قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن استهداف نائب قائد الفرقة 252 وقائد كتيبة 6310 في حي الشجاعية شمالي قطاع غزة، يعكس دلالات عسكرية خطيرة ترتبط بطبيعة مهام استطلاعية ميدانية تؤشر على عملية عسكرية وشيكة.

وأوضح حنا، في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة، أن إرسال قادة بهذا المستوى إلى خطوط المواجهة الأمامية يؤكد انتقال الخطط العسكرية التي أقرّها الكابينت الإسرائيلي إلى مرحلة التنفيذ، حيث تبدأ وحدات محددة بتنفيذ مهام قتالية تم توزيعها سلفا على الأرض.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي اعتاد على خسائر كبيرة في صفوف ضباطه، لكن استهداف قادة من هذا السلك يشير إلى عمليات استطلاع تمهيدية تستهدف تحديد اتجاهات التحرك المقبلة، في وقت يُتوقع فيه توسيع العمليات الميدانية في قطاع غزة.

وكانت مواقع إسرائيلية قد أعلنت صباح اليوم السبت إصابة 9 جنود، بينهم ضابطان كبيران، في استهداف مباشر تعرضت له مركبتهم العسكرية بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى استخدام المروحيات لنقل المصابين إلى مستشفى تال هشومير.

وفي سياق متصل، أشار حنا إلى أن تصاعد عمليات المقاومة من شرق القطاع إلى جنوبه يعكس أمرين: إما ارتفاع وتيرة حركية الاحتلال استعدادا لهجوم واسع، وإما مبادرة المقاومة إلى تكثيف هجماتها استثمارا لفرص ميدانية محددة تؤمن أهدافا واضحة.

إعلان تكتيكات مدروسة

ورأى أن طبيعة العمليات المنفذة مؤخرا، التي كان آخرها استدراج قوات الاحتلال إلى مبان مدمرة وتفجيرها قرب نفق تم رصده مسبقا، تكشف عن تكتيكات قتال مدروسة ترتكز على الإعداد المسبق والتفوق في معرفة مسرح العمليات.

وأوضح أن تدمير الأبنية لا يقلل من قدرة الفصائل على القتال، بل يوفّر فرصا نوعية للكمائن والتفخيخ، مما يبرر تسميات الاحتلال لبعض مناطق رفح بـ"الأبنية المفخخة" نتيجة كثافة العبوات والفخاخ المتقدمة التي واجهها في تلك المناطق.

واعتبر أن المقاومة نجحت في فرض مسرح عمليات خاص بها، وأجبرت جيش الاحتلال على خوض قتال غير تقليدي لم يتعامل معه منذ قرابة عامين، مما خلق إرباكا في التخطيط الميداني وفرض معضلة تكتيكية لم تُحل بعد.

وأشار إلى أن هذا الواقع يجبر الاحتلال على تعديل إستراتيجياته، إذ لم يعد بإمكانه تنفيذ مهام اقتحام وانسحاب سريعة، بل بات مضطرا للبقاء في مناطق قتالية وفق شروط المقاومة، مما يجعله عرضة للاستنزاف الطويل الأمد.

كما نوّه إلى أن المقاومة تحرص على استدراج قوات الاحتلال إلى المسافة صفر، حيث تصبح قدرات الطيران الإسرائيلي محدودة جدا، مما يسهم في تقليل الفارق الهائل في موازين القوى ويُعزز من فاعلية عمليات المقاومة المباغتة.

القتال الشعبي المفاجئ

ويرى حنا أن هذا النوع من القتال الشعبي المفاجئ، الذي يجمع بين الرصد والاستعلام وضرب العدو ثم الانكفاء، يُعدّ من أبرز تكتيكات الاستنزاف التي تهدف إلى إلحاق أكبر قدر من الخسائر بقوات الاحتلال دون الانخراط في مواجهات تقليدية غير متكافئة.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة عمليات المقاومة الفلسطينية، وأقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 856 عسكريا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 8 منذ استئناف الإبادة في غزة يوم 18 مارس/آذار الماضي.

وتشير المعطيات ذاتها إلى إصابة 5847 عسكريا إسرائيليا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 2641 بالمعارك البرية في قطاع غزة، وتشمل هذه الأرقام العسكريين القتلى في غزة وجنوب لبنان والضفة الغربية.

إعلان

وخلافا للأرقام المعلنة، يُتّهم الجيش الإسرائيلي بإخفاء الأرقام الحقيقية لخسائره في الأرواح، خاصة مع تجاهل إعلانات عديدة للفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات وكمائن ضد عناصره، تؤكد أنها تسفر عن قتلى وجرحى.

وتفرض إسرائيل، وفق تقارير دولية عديدة، رقابة عسكرية صارمة على وسائل إعلامها بخصوص الخسائر البشرية والمادية جراء ضربات "الفصائل الفلسطينية" لأسباب عديدة، بينها الحفاظ على معنويات الإسرائيليين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: هكذا ألحقت مطرقة منتصف الليل ضررا بمنشأة فوردو

قال الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الولايات المتحدة ضربت مداخل منشأة "فوردو" النووية الإيرانية ومخارجها لإلحاق أكبر ضرر ممكن بها، مشيرا إلى أنها استخدمت سلاحها الإستراتيجي لقصف "درة تاج" البرنامج النووي الإيراني.

وأوضح الفلاحي -في حديثه للجزيرة- أن قنابل "جي بي يو 57" التي أسقطتها مقاتلات "بي-2" الشبحية الإستراتيجية الأميركية أحدثت "اختراقا كبيرا" خاصة عندما تكون هناك فراغات فضائية ومخابئ وكهوف قد تنفد إليها هذه القنابل داخل المنشأة النووية.

وأشار إلى أن الطاقة التدميرية لهذه القنابل كبيرة جدا داخل هذه المنشآت، لافتا إلى أن واشنطن ألقت 12 قنبلة من هذا الطراز على أماكن محددة وحساسة في "فوردو" لاختراق الطبيعة الخرسانية والصخرية.

وأعرب عن قناعته بأن تكرار استخدام قنابل "جي بي يو 57" التي قد يصل رأسها الحربي 2400 كيلوغرام -في الأماكن ذاتها التي ضربت فيها القنابل الأولى- يؤدي إلى عملية اختراق أكبر إلى الداخل محدثة دمارا كبيرا.

وفي وقت سابق اليوم الأحد، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال دان كين إن مهمة ضرب المواقع النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان أطلق عليها اسم "مطرقة منتصف الليل".

ووفق العقيد الفلاحي، فإن هذه القنابل لا تمتلكها سوى الولايات المتحدة، ولا تستطيع حملها وإسقاطها سوى قاذفات "بي-2" الإستراتيجية التي تحمل أيضا أسلحة نووية وتقليدية.

وقال أيضا إن "جي بي يو 57" تستطيع خرق 60 مترا في الخرسانة المسلحة، و40 مترا في الصخور، معربا عن قناعته بأن الضربات الأميركية كانت "دقيقة وسريعة ومتكاملة عبر عملية تمويه وخداع كبيرة".

وأشار إلى أن القوات الأميركية أطلقت 20 صاروخا طراز توماهوك في البداية، في إطار عملية تمويه بأن الأهداف لا تخص منشأة فوردو، ثم استخدمت القوة الجوية لضرب أهداف متعددة للتأكد من أن منظومات الدفاع الجوي الإيرانية قد عطلت قبل دخول مقاتلات "بي-2".

إعلان

وفي هذا الإطار، أظهرت صور فضائية حرارية من وكالة ناسا الأميركية لأبحاث الفضاء انبعاثا حراريا في منشأة فوردو، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذ ضربة مباشرة على 3 مواقع نووية في إيران.

وبدورها، قالت وكالة أسوشيتد برس إن صورا للأقمار الصناعية التقطت اليوم الأحد تظهر أضرارا لحقت بمداخل منشأة فوردو تحت الأرض بعد غارات أميركية.

تفاصيل العملية

وحسب الجنرال كين، فإن العملية شملت 7 قاذفات "بي-2" انطلقت شرقا من قاعدتها في ميسوري إلى إيران، وتطلبت الرحلة -التي استغرقت 18 ساعة- عمليات تزويد بالوقود جوا متعددة.

والتقت القاذفات بطائرات مقاتلة أميركية وطائرات دعم فور تحليقها فوق اليابسة في الشرق الأوسط في "مناورة معقدة ودقيقة التوقيت" حسب كين.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية إن "أنظمة صواريخ أرض جو الإيرانية لم ترصدنا طوال المهمة" التي استخدمت فيها القوات الأميركية ما يقرب من 75 سلاحا موجها بدقة.

وشاركت أيضا 125 طائرة أميركية بهذه المهمة، بما في ذلك قاذفات "بي-2" ومقاتلات الجيلين الرابع والخامس وعشرات من ناقلات التزود بالوقود جوا، وغواصة صواريخ موجهة، ومجموعة كاملة من طائرات المراقبة والاستطلاع الاستخباراتية.

وتشن إسرائيل حربا على إيران منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، حيث استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية، واغتالت قادة عسكريين كبارا -بينهم قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان- وعلماء نوويين بارزين، وردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية التي خلّفت دمارا غير مسبوق في عدة مدن إسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • مقتل 7 جنود إسرائيليين حرقا.. تفاصيل أعنف عمليات المقاومة منذ بدء الحرب في غزة
  • خبير عسكري يوضح سبب قبول إيران وإسرائيل وقف إطلاق النار
  • حركة الأحرار الفلسطينية: عمليات “حجارة داوود” تؤكد بسالة المقاومة في مواجهة الصهاينة
  • خبير عسكري عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران: تصريحات إعلامية فقط
  • خبير عسكري: صواريخ إيران كانت استعراضية أكثر منها تدميرية
  • لماذا اختارت إيران قاعدة العديد الأمريكية في قطر لاستهدافها؟ خبير عسكري يجيب
  • الرد الإيراني| خبير عسكري: الوضع يوشك على الانفجار
  • هل أخبرت إيران الدوحة بتفاصيل استهداف قاعدة العديد؟.. خبير عسكري يجيب
  • خبير عسكري: كل مقاتلة أمريكية استخدمت في ضرب إيران تحمل قنبلتين وزنهما 26 طنا
  • خبير عسكري: هكذا ألحقت مطرقة منتصف الليل ضررا بمنشأة فوردو