيد: الجغرافيا السياسية مع الجانب الفلسطيني الإسرائيلي جزء من الكينونة المصرية
  • 35 مليار دولار لإسكات مصر.. حين تتحول القاهرة إلى واجهة للاحتلال
  • صفقة غاز تاريخية بين إسرائيل ومصر بقيمة 35 مليار دولار
  • صفقة هي الأكبر بين مصر الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 35 مليار دولار
  • بقيمة 35 مليار دولار.. إسرائيل توقع أكبر اتفاقية تصدير غاز في تاريخها مع مصر
  • إسرائيل توقع صفقة لتصدير الغاز إلى مصر بـ35 مليار دولار
  • بقيمة 35 مليار دولار.. صفقة ضخمة بين مصر وإسرائيل لتوريد الغاز الطبيعي