عقد حزب العمال الكردستاني هذا الأسبوع بنجاح مؤتمرا لحل نفسه، حسبما أوردت اليوم الجمعة وكالة فرات للأنباء المقربة من الحزب.

وجاء في بيان نشرته الوكالة "عُقد المؤتمر الـ12 لحزب العمال الكردستاني بنجاح في مناطق الدفاع المشروع" بشمال العراق "في الفترة من 5 إلى 7 مايو/أيار الجاري، وانعقد بناء على دعوة القائد عبد الله أوجلان".

ونتجت من هذا المؤتمر بحسب البيان "قرارات ذات أهمية تاريخية على أساس دعوة القائد" في 27 فبراير/شباط إلى نزع الحزب سلاحه وحلّ نفسه.

وأضاف البيان "ستتم مشاركة نتائج المؤتمر ومعلومات ووثائق مستفيضة ومفصلة عن القرارات التي تم اتخاذها مع الرأي العام في المستقبل القريب جدا".

وردّ حزب العمال الكردستاني -الذي تتحصن قيادته في جبال شمال العراق- إيجابا في الأول من مارس/آذار الماضي على دعوة زعيمه التاريخي عبد الله أوجلان المعتقل منذ 26 عاما إلى حل الحركة ووضع حد لـ40 عاما من القتال ضد سلطات أنقرة أودت بما لا يقل عن 40 ألف شخص.

وأعلن الحزب -الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "منظمة إرهابية"- وقف إطلاق النار فورا.

وفي شمال العراق، تقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية لمواجهة مقاتلي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات بإقليم كردستان.

إعلان

لكن رغم وقف إطلاق النار فإن المناوشات استمرت في الأسابيع الأخيرة بين الطرفين بمناطق عدة في شمال العراق.

خطوة مهمة

وفي أول ردود الأفعال، قال حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب التركي المؤيد للأكراد اليوم الجمعة إن خطوة إعلان حزب العمال الكردستاني أنه عقد المؤتمر الخاص به تعتبر مهمة على طريق حل الصراع المستمر منذ عقود.

وقالت المتحدثة باسم حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب أيسيغول دوغان للصحفيين بعد اجتماع لمجلس الحزب التنفيذي "ننتظر كلنا هذا القرار التاريخي بجدية وأهمية كبيرتين".

وذكرت دوغان أن حزب العمال الكردستاني استجاب لدعوة أوجلان في وقت سابق وأصدر بيانا يلتزم فيه بتنفيذ المطلوب، ومن بينه إعلان وقف إطلاق النار الذي صدر بعد الدعوة بوقت قصير.

وأضافت أن "هذه الفرصة التاريخية يجب أن تصبح دائمة، يجب التخلي عن السلاح وإحلال الحوار محله"، مؤكدة أن حزبها يأمل في اتخاذ خطوات متبادلة نحو سلام دائم، وأن من الضروري وضع أسس سياسية وقانونية لذلك.

ويشن حزب العمال الكردستاني تمردا ضد الدولة التركية منذ عام 1984، وتصنفه أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي تنظيما إرهابيا.

وقُتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع الذي شهد جهود سلام متقطعة على مدى سنوات كان أبرزها وقف إطلاق النار بين عامي 2013 و2015، والذي انهار في النهاية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حزب العمال الکردستانی وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

بالأحابيل تُصنع إسرائيل

في سبتمبر الماضي صدر كتاب رئيس المخابرات الإسرائيلية السابق يوسي كوهين الذي تقلد منصبه في 2016 حتى 2021، عنوان الكتاب بالعبرية يُترجم إلى "بالأحابيل تصنع لك حربًا" وهي جملة لها تأصيل ديني تاريخي في كتاب اليهود المقدس (العهد القديم)، حيث ورد في سِفر الأمثال: "لأنك بالأحابيل تصنع لك حربًا"، وهي الجملة التي وُضعت شعارًا للموساد الإسرائيلي، كما أنها شعار لوحدة المستعربين بالجيش الإسرائيلي المعروفة باسم وحدة الدوفدفان (الكرز)، ومدلول الجملة بالطبع يرمز إلى "انتصار" اليهود على أعدائهم بالحيلة والخداع.
يركّز كوهين منذ البداية على فكرة وجودية متجذرة في الوعي الإسرائيلي، أن كل حرب تخوضها الدولة اليهودية هي حرب "وجودية" لا يمكن خسارتها، وفي هذا السياق، تصبح إسرائيل بالنسبة لكوهين "ملاذًا لا بديل عنه"، ومشروعًا لا يمكن السماح بانهياره.
سبق كتاب يوسي كوهين، قبل 35 عامًا، إصدار ضابط موساد سابق يُدعى فيكتور استروفيسكي لكتاب بالعنوان نفسه "بالأحابيل تصنع حربًا" ، وتحدث فيه عن نشاطه في الموساد الإسرائيلي، أما النسخة الإنجليزية لكتاب يوسي كوهين، والتي صدرت بالتزامن مع النسخة العبرية، فقد جاءت بعنوان "سيف الحرية- إسرائيل والموساد والحرب السرية".
يخاطب كوهين الإسرائيليين في كتابه بالعبرية، ويكشف فيه عن نشاطه في الموساد، ونجاحاته في اختراق إيران وحزب الله، وتنفيذ عمليات اغتيال، ومنذ السابع من أكتوبر يظهر يوسي كوهين بشكل دائم في المنصات الإعلامية الإسرائيلية، في مقابلات وحوارت، ليعبر عن موقفه ورؤيته للحرب الإسرائيلية على غزة، ويجمع في كتابه بين رؤيته الأمنية والسياسية.
يعرض كوهين في كتابه صعوده كشاب متدين داخل الموساد الذي تسيطر عليه نخبة عسكرية علمانية، ويقلل من شأن الأجهزة الأخرى، سواء أمنية أو استخباراتية، ويحملها مسئولية الإخفاقات الأخيرة، كما يُبِعد كوهين عن نفسه تهمة المشاركة في ملف الأموال القطرية، المعروف باسم "قطر جيت".
يُعرف كوهين نفسه على أنه "يميني أمني"، ولذا يحمل كتابه "تؤملات" في السياسة والاقتصاد والمجتمع، وحتى تطوير الذات، يسرد نشاطه الذي استمر لمدة 35 عامًا بالموساد، فيروي تجربته داخل الموساد بوصفها تجربة تشكيل للهوية قبل أن تكون تدريبًا مهنيًا، فعميل الموساد – كما يصفه – هو مزيج من الدقة، والجرأة، والقدرة على الاندماج، والذكاء العاطفي، والمرونة الذهنية. هذا "الجين" الموسادي، كما يسميه، هو جزء من سرّ القوة الإسرائيلية في مواجهة أعداء غير تقليديين في بيئة معقدة.
من خلال هذه العدسة، يشرح كوهين كيف تُخطَّط العمليات الدقيقة، وكيف تُبنى الهويات الوهمية، وكيف يتحوّل الخداع إلى أداة استراتيجية لا تقل أهمية عن القوة العسكرية، ويقدّم مثالًا بارزًا بعملية تفجير أجهزة الاتصال (البيجر) في لبنان، التي وُصفت بأنها واحدة من أكثر الضربات دقة وتأثيرًا في المواجهة مع حزب الله.
تأخذ إيران مساحة مركزية في الكتاب، يرى كوهين أن النظام الإيراني غير قابل للثقة، ويستعرض عملية سرقة الأرشيف النووي الإيراني بوصفها نقطة مفصلية كشفت حقيقة طموحات طهران،  ويعتبر أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في عهد ترامب كان نتيجة مباشرة لهذه العملية، ومثالًا على كيف يمكن للعمل الاستخباراتي أن يغيّر توازنات عالمية.
يفرد كوهين مساحة واسعة للحديث عن العلاقات مع الولايات المتحدة، وخصوصًا الرئيس دونالد ترامب، الذي يصفه بـ"القائد الذي يفهم القوة ويقدّر الولاء"، ويرى أن ما تحقق في عهده – خصوصًا اتفاقيات أبراهام – لم يكن ليحدث لولا الجرأة السياسية ورؤية مشتركة بين واشنطن وتل أبيب وأبوظبي.
يمزج الكتاب بين السيرة الأمنية لكوهين وبين الطمح السياسي، فيقدم نفسه كضابط موساد استثنائي، لذا يعتد كوهين بنفسه باعتباره "الوحيد" القادر على إنقاذ إسرائيل بعد 7 أكتوبر 23، ومن هنا؛ جاء الكتاب بأسلوب تمجيد لشخصه، نبرة الكتاب بطولية ذاتية مشحونة بتضخيم إنجازاته، ويتضح منه تسويق كوهين لنفسه كسياسي مستقبلي، ورئيس حكومة إسرائيلية بعد انتهاء عهد بنيامين نتنياهو.

محمد عبد الدايم هندام، كاتب وشاعر، صحفي حر، أكاديمي، مُحاضر الأدب العبري الحديث والدراسات الإسرائيلية، كلية الآداب، جامعة المنصورة.


[email protected]

مقالات مشابهة

  • وفاة أبو مرداع تصدم المملكة.. جنازة تاريخية ومشاهد حزن واسعة
  • الطمأنينة.. المعنى الحقيقي للحياة
  • كأس العرب ... وكأسك يا وطن!
  • الوجوه الثلاثة!!
  • ما الذي يحسم مصير خطة نزع سلاح العمال الكردستاني؟
  • والتز: حزب الله يعيد بناء نفسه
  • تحقيق إسرائيلي يكشف تحولات تاريخية بالضفة الغربية
  • بالأحابيل تُصنع إسرائيل
  • الجامعة العربية تستضيف مؤتمرا حول التكنولوجيات الحديثة والقانون الدولي الإنساني
  • العراق يشارك في المؤتمر الدولي الثاني للتحالف العالمي لمكافحة تهريب المهاجرين