كان الحمار جزءاً لا يتجزأ من الحياة الريفية في مصر، شاهداً على تفاصيل العمل اليومي للفلاح، ومساعداً لا يُستغنى عنه في الحقول والطرق الوعرة، إلا أن هذا الحيوان، الذي لطالما ارتبط بالكفاح والبساطة، يواجه اليوم خطر الانقراض ليس فقط في مصر، بل في العديد من دول العالم.

وفي هذا السياق، تحدث حسين عبد الرحمن أبو صدام، في تصريحات خاصة لصدى البلد، نقيب عام الفلاحين، عن الأسباب الحقيقية وراء تراجع أعداد الحمير، والتحديات التي تهدد بقاءه، وطرق حماية هذا الكائن من الزوال.

انخفاض مستمر منذ التسعينات

وأكد أبو صدام أن انخفاض أعداد الحمير في مصر ليس وليد اللحظة، بل بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي. وأرجع السبب الرئيسي إلى تراجع الاعتماد على الحمار كوسيلة نقل في القرى والأرياف، خاصة بعد تطور البنية التحتية وتمهيد الطرق، ما جعل من الصعب على الحمار التأقلم مع الطرق الحديثة الممهدة.

وأضاف أن الفلاحين كانوا يعتمدون بشكل كبير على الحمير في التنقل ونقل المحاصيل بسبب وعورة الطرق القديمة، لكن مع توفر وسائل النقل الحديثة، بدأ دور الحمار يتراجع تدريجياً، وبدأ كثير من الفلاحين في التخلص منه بسبب ارتفاع تكاليف رعايته وتغذيته.

ذبح الحمير والتجارة بجلودها

من أبرز الأسباب التي أسهمت في انخفاض أعداد الحمير، وفق ما أوضحه أبو صدام، هو ذبح الحمير بغرض الاستفادة من جلودها التي تُصدَّر إلى بعض الدول، وعلى رأسها الصين، حيث تُستخدم في تصنيع أدوية باهظة الثمن. كما أن بعض الدول الإفريقية تستهلك لحوم الحمير بشكل طبيعي، على عكس الدول الإسلامية التي تحرِّم ذلك.

وأشار إلى أن هناك دولاً قامت بإنشاء مزارع خاصة بالحمير لاستخلاص حليبها، الذي يُستخدم في تصنيع أنواع نادرة وباهظة من الجبن. هذا الاستخدام التجاري للحمار أدى إلى تراجع أعداده عالمياً، مما ينذر بخطر بيئي حقيقي.

خسارة بيئية لا تُعوّض

ورغم أن انخفاض عدد الحمير لا يمثل هذا خسارة اقتصادية فحسب بل رأي أبو صدام أن الأثر البيئي لا يمكن تجاهله. فالحمار يلعب دوراً بيئياً هاماً، إذ يساعد في الحفاظ على التوازن البيئي، ويُعد روثه من أفضل أنواع السماد الطبيعي.

وأضاف: "عندما ينقرض أي حيوان، يشعر العالم بالحزن، ويجب أن نولي الحمار نفس القدر من الاهتمام"، مشيراً إلى أن الحمار ليس غبياً كما تصوره بعض الصور النمطية الخاطئة، بل حيوان ذكي ومفيد وله وظائف بيئية لا يمكن إنكارها.

خطوات مقترحة للحفاظ على الحمير

أبو صدام شدد على أهمية نشر الوعي حول دور الحمير وفوائدها، وضرورة تصحيح الصورة الذهنية السلبية التي تلاحق هذا الحيوان. ودعا إلى منع تصدير جلود الحمير للحد من ظاهرة ذبحها.

دعم المربين وتصدير الحمير الحية

في ختام حديثه، طالب نقيب الفلاحين بدعم مربي الحمير، مشيراً إلى أن أسعارها منخفضة في السوق المحلي، حيث يتراوح سعر الحمار بين 5,000 و15,000 جنيه مصري. بينما يمكن أن يُباع الحمار حياً بأسعار قد تصل إلى 15,000 دولار عند تصديره إلى الخارج، وهو ما يمثل فرصة اقتصادية كبيرة لمصر، إذا تم استغلالها بالشكل الصحيح.

وأكد على أهمية تدخل جمعيات الرفق بالحيوان لدعم هذا التوجه، ومنع ذبح الحمير العشوائي، حفاظاً على هذا الكائن الذي لطالما كان شريكاً أساسياً في حياة الريف المصري.

كائن بسيط.. يحمل عبء التوازن البيئي

ورغم بساطة هذا الحيوان، إلا أن دوره في حياة الإنسان والطبيعة لا يُستهان به. وربما آن الأوان لأن ننظر إلى الحمار بعين التقدير، لا السخرية، وأن نعمل بجد لحمايته من خطر الانقراض الذي يهدده، حفاظاً على التنوع البيولوجي، واحتراماً لرفيق درب لطالما خدم الإنسان بصمت وتفانٍ.

طباعة شارك مصر فلاح الحمير أدوية الفلاحين الحيوان

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر فلاح الحمير أدوية الفلاحين الحيوان أبو صدام

إقرأ أيضاً:

تعيين رئيس جديد لجهاز الدعم والاستقرار في ليبيا.. صدام أم تفاهم؟

أثار قرار صادر عن المجلس الرئاسي الليبي بتعيين رئيس جديد لجهاز الدعم والاستقرار في العاصمة طرابلس الكثير من الردود والتساؤلات، حول تداعيات الخطوة وما إذا كانت ستسبب صداما بين الرئاسي وحكومة الدبيبة التي هاجمت الجهاز وقتلت رئيسه مؤخرا.

وقرر رئيس الرئاسي الليبي، محمد المنفي تكليف اللواء، حسن بوزريبة بمهام رئيس جهاز دعم الاستقرار، خلفًا لرئيسه السابق، عبدالغني الككلي الشهير بغنيوة والذي تم اغتياله في 12 مايو الماضي، على يد قوات تابعة لحكومة الدبيبة.


وفي أول بيان له، أوصى "أبوزريبة" منتسبي الجهاز من ضباط وضباط صف وأفراد وموظفين بالالتزام بأعلى درجات الضبط والربط والالتزام الأمني، والالتزام بالتعليمات والأوامر الصادرة عبر التسلسل الإداري وهيكلية الجهاز، والالتزام بضبط النفس وفقاً للقوانين والتشريعات والتعليمات النافذة.

وأكد أن "جهاز الدعم والاستقرار له كيان مستقل وهو يقع تحت رئاسة الدولة وفقط (المجلس الرئاسي)، ومهمته إرساء الأمن والاستقرار والبناء"، وفق قوله.

"من هو حسن بوزريبة؟"
ولم تتوفر معلومات كثيرة عن بوزريبة خليفة "غنيوة الككلي" إلا أنه كان نائبا لرئيس الجهاز، وينحدر من مدينة الزاوية غربا، ويحمل رتبة لواء وهو شقيق لوزير الداخلية بحكومة البرلمان، عصام بوزريبة وكذلك شقيق عضو مجلس النواب عن الزاوية، علي بوزريبة وهما مناوئان بشدة لحكومة الدبيبة ودعما سابقا مظاهرات ضدها ويرفضون عملياتها في طرابلس.



وتأسس جهاز الدعم والاستقرار في عهد حكومة الوفاق الوطني السابقة برئاسة، فائز السراج في 11 يناير 2021، وتم تعيين "غنيوة الككلي" كأول رئيس للجهاز والذي انفرد بالقرار والنفوذ في العاصمة طرابلس، حتى اصطدم مع حكومة الدبيبة وتم اغتياله على يد قوات لواء 444 قتال التابع لوزارة الدفاع التي يرأسها "الدبيبة".

والسؤال: هل يسبب تعيين رئيس جديد لجهاز حاربته قوات الدبيبة صداما بين الرئاسي والحكومة؟ وهل سيتحول إلى "غنيوة جديد"؟


"خطوة داعمة لميليشيا الردع"
من جهته، قال مصدر مقرب من حكومة الدبيبة، طلب عدم ذكر اسمه لـ"عربي21" إن "الخطوة يقف وراءها ميليشيات جهاز الردع كونهم المسيطرين على القرار في الرئاسي خاصة رئيسه المنفي، وهدفها ضرب العملية العسكرية التي تقوم بها الحكومة ضد هذه الميليشيات وكان منها جهاز الدعم والاستقرار الذي حلته الحكومة ضمنيا".

وأوضح أن "قرار تعيين رئيس جديد للجهاز الذي قتلت الحكومة رئيسه السابق "الككلي" يؤكد أن القرار ليس في يد الرئاسي وإنما تحول الأخير إلى أداة في يد قوات الردع تستغله ضد الحكومة وعمليتها العسكرية، لكن الحكومة ستكمل خطتها للتخلص من جميع الميليشيات في البلاد"، وفق معلوماته.

"إعادة توازن"
في حين، أكد أستاذ علم الاجتماع السياسي والأكاديمي الليبي، رمضان بن طاهر أن "تعيين آمر جديد لجهاز دعم الاستقرار يشير إلى أن الجهاز لم يلغ رسميا، بل ظل قائما في وضع مجمد حتى تقررت إعادة تفعيله، وأن اختيار حسن بوزريبة، وهو قيادي عسكري من الزاوية، قد يعكس محاولة لإعادة التوازن الجهوي في المشهد الأمني بطرابلس، خاصة بعد ارتباط الجهاز سابقا بشخصيات من العاصمة".

وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "صلة بوزريبة العائلية بوزير الداخلية في حكومة حماد، قد تثير تساؤلات  وشكوك حول استقلالية القرار الأمني، إلا أن تأثيرها الفعلي لا يمكن الحكم عليه مبكرا، وبخصوص صمت حكومة الدبيبة، فقد يفهم إما كجزء من تفاهم غير معلن، أو كنوع من التحفظ لتجنب صدام سياسي في توقيت حساس"، حسب تقديره.



وختم حديثه بالقول: "في المحصلة، يعكس القرار استمرار توظيف الترتيبات الأمنية لضبط توازنات القوى، في ظل غياب رؤية واضحة لإصلاح أمني مؤسسي شامل"، كما قال.

"ترتيبات مؤقتة لمنع الصدام"
المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، السنوسي إسماعيل الشريف قال من جانبه إنه "رسميا لم يصدر أي قرار بحل جهاز دعم الاستقرار بعد مقتل رئيسه السابق عبدالغني الككلي، وأما عن تعيين رئيس جديد للجهاز من قبل الرئاسي فهذا كما يبدو لعديد الاعتبارات حيث أن الرئيس الجديد حسن بوزريبة هو ذاته نائب الرئيس السابق للجهاز، وكذلك هناك توجه لدى الرئاسي لضم عناصر الجهاز وعدم تفتتهم حتى لا يصعب تنفيذ أي ترتيبات أمنية لاحقة".

وأشار إلى أنه "برغم أن الاتجاه العام هو حل كل المجموعات المسلحة إلا أن قرار التعيين الصادر عن المجلس الرئاسي يأتي في سياق منع انزلاق العاصمة نحو مزيد من الفوضى والمواجهات المسلحة، وصولا إلى المحافظة على التوازنات وترسيخ حالة أمنية مستقرة ولو بشكل مؤقت، إلى حين توفر الظروف الملائمة لتنفيذ الترتيبات الأمنية الشاملة وإخلاء طرابلس وكافة المدن في غرب البلاد من المجموعات المسلحة كافة"، بحسب رأيه لـ"عربي21".

مقالات مشابهة

  • تعيين رئيس جديد لجهاز الدعم والاستقرار في ليبيا.. صدام أم تفاهم؟
  • تعلن محكمة ذي السفال الأبتدائية بأن على المدعى عليه / صدام محمد الصفواني الحضور الى المحكمة
  • أحزاب سياسية تؤسس اتحادات الفلاحين تزامناً مع إعلان صرف “دعم القطيع”
  • «حلب»: لابد من التواصل مع المنظمات المعنية بالمرأة في سبيل تعزيز الوعي الانتخابي
  • أبو شقة: عودة مادة الدين للمدارس بنجاح ورسوب السبيل لمكافحة التنمر والتحرش
  • تركيا تحقق عائدات بقيمة 2.65 مليون دولار من تصدير الضفادع الطازجة والمُبرّدة
  • قرار وزاري يشترط سداد القيمة الكاملة محليًا قبل تصدير 4 سلع غذائية
  • عبدالله الودعاني يوثّق استخدام جلود تماسيح حقيقية في صناعة شنط إيرميز .. فيديو
  • سكاي رايدر X6.. أول توك توك طائر في الصين وهذا سعره
  • الوداد في صدام صعب أمام يوفنتوس الليلة بكأس العالم للأندية